أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-12-2015
1376
التاريخ: 23-12-2015
1696
التاريخ: 24-12-2015
2226
التاريخ: 2023-10-27
911
|
لقد آمن علي (عليه السلام) بحقه في الخلافة، ولكن أراده حقاً يطلبه الناس، ولا يسبقهم إلى طلبه فخبر حقيقة أمرهم بأن رفض البيعة لنفسه معلناً لهم أنّه لا حاجة له في هذا الأمر، وأنّه سيكون في جانب من يختاره المسلمون، وبذلك أعطاهم الحرية الكاملة والكافية في الاختيار وتقرير المصير.
لكن المسلمين كانوا يتوافدون نحوه، فيجتمعون على باب داره مثل الجبال، كتلاً بشريةً هائلةً يدفعها التفاؤل ويقودها الوثوق، كل الوثوق بالرجل الذي سيتولى قيادة الأمة في أخطر وأدق مرحلةٍ من مراحل الدولة الإِسلامية.
يجتمعون على باب داره يريدون مبايعته، وهو مع ذلك معتصم لا يجيبهم إلى شيء؛ لأنّه يريدها بيعةً حرةً صادقة تتجسّد فيها آمال المسلمين، غير أنّهم ألحّوا عليه بإصرارٍ معلنين رفضهم لكل من يتقدّم إلى هذا المنصب سواه، وقد وضعوه بين اثنتين لا مناص لمسؤول عنهما ولا مهرب له منهما:
الأولى: أنّ المسلمين أمسوا لا إمام لهم.
الثانية: أنّهم لا يرون أحداً أحق بالخلافة منه، وكلا الأمرين يفرضان على الإِمام أن يتحمّل مسؤولياته.
ويسرد لنا ابن الأثير القصة مختصرةً، فيقول: اجتمع أصحابُ رسول الله من المهاجرين والأنصار، وفيهم طلحة والزبير وأتوا علياً فقالوا له: إنّه لا بدّ للناس من إمام. قال: لا حاجةَ لي في أمركم، فمن اخترتم رضيتُ به. فقالوا: ما نختارُ غيرك! وتردّدوا إليه مراراً وقالوا له في آخر ذلك: إنّا لا نعلمُ أحداً أحقّ بها منك، ولا أقدم سابقةً، ولا أقرب قرابةً من رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: أكون وزيراً خيراً من أن أكون أميراً. قالوا: واللهِ ما نحن بفاعلين حتى نبايعك (1).
وكانت مبايعته نمطاً جديداً في الخلافة لم يسبق لأحد ممّن كان قبله، فإنّ بعضهم يصف البيعة فيقول: خرجتُ في أثره والناسُ حوله يبايعونه، فدخل حائطاً ـ بستاناً ـ من حيطان بني مازن فألجأوه إلى نخلة، وحالوا بيني وبينه، فنظرت إليهم وقد أخذت أيدي الناس ذراعه تختلف أيديهم على يده! (2) .
والإِمام يصف ذلك المشهد بنفسه فيقول: فما راعني إلا والناسُ كعُرفِ الضبع إليَّ، ينثالون عليّ من كلّ جانب، حتى لقد وُطىءَ الحسنان، وشُقَّ عِطفاي مجتمعين حولي كربيضةِ الغَنَمَ (3).
وكان أول من بايعه وصفق على يده طلحةُ بن عبيد الله.
فقام الأشتر وقال: أبايعك يا أمير المؤمنين على أن عليَّ بيعة أهل الكوفة.
ثم قام طلحة والزبير فقالا: نبايعك يا أمير المؤمنين على أنّ علينا بيعة المهاجرين.
ثم قام أبو الهيثم بن التيهان، وعقبة بن عمرو، وأبو أيوب فقالوا: نبايعك على أنّ علينا بيعة الأنصار.
وقام قومٌ من الأنصار فتكلّموا، وكان أول من تكلّم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاريّ، وكان خطيب الأنصار، فقال: والله يا أمير المؤمنين، لئن كانوا تقدّموك في الولاية، فما تقدّموك في الدِّين! ولئن كانوا سبقوك أمسِ فقد لحقتهم اليوم، ولقد كانوا وكنتَ، ولا يخفى موضعُكَ، ولا يُجهل مكانك، يحتاجون إليك فيما لا يعلمون، وما احتجتَ إلى أحدٍ مع علمك ثم قام خزيمة بن ثابت الأنصاري، وهو ذو الشهادتين، فقال: يا أمير المؤمنين؛ ما أصبنا لأمرنا هذا غيركَ، ولا كان المنقلبَ إلا إليك، ولئن صدقنا أنفسنا منك فلأنتَ أقدم الناس إيماناً، وأعلم الناس بالله، وأولى المؤمنين برسول الله، لكَ ما لهم، وليس لهم ما لكَ.
وقام صعْصَعَة بن صوحان فقال: والله يا أمير المؤمنين، لقد زيّنت الخلافة وما زانتكَ، ورفعتها وما رفعتكَ، ولهي إليك أحوجُ منك إليها ثم قام مالك الأشتر فقال: أيّها الناس، هذا وصيُّ الأوصياء، ووارثُ علم الأنبياء، العظيمُ البلاء، الحسنُ الغناء، الذي شهد له كتاب الله بالإِيمان، ورسوله بجنّة الرضوان، من كملت فيه الفضائل، ولم يشكَّ في سابقته وعلمه وفضله الأواخرُ ولا الأوائل ثم قام عقبة بن عمرو فقال: من له يومٌ كيوم العقَبةَ، وبيعةٌ كبيعة الرضوان، والإِمام الأهدى الذي لا يخاف جوره، والعالم الذي لا يخاف جهله (4) .
قال اليعقوبي: وبايع الناس إلا ثلاثة نفر من قريش، هم: مروان بن الحكم وسعيدُ بن العاص، والوليد به عقبة، وكان لسانَ القوم، فقال: يا هذا، إنّك قد وترتنا جميعاً، أمّا أنا، فقتلتَ أبي صبراً يوم بدر، وأمّا سعيد فقتلتَ أباه يوم بدر، وكان أبوه من نور قريش، وأمّا مروان فشتمتَ أباه وعبت على عثمان حين ضمّه إليه، فتبايعنا على أن تضع عنّا ما أصبنا، وتعفي لنا عمّا في أيدينا، وتقتل قتلةَ صاحبنا، فغضب عليٌّ وقال: أمّا ما ذكرتَ من وتري إيّاكم، فالحقُّ وَتَركم، وأمّا وضعي عنكم ما أصبتُمْ فليس لي أن أضعَ حقَّ الله تعالى، وأمّا إعفائي عمّا في أيديكم، فما كان للهِ وللمسلمين فالعدلُ يَسعُكم، وأمّا قتلي قتلة عثمان، فلو لزمني قتلهم اليوم لزمني قتالهم غداً، ولكن لكم أن أحملكم على كتاب الله وسنّة نبيّه، فمن ضاق عليه الحقُّ، فالباطلُ عليه أضيق، وإن شئتم فالحقوا بملاحقك ، فقال مروان: بل نبايعك، ونقيمُ معكَ فترى ونرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكامل 3 / 190 ـ 191.
(2) الإمامة والسياسة 1 / 47.
(3) نهج البلاغة 1 / 31.
(4) اليعقوبي 2 / 178 ـ 180.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|