المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الولد والمجتمع / السلوك الاجتماعي للأولاد  
  
450   11:32 صباحاً   التاريخ: 2024-07-28
المؤلف : محمد جواد المروجي الطبسي
الكتاب أو المصدر : حقوق الأولاد في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)
الجزء والصفحة : ص159ــ168
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الأبناء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-4-2018 2359
التاريخ: 12-1-2016 2172
التاريخ: 2023-08-03 1529
التاريخ: 17-4-2021 2089

إن الفطرة البشرية قائمة على أساس الأنس والألفة والعلاقات الاجتماعية، فالإنسان يرغب في أن يعيش في المجتمع ويتنفّر طبعه من الانزواء.

ومن الطبيعي أن للحياة الاجتماعية آداباً وشروطاً لتكون البيئة سالمة وهادئة وخالية من النزاع والعداوة ومن هنا فقد وردت عن الأئمة (عليهم السلام) وصايا كثيرة الغرض منها تحكيم العلاقات الاجتماعية، وتحقيق حياة أنموذجية، ومن دون شك العمل بتلك الوصايا يضمن سلامة المجتمع وعلاقة الإنسان بأخيه، وحيث إن الشباب والأشبال يشكلون شريحة كبيرة من المجتمع، فلا ريب في تبلور شخصيتهم فـي ظـل تـلك الآداب والعلاقات الاجتماعية.

ثم إن الوالدين يلعبان دوراً مهماً في تعيين مصير الأطفال وتعيين مسيرهم في الحياة، فإن علّم الأبوين أبناءهم بأنّ لهم شخصية وعزة، وأن احترامهم واجب وأنّ للآخرين ذلك، وحينئذ يكون احترام الطفل لنفسه ولغيره من طباعه التي لا تنفك عنه، وسوف لا يتفاخر ولا يعتدي على حقوق الآخرين، ولا يتصف الخُلق والنقمة على الآخرين، وسوف يتصف بعشرات الصفات الأخلاقية الحسنة الأخرى، فإنّ ذلك يمهد أرضيّة النجاح والسعادة في الحياة الاجتماعية مع الآخرين.

والخلاصة أن للقيم والمُثل وما يضادّها من الصفات جذور في سلوك الأبوين مع أبنائهم، وحينئذ يكون عامل التربية العائلة واهتمامها بأبنائها محدّداً لمسير الأبناء، وتتبلور من خلال ذلك تكوينة المجتمع، وتثمر البذور التي تزرع في العائلة في قلب وصميم المجتمعات البشرية.

التعرف على النفس

إن أول ما ينبغي على الآباء تعليمه الأبناء هو التعرّف على النفس والأخذ بأيديهم في سبيل معرفة أنفسهم، وتذكيرهم بأنّ الله تعالى عزيز كريم لا يحب عبداً يذل نفسه بيده، وأنه تعالى بعث الأنبياء ليهدوا الإنسان، ويرشدوه إلى قمة الكمال وكرامة النفس، ومن هنا فإنّ على الأبوين نصح أبنائهم وتذكيرهم بأنّ عليهم أن يعيشوا في المجتمع بهذه العزة والاحترام، فإن فقدوا - والعياذ بالله - كرامتهم سوف يفقدونها بين الناس أيضاً، وتنبيه أبنائهم وتحذيرهم من كلّ ما ينقص وينال من شخصيتهم ويسلب ماء وجوههم.

التظاهر بالفقر يؤدي إلى الانحطاط

قال لقمان لولده: يا بني، ذقتُ الصبر، وأكلتُ لِحاء الشجر فلم أجد شيئاً أمر من الفقر، فإنّ بُليت به يوماً لا تُظهر الناس عليه فيستهينوك ولا ينفعوك بشيء، ارجع إلى الذي ابتلاك به فهو أقدر على فرجك، وسله من ذا الذي سأله فلم يعطه، أو وثق به فلم پنجه(1).

اليأس عما في أيدي الناس

قال أبو حمزة الثمالي: دعا حذيفة بن اليمان ابنه عند موته فأوصى إليه وقال: يـا بني أظهر اليأس ممّا في أيدي الناس فإنّ فيه الغنى، وإياك وطلب الحاجات إلى الناس فإنه فقر حاضر(2).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: ((عزّ المؤمن في غناه عن الناس))(3).

النهي عن إذلال النفس

قال لقمان لولده: يا بني، إيّاك أن تستذل فتخرى(4).

إن أردت عز الدنيا فا....

قال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): قال لقمان لولده:.... فإن أردت أن تجمع عزّ الدنيا فاقطع طمعك مما في أيدي الناس فإنّما بلغ الأنبياء والصديقون ما بلغوا بقطع طمعهم))(5).

احترام الآخرين

كما أنه يجب على كلّ إنسان حفظ شخصيّته وصيانة ماء وجهه، وأن عليه أن لا يفرط بها كذلك يجب عليه احترام أفراد المجتمع، ولذا فإنّ على الأبوين إفهام أبنائهم بأن للآخرين شخصية كما لهم ذلك، وأنهم كما لا يسمحون لأحد أن يهزأ بهم أو يحقرهم فكذلك الآخرين، فهلموا بنا نحكّم روح المحبة والأخوة فيما بيننا بإدراكنا الصحيح لبعضنا الآخر، فإن ذلك لا يتسيّر إلا في ظلّ العمل بالآداب الاجتماعية والأخلاق الإسلامية، ومن تلك الآداب:

السلوك الطيب: قال لقمان لولده: يا بني، ابدأ الناس بالسلام والمصافحة قبل الكلام(6).

احذر القول الغليظ: قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لولده الحسن (عليه السلام): ((قولوا للناس حسناً كما أمركم الله))(7).

وعنه (عليه السلام) أنه قال لولده الحسين (عليه السلام): ((واعلم أي بنيّ، أنه من لانت كلمته وجبت محبته))(8).

حَسِّن مع جميع الناس خُلقك

قال لقمان لولده: يا بني، إيّاك والضجر، وسوءَ الخُلق، وقلة الصبر، فلا يستقيم على هذه الخصال صاحب، وألزم نفسك التؤدة في أمورك، وصبِّر على مؤونات الإخوان نفسك، وحسِّن مع جميع الناس خُلقَك، يا بني، إن عَدُمَك ما تصل به قرابتك وتتفضّل به على إخوانك، فلا يَعدمَنّك حسن الخلق وبسط البشر، فإنّه من أحسن خلقه أحبه الأخيار وجانبه الفجّار(9).

فظاظة الخُلق تُفرّق بين الأصدقاء

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده محمد بن الحنفية: ((إياك والعُجبَ وسوءَ الخُلقِ وَقِلَّةَ الصبر، فإنّه لا يستقيم لك على هذه الخصال الثلاث صاحبٌ، ولا يزال لك عليها من الناس مجانب))(10).

الإمساك خير من البذل من جنف

عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال لولده الحسن (عليه السلام): ((ولَبعض إمساكك على أخيك مع لطفٍ خير من بذلٍ مع جنف))(11).

لا تتكبر على الناس

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسين (عليه السلام): ((من تكبر على الناس ذل))(12).

إياك والمراء

قال نبي الله سليمان عليه وعلى نبينا وآله السلام لولده: يا بني، إياك والمراء فإنّه ليس فيه منفعة، وهو يهيج بين الإخوان العداوة(13).

الاستخفاف بالآخرين وتحقيرهم

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام): ((يا بني، لا تستخفنّ برجل تراه أبداً، إن كان أكبر منك فعدّ أنه أبوك، وإن كان مثلك فهو أخوك، وإن كان أصغر منك فاحسب أنه ابنك))(14).

وعن أبي محمد الباقر (عليه السلام) أنه قال لولده جعفر بن محمد (عليه السلام): ((إنّ الله خبّأ ثلاثة أشياءَ في ثلاثة أشياء: خَبّأ رضاه في طاعته، فلا تَحقِرَنّ من الطاعة شيئاً فلعل رضاه فيه، وخبّأ سخطه في معصيته، فلا تحقرن من المعصية شيئاً فلعل سخطه فيه، وخبأ أولياءه في خلقه، فلا تحقرن أحداً فلعل الولي ذلك))(15).

الشماتة بالموت

قال لقمان لولده: يا بني، لا تشمت بالموت، ولا تسخر بالمبتلى، ولا تمنع المعروف(16).

إياك والمجاملة المذمومة

روي أنه أتى مولى للإمام الصادق (عليه السلام)، فسلّم عليه ومعه ابنه إسماعيل فسلّم عليه وجلس، فلما انصرف أبو عبد الله انصرف معه الرجل فلما انتهى أبو عبد الله إلى باب داره وترك الرجل، قال له ابنه إسماعيل: يا أبه ألا كنت عرضت عليه الدخول، فقال: ((لم يكن من شأني إدخاله))، قال: فهو لم يكن يدخل، قال: ((يا بني، إني أكره أن يكتبني الله عراضاً))(17).

اقبل عذر من اعتذر إليك

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسين (عليه السلام): ((واقبِل عذر من اعتذر إليك، واقبل العفو من الناس))(18).

وروى علي بن جعفر عن أخيه الإمام الكاظم موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه قال: ((أخذ أبي بيدي ثم قال: يا بني، إنّ أبي محمّد بن عليّ أخذ بيدي كما أخذت بيدك، قال: وإنّ أبي علي بن الحسين أخذ بيدي، وقال: يا بني ... وإن شتمك رجل عن يمينك ثمّ تحوّل إلى يسارك واعتذر إليك فاقبل منه))(19).

حفظ أسرار الناس

الأُمور الضروريّة التي يجب على الأبناء تعلمها ومراعاتها في علاقاتهم الاجتماعية قضيّة حفظ أسرار الإخوان والأصدقاء، فإنّ إفشاء السر يؤدّي إلى هتك الحرمة وضعف العلاقات الودّية بين الأصدقاء، بل ويؤدّي إلى تضييع ماء وجه الشخص نفسه وإسقاطه من الأعين، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لولده الحسن (عليه السلام): ((... ولا تُذِع سره وإن أذاع سِرَّك))(20)، وعنه (عليه السلام) أنه قال لولده الحسين (عليه السلام): ((.... ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات بیته))(21).

اجتناب ظلم الآخرين

يعد الظلم من كبائر الذنوب، فإنّ الظلم للآخرين يؤدّي إلى الاضطراب والتشنّج في المجتمع، وتختل به العلاقات، وتضيع بسببه الحقوق الاجتماعية، ويؤدي إلى الفساد العظيم.

إنه لابد وأن يتعلم الأطفال في بيئة الأسرة من خلال سلوك الأبوين كيف يحترمون حقوق الآخرين، سواء كان ذلك متعلقاً بأنفسهم أو أموالهم أو غير ذلك، وأن لا يضيعوا حق أحد حتى لو كان أحدهم عاجزاً عن استرداد حقه باللسان والدفاع عن نفسه خصوصاً في سن الطفولة والشباب، وأنه يجب تجنبهم أي نوع من أنواع الأذى للآخرين، وكلّ ما يسبب عدم رضا الناس عنهم، ويسخط الله عليهم، ويؤدّي إلى عذاب وجدانهم، فقد روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: ((لما حضرت علي بن الحسين (يعنى أبيه) الوفاة ضمّني إلى صدره ثم قال: يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبما ذكر أنّ أباه أوصاه به، فقال: يا بني، إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله))(22).

الفقر وضيق المعيشة أولى من الظلم

قال لقمان لولده: يا بني، الفقر خير من أن تظلم وتطغى(23). وأوصاه أيضاً، فقال: يا بني، لا ترثَ لمن ظلمته ولكن إرثَ لسوء ما جنيته على نفسك، وإذا دعتك القدرة إلى ظلم الناس فاذكر قدرة الله عليك(24).

الحذر من العداء للناس

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام): ((يا بني، بئس الزاد إلى المعاد العدوان إلى العباد))(25).

وأوصى لقمان ولده قائلاً: يا بني لا تُكالب الناس فيمقتوك، ولا تكن مهيناً فيذلّوك،

ولا تكن حُلواً فيأكلوك، ولا مراً فيلفظوك(26).

ترك المقابلة بالمثل

كانت سيرة المعصومين (عليهم السلام) دائماً على العفو والصفح عمن ظلمهم أو أساء الأدب معهم إلا فيما يرتبط بالدين وأحكامه إذا هتكت حرمة ذلك، وأما فيما يرتبط بأنفسهم من قضايا شخصيّة، فكانوا يعفون ويصفحون؛ لأن في العفو لذة ليست في الانتقام، قال أمير المؤمنين لولده الحسن (عليه السلام): ((ولا تطلبن مجازاة أخيك وإن حثا التراب بفيك))(27).

وعنه أيضاً (عليه السلام)، قال: ((وأطع أخاك وإن عصاك، وصله وإن جفاك))(28).

وقال أيضاً (عليه السلام): ((احمل نفسَك مع أخيك عند صرمه عـلـى الصـلة، وعند

صدوره على اللطف والمسألة، وعند جموده على البذل، وعند تباعده عـلـى الدنو، وعند شدّته على اللين وعند جرمه على الاعتذار حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك، وإياك أن تضع ذلك في غير موضعه أو تفعله بغير أهله))(29).

أداء الأمانة

ومن الصفات الحميدة التي ينبغي لكلّ أحد الاتصاف بها أداء الأمانة إلى أهلها، فإنّ ذلك يجلب الثقة، ويُضفي على الحياة جمالاً، وبسببه يحاول الناس إسداء الـعــون والمساعدة لبعضهم الآخر، فقد ورد عن أبي الحسن موسى الكاظم (عليه السلام): ((يا بني، أدّ الأمانة يسلم لك دنياك وآخرتك، وكن أميناً تكن غنياً))(30).

وقال الإمام علي (عليه السلام) لوالده الحسن (عليه السلام): ((لا تَخُن من ائتمنك وإن خانك))(31).

وقال لقمان لولده يا بني، إيّاك أن تستدين فتخون من الدين(32).

التسابق في الخيرات

إن الوقت الذي يذوق فيه ولدكم حلاوة الدنيا عندما يمد يد العون والمساعدة للمحتاجين من بني آدم فيسدّ حاجتهم، ويزيل الغم والهـم عـن صـدور إخـوانـه ووظيفتكم الملقاة على عواتقكم أيها الآباء والأمهات هي ترغيب ولدكم وتعريفه على أعمال البر والتعاون ومساعدة الآخرين، وقد أكّد القرآن الكريم وحديث الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وقامت سيرتهم على ذلك، فقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يحفر القناة بيده، ويزرع النخيل وينفقها كلّ ذلك في سبيل الله تعالى وكان يتنقب، وكذلك أولاده (عليهم السلام) ليلاً ويدق أبواب الفقراء والمساكين، ويوصل إليهم الطعام، امتثالاً لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

روى حكيم بن مرازم عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: ((إذا هممت بخير فبادر بنفسك فإنك لا تدري ما يحدث))(33).

وروى عليّ بن جعفر عن أخيه الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: ((أخذ أبى بيدي، ثم قال: يا بني، إن أبي محمد بن عليّ أخذ بيدي كما أخذت بيدك، وقال: إنّ أبي علي بن الحسين أخذ بيدي وقال: يا بني افعل الخير إلى كلّ من طلبه منك، فإن كان من أهله فقد أصبت وإن لم يكن من أهله كنت أنت من أهله))(34).

وأوصى أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) ولده، فقال: ((يا بني، اجعل معروفك في أهله، وكن فيه طالباً لثواب الله، وكن مقتصداً ولا تمسكه تقتيراً، ولا تعطه تبذيراً))(35).

_______________________________

(1) الكافي، ج 4، ص 22.

(2) أمالي الصدوق، ص 287.

(3) تحف العقول، ص 84.

(4) الاختصاص، ص 332.

(5) بحار الأنوار، ج13، ص 420.

(6) الاختصاص، ص 333.

(7) تحف العقول، ص 195.

(8) نفس المصدر، ص 87.

(9) بحار الأنوار، ج13، ص 419.

(10) مستدرك الوسائل، ج1، ص 136.

(11) بحار الأنوار، ج 74، ص 209.

(12) تحف العقول، ص84.

(13) مجموعة ورام، ص 340.

(14) كنز العمال، ج 16، ص 217.

(15) بحار الأنوار، ج 75 ص 187.

(16) مجموعة ورام، ص 421.

(17) بحار الأنوار، ج 68، ص 457.

(18) كنز العمال، ج 16، ص 269.

(19) مجموعة ورام، ص 351؛ وسائل الشيعة، ج11، ص 528.

(20) بحار الأنوار، ج 74، ص 208.

(21) تحف العقول، ص 84.

(22) بحار الأنوار، ج 75، ص 308، تنبيه الخواطر، ص 366.

(23) الاختصاص، ص 332.

(24) بحار الأنوار، ج 13، ص 426.

(25) تحف العقول، ص 86.

(26) الاختصاص، ص333.

(27) بحار الأنوار، ج 74، ص 209.

(28) تحف العقول، ص 82.

(29) بحار الأنوار، ج 74، ص 209.

(30) نفس المصدر، ج 75، ص 117.

(31) نفس المصدر، ج 74، ص 208.

(32) الاختصاص، ص 332.

(33) وسائل الشيعة، ج 1، ص 84.

(34) نفس المصدر، ج 1، ص 528؛ تحف العقول، ص 290.

(35) بحار الأنوار، ج 13، ص 420. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.