التزين والتجمّل المتناسبان مع الاعتبارات البشرية من الموضوعات التي حثّت عليها التعاليم الدينية، مما يتطلب من المسلمين الاهتمام بهما في إطار الحفاظ على تلك الاعتبارات.
الحلاقة والتزين
كان (صلى الله عليه وآله) يُحِبُّ الدُّهْنَ وَيَكْرَهُ الشَّعَثَ(1).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): فالبَسْ وَتَجَمَّلُ، فَإِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجمالَ وَلْيَكُنْ مِنْ حَلالٍ(2)؛ وسئل (سلام الله عليه) عن تفسير الآية الكريمة {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، فقال: هُوَ المُشْطُ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ فَرِيضَةٍ وَنَافِلَةٍ(3)؛ وقال (سلام الله عليه) لعبيد بن زياد: إِظْهَارُ النِّعْمَةِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ صِيَانَتِهَا، فَإِيَّاكَ أَنْ تَتَزَيَّنَ إِلَّا فِي أَحْسَنِ زِيٌّ قَوْمِكَ...(4).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الشَّعْرُ الحَسَنُ مِنْ كِسْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَكْرِمُوهُ(5)؛ وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: المُؤْمِنُ لَهُ... تَجَملٌ فِي فَاقَةٍ(6).
وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: الشَّيْبُ نُورٌ فَلَا تَنْتِفُوهُ(7).
وقال الراوي: وَكَانَ (صلى الله عليه وآله) يَتَمَشَطُ وَيُرَجُلُ رَأْسَهُ بِالْمُدْرَى وَتُرَجُلُهُ نِسَاؤُهُ(8).
وَكَانَ (صلى الله عليه وآله) يَنْظُرُ فِي الْمَرْآةِ وَيُرَجُلُ جُمَّتَهُ وَيَتَمَشَّطُ وَرُبَّمَا نَظَرَ فِي الْمَاءِ وَسَوَّى جمته فيه(9).
وعَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) أَنَّهُ... لَقَدْ كَانَ يَتَجَمَّلُ لِأَصْحَابِهِ فَضْلاً عَلَى تَجَمُّلِهِ لِأَهْلِهِ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا خَرَجَ إِلَى إِخْوَانِهِ أَنْ يَتَهَيَّأَ لهُمْ وَيَتَجَمَّلَ(10).
قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله): ... لِلنِّسَاءِ اتْرُكْنَ مِنْ أَظَافِيرِكُنَّ، فَإِنَّهُ أَزْيَنُ لَكُنَّ(11).
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: مَنِ اتَّخَذَ شَعْراً فَلْيُحْسِنُ إِلَيْهِ...(12).
وقال الإمام موسى الكاظم (سلام الله عليه): خمسٌ مِنَ السُّنَنِ فِي الرَّأْسِ... فَرْقُ
الشَّعْرِ...(13).
وعن أبي عبد الله (سلام الله عليه) أنه قال: ثَلاثَةٌ مِنَ النُّبُوَّةِ: طَمُ الشَّعْرِ وَطِيبُ
الريح ...(14).
وقال الراوي: قُلْتُ لَهُ [للإمام جعفر الصادق سلام الله عليه]: أَكَانَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) يَفْرُقُ شَعْرَهُ؟ قَالَ: لا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) كَانَ إِذَا طَالَ شَعْرُهُ كَانَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنِهِ(15).
ورُوِيَ أَنَّهُ (صلى الله عليه وآله) كَان يَقُولُ عِنْدَ تَسْرِيحِ لِحيَتِهِ: اللَّهُمَّ صَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَلْبِسْنِي جَمَالاً فِي خَلْقِكَ وَزِينَةٌ فِي عِبَادِكَ وَحَسِّنْ شَعْرِي وَبَشَرِي وَلَا تَبْتَلِيَنِّي بِالنِّفَاقِ وَارْزُقْنِي الْمُهَابَةَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَالرَّحْمَةَ مِنْ عِبَادِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ(16).
وقال الراوي: وَسَأَلْتُهُ [الإمام جعفر الصادق سلام الله عليه] عَنِ النِّسَاءِ هَـلْ عَلَيْهِنَّ مِنَ التَّطَيِّبِ وَالتَّزَيُّنِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ مَا عَلَى الرِّجَالِ؟ قَالَ: نَعَمْ(17).
ملاحظة: هذا الترجيح هو بلحاظ أصل الحكم، ولا يشمل مرور النساء من أمام غير المحارم.
قال الإمام موسى الكاظم (سلام الله عليه):... طَمُّ الشَّعْرِ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيَزِيدُ فِي
ضَوْءِ نُورِهِ(18).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): أخذُ الشَّعْرِ مِنَ الْأَنْفِ يُحسِّنُ الْوَجْهَ(19).
وعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: حَلْقُ اللَّحْيَةِ مِنَ الْمُثْلَةِ وَمَنْ مَثَلَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله(20).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه):... المُشْطُ لِلرَّأْسِ يَذْهَبُ بِالْوَبَاءِ. قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْوَبَاءُ؟ قَالَ: الْحُمَّى وَالْمَشْطُ لِلَّحْيَةِ يَشُدُّ الأَضْرَاسَ(21).
أحياناً يكون في حلق المرء لشعر رأسه جمال وزينة وذلك بحسب حالته، ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأحدهم احْلِقُ، فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي جَمَالِكَ(22).
نجد هذه الروايات تحثّ على تزيين شعر الرأس، ولكن هناك روايات أخرى تنهى عن الإفراط في ذلك؛ حيث نهى (صلى الله عليه وآله) عَن التَّرَجُلِ مَرَّتَين فِي يَومٍ(23).
التطيب والتجمّل
قال الإمام موسى الكاظم (سلام الله عليه): أَرْبَعٌ مِنْ أَخْلاقِ الأَنْبِيَاءِ التَّطَيُّبُ...(24).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): مَا أَنْفَقْتَ فِي الطَّيبِ فَلَيْسَ بِسَرَفٍ(25).
وروي عن الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه) قوله: لا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَدَعَ يَدَيْهَا
مِنَ الْخِضَابِ وَلَوْ أَن تَمَسَحُهُمَا بِالْحِنَّاءِ مَسْحَا وَلَوْ كَانَتْ مُسِنَّةٌ(26).
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله)... ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ مِنْ أَصْحَابِي... لَا يَشَمُّونَ الطيب... وَأَشَمُّ الطَّيِّبَ... فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي(27)؛ وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: لِيَتَطَيَّبْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَوْ مِنْ قَارُورَةِ امْرَأَتِهِ(28)؛ وعنه أيضاً: اقْبَلُوا الْكَرَامَةَ وَأَفْضَلُ الْكَرَامَةِ الطَّيبُ أَخَفُهُ حَمْلاً وَأَطْيَبُهُ رِيحاً(29).
وقال الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا (سلام الله عليه): يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْتَم الرَّجُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ... وَيَتَطَيِّبَ فَيَدَّهِنَ بِأَطْيَبِ دُهْنِهِ(30).
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يَتَطَيِّبُ بِذُكُورِ الطَّيبِ وَهُوَ الْمَسْكُ وَالْعَنْبَرُ(31).
ويقول الراوي: أني كُنْتُ أَرَاهُ [الإمام الرضا سلام الله عليه] يَتَبَخْرُ بِالْعُودِ الْهِنْدِي النِّيء وَيَسْتَعْمِلُ بَعْدَهُ مَاءَ وَرْدٍ وَمِسْكاً(32).
وقال الإمام موسى الكاظم (سلام الله عليه):... تَطَيِّبُوا بِأَطْيِّبِ طيبكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ(33).
قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): طِيبُ الرّجَالِ مَا ظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رَائِحَتُهُ(34).
وكَانَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) وَالحُسَيْنُ بْنُ عَلي (سلام الله عليه) وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٌّ (سلام الله عليه) يَخْتَضِبُونَ بِالْكَتَم(35).
وقال الراوي: رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (سلام الله عليه) يَخْتَضِبُ بِالْحِنَّاءِ خِضَابَاً قَانِياً(36).
قال الإمام الرضا (سلام الله عليه): لا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَدَعَ الطَّيِّبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَيَوْمٌ وَيَوْمٌ لَا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ وَلَا يَدَعْ ذَلكَ(37).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حُبَّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ ... الطيب...(38)؛ وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: ثَلاثَةٌ يَفْرَحُ بِهِنَّ الْجِسْمُ وَيَرْبُو الطَّيبُ...(39)؛ وكذلك قال (صلى الله عليه وآله): الدُّهْنَ يُذْهِبُ الْبُؤْسَ...(40) ... و.... الدُّهْنُ يُلَيِّنُ الْبَشَرَةَ(41)؛ وأيضاً عنه (صلى الله عليه وآله): اخْتَضِبُوا بِالْحِنَّاءِ، فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي شَبَابِكُمْ وَجَمَالِكُمْ وَنِكَاحِكُمْ وَحُسْنِ وُجُوهِكُمْ وَيُبَاهِي اللَّهُ بِكُمُ الملائكة ...(42).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): أَرْبَعُ يُضِئنُ الْوَجْهَ: النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ وَالنَّظَرُ إِلَى الْمَاءِ وَالنَّظَرُ إِلَى الْخُضْرَةِ وَالْكُحْلُ عِنْدَ النَّوْمِ(43).
وقال الإمام الرضا (سلام الله عليه): إِنَّ الْخضَابَ وَالتَّهْيِئَةَ مِمَّا يَزِيدُ فِي عِفْةِ النِّسَاءِ
وَلَقَدْ تَرَكَ النِّسَاءُ الْعِفَّةَ لِتَرْكِ أَزْوَاجِهِنَّ التَّهْيِئَةَ لَهُنَّ(44).
استعمال الحلي والحلل
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ، فَإِنَّهُ لا يُصِيبُ أَحَدَكُمْ غَمِّ مَا دَامَ ذَلِكَ عليه(45).
ونهى (صلى الله عليه وآله) عَنِ التَّخَتُمِ بِخَاتَمِ صُفْرٍ أَوْ حَدِيدٍ وَنَهَى أَنْ يُنْقَشَ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ عَلَى الْخَاتَمِ(46).
وقال الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه): لا يَنبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَطَّلَ نَفْسَهَا مِنَ الْحَلِيِّ وَلَوْ أَنْ تُعَلَّقَ فِي عُنُقِهَا قِلادَةٌ(47).
يقول الراوي: وَسَأَلْتُهُ [الإمام الصادق سلام الله عليه] عَنِ الخلاخيل، أَيَصْلُحُ لبْسُهَا لِلنِّسَاءِ وَالصَّبْيَانِ؟ قَالَ: إِنْ كُنَّ صُمّاً فَلَا بَأْسَ وَإِنْ يَكُنْ لَهَا صَوْتٌ فَلا(48).
______________________
(1) مكارم الأخلاق، ص33.
(2) الكافي، ج6، ص 442؛ وسائل الشيعة، ج 5، ص 6.
(3) تفسير العياشي، ج 2، ص13.
(4) الكافي، ج 6، ص 440.
(5) الفقيه، ج 1، ص 129؛ بحار الأنوار، ج 73، ص 116.
(6) الكافي، ج 2، ص231.
(7) الفقيه، ج 1، ص 130.
(8) مكارم الأخلاق، ص 33.
(9) مكارم الأخلاق، ص 34.
(10) مكارم الأخلاق، ص 34 - 35؛ وسائل الشيعة، ج 5، ص 11.
(11) مكارم الأخلاق، ص 66.
(12) دعائم الإسلام، ج 2، ص 158.
(13) کتاب الخصال، ص271.
(14) مكارم الأخلاق، ص 42.
(15) الكافي، ج 6، ص 485.
(16) بحار الأنوار، ج 73، ص 116.
(17) قرب الإسناد، ص 100.
(18) وسائل الشيعة، ج 2، ص 107.
(19) الكافي، ج 6، ص 488.
(20) الجعفريات، ص 157؛ مستدرك الوسائل، ج 1، ص 406. المثلة تقطيع أعضاء جسد الكائن الحي، وهو حرام.
(21) الكافي، ج 6، ص 488.
(22) الفقيه، ج 1، ص 124.
(23) مكارم الأخلاق، ص 69.
(24) مكارم الأخلاق، ص 40.
(25) الكافي، ج 6، ص 512.
(26) دعائم الإسلام، ج 2، ص 167.
(27) الكافي، ج 5، ص 496.
(28) الكافي، ج 6، ص 511.
(29) تحف العقول، ص 60؛ مستدرك الوسائل، ج8، ص398.
(30) الفقيه، ج 1، ص 425 - 426.
(31) مكارم الأخلاق، ص 34.
(32) مكارم الأخلاق، ص43. [ربما تعزى عادة التطيب بالعود الهندي في المجتمعات الإسلامية إلى هذه الأحاديث والروايات].
(33) عيون أخبار الرضا (سلام الله عليه)، ج1، ص279.
(34) دعائم الإسلام، ج 2، ص 166.
(35) الفقيه، ج 1، ص 122.
(36) الكافي، ج 6، ص 482.
(37) عيون أخبار الرضا (سلام الله عليه)، ج1، ص 279 - 280.
(38) كتاب الخصال، ص 165؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 144.
(39) طبّ النبي، ص 25.
(40) الجامع الصغير، ج2، ص 474.
(41) الكافي، ج 6، ص 519.
(42) مكارم الأخلاق، ص 82.
(43) كتاب الخصال، ص 237.
(44) مكارم الأخلاق، ص79.
(45) عيون أخبار الرضا (سلام الله عليه)، ج 2، ص 47.
(46) الفقيه، ج 4، ص 10.
(47) الكافي، ج 5، ص 509.
(48) مسائل علي بن جعفر (سلام الله عليه)، ص138.
الاكثر قراءة في آداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة