المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



دور البيئة في بناء الشخصية  
  
1811   01:27 صباحاً   التاريخ: 2023-08-10
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص25ــ28
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /

ثمة عامل له علاقة مباشرة في بناء شخصية الشاب وتنظيم روابطه الاجتماعية، وهو البيئة الطبيعية والتربوية الخاصة التي ينشأ فيها.

فالماء والهواء والحرارة والبرودة وكذلك الأب والأم والمدرسة والمجتمع والفقر والغنى الأسري والسلامة والمرض وما إلى ذلك من عوامل طبيعية واجتماعية ، كلها تشكل ركناً يقوم عليه جانب من شخصية الشاب.

الأسرة والمجتمع:

إن السلوك الحسن أو السيء والأخلاق الفاضلة أو الرذيلة التي اقتبسها الشاب من طفولته في كنف أبويه ومدرسته وزقاقه ، والتي ترسخت في ضميره ، تشكل جانباً من صفات شخصيته.

«ويؤكد علماء الإنسان (أنثروبولوجي) أهمية الأطر الثقافية والاجتماعية في بناء شخصية الإنسان. ومن جملة العوامل التي تترك أثراً بالغاً في تركيبة شخصية الإنسان ، بيئته المناطقية وطبقة أسرته والعلاقة بين أبويه ومستوى مدرسته ورفاقه وكل ما يرى ويسمع في حياته. وتأثير هذه العوامل في الطفل يبدأ منذ ولادته، ويستمر معه ما دام حياً» .

أهم عوامل التربية:

(ان من اهم العوامل الاجتماعية المؤثرة في نفسية الطفل، العلاقة التي تنشأ بينه وبين ابويه ، فاذا ما كان ابواه متصلبين لا يغدقان عليه العطف والحنان ، أصبح الطفل متقوقعاً يهجر عالم الحقيقة والواقع ليلجأ إلى عالم الخيال بحثاً عما لم ينله في حياته العادية . ثم ان الأبوين قد يظهران لطفلهما محبة تفوق الحد الطبيعي ، مما يدفعه إلى الغرور، وربما جعلاه من حيث لا يدريان يتكل عليهما في أي قرار ينوي اتخاذه ، ليصبح بالتالي إنساناً إتكالياً. وقد يعمد بعض لآباء والأمهات إلى خلق جو من الجدل والنزاع داخل الأسرة، متجاهلين أن ذلك يشكل أحد العوامل المؤثرة في شخصية الطفل»(1) .

عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال : يحفظ الأطفال بصلاح آبائهم(2).

وهنا لا بد من إعطاء بعض التوضيحات التي تبرز دور البيئة في تكوين شخصية الأبناء ، وتساعد الشباب في معرفة مدى تأثير الأسرة والمجتمع في تبلور صفاتهم الاجتماعية.

إن الوطن يعتبر بمثابة الأسرة الكبيرة ، والأسرة تعتبر بمثابة الوطن الصغير، وتضم الأسرة مجموعة من الافراد كباراً وصغاراً ، اما الوطن فيضم مجموعة من الأسر كبيرة وصغيرة ، وبعبارة أدق يشكل الفرد أحاد الأسرة ، وتشكل الاسرة احاد المجتمع أو الوطن.

أسلوب إدارة الأسرة:

إن أسلوب إدارة البلاد وسياسة الحكومة في المجال الاجتماعي لا شك أنهما يتركان أثراً على أسلوب تفكير الآباء والأمهات ، ويسهمان في بلورة شخصيتهما المعنوية على هذا الاساس. فيأتي الابوان ليديران اسرتهما وفقاً لأسلوب تفكيرهما ، ويسعيان إلى بناء شخصية ابنهما على أساس هذا الأسلوب ، يعني أن الاطفال يتأثرون بمحيطهم الاسروي والاجتماعي تأثراً مباشراً.

«يقول مونتسكيو : إن قوانين التربية هي أول من يحكمنا، ولما كان الهدف من هذه القوانين إعدادنا لنكون حلقة ضمن سلسلة من الحلقات تكوّن المجتمع ، فإنه يجب إدارة كل أسرة صغيرة وفقاً لما تقتضيه الأسرة الكبيرة أي المجتمع الذي يتألف من إتحاد الأسر الصغيرة» .

«إذا كانت هناك مبادئ تحكم المجتمع ، فإن نفس تلك المبادئ ستحكم الأسر الصغيرة التي يتألف منها المجتمع ، ولكن قوانين التربية تختلف باختلاف نوع الحكومات. فاذا كانت الحكومة دستورية بنيت قوانينها على أساس الكرامة والشرف، وإذا كانت جمهورية بنيت هذه القوانين على التقوى ، أما إذا كانت إستبدادية فإنها تبنى على سياسة الإذلال والترهيب»(3).

«يقوم المنهج التربوي لدى الحكومات الدستورية على أساس تهذيب النفس والأخلاق وبناء جيل صالح عنوانه السخاء والكرم ، أما لدى الحكومات الإستبدادية فإن هذا المنهج يقوم على أساس إذلال الناس وتحقيرهم وإعداد جيل متشتت عنوانه العبودية والخضوع» .

«وفي ظل النظم الاستبدادية يتحول كل منزل إلى حكومة قائمة بحد ذاتها ، وينحصر المنهج التربوي فيها في إطار إذلال الناس وإرعابهم، وفي ظل هكذا أجواء يصبح العلم عاملا خطيرا تنعكس نتائجه سلباً على المجتمع(4) .

المحيط الاجتماعي والسياسة العامة :

رغم أن محيط الأسرة الضيق النطاق ومحيط المجتمع الواسع النطاق يلعبان دوراً مؤثراً في بناء شخصية الفرد وتبلور صفاته الاجتماعية ، إلا أن تأثير المحيط الاجتماعي والسياسة العامة في هذا المجال يفوق تأثير محيط الأسرة والابوين في الإنسان.

قال علي (عليه السلام) : الناس بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم(5).

_________________________

(1) مبادى؛ علم النفس، ص 157.

(2) بحار الأنوار15، ص178.

(3و4) روح القوانين، ص 38 و42 .

(5) بحار الأنوار17، ص129. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.