أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-28
181
التاريخ: 2024-11-03
220
التاريخ: 2023-11-05
1127
التاريخ: 2024-06-11
660
|
أولاً: اختيار الموضوع:
وقد ذكرنا سبعة طرق في الفصل الأول تحت عنوان أنواع التفسير الموضوعي فراجع.
ثانياً: الحد والمطلع:
وردت هذه المصطلحات في روايات أهل البيت(عليهم السلام).
روى العياشي عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن هذه الرواية: ما في القرآن آية إلا ولها ظهرٌ وبطن، وما فيه حرف إلا وله حدٌ ولكل حدٍ مطلع... [1] قال بعض المحققين المطلّع بتشديد الطاء وفتح اللام بمعنى مكان الإطلاع في موضعٍ عالٍ.
روى هذا الخبر الصفار في بصائر الدرجات بسند صحيح عن أبي جعفر(عليه السلام) ولكن بهذا اللفظ إلا وله حد يستطلع، وفي بعض النسخ حدٌ ومطلع فالمراد بالحد هو الحكم، وبالمطلع كيفية إستنباطه منه.
فالحد: إن كانت من الحدود فهو الحكم {تِلْكَ حُدُودُ اللـَّهَ فَلا تَقْرَبُوها} [2] أو من الحد: أي حدود الدار.
وكتقريب للمعنى أن لكل موضوع قرآني حدوداً كحدود الدار لا يمكن أن يتعداها الباحث وإلا خرج عن صُلب موضوعهِ وهذه الحدود هي حدود الله أحكامهُ. فكلا المعنيين جائزٌ.
وأما المطلع: وهو مكان الإطلاع وقال: كيفية إستنباطه منه أو مبدأ الظهور فإن الباحث لابد أن يبدأ من الآية المطلع التي توصلهُ إلى النتيجة التي يتوخاها فهو لابد أن يبدأ، ولكن عليه أن يُحسن اختيار الآية المطلع والمنطلق الذي ينطلق منه. وبعد ذلك فهو يتحرك في حدود موضوعهِ لا يخرج منه، وإلا عُد خروجاً موضوعياً.
وعلى هذا فإن الذي يتحكم بالحد والمطلع الموضوع القرآني نفسه، وقد يطول وقد يقصر وهو مع ذلك تفسيرٌ موضوعي.
نلاحظ أن الرعيل الأول من حملة القرآن كانوا يختارون الموضوع ثم يقفون ضمن حدود لا يخرجون عنها.
كما في موضوع الميثاق عند أبي بن كعب. وموضوع الشفاء عند ابن مسعود وموضوع المعايش عند الإمام علي(عليه السلام) وهكذا. وأحياناً يكون الموضوع القرآني كبيراً فيحتاج إلى حدود أوسع كما في موضوع الشفاعة في القرآن والإمامة في القرآن والعصمة في القرآن[3] وكما في تفسير أصول الدين موضوعياً في القرآن الكريم[4] والشيخ جعفرا لسبحاني في مفاهيم القرآن وغيرها.
إذن الذي يتحكم بالحدود المطلع للموضوع القرآني هو الموضوع ذاته كبيراً أو صغيراً، وكذلك جهة البحث فيه فلعلهُ في الموضوع جهة واحدة فتنغلق الحدود على المراد وهكذا.
وفائدة هذا العنوان أن لا يستغرق الباحث أكثر من حاجته ولا يخرج عن حدودهِ.
ثالثاً: مركزية الموضوع المبحوث عنه:
هذه القاعدة تكشف ان موضوع القرآني قيد البحث يأخذ صفة الموضوع المركزي. بحيث ينظر إلى النظائر باعتبارها جاءت لتفسير أو لتكمل الموضوع المركزي، مما يجعل المواضيع التي تتناولها خطابات الآيات النظيرة موضوعات ثانوية، أما أنها تنسجم مع الموضوع المركزي المبحوث عنه فتفسرهُ أو لتكملهُ، وتارة لا تنسجم معه إنسجاماً تاماً لكنها ذكرت بعض وجوهه، فتهمل الوجوه الظاهرة للموضوع الآخر وتقوى الوجوه الثانوية لتدخل في الموضوع القرآني.
وبذلك يكون الموضوع المركزي للآية المطلع هو الظاهر على الآيات النظيرة الثانوية.
وبناءً على قوة الموضوع الذي يأخذ قطب الرحى فإنه يُدخل الوجوه التي تخدمهُ، فلو أخذنا موضوع الدين فإننا بالإضافة إلى استقراء مفردة الدين فإننا ندخل مفردة الهدى في بحثنا لأن واحد من وجوه الهدى الدين وهكذا، فتغيب مفردة الهدى وتظهر وجهاً من وجوهها إلا وهو الدين، كما لا ننسى أن نجد النسبة بين هذه النظائر فالعام والخاص والمطلق والمقيد
رابعاً: تتبع النظائر بهدف التفسير:
هناك ثلاث مصطلحات النظير، الوجه، الترادف.
فأكثر النظائر لها مرادف، كما إنه لكل نظير وجوه متعددة. وهذه الوجوه عندما تصرف نجد أن من بين وجوه النظائر ما يكون متشابهاً فتدخل هذه النظائر في بعض وجوهها المتشابه والتي يفرضها موضوع البحث في تفسيرنا لهُ.
فإذا كان من وجوه الهدى، الدين، الإسلام، الرسول ومن وجوه الحق أيضاً، الدين، الإسلام، الرسول فإن هاتان المفردتان الحق، الهدى تدخلان مع وجوههما في البحث بعد أن نستقرأ هذه الوجوه بواسطة استقراء التماثل والسياق القرآني كما مرَّ في الفصل الثاني.
خامساً: آية المطلع ومفردات السياق:
بعد إجتياز الموضوع وهي الخطوة الأولى، لابد أن نركز البحث حوله آية المطلع لان كل بحث له مطلع كمطلع الشمس وله حد ومغيب كغيبتها، إن فائدة الآية المطلع بعد كونها الانطلاقة الأولى فهي توفر لنا مفردات شديدة اللصوق بالمفردة التي يدور حولها البحث فتكون موضوعات ثانوية لها مدخلية في الموضوع الرئيسي وإلا لما ذكرت معها مثال {يُريدُ اللـَّهَ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَ يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُم}[5].
فإذا كان موضوعنا الرئيسي هو الهداية فان مواضيع ثانوية لها ارتباط وثيق بالموضوع الرئيسي وفرتها آية المطلع وهي الإرادة الإلهية، البيان، السنن ولم يكن هذا الارتباط اعتيادياً إذ سوف نكتشف أسراراً ماكُنا لنتوصل إليها لولا هذا الارتباط.
سادساً: الكواشف الإرشادية:
وهي الروايات المفسرة للموضوع فأنها كواشف تدلنا على الطريق، إذ أن أكثرها استنباطاتٌ قرآنية خفي علينا اكتشافها، كما إن لا راء المفسرين لها أثرٌ في توجيه البحث إلى الغاية المنشودة وهي تفسيِد في عملية البرهنة على النتيجة.
نماذج تطبيقية من التراث:
سوف نختار نماذج تفسيرية مختصرة لنوضح الفكرة التي نظَّرنا لها خلال البحث كله.
النموذج الأول مدةُ الحمل:
عن يونس عن الحسن أن عمر أُتي بامرأة قد ولدت لستةِ أشهر فهمّ برجمها فقال له أميرُ المؤمنين(عليه السلام) إن خاصَمتك بكتاب الله خَصَمَتْكَ إن الله تعالى يقول: {وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرا} [6] ويقول: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[7] فإذا تمت الرضاعة سنتين وكان حملهُ وفصالهُ ثلاثين شهراً كان الحملُ منها ستة أشهرٍ، فخلى عمر سبيل المرأة [8].
تحليل هذا النموذج:
الملاحظ: إن هذا النموذج من التفسير الموضوعي مصغر حسب الحاجة الداعية إليه إذ كانت المشكلة في حدود الرضاعة ما بين الحد الأدنى والحد الأقصى فتتبع أمير المؤمنين الموضوع القرآني حسب الإستقراء التماثلي إذ استقرأ مفردة الرضاعة والحمل فوجدها.
{وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَ فِصالُهُ في عامَيْن}[9]،{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [10]، {وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً}[11].
فكانت الآية المطلع هي الآية التي تشمل لفظ الحمل إذ حددت فترة فصال الطفل بعامين أي 24 شهراً ثم نزلت الآية الثانية إذ أكدت على أن الفصال بعد عامين من الرضاعة باعتبار أن العامين هما فترة الرضاعة التامة ثم نزلت الآية الثالثة تبين أن مجموع الحمل والرضاعة ثلاثون شهراً ولو طرحنا فترة الرضاعة 24شهراً بقي لدينا ستة أشهر. وهي أقل فترة الحمل وهذه الفتوى برّأت ساحة المرأة من الزنى.
النموذج الثاني: حرمة الخمر:-
عن علي بن يقطين قال: سأل المهديُ أبا الحسن عليه السلام عن الخمر هل هي محرمة في كتاب الله، فان الناس يعرفون النهي عنها ولا يعرفون التحريم لها؟
فقال له أبو الحسن (عليه السلام) : بل هي محرمة في كتاب الله يا أمير المؤمنين: فقال: في أي موضع محرمة هي في كتاب الله جل أسمهُ يا أبا الحسن؟ فقال: قول الله عز وجل{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}[12]، فأما قوله ما ظهر يعني الزنا المعلن..... إلى أن قال: وأما الاثم فإنها الخمر بعينها، وقد قال الله عز وجل في موضع آخر{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}[13]، فأما الاثم في كتاب الله فهي الخمر والميسر وإثمهما كبير كما قال عز وجل [14].
تحليل هذا النموذج: اعتمد الأمام الكاظم(عليه السلام) على نظرية التعويض حيث رفع مفردة الاثم وعوض بدلها ما يساويها وهو الخمر لان الله سمى الخمر والميسر إثماً، فنتج أن الخمر محرمةً.
النموذج الثالث: إطاعة ولاة الأمر القائمين بدين الله [15].
وهو موضوع عقائدي اتبع فيه الأمام ثلاث مفردات مترابطة هي أولو الأمر، العلم، الولاية فقال: فرض الله على الأمة طاعة ولاة الأمر القوامين لدينه، كما فرض عليهم طاعة رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) فقال تعالى:{أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[16]. ثم بيَّن محل ولاة أمره من أهل العلم بتأويل كتابه فقال{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[17]، وعجز كل أحد من الناس عن معرفة تأويل كتابه غيرهم لأنهم هم الراسخون في العلم المأمونون على تأويل التنزيل قال تعالى{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهَ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}[18]. وقال سبحانه وتعالى {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}[19]، فجعلهم أولياءه وجعل ولايتهُ حزبهم حزبه فقال{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُون}َ[20]. وقال{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهَ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[21].
واعلموا رحمكم الله إنما هلكت هذه الأمة وارتدت على أعقابها بعد نبيها بركوب طريق مَن خلا من الأمم الماضية والقرون سالفة الذين اثروا عبادة الأوثان على طاعة أولياء الله، وتقديمهم مَنْ يجهل على من يعلم فقال عز وجل{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[22] وقال{أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[23]، فالناس اتباع من اتبعوهُ من أئمة الحق وأئمة الباطل قال تعالى{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَأُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً}[24] فمن ائتم بالصادقين حشر معهم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[25].
[1] تفسير العياشي 1/22 ح5.
[2] البقرة /187.
[3] للسيد كمال الحيدري.
[4] ناصر مكارم الشيرازي، نفحات القرآن.
[5] النساء / 26.
[6] الأحقاف /15.
[7] البقرة /233.
[8] الحر العاملي، وسائل الشيعة 17/382.
[9] لقمان/14.
[10] البقرة/233.
[11] الاحقاف/15.
[12] الأعراف / 33.
[13] البقرة / 219.
[14] الكافي : ج6 ص406 ح1.
[15] الشريف المرتضى، الآيات الناسخة والمنسوخة ص 146 – 147.
[16] النساء / 59.
[17] النساء / 83.
[18] آل عمران / 7.
[19] العنكبوت / 49.
[20] المائدة / 56.
[21] المائدة / 55.
[22] الزمر / 9.
[23] يونس / 35.
[24] الإسراء / 71.
[25] التوبة / 119.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|