المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الولد والمجتمع / عدم التعلق بالدنيا  
  
299   10:21 صباحاً   التاريخ: 2024-08-12
المؤلف : محمد جواد المروجي الطبسي
الكتاب أو المصدر : حقوق الأولاد في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)
الجزء والصفحة : ص179ــ182
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الأبناء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-4-2022 1457
التاريخ: 2023-04-10 1147
التاريخ: 25-10-2020 2646
التاريخ: 20-3-2022 1451

إن ميل الإنسان نحو الحياة ولذائذها أمر فطري، ولاحق لأحدٍ منع الآخرين من هذا الحق المشروع، وقد تعرّض القرآن الكريم إلى ذلك، كما وقد واجه الأئمة المعصومون (عليهم السلام) بشدّة من كان يتصوّر أنّ الزهد لبس الخشن والجشب واعتزال الناس.

لكن لا يخفى أنهم وإلى جانب ذلك أشاروا إلى مسألة هامة وهي موضوع بحثنا، ألا وهي أن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وفي الوقت الذي أوصونا وأرشدونا إلى السعة عــلـى العيال والتمتع بالحياة والنعم الإلهية كذلك حذرونا من التمسك والتعلق بها؛ لأن ذلك يؤدّي بالإنسان إلى المخاطرة بالحياة الطيبة وإلى عمي الأبصار والبصائر والحد من تحصيل المعارف.

إن التعلق بالدنيا بمعنى طول الأمل والاتكال على الدنيا والتأخر عن قافلة السعداء، وواضح أنّ هذا التعلق غير قابل للسيطرة، وأنه إلى أي حد يكون منشأ في سد باب الخير ومانعاً من الحركة التكاملية والعمل بالتكاليف الشرعية.

ومن هنا فقد ورد التأكيد الكثير من النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) على النهي عن التعلق بالدنيا وقد كانت سيرتُهم على ذلك حيث لم تتعلق قلوبهم لحظة واحدة بالدنيا، بحيث لو جعل بأيديهم جميع ما في الدنيا لم يفرحوا به، ولو أعرض الناس جميعاً عنهم وأخذ ما في أيديهم لم يأسفوا عليه، وهذا هو معنى الزهد في الدنيا، وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23].

الدنيا بحر عميق قد غرق فيه...

قال الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): ((قال لقمان لولده يا بني، إن الدنيا بحر عميق قـد غرق فيه عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان، وشراعها التوكل، وقيّمها العقل، ودليلها العلم، وسكّانها الصبر، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك))(1).

الاغترار بالدنيا وأهلها

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته لولده الحسن (عليه السلام): ((فإياك أن تغترّ بما ترى من إخلاد أهلها إليها، وتكالبهم عليها، وإنّما أهلها كلاب عارية، وسباع ضارية يهر بعضها على بعض، يأكل عزيزها ذليلها، وكبيرُها صغيرها، قد أضلت أهلها عن السبيل، وسلكت بهم طريق العمى، وأخذت بأبصارهم عن منهج الصواب، فتاهوا في حيرتها، وغرقوا في فتنتها، واتخذوا ربّاً، فلعبت بهم ولعبوا بها، ونسوا ما وراءها، فإياك يا بني، أن تكون قد شانته كثرةُ عيوبِها... واعلم أنّ من كانت مطيّته الليل والنهار فإنه يسار به وإن كان لا يسير، أبى الله إلّا خراب الدنيا وعمارة الآخرة))(2).

وقال لقمان لولده يا بني، لا تأمن الدنيا والذنوب والشيطان فيها(3).

الركون إلى الدنيا

قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): ((كان مما وصى به لقمان ولده أن قال: ((يا بني، لا تركن إلى الدنيا، ولا تشغل قلبك بها، فما خلق الله خلقاً هو أهون عليها منها، ألا ترى إنـه لم يجعل نعيمها ثواباً للمطيعين، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين))(4).

وأوصى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ولده محمّد بن الحنفية، فقال: ((يا بني، إياك والاتكال على الأماني، فإنّها بضائع النوكى، وتثبيط من الآخرة))(5).

تحذير الإمام زين العابدين (عليه السلام)

قال الإمام السجاد علي بن الحسين (عليه السلام) لولده محمد الباقر (عليه السلام): ((واعلم أن الساعات تذهِب عمرَك، وأنك لا تنال نعمة إلا بفراق أُخرى، فإياك والأمل الطويل، فكم مؤمل أملاً لا يبلغه، وجامع مال لا يأكله، ومانع مأسوف يتركه لعله من باطل جمعه، ومن حق منعه أصابه حراماً وورثه، احتمل إصره، وباء بوزره، ذلك هو الخسران المبين))(6).

لا تدخل في الدنيا دخولاً يضر...

قال لقمان لولده: يا بني، لا تدخل في الدنيا دخولاً يضر بآخرتك، ولا تتركها تركاً تكون كلاً على الناس(7).

وقال لولده أيضاً ولا تكثر من الدنيا فإنّك على غفلة منها، وانظر إلى ما تصير منها(8).

اجعل الدنيا سجنك

قال لقمان لولده يا بني، اجعل الدنيا سجنك فتكون الآخرة جنّتك(9).

وقال أيضاً: يا بني، بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً، ولا تبع آخرتك بدنياك تخسرهما جميعاً(10).

_______________________________

(1) تحف العقول، ص 406: مكارم الأخلاق، ص 254.

(2) نفس المصدر الأوّل، ص 74.

(3) الاختصاص، ص 332.

(4) بحار الأنوار، ج 13، ص 412.

(5) نور الثقلين، ج 4، ص 211.

(6) بحار الأنوار، ج 46، ص 230.

(7) نفس المصدر، ج 13، ص 411.

(8) الاختصاص، ص 339؛ بحار الأنوار، ج 13، ص 430.

(9) الاختصاص، ص 337؛ بحار الأنوار، ج 13، ص 428.

(10) تنبيه الخواطر، ج1، ص137؛ بحار الأنوار، ج 13، ص 422. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.