

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات


المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية


التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة
الأهل والأقارب
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 405 ـ 411
2025-12-22
16
ان لكل من الزوج والزوجة أقارب واتباع لا يجوز لهما تناسيهم في الجوانب التي يقرها الشرع المقدس، ولا يحق لأي منهما منع الآخر من التزاور معهم وأداء ما لهم من حقوق.
ان لكل من الزوج والزوجة أب وأم، واخوة واخوات، أعمام وأخوال، عمات وخالات وأبناء اخوة وأبناء أخوات أبناء عمومة وأبناء خوال، ولهم اجداد وجدات وعدد من الأقارب النسبيين.
ان التزاور معهم يعد من العبادات ومن الحسنات، والتردد عليهم يعتبر عملاً حسناً، وحل مشكلاتهم يمثل فعلاً يستحق الأجر والثواب.
على الزوجة ان لا تتبرم حيال أقرباء زوجها وتمتنع عن الترحيب بهم إذا ما قدموا إلى بيت زوجها، أو يكفهر ووجهها في وجوههم حين تقابلهم وتعكر الأجواء، أو تمارس أسوء من ذلك كله إذ تصد زوجها عن التزاور معهم وحل مشكلاتهم.
ان البيت ملك الزوج وقد أناط الله سبحانه وتعالى بالرجل مهمة التصرف بأمواله، وطاعة الزوجة لزوجها من الواجبات الشرعية، وإيذاء الزوجة لزوجها يعد من المحرمات، ومنعها اياه من التزاور مع ابويه واخوته واخواته وسائر اقاربه أمر مناف للأخلاق والفطرة والقيم الانسانية، وكذا منع الزوج زوجته من التزاور مع أبويها واقاربها وارحامها يعد عملاً منافياً للمحبة والعواطف الإنسانية.
وإذا ما أصبح المرأة والولد حائلاً دون القيام بأعمال الخير والاحسان والتعبد والتزاور مع الاقارب ومديد العون إليهم فإنهم - وكما يعبر القرآن الكريم - يعتبرون عدواً للإنسان، ليس بمعنى العدو الذي يطفح قلبه بالضغينة، بل العدو الذي لا يود ان يربى الانسان سعيداً وهانئاً في الدنيا والآخرة، وعلى رب الأسرة أن لا يستسلم للنزعات الخاطئة التي تتملك الزوجة والولد إذا ما رام القيام بأعمال الخير وحل مشكلات الناس والتزاور مع الارحام ودعوتهم إلى بيته، وابداء المساعدة لأبويه واخوته واخواته.
وبطبيعة الحال فان المؤمنات من النساء اللواتي آمنّ بالله واليوم الآخر وتوفر لديهن الشعور بالمسؤولية والرغبة في اعمار آخرتهن وأدركن ان اداء حق الزوج يعتبر واجباً شرعياً، وتأبن بالأخلاق الالهية، فإنهن على اتفاق مع ازواجهن في جميع شؤون الحياة والامور الأخلاقية وايتاء الصالحات، بل أنهنّ إذا ما لمسن من أزواجهن تهاوناً على هذا الصعيد بادرن إلى حثهم وترغيبهم إلى الصالح من الأعمال والتزاور مع الاقارب ومساعدتهم.
أما اللواتي يخالفن ارادة الحق تعالى في التوجهات، أو الأولاد الذين تخالف مآربهم ارادته جلت قدرته، فهم ممن عدهم القرآن الكريم في عداد الاعداء. وهنا يوجه الباري تعالى في كتابه الاوامر الانسان فيما يخص هذا الجانب، وهذه الأوامر لها صبغة اخلاقية وعاطفية وانسانية فقط، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن: 14].
ولا فائدة من الاصطدام مع مثل هؤلاء الزوجات والاولاد، ولا داعي للجدال والصراع معهم ولا ضرورة تستدعي الغضب والتشاحن، ليبقوا على اصرارهم، وما عليكم الاّ الثبات في طريق طاعة الله سبحانه والانفاق والجهاد في سبيله وفعل الصالحات على كافة الأصعدة.
وفي الحقيقة فإن بعض النساء متزمتات في هذا الجانب، فهن قد حرمن رحمة الله ويحاولن حرمان الآخرين منها وكذلك فإن بعض الرجال متشددون أيضاً ازاء زوجاتهم في هذا المجال، وتشددهم هذا لا مبرر له ولا فائدة منه سوى الحرمان من رحمة الله وفضله.
فما السبب الذي يدفع بالبعض من النساء إلى الوقوف بوجه أزواجهن ومنع اقربائه من دخول بيته وان لا يذهب هو لزيارتهم أو أن يمتنع عن أعانتهم مالياً وبالمقابل يتردد اقرباء الزوجة على البيت الذي هو ملك الزوج ويخضع لتصرفه، ولا بد من أن يكون تردد الآخرين على هذه الدار بإذنه ـ وتجري الأمور وفقاً لما تشتهيه الزوجة وتمضي أشهر وسنوات والرجل يعيش حسرة عدم دخول أبويه أو اخوته واخواته إلى داره فيما ينثال أقرباء المرأة على الدار طيلة هذه الأشهر والسنين.
ألا يمثل ذلك ظلماً بحق الزوج وأقاربه؟ انه الظلم، تلك الحالة النفسية الخطرة التي من ابتلي بها لعنه الله وأبعده عن رحمته وساءت عاقبته في الآخرة.
وهل من الأخلاق أن يمنع بعض الازواج زوجاتهم من الذهاب إلى بيوت آبائهن أو اخوانهن واخواتهن ويتعاملون معهن كالأسير المرتهن؟
لا شك بأنها اخلاق شيطانية يرفضها الحق تعالى وتؤدي بالتالي إلى حرمان المرء من رحمة الله عز وجل.
لقد تطرق القرآن الكريم بما يقرب من ثلاث وثلاثين مرة إلى اقارب الانسان وأوصى بهم، عدا الآيات المتعلقة بصلة الرحم.
ونظراً إلى أن المؤمن مأمور بالاقتداء بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتأسي به في جميع المجالات، فإن أحد واجباته يتمثل في هداية اقاربه وانذارهم إذا كانوا بحاجة للهداية والانذار، والإنسان بحاجة إلى ذلك حتى آخر عمره، قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214].
ما اجمله من عمل إذ يقوم الانسان بين الفينة والأخرى - إذا كان قادراً - بجمع أقاربه وأقارب زوجته في بيته وتقديم المواعظ لهم وتعريفهم مسائل الحلال والحرام وتحذيرهم عواقب الطالع من الأعمال والأخلاق وتعليمهم المسائل الفقهية والشرعية؟
أن هداية الناس إلى المعارف الالهية عمل يناظر عمل الأنبياء والأئمة وفيه من الاجر والثواب ما يدهش العقول.
يروي أن العلامة المجلسي (رحمه الله) كان مواظباً على هذا العمل فيجمع زوجته وأولاده وأقاربه في ليالي الجمعة، ويراه واجباً عليه، لان إنفاق العلم كإنفاق المال عمل حسن يحظى بقبول الحق تعالى.
وقد قرن تعالى في كتابه الاحسان إلى القربى إلى جانب طاعة الله والاحسان إلى الوالدين، وبذلك يبين عظمة الاحسان إلى الأقارب: {لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى} [البقرة: 83].
ان الانسان مجبول على حب المال والثروة، ولولا حب المال لما توجه أحد نحو العمل والفن والصناعة والتجارة والزراعة، والمال الذي يأتي عن طريق الكد يصبح معشوق الانسان.
والقرآن الكريم يدعو المؤمن إلى التخلي عن هذا المعشوق من أجل حل مشكلات ذوي القربى وتسيير حياتهم، وينفق ماله لأقاربه وارحامه رغم حبّه له. إذن أن بذل المال لذوي القربي يعد من علامات الصادقين: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} [البقرة: 177].
من الضروري أن يحصل القربى سواء من النسب أو الحسب وكل حسب موقعه وقربه على جزء من إرث المرء، وهنا تأملوا هذه الآية التي تعد وثيقة تدعم جميع الحقائق: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8].
ان اداء حق القربي والمحافظة على كرامتهم من الأهمية لدى الله تعالى إلى الحد الذي يأمر به الانسان أن يلتزم العدالة في القول ازاء القربى فيقول تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 152].
فاحتقارهم والاستخفاف بهم بالقول والفعل يعتبر عملاً مخالفاً للشرع المقدس منافياً للأخلاق وتجاوزاً على الكرامة.
ان الله سبحانه وتعالى يأمر بالتزام العدل وبذل الاحسان وفي هذا المجال فهو يخص بالذكر ذوي القربى إذ يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].
إن تقصير الاغنياء وذوي الثروة عن الانفاق على اقربائهم والعطاء لهم هو مما يرفضه الحق تعالى ويأنفه الشرع المقدس والعقل والمنطق والأخلاق والفطرة، يقول تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} [النور: 22].
وإذا ما شهدتم في المحاكم فعليكم الشهادة بالعدل وتجنب كتمانها وان كان ذلك يعود بالضرر عليكم أو على الوالدين والاقربين، يقول تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135].
ويجب عدم الاستغفار للقربي إذا كانوا من المشركين ومبتعدين عن الله سبحانه صادين عن دينه، يقول تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: 113].
وفي القرآن الكريم ورد الأمر بعدم التوادد مع الآباء والأمهات والأولاد والأقارب إذا كانوا اعداء لله ورسوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22].
وما خلا هذين الموردين، أي عدم الاستغفار للمشركين من القربى وعدم محبتهم، فإن أقرباء المرء هم لحمه ودمه، ولا يحق للزوج أو الزوجة أن يمنع أحدهما الآخر عن التزاور مع أقربائه ومواصلتهم، لا سيما المرأة فلا يحق لها حرمان زوجها من هذا الفيض الوفير والخير العظيم الذي يوازي بالأجر طاعة الحق تعالى.
أن وصيتي إلى الازواج هي أن يتعاملوا مع أولي القربى على ضوء ما جاء في الآيات من كتاب الله باحترام اقرباء بعضهم البعض والتزاور والتواصل معهم واعانتهم بما يستطيعون من المال إذا كانوا بحاجة لذلك.
وعلى الزوجة التزام الحذر من اثارة غضب الرجل لان غضبه وغيضه ـ استناداً إلى ما جاء في الروايات - بمثابة غضب الرب وغيضه، والمرأة التي لا يرضى عنها زوجها لا يقبل منها عمل واجب كان أو مستحب (1).
قال الامام الصادق (عليه السلام): (ملعونة ملعونةٌ امرأة تؤدي زوجها وتغمّه) (2).
ان جانباً من ايذاء الزوج يرتبط بالموقف ازاء اقاربه، إذ تعاند الزوجة زوجها بلا مبرر منطقي أو شرعي، وبذلك تحرم نفسها من رحمة الله عز وجل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ البحار: ج 100، ص 244.
2ـ المصدر السابق: ص 253.
الاكثر قراءة في آداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة
الآخبار الصحية

قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاباً يوثق تاريخ السدانة في العتبة العباسية المقدسة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)