أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2017
11100
التاريخ: 1-4-2016
3379
التاريخ: 2024-02-24
1096
التاريخ: 1-8-2021
2614
|
سنوضح أبرز أنواع القصور التشريعي بوصفه ظاهرة تعتري أغلب أحكام التشريعات ومنها أحكام قانون الانضباط تم نتناول بيان أهمية معالجته وعلى النحو الآتي:
أولاً: أنواع القصور التشريعي في أحكام قانون الانضباط.
يتخذ القصور التشريعي نوعين أساسيين وإن كان النوع الثاني هو الغالب نظراً لطبيعة قواعد القانون المذكور، وكما سنرى عند بحث تطبيقاته لاحقاً، وتتمثل بما يأتي:
1 .القصور المزيف ويُراد به ( عدم توافق النص القانوني المعمول به مع الظروف والتطورات التي شهدها المجتمع على الأصعدة كافة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية) (1)، إذ يضطر القاضي إلى محاولة ايجاد حلول ملائمة للتطور الذي طرأ على المجتمع لتغير الايدلوجية، لذا يُطلق عليه (بالقُصور الإيديولوجي ) فضلاً عن انتقاده للقاعدة القانونية التي تحكم المسألة المعروضة عليه عندما يجدها قاصرة عن بلوغ الغاية التي تستهدف تحقيقها، مما يؤدي به إلى تجاهلها وإحلال أخرى محلها تكون من صنعه، وهذا ما أدى إلى وصفه (بالانتقادي) (2).
إذ يُلاحظ أن ظاهرة القصور تنهض في هذه الحالة على الرغم من وجود القاعدة القانونية، فعدم ملاءمتها وتناسبها . مع غاية القانون والتطورات الحاصلة بالمجتمع جعلها غير مجدية لحل النزاع القائم، فما يكون أمام القضاء إلا تنفيذ إرادته في استبعاد القاعدة القائمة أي (يصطنع القُصور) ويخلق من تم قاعدة تكون أكثر عدالة لحسم النزاع الماثل أمامه ونرى أن الحرية التي يملكها القضاء في إقامة هذا النوع من القصور لا تكون واسعة أو مطلقة، إذ تكاد تنعدم في مجال القواعد القانونية التي يحكمها (مبدأ الشرعية) كتلك التي تنظم العقوبات الانضباطية.
2. القصور الحقيقي: ويتخذ صورتين هما:
أ. القصور التشريعي الحقيقي لفقدان النص: يُعدّ التنظيم الناقص للمسائل التي يفترض تنظيمها من أكثر الأسباب التي تولد فجوة بين مصالح أفراد المجتمع والقانون، لأن الاخير ثابت والمجتمع متغير، وقد أطلق الشراح والباحثون على هذه الصورة من صور القصور تسميات متباينة منها (سكوت القانون، الفراغ في القانون النقص في القانون، القصور في القانون، القصور في التشريع)(3) ويتمثل بـ (عدم عثور القاضي الإداري على حُكم في نصوص التشريع يتناول النزاع المعروض أمامه والحاصل بين الإدارة وأحد الأفراد أو موظفيها) (4).
ففي هذه الحالة يستطيع القاضي الانطلاق من أي نقطة في استدلاله لما تستدعيه الحاجة إلى انشاء قاعدة قانونية كاملة وإلا يستحيل عليه إصدار الحكم المطالب به في الدعوى، لذلك يُلاحظ بأن اختصاصات القاضي تتسع كثيراً في هذه الصورة من القصور الحقيقي الذي لا ينسب إليه كما في صورته الأخرى، إذ يصل إلى حد انشاء القواعد القانونية وذلك لعدم قدرته على الامتناع عن إصدار الحكم في الدعوى التي يختص بالفصل فيها وإلا عُد منكراً للعدالة (5)، وهذا ما أكدته المادة (30) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل والتي نصت على ( لا يجوز لأية محكمة أن تمتنع عن الحكم بحجة غموض القانون أو فقدان النص أو نقصه وإلا عُد القاضي ممتنعاً عن احقاق الحق، ويعد أيضاً التأخير غير المشروع عن إصدار الحكم امتناعاً عن احقاق الحق) (6).
ب. القصور التشريعي الحقيقي "للنقص في النص" ويتحقق بعدم تضمن القواعد القانونية على ما تتطلبه دقة وسلامة تطبيقها من أحكام تفصيلية أو جزئية، كأن يجري بموجبها تحديد الإجراءات التي يتعين اتخاذها بصدد واقعة معينة تحديداً منقوصاً أو خالياً من تنظيم النتائج التي تترتب عليها، مما يوجب على القضاء معالجة النقص الذي يعتري النص القانوني وذلك بغية إصدار الحكم الواجب بصدد النزاع المعروض أمامه (7).
وتأسيساً على ما تقدم فإن القصور التشريعي بنوعيه المذكورين ينصب على مضمون وجوهر القاعدة القانونية (مادتها الأولية، فيترك الواقعة من دون نص قانوني يحكمها، أو يحيلها لحكم ناقص يتوجب اكماله من المشرع والقضاء، ولاسيما أن الأخير لا يملك الامتناع عن إصدار الحكم للحالات المعروضة عليه كما وضحنا، فيختلف بذلك عن العيوب التي تلحق بصياغة النصوص القانونية فتؤثر في شكلها أو مضمونها والتي يساهم التفسير في التغلب على بعضها كما سنرى لاحقاً، ولكن تبقى الحاجة قائمة إلى التدخل تشريعياً بغية تلافيها أيضاً.
ثانياً:- أسباب حدوث القصور التشريعي في أحكام قانون الانضباط وأهمية معالجته:
سنوضح أهم أسباب حدوث ظاهرة القصور التشريعي في الأحكام القانونية للتشريعات كافة وبضمنها أحكام قانون الانضباط ثم نبين أهمية معالجته سيما في أحكام القانون المذكور.
1.أسباب القصور التشريعي: يعود ظهور القصور في مضمون القواعد التشريعية إلى عوامل معينة من أبرزها الآتي:
أ. الأسباب الفنية وتنسب في حقيقتها إلى طبيعة القاعدة القانونية وخصائصها التي تتمثل أهمها بالعمومية والتجريد، إضافة إلى كونها خطاباً موجهاً للأفراد بغية تنظيم روابطهم الاجتماعية (8)، فمن تلك الروابط ما يتسع نطاقها أو تدق تفاصيلها لدرجة التعقيد مما يدفع المُشرع إلى تحاشي التعرض لها أو المساس بها تاركاً بذلك للاجتهاد القضائي أو الفقه مهمة تفصيلها، فضلاً عن الاعتبارات المتعلقة بالسياسة التشريعية التي قد تُعدّ دافعاً لإصدار الحكم التشريعي المقتضب مراعاة لشعور طائفة معينة من الأشخاص وتوقياً من إثارة الرأي العام، وعدم استقرار الحلول المتعلقة بالواقعة التي ينظمها النص على أسس ثابتة، فيؤجل تنظيمها لحين استجلاء وجه المصلحة (9)، ولاريب في أن جميع الفروض المذكورة لا تؤمن عواقبها لما تؤدي إليه الإرادة الشارعة من عدم وصول التشريع للنضوج الذي تتطلبه سلامة تطبيقه.
ب . الأسباب الطبيعية : وتُعلل بالقدرات الإنسانية المحدودة والقاصرة عن استيعاب وتصور التطورات التي تستجد مستقبلاً، فضلاً عن التطور المستمر بالعلاقات الاجتماعية، فإذا سلمنا بوجود فريق من المتخصصين يأخذ على عاتقه مهمة وضع قواعد التشريع فإن تقديراتهم قد تكون مؤقتة تخلفها الايام ويُجاوزها التطور الاجتماعي، ولاسيما أن الروابط الاجتماعية لا تثبت على وتيرة واحدة (10)، لذلك نُلاحظ بأن القصور في أحكام أغلب التشريعات أصبح أمراً طبيعياً لا مفر منه، إذ يستلزم مُسايرة تلك التطورات لمواجهة كل جديد بما يُناسبه من أحكام.
2. أهمية معالجة القصور التشريعي في القواعد الانضباطية: تتسم وقائع الحياة المختلفة بالحيوية والتطور المستمر، واستيعابها لكل ما يفرزه التقدم العلمي بغية تلبية احتياجات الأنسان المتجددة، الأمر الذي يترتب عليه ظهور العديد من المسائل القانونية التي قصر المشرع في تنظيم أحكامها لعدم إحاطته بها عند وضع قواعد التشريع، لذلك نرى أن أهمية معالجة القصور الذي يعتري القواعد الانضباطية تنهض لأسباب عدة من أهمها:
أ. ضمان التطبيق الأمثل لقواعد قانون الانضباط: سبق القول إن القواعد الانضباطية تُعدّ ضمانة فعالة لحماية مصلحتين متقابلتين، إذ يهدف المشرع إلى المحافظة على حقوق الموظف العام من خلال إحاطته بضمانات لمواجهة اختصاص الإدارة التقديري مراعاةً منه لخطورة النتائج المترتبة على اتخاذ الإجراءات الانضباطية التي قد يترتب عليها إدانة الموظف أو براءته من التهمة الموجهة إليه أو ثبوت مسؤولية موظف آخر عنها (11) ، لذلك يُلاحظ أن أي قُصور يعتري القواعد المنظمة لهذه الإجراءات أو تلك المتضمنة تحديد العقوبات الانضباطية وآلية فرضها وما يترتب عليها يكون له عواقب غير محمودة تمس بحقوق الموظف من جانب، فضلاً عن تأثيره في المصلحة العامة التي يُعد مكافحة الفساد المالي والإداري الحجر الأساس لتحقيقها.
إذ يُعد تقويم التشريع المذكور وتعديله ضمانة مهمة للقضاء على الثغرات التي تتخذ منفذاً للتسلل من خلالها لاستغلال الوظيفة العامة بما يؤدي لتوسع ظاهرة الفساد ومن تم هدر المال العام، وذلك من خلال تشجيع البحوث العلمية ومراعاة نتائجها الفعالة، فضلاً عن تفعيل دور الدوائر القانونية التابعة لمختلف الوزارات وكذلك في الجهات غير المرتبطة بوزارة التي تكون الأقدر على تشخيص مواطن القصور في تلك القواعد بحكم تطبيقها العملي الدائم، وذلك بتشجيع منتسبيها على النهوض بالواقع القانوني من خلال التزامهم جانب الجرأة والشجاعة وبأسلوب يتسم بالمهنية والعلمية والحيدة في نقد القوانين النافذة، وتقديم المقترحات اللازمة لتلافي ما يعتريها من ظواهر تعيق تطبيقها بالصورة المناسبة (12).
ب. مسايرة التقدم العلمي: يُوصف القانون الإداري بفروعه كافة بأنه قانون سريع التطور، كما تتسم قواعده بالمرونة التي تفرض مسايرتها للتطور المستمر، لذلك يُعد التقدم العلمي من أهم العوامل التي تؤثر فيه وذلك لما ينتج عنه من اتساع في النشاط الإداري وظهور علاقات جديدة لم تكن موجودة سابقاً، مما يستلزم العمل على إيجاد القواعد اللازمة لتنظيمها، أو تعديل القواعد الموجودة سلفاً بما يتلاءم معها (13)، فالتشريعات تفقد صلتها بالمجتمع الذي تُطبق فيه قواعدها تدريجياً كلما طرأت تغييرات تؤثر في الأفكار الاجتماعية أو الأساليب التي توجه بأتباعها (14)، لاسيما مع ما يشهده العصر الحاضر من ثورة تكنولوجية هائلة أحدثت تقدماً واسعاً في تقنية المعلومات وتغلغلت في شتى مجالات الحياة ومنها العمل الإداري في دوائر الدولة، مما فرض على الأخيرة مواكبة التطور الذي احدثته في أداء أعمالها والذي تجسد بظهور (الإدارة الإلكترونية)، فقد كان للأخيرة وقع كبير في اضفاء السرعة والفاعلية والشفافية على عمل تلك المؤسسات فأنعكس ايجاباً على مستوى قيامها بمهامها وتقديم خدماتها، إذ ألغت المسافات مما أدى الى اختصار الوقت اللازم لاتخاذ الاجراءات، ولاسيما تلك التي تتطلب السرعة في انجازها، متجاوزة بذلك الروتين والتعقيدات الإدارية(15).
ونرى بدورنا أن الاستفادة من مميزات الوسائل الإلكترونية التي أفرزها التقدم العلمي أصبح أمراً لابد منه في مجال الإجراءات الانضباطية، ولاسيما لمواجهة الظروف الاستثنائية والحالات الخاصة.
_______________
1- م.م. عواطف عبد المجيد الطاهر القصور في التشريع، بحث منشور في كلية دجلة الجامعة المجلد الثاني العدد الاول 2019، ص 68 .
2- فارس حامد عبد الكريم، القصور التشريعي، بحث منشور في فلسفة القانون الوضعي تاريخ 16/9/2022 منشور 2009على الموقع الالكترونيwww.annabaa.org
3- محمد أحمد رمضان، دور القاضي في أنشاء القاعدة القانونية المدنية (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون والسياسة – جامعة بغداد 1985 ، ص 54.
4- د. حسن أحمد بغدادي، النقص الفطري في احكام التشريع، مجلة القضاء العدد 1954 ، ص 395.
5- د. حسين عثمان محمد عثمان أصول القانون الإداري، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، 2010، ص223.
6- المادة (30) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل.
7- د. حيدر غازي فيصل القصور التشريعي في قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي، بحث منشور في مجلة القانون المقارن العدد 73 2019 ، ص9.
8- د. عصمت عبد المجيد بكر، مشكلات التشريع، دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة ط1 دار الكتب العلمية بيروت 2014 ، ص 207.
9- د. حسن أحمد بغدادي النقص الفطري في احكام التشريع، مرجع سابق، ص (399 ، 400) .
10- م.م. عواطف عبد المجيد الطاهر القصور في التشريع، بحث منشور في كلية دجلة الجامعة المجلد الثاني العدد الاول 2019 ، ص 63
11- د. أحمد محمود جمعة، منازعات القضاء التأديبي، ط1، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1985 ، ص 84
12- د. رافد خلف هاشم البهادلي و د. عثمان سلمان غيلان العبودي التشريع بين الصناعة والصياغة، ط1 بيروت منشورات الحلبي الحقوقية 2009 ، ص 28
13- د. حسين عثمان محمد عثمان أصول القانون الإداري، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، 2010 ، ص 181.
14- محمد أحمد رمضان، دور القاضي في أنشاء القاعدة القانونية المدنية (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون والسياسة – جامعة بغداد 1985 ، ص 77.
15- د. عثمان سلمان غيلان العبودي أثر التطور الالكتروني في مبادئ الوظيفة العامة، ط 1 ، بلا دار نشر، 2011، ص (35,5)
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|