تأتي المادة العضوية الطبيعية من النباتات وبقايا المتعضيات المكروية في المقام الأول. وعلى اليابسة، تنمو النباتات وتتساقط أوراقها، وتموت تاركة جذورها ضمن طبقة التربة العليا وأوساخاً على سطحها. وتزدهر المتعضيات المكروية أيضاً ضمن التربة، وعندما تموت تنضاف كتلتها الحيوية إلى محتوى التربة من المادة العضوية. وتعتبر إسهامات المواد التي تفرزها متعضيات حية كبيرة وصغيرة على درجة من الأهمية الحيوية برغم صغر كمياتها. فتلك الجزيئات تؤدي دوراً هاماً حين إفرازها في منطقة مجاورة مباشرة للمتعضي المكروي أو جذر النبات، وذلك بتسهيلها تناول المتعضي المواد الكيميائية أو منعه من ذلك.
وتصبح بقايا المادة العضوية الناتجة على اليابسة بصيغتها الأصلية أو المعدلة كيميائياً، جاهزة للانتقال من التربة إلى عالم الماء. ويحصل الانتقال عادة بسبب المطر الذي يجري أو يتسرب عبر مسامات التربة حاملاً معه مادة عضوية جُسَيْمية أو قابلة للانحلال إلى الجداول والبحيرات والمحيطات، أو إلى المياه الجوفية. وتمثل المادة العضوية الواردة من مصادر على اليابسة نسبة هامة من المادة العضوية الكلية، خاصة في التجمعات المائية الصغيرة التي على اليابسة.
وتتكون المادة العضوية أيضاً محلياً ضمن التجمع المائي، وتعتبر الأراضي المغمورة، الطبيعية والصنعية مثالين واضحين لذلك. فالنمو الكثيف للنباتات يكون حصيرة سميكة من المادة المهواة والجذور التي تترسب في الماء عند موتها. وتتألف الطبقة العليا من رواسب المستنقعات من مادة عضوية كلياً تقريباً في مراحل مختلفة من التفكك، وتذهب المادة المتحللة إلى عمود الماء بصيغة منحلة أو جُسَيْمية. وتسهل التجمعات المائية الأخرى التي من قبيل الأنهار والبحيرات والمحيطات نمو النباتات والحيوانات المائية، لكن بدرجة أقل، وتصبح بقايا تلك الكائنات أيضاً جزءاً من المنظومة المائية الكلية. وعلى غرار ما تفعله المتعضيات المكروية في التربة، فإنها تستوطن العالم المائي بأعداد كبيرة أيضاً، وذلك تبعاً للظروف البيئية. ويقوم بعض المتعضيات، ومنها الطحالب، بالتحليل الضوئي الذي يتطلب ضوء الشمس، ولذا تنمو في الطبقات القريبة من سطح الماء. وتوجد الجراثيم والأنواع الأخرى من المتعضيات المكروية بكثرة في الرسوبيات على وجه الخصوص. وهي جميعاً تتطلب غذاء كي تنمو وتتكاثر. وتُطلق النباتات والمتعضيات المكروية المختلفة عندما تكون حية بعضاً من مفرزاتها إلى عمود الماء. وتفرز الحيوانات المكروية أيضاً مادة عضوية من أجسامها قابلة للانحلال في الماء. وعلى المستوى الشامل، يُقدَّر أن نحو 10% من الأنشطة الجرثومية في الماء موجهة لإنتاج مادة عضوية منحلة . يتضمن الملحق أ - معلومات عن الإنتاجية الخاصة بتكوين مركبات كربون عضوية في التجمعات المائية.

تصنيف المادة العضوية المائية
• الكربون العضوي organic carbon OC.
• المادة العضوية organic matter OM العلاقة التقريبية : 10 × 1.7 ~ OM
• مادة كربون العضوية الكلية total organic carbon matter TOCM تقاس بسهولة بواسطة محلّل كربون.
• مادة الكربون العضوية الطبيعية natural organic carbon matter NOCM. في معظم الحالات تعني مادة الكربون العضوية الكلية TOCM.

وتتعدل البقايا العضوية الناجمة عن النباتات والحيوانات والكتلة الحيوية المكروية بعد موتها كيميائيا بسيرورات تفكك وتركيب جديد مختلفة. ويتيسر كثير من التفاعلات التي تكون أجناساً عضوية معدلة بوجود متعضيات مكروية حية في التربة أو الماء. ويذهب بعض الأجناس العضوية الناجمة عن التفكك والتركيب إلى عمود الماء بصيغة منحلة أو جُسَيْمية.
وإلى جانب المصادر الطبيعية، ثمة المصادر البشرية التي تُسهم في زيادة المادة العضوية في الماء. ومن تلك المصادر كميات كبيرة من الفضلات غير المعرفة جيداً التي من قبيل مياه الصرف الصحي ومخلفات مناشر الخشب السائلة التي تُصب مباشرة أو بعد المعالجة في الأنهار والبحيرات والبحار وإضافة إلى الفضلات السائلة الرئيسية، تنجم عن الأنشطة البشرية أيضاً مركبات عضوية معينة منها مواد كيميائية زراعية ودوائية ونواتج أساسية أو ثانوية للسيرورات الصناعية ومجال أنواع هذه المواد واسع كسعة مجال الكيمياء العضوية نفسها.
لكن التمييز بين المصادر الطبيعية والبشرية ليس سهلاً دائماً. فمن الواضح أن النواتج العضوية لتفكك ورقة نبات تقع ضمن الفئة الطبيعية، في حين أن صب حمض ثلاثي الخل النتريلي (nitrilotriacetic acid في تيار فضلات معمل لصنع المنظفات، على سبيل المثال، هو حدث من صنع البشر بدون ريب. إلا أن ثمة حالات أخرى الحد الفاصل فيها أقل وضوحاً. فالكلوروفورم (ميثان ثلاثي الكلور) هو هدروكربون مكلور يُفترض عادة أنه من نواتج سيرورات صناعية فقط. إلا أنه أثبت أن ملايين الأطنان منه تتكون أيضاً من خلال تفاعلات طبيعية كل عام. وفي الواقع، جرى تحديد أكثر من 1500 نوع من الكلور العضوي (organochlorine) على أنها نواتج طبيعية موجودة في متعضيات حية. وفي حين أن كثيراً منها هو مركبات ذات كتلة مولية صغيرة من قبيل الميثان الوحيد والثلاثي الكلور والفينول الثلاثي الكلور - 2،4،6 ، فإن ثمة أيضاً عضويات مكلورة ذات كتلة مولية كبيرة نسبياً تتكون في البيئة الطبيعية. لذا تطول لائحة الكيماويات، والعضويات المُكلورة، ذات المنشأ الطبيعي والبشري.

النقطة الرئيسية 1.12 المادة العضوية موجودة بدرجات مختلفة وبصيغة منحلة أو جسيمية في جميع المياه الطبيعية وتأتي المادة العضوية من كل من المصادر الطبيعية والبشرية.
 

عندما نتكلم على كيمياء المادة العضوية الموجودة في عالم الماء، سوف ترى أن من المناسب غالباً تصنيف الأجناس في فئتين تبعاً للحجم الجزيئي:
• جزيئات منفصلة صغيرة، ومنها السكريات البسيطة أو الحموض العضوية ذات الكتلة المولية الصغيرة التي تخضع بنيتها وخواصها الكيميائية إلى دراسة هذه الفئة أجناس ملوّثة أخرى من قبيل مبيدات متخصصة. وتقع ايضا في الحشرات الكيميائية.
• الجزيئات الكبيرة التي تُصنف على أساس خواصها البنيوية العامة وقابليتها للتفاعل. ويقوم توصيف الجزيئات الكبيرة غالباً على وظائفها العملية، أي على تعريف ينجم عن إجراءات تحليلية معيّنة، لا على خواص بنيوية جوهرية. يقع كثير من الصيغ الطبيعية للمادة العضوية في فئة الجزيئات الكبيرة، وسوف نسلّط الضوء في هذا الفصل على هذه الأنواع من المركبات.
 

النقطة الرئيسية 2.12 يمكن العثور على أجناس عضوية معيّنة، بتركيز منخفض عادة، العينات، إلا أن معظم المادة العضوية ينتمي إلى فئات مواد واسعة غير جيدة
التعريف.