المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6235 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



البحث حول اعتبار الكتب الحديثيّة.  
  
1340   11:54 صباحاً   التاريخ: 2023-08-05
المؤلف : الشيخ محمد آصف محسني.
الكتاب أو المصدر : بحوث في علم الرجال.
الجزء والصفحة : ص 416 ـ 439.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الرجال / مقالات متفرقة في علم الرجال /

نورد هنا ما ذكرناه في خاتمة كتابنا (1) مع بعض الاختصار والتغيير:

واعلم: أنّا خصّصنا كتابنا معجم الأحاديث المعتبرة، بنقل الأحاديث المعتبرة سندا، وأوردنا فيه ما اعتبر سنده بوثاقة الرّواة أو حسنهم ومجرّد صدقهم.

ثمّ شككنا في أثناء التأليف في صحّة انتساب جملة من الكتب الّتي كنّا ننقل منها الأحاديث إلى مؤلّفيها، ثمّ ظهر لنا عدم ثبوت النسبة في بعضها، كما يظهر من مطالعة المعجم نفسه (2).

 وهذا بحث مهمّ جدّا لا يجوز إهماله، فأردت أن أبيّنه هنا حسب الوسع في هذه البلدة (3) الّتي لا تستأنس بالعلم والكتاب، وبالله التوفيق.

المصادر الّتي نقلنا منها الأحاديث المعتبرة في كتابنا هي هذه:

1 ـ 4. الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار.

ولا كلام فيها فإنّ انتساب نسخها الموجودة الرائجة اليوم إلى مؤلّفيها الأعاظم الأجلاء الامناء مسلّم لا إشكال فيه، والنسخ الخطّيّة الكثيرة لها تدلّ على ذلك.

5 ـ 12. الكتب الثمانية للصدوق رحمه الله، أي: التوحيد والخصال، والعيون وثواب الأعمال، وعقاب الأعمال والعلّل والمعاني، والأمالي وإكمال الدّين، ولا يبعد الاعتماد عليها ونسبة نسخها بتمامها إلى مؤلّفها، ظاهرة.

13. رجال الكشي رحمه الله.

14. كامل الزيارات، لابن قولويه رحمه الله.

15. إرشاد المفيد رحمه الله.

16. غيبة الشّيخ رحمه الله.

ولا بعد في إلحاقها بكتب الصدوق الثمانية في الاعتبار.

17. محاسن البرقي رحمه الله.

18. بصائر الدرجات، للصّفار رحمه الله.

19. تفسير القمّي رحمه الله.

20. أمالي الشّيخ المفيد رحمه الله.

21. أمالي الشّيخ الطوسي رحمه الله.

22. قصص الأنبياء، للراوندي رحمه الله.

23. أمالي ابن الشّيخ رحمه الله (إن صحّ التعبير).

24. قرب الإسناد، للحميري رحمه الله.

25 و26. كتابا ابن سعيد رحمه الله.

27. نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى رحمه الله.

28. مسائل علي بن جعفر رحمه الله.

29. قصص الأنبياء، للراوندي رحمه الله.

30. مصباح الشّيخ رحمه الله.

وهنا كتب آخر فيها الأحاديث تعرضنا لحالها بعد طبع بحوث في علم الرجال طبعة رابعة، في كتابنا: مشرعة بحار الأنوار، وكتابنا: تعليقة في تمييز الأحاديث المعتبرة في جامع الأحاديث.

واعلم: أنّ نسبة هذه الكتب وأمثالها إلى مؤلّفيها الثقات، وبالتالي تصحيح أحاديثها المروية فيها بأسانيد صحيحة وحسنة وموثقة تحرّز حسب النظر السائد في هذه الأعصار، بصحّة إسناد الشّيخ الطوسي رحمه الله إلى المؤلّفين المذكورين في مشيخة التهذيبين أو الفهرست، إذا كانوا قبل زمان الشّيخ وبصحّة أسناد العلّامة ونظرائه، والمجلسي والحرّ العاملي، مثلا إلى الشّيخ وأقرانه رحمه الله.

وبذلك يحكم باعتبار الرّوايات المنقولة في بحار الأنوار ووسائل الشّيعة إذا أحرزت وثاقة رواتها أو حسنهم لكن هذا لا يكفي للحكم باعتبار روايات الكتاب المرويّة بأسانيدها معتبرة، بل لا بدّ من إحراز وصول نسخة الكتاب إلى المتأخّرين كالعلّامة والمجلسي أو الحر العاملي وغيرهم رحمه الله بسند معتبر حتّى يحصل الأمن من الدسّ والجعل والتزوير في روايات الكتاب، فإنّ الطباعة الرائجة اليوم لم تحدث في تلك الأزمان، ونسخ الكتب كلّها كانت مخطوطة باليد، يمكن فيها الزيادة والنقيصة بسهولة فمجرّد صحّة طريق الشّيخ مثلا إلى صاحب كتاب، وصحّة سند المجلسي وغيره من طريق الإجازات إلى الشّيخ أمر، ووصول نسخة الكتاب إليه بسند معتبر أمر آخر، ولا ملازمة بينهما.

ولا شكّ أنّ أكثر أسانيد الشّيخ في الفهرست والإجازات الصادرة من العلماء بعد الشّيخ خالية عن مناولة النسخ، كما عرفته من البحث الرابع والأربعين فيما سبق.

والغفلة عن هذا الأمر أوجب إدخال الرّوايات الكثيرة المجهولة في حريم الأحاديث المعتبرة.

ينقل هشام بن الحكم عن الصّادق عليه ‌السلام في حديث:

لا تقبلوا علينا حديثا إلّا ما وافق القرآن والسّنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإنّ المغيرة بن سعيد ـ لعنه الله ـ دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي ...

قال يونس: وافيت العراق ... وأخذت كتبهم ـ أي: كتب أصحاب الباقرين صلى ‌الله‌ عليه وآله ـ فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليه ‌السلام، فأنّكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبد الله عليه ‌السلام، وقال لي: "إنّ أبا الخطّاب كذّب على أبي عبد الله عليه ‌السلام، لعن الله أبا الخطّاب! وكذلك أصحاب أبي الخطّاب! يدّسون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليه ‌السلام، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن ...".

وللحديث صورة اخرى أخرجها الكشّي في رجاله (4).

أقول: أبو الخطّاب والمغيرة بن سعيد يوجدان في كلّ زمان ومكان، وفي كلّ من المذاهب والأديان والملل حتّى في القضايا التأريخيّة، فضلا عن الأمور الدينيّة والسياسيّة وغيرها. والأمر في أحاديث أهل السنة أوسع وأمر.

وعن أحمد بن عمر الحلال ـ كما في الكافي (5) ـ قلت لأبي الحسن الرضا عليه ‌السلام: الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول اروه عنّي، يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال فقال: "إذا علمت أنّ الكتاب له فارووه".

فالعمدة هو العلم ـ سواء كان وجدانيّا أو تعبديّا ـ بصحّة نسبة النسخة إلى مؤلّفها.

إذا عرفت هذا فالكلام يقع في هذا البحث في فصول:

1. حول كتاب علي بن جعفر:

قال النجّاشي في ترجمته: له كتاب في الحلال والحرام يروي تارة غير مبّوب، وتارة مبوبّا. ثمّ ذكر إلى كلّ منهما سنده إلى علي بن جعفر وكتابه، ولكن كلا سنديه غير معتبر. وقال الشّيخ الطّوسي في حقّه في الفهرست: جليل القدر ثقة، وله كتاب المناسك ومسائل، لأخيه موسى الكاظم بن جعفر صلى‌الله‌عليه وآله سأله عنها.

أخبرنا بذلك ... وسنده إليهما معتبر.

ونقله المجلسي مجموعا في البحار (6)، وقال في أوّله: باب ما وصل إلينا من أخبار علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام بغير رواية الحميري (7) نقلناها مجتمعة لما بينها وبين أخبار الحميري من اختلاف يسير، وفرّقنا ما ورد برواية الحميري على الأبواب.

أخبرنا أحمد بن موسى بن جعفر بن أبي العبّاس، قال حدثنا أبو جعفر بن يزيد بن النضر الخراساني من كتابه في جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانين ومأتين، قال حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌ السلام قال سألت ...

أقول: هذا السند مرسل أوّلا، ورجاله مهملون ثانيا، على أنّك قد عرفت أن صحّة طريق الشّيخ إلى علي، وصحّة طريق المجلسي إلى الشّيخ، لا تكفي للحكم بصحّة النسخة، فتصبح أحاديث كتاب المسائل المذكور مرسلة غير حجّة، خلافا لما بنينا عليه سابقا تبعا لما هو المشهور من اعتباره؛ لأجل صحّة الطريقين المشار إليهما، وقد ذكرنا أحاديثه في بعض أجزاء كتابنا: معجم الأحاديث المعتبرة، ثمّ حذفنا منه حتّى الإمكان، وبقي فيه ما طبع بالكومبيوتر، ولكن نبهنا على ضعفه في بعض مواضع المعجم. وكتبت هذا الأمر إلى سيّدنا الأستاذ الخوئي (قدّس سره) قبل هذا بسنين أيّام حياته في النجف الأشرف، فإنّه كان يعتمد على كتاب المسائل فلم يصل إلىّ جوابه، ولكن حكى لي بعض الفضلاء الصالحين من تلامذته بعد وفاته، أنّه قرأ كتابك، وقال لي أنّ أكتب له جوابا، قلت له: ما كان جوابه رحمه الله قال: الظّاهر أنّه كان يقول إنّ المجلسي لعلّه رواه بعدّة طرق معتبرة، وغير معتبرة، فاقتصر في بحاره على سند واحد ضعيف.

أقول: وهذا بعيد من مثله قدّس سره فإنّ الاعتماد على مجرّد الاحتمال غير صحيح، لكن رسخ اعتقاد صحّة المسائل في ذهنه طيلة عمره، فرأى السؤال ضعيفا فردّه بما ذكر، ولقد أحسن السّيد السيستاني (دام عمره)، حيث ذكر لي شفاها حين لقائي إيّاه في النجف الأشرف سنة 1414 ه‍ عدم اعتماده عليه؛ لعدم حصول الاطمئنان بصحّة نسبة هذه النسخة الواصلة إلى المجلسي إلى علي بن جعفر وإنّها هو كتابه، بل ادّعى القطع بعدم تحقق المناولة في أمثاله.

أقول: دعوى القطع لا بأس بها، نعم، ما نقله الشّيخ الطّوسي عن هذا الكتاب نقبله؛ لأجل اعتبار سنده إليه في المشيخة، دون سنده إليه في الفهرست على وجه.

2. حول كتابي الحسين بن سعيد رحمه الله:

ذكر الشّيخ رحمه الله في فهرسته بعد توثيق الحسين، أسماء كتبه الّتي منها كتاب الزهد وكتاب المؤمن.

وقال المجلسي رحمه الله: وجلالة الحسين بن سعيد، وأحمد بن محمّد بن عيسى، تغني عن التعرّض لحال تأليفهما وانتساب كتاب الزهد إلى الحسين معلوم، وأمّا الأصل الآخر، فكان في أوّله هكذا: أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، ثمّ يبتدأ في سائر الأبواب

بمشائخه الحسين، وهذا ممّا يورث الظّن بكونه منه، ويحتمل كونه لأحمد، لبعض القرائن، كما أشرنا إليه وللابتداء به في أوّل الكتاب (8).

وقال قبل ذلك: وأصل من أصول عمدة المحدّثين الشّيخ الثّقة الحسين بن سعيد الأهوازي، وكتاب الزهد والمؤمن له أيضا. ويظهر من بعض مواضع الكتاب الأوّل ـ يريد به الأصل ـ أنّه كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى القمّي، وعلى التقديرين، فهو في غاية الاعتبار (9).

وقال في الفصل الثالث الموضوع لبيان الرموز الّتي وضعها للكتب: ين: لكتابي الحسين بن سعيد، أو لكتابه والنوادر. انتهى.

أقول: المتأمّل في كلمات المجلسي رحمه الله هذه يعلم أنّ كتب بن سعيد لم تصل إليه بالسلسلة المتّصلة، وإنّما حصل عليها خارجا، وإلّا لم يتردّد في انتساب الأصل إلى الحسين أو أحمد.

وأمّا قوله بمعلومية انتساب كتاب الزهد إلى مؤلّفه الحسين، فهو غير مفيد لغيره؛ إذ لم يبيّن ما أوجب علمه به مع الفصل الطويل الزمني بينهما؛ إذ ربّ قرينة توجب العلم لأحد، ولا توجب الظّن لآخر، ولو بيّنه لكان أحسن.

وكذا قوله في غاية الاعتبار فإنّه اجتهاد منه، ولا ربط له بالأخبار عن حس، فالحقّ أنّ المجلسي إنّما أخذ أحاديث تلك الكتب الزهد، المؤمن، والأصل أي: نوادر أحمد. بطريق الوجادة فقط؛ لقناعته بصحّتها، ولا يجوز العمل بها لمن لا يقنع بقناعته؛ لاحتمال الدسّ والتزوير.

وإنّما عملنا بها سابقا، وذكرنا بعضها في بعض أجزاء معجم الأحاديث غفلة عن حقيقة الحال.

3. حول نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى:

قال النجّاشي في فهرسته بعد مدحه، في بيان كتبه: كتاب النوادر، وكان غير مبوّب، فبوّبه داود بن كورة، وسند النجّاشي إلى كتبه معتبر.

وبمثله ذكر الشّيخ في فهرسته وسنده إلى كتبه أيضا معتبر، كما أنّ طريقه إلى نوادره في المشيخة معتبر أيضا، وعدّه الصدوق رحمه الله في أوّل الفقيه من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع.

وقال المحدّث الحرّ العاملي:

وليس بتامّ وذكر في محلّ آخر: فإنّه لم يصل إلينا منها إلّا قليلا (10).

أقول: قد عرفت عدم وصول النوادر إلى المجلسي رحمه الله بسند معتبر، وقد ذكرنا سابقا في مقدّمة معجم الأحاديث المعتبرة صحّة الاعتماد على أحاديثها بنقل المجلسي والحرّ العاملي رحمهما الله، دون نقل المحدّث النوري؛ اغترارا بصحّة سندهما إلى الشّيخ، وصحّة طريق الشّيخ إلى مؤلّفها أحمد، غفلة عن أنّ صحّة الطريق لا تلازم صحّة وصول نسخة الكتاب بوجه معتبر.

والحقّ عدم اعتبار أحاديثها المنقولة في البحار والوسائل والمستدرك، وما يوجد في النسخة المطبوعة منها.

وحينما وفّقنا الله تعالى سنة 1414 ه‍ لزيارة مراقد الأئمّة الأطهار عليهم السلام في العراق بعد مدّة مديدة ... وقفت على نسخة مخطوطة من النوادر عليها كتابة بخطّ صاحب الوسائل، وهي موجودة في مكتبة السّيد الحكيم  العامّة بجنب المسجد الهندي في النجف الأشرف، كما أخبرني بعض أهل العلم الّذي أخذ الصورة الفتوغرافيّة منها، فرأيت في حاشية أوّل صفحة من تلك النسخة المخطوطة ما كتبه الحرّ العاملي، وإليك حروفه: روى المصنّف (11) عن الحسين بن سعيد، وعن مشائخه أيضا، فإنّهما شريكان في المشائخ، ويروي أيضا عن أبيه كثيرا، وهو ينافي ظن من ظن (12) أنّه من كتب الحسين بن سعيد؛ إذ ليس لأبيه رواية أصلا.

واعلم: أنّي محمّد الحرّ ـ وجدت لهذا الكتاب نسختين صحيحتين، عليهما آثار الصحة والاعتماد، ثمّ إنّي تتبعت ما فيه من الأحاديث فوجدت أكثرها منقولة في الكتب الأربعة وأمثالها من الكتب المشهورة المتواترة، والباقي قد روي في الكتب المعتمدة ما يوافق مضمونه، فلا وجه للتوقف فيه.

وقد رأيت أحاديث كثيرة نقلها الشّيخ والشّهيد، وابن طاووس، والحميري، والطبرسي وغيرهم في مصنّفاتهم من نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى، وتلك الأحاديث موجودة هنا. وبالجملة أنّ القرائن على اعتباره كثيرة، وليس فيه ما ينكر ولا تخالف الأحاديث المرويّة في الكتب الأربعة ونحوها، والله اعلم، حرّره محمّد الحرّ.

وذكر أيضا: دخل في ملك الفقير محمّد الحرّ سنة 1082 ه‍ (13).

وكتب في آخر الكتاب: قوبل بنسختين صحيحتين عليهما خطوط جماعة من الفضلاء حرّره محمّد الحرّ.

وفيه أيضا: قد اتّفق الفراغ في يوم العيد الثّاني على يد العبد الجاني أبو الفتح السفاريني سنة 1087 [ه] إذا عرفت هذا تعلم اموراً:

1. عدم وصول كتاب النوادر خارجا إلى الحرّ العاملي رحمه الله بالسلسلة المعنعنة، فلا تكون أحاديثه معتبرة عند من لا يثق بالقرائن المذكورة في كلامه.

2. جريان البحث في جميع الكتب غير المتواترة وصولا في حقّه (14)، بل في حقّ جميع المتأخّرين ممّن حصلوا على كتب القدماء، فلا يؤخذ بها، فإنّهم أخذوا بالوجادة فقط، ولا رافع لاحتمال الدسّ والتزوير في تلك النسخ الواصلة إليهم.

3. القرائن المذكورة في كلام الحرّ رحمه الله لا تفيد أنّ الكتاب بتمامه بلا زيادة ونقيصة في جملات أحاديثه وتعدادها، قد وصل إلى الحرّ فلا نعتمد عليه.

وأمّا ما ينقله أرباب الكتب الأربعة منه، فهو مقبول إن صحّ السند.

تأكيد وتأييد: يقول المحدّث النوري رحمه الله في مقام الردّ على الشّيخ الفقيه ومرجع الفقهاء صاحب الجواهر قدّس سره دفاعا عن كتاب الأشعثيات:

فإنّه ـ أي: صاحب الوسائل ينقل من كتب هي دونه ـ أي: دون كتاب الأشعثيات ـ بمراتب من جهة المؤلّف، أو لعدم ثبوت النسبة إليه، أو ضعف الطريق إليه، كفضل الشّيعة للصدوق، وتحف العقول، وتفسير فرات، وإرشاد الديلمي، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى والاختصاص للمفيد (15).

وهذا الكلام يدلّ على أنّ نسبة نسخة النوادر إلى مؤلّفها كانت عند المحدّث النوري ـ بما له من الاعتقاد المفرط بالصّحة ـ موهونة ضعيفة، فما حال غيره!

وقيل: إنّ الحرّ والمجلسي عثرا على النوادر منتزعة من بعض ما يسمّى بالفقه الرضوي، فانتسابها كلّ منهما إلى شخص، أيّ الأوّل: إلى أحمد بن محمّد، والثّاني: إلى الحسين بن سعيد.

4. حول كتاب محاسن البرقي:

أمّا المؤلّف وهو أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، فقد وثقّه الشّيخ والنجّاشي، وأمّا الكتاب فقد نقله النجّاشي عنه بسند واحد.

ونقله الشّيخ في فهرسته بأسانيد أربعة، ومجموع هذه الأسانيد يكفي للحكم باعتبار الطريق إلى المحاسن. وقال النجّاشي رحمه الله: وقد زيد في المحاسن ونقص، ثمّ ذكر تسعين كتابا ـ أي: بابا ـ منه.

ثمّ قال: هذا الفهرست الّذي ذكره محمّد بن جعفر بن بطّة من كتب المحاسن.

أقول: وهذا يدلّ على أن الكتاب لم يصل إليه بالسند المذكور، وإنّما الواصل إليه به، هو فهرس الكتب وأساميها فقط.

ثم: مراد النجّاشي أنّ أبواب الكتاب قد نقلت بزيادة ونقيصة حسب نقل الرّواة.

وقال الشّيخ في فهرسته: وقد زيّد في المحاسن ونقص فما وقع إلى منها ...

ثمّ ذكر أسماء 87 كتابا ـ أي: بابا ـ منه.

ثمّ قال: وزاد محمّد بن جعفر بن بطّة (16) على ذلك ... ثمّ ذكر أسماء اثني عشر كتابا آخر منه، لكن طريق الشّيخ إلى ابن بطّة ضعيف، كما يظهر من الفهرست (17).

فلنا أن نحكم باعتبار 87 كتابا من كتاب المحاسن، لأجل مجموع أسانيد الشّيخ رحمه الله، ولاحظ أسمائها في الفهرست؛ إلّا أن يقال: إذا احتمل نقل حديث من الأبواب المنقولة إلى الشّيخ بطريق ابن بطّة الضعيف فلا يعتبر الحديث، وإن صحّ السند قبل البرقي إلى الإمام عليه‌السلام، بل عرفت أنّ صحّة طريق الفهرست، لا تكفي للحكم باعتبار روايات التهذيب وغيره في كلّ مورد.

ويقول صاحب الوسائل في خاتمتها:

والذي وصل إلينا من المحاسن كتاب القرأين ـ القرآن كما قيل ـ كتاب ثواب الأعمال، كتاب عقاب الأعمال، كتاب الصفوة والنور والرحمة، كتاب مصابيح الظلم، كتاب العلل كتاب السفر كتاب المآكل، كتاب الماء، كتاب المنافع، كتاب المرافق.

وباقي كتب المحاسن لم تصل إلينا، انتهى.

وقيل: لا يوجد من المحاسن إلّا ما طبع منه، وهو أحد عشر كتابا في مجلّدين سنة. 1370 ه‍. ق.

أقول: نحن نقلنا أحاديث المحاسن المعتبرة سندا في معجم الأحاديث المعتبرة عن البحار غالبا، وقد تبيّن الآن أنّه لا مجال للاعتماد عليها بمجرّد نقل المجلسي، وكذا الحر رحمهما الله، فإنّهما أخذا بطريق الوجادة، فلا بدّ لاعتبارهما من دليل آخر، كاشتهار الكتاب من عصر المؤلّف إلى عصر المجلسي والحرّ العاملي مثلا إلى حدّ يوجب الاطمئنان بنسبة الكتاب بتمامه سالما إلى البرقي، كما ربّما يلوّح من كلام المجلسي (18) حيث قال: وكتاب المحاسن للبرقي من الاصول المعتبرة، وقد نقل عنه الكليني وكل من تأخر عنه من المؤلّفين.

لكن لم أفهم معنى نقل الكليني عن المحاسن، فإنّي لم أجده في الكافي، والمتيقّن رواية الكليني رحمه الله عن البرقي نفسه كثيرا، ولعلّ المجلسي اطّلع على ما لم نلتفت إليه أو اعتقد أنّ رواية الكليني عنه بمعنى النقل عن كتابه، وهو غير بعيد، والله العالم.

وعدّه الصدوق في أوّل الفقيه من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع، وهذا يثبت شهرة الكتاب إلى زمان الصدوق رحمه الله.

أقول: ما نقله الصّدوق والكليني عنه فلا إشكال فيه، وأمّا ما نقله الحرّ العاملي والمجلسي منه، فلا نقبله ما لم يحرز صحّة وصول نسخة الكتاب إليهما بطريق معتبر، كما لا نعتمد على النسخة المطبوعة في الأعصار الأخيرة.

5. حول بصائر الدرجات للصفّار رحمه الله:

قال النجّاشي: محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار مولى عيسى كان وجها في أصحابنا القمّيين ثقة عظيم القدر راجحا قليل السقط في الرّواية له كتب ... ثمّ سمّي له أكثر من ثلاثين كتابا منها كتاب بصائر الدرجات.

وقال الشّيخ في فهرسته: محمّد بن الحسن الصفّار قمّي، له كتب مثل: كتب الحسين بن سعيد وزيادة كتاب بصائر الدرجات وغيره ... وأخبرنا بجميع كتبه ورواياته ابن أبي جيد عن ابن الوليد عنه، وأخبرنا بذلك أيضا جماعة عن ابن بابويه عن محمّد الحسن عن محمّد بن الحسن الصفّار عن رجاله إلّا كتاب البصائر، فإنّه لم يروه عنه ابن الوليد، وأخبرنا به الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمّد بن يحيى عن أبيه عن الصفّار (19).

أقول: الطريق الأوّل: لا يخلو عن إشكال.

والثّاني: صحيح لكنّه لا ينفع المقام.

والثالث: حسن على الأظهر، لحسن أحمد، خلافا للسيد الأستاذ الخوئي رضي‌الله‌عنهم.

نعم، طريق النجّاشي إليه ضعيف؛ لأنّه رواه عن أبي عبد الله بن شاذان عن أحمد عن أبيه عن الصفّار، وأبو عبد الله عندي مجهول؛ خلافا للأستاذ المتقدّم رحمه الله.

ومجرّد عدم رواية ابن الوليد البصائر لا يقدح في اعتباره؛ لأنّ أسباب عدم الرّواية متعدّدة، فتأمّل.

وقال المجلسي رحمه الله في بحاره (20): وكتاب بصائر الدرجات من الاصول المعتبرة الّتي روي عنها الكليني وغيره.

وقال المحدّث الحرّ العاملي في الفائدة الرابعة من خاتمة وسائله: وهي ـ البصائر ـ نسختان كبرى وصغرى، انتهى.

وقيل إنّ البصائر طبع بإيران سنة 1285 ه‍.

أقول: ثمّ طبع أيضا سنة 1380 ه‍، وقال بعض الفضلاء ممّن تصدّى لطبعه: فاعلم: أنّ لهذا الكتاب نسخا مختلفة مخطوطة والأكثر ينقص عمّا بأيدينا من النسخة الشّريفة. والّذي ظهر لنا بعد التتبع أن بصائر الدرجات كان للمصنّف قدّس سره كتابا صغيرا مخالفا في ترتيب أبوابه، ثمّ زاد عليه مصنفه ورتبه إلى أن بلغ ما بأيدينا ... هذا كلام هذا الفاضل، وليس لما استظهره أخيرا دليل.

وعمدة الكلام: هو السؤال عن النسخة المخطوطة له، وأنّه من زمان الشّيخ إلى زمان المجلسي والحرّ العاملي أين كانت؟ وهل هي منتشرة بين العلماء أم لا؟ وعلى الأوّل أيّة نسخة كانت مشتهرة منتشرة، الصغرى أو الكبرى؟

وهل يفرق بين الكبرى وبين هذه النسخة المطبوعة الّتي فيها 1881 حديثا بحساب المعلّق؟ ليس عندي جواب، والله العالم.

وقد عرفت أنّه لا اعتبار بأحاديثه المرويّة في البحار والوسائل لعدم العلم، بل ولعدم الظّنّ بوصول نسخة منه إليهما معنعن عن الشّيخ أو عن المؤلّف، فهي مرسلة مأخوذة بالوجادة ظاهرا، وقد مرّ في الفصل السّابق ما يجري هنا.

6. حول اعتبار قرب الأسناد للحميري:

وصف النجّاشي عبد الله بن جعفر بن الحسن ... الحميري أبا العبّاس القمّي: بأنّه شيخ القمّيين ووجههم، وأنّه صنّف كتبا كثيرة يعرف منها ... وذكر في جملة كتبه كتاب: قرب الإسناد إلى الرضا عليه ‌السلام، وكتاب قرب الإسناد إلى أبي جعفر ابن الرضا عليه ‌السلام، وكتاب قرب الإسناد إلى صاحب الأمر عليه‌السلام.

ثمّ قال: أخبرنا عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار عنه بجميع كتبه.

أقول: والسند حسن عندي.

وذكره الشّيخ في الفهرست، وقال: ثقة له كتب ... وكتاب قرب الإسناد ... أخبرنا بجميع كتبه ورواياته الشّيخ المفيد رحمه الله عن أبي جعفر بن بابويه، عن أبيه ومحمّد بن الحسن عنه ... ووثقه في رجاله أيضا في أصحاب العسكري عليه‌السلام (21).

أقول: طريق الشّيخ معتبر جدّا، ويمكن أن يكون مقصود الشّيخ من كتاب قرب الإسناد هو الكتب الثّلاثة المذكورة في كلام النجّاشي، بقرينة قوله بجميع كتبه ورواياته، فتأمّل؛ إذ لا يظهر منه أنّ مراده بكتاب قرب الإسناد أيّ كتاب من كتبه الثّلاثة؟

هذا، ولكن ذكر ابن إدريس الحلّي رحمه الله أنّ الكتاب لمحمّد بن عبد الله، لا لعبد الله. ونسبه المجلسي رحمه الله أيضا إليه أوّلا؛ وفاقا لتصريح الحلّي به، ثمّ قال: وظنّي أنّ الكتاب لوالده، وهو راو له، كما صرّح به النجّاشي (22).

وقال أيضا: وكتاب قرب الإسناد من الاصول المعتبرة المشهورة، وكتبناه من نسخة قديمة مأخوذة من خطّ الشّيخ محمّد بن إدريس، وكان عليها صورة خطّه هكذا:

الأصل الّذي نقلته كان فيه لحن صريح وكلام مضطرب فصوّرته على ما وجدته خوفا من التغيير والتبديل، فالناظر فيه يمهّد العذر، فقد بيّنت عذري (23).

أقول: كلام المجلسي كالصريح في أنّ قرب الإسناد لم يصل إليه، بل وإلى ابن إدريس الحلّي بالسلسلة المعنعنة عن الشّيخ الطّوسي، وإلّا لم يختلفا في اسم المؤلّف، بل الكتاب وصل من سوق أو فرد فنقلا منه بالوجادة. ويظهر أيضا أن ابن إدريس لم يعتمد على طريق النجّاشي والشّيخ وكأنّه أخطأهما في نسبة الكتاب إلى عبد الله، فلاحظ.

وقيل: إنّ كتاب قرب الإسناد إلى أبي جعفر ابن الرضا عليه‌السلام طبع بطهران سنة 1370 ه‍. ش، فالعمدة في اعتباره هي الشّهرة المدعاة في كلام المجلسي، فلاحظ وتأمّل.

فإنّ الملاك في الاعتبار هو وصول النسخة منه بسند معتبر إليه، وهذا بعد غير ثابت. وسمعت من بعض تلامذة السّيد البروجردي رحمه الله، أنّ السّيد المذكور يذهب إلى قبول أحاديث قرب الإسناد مؤيّدة، لا أدلّة.

7. حول اعتبار تفسير القمّي:

يقول النجّاشي في حقّ مؤلّفه علي بن إبراهيم بن هاشم بن الحسن القمّي:

ثقة في الحديث ثبت معتمد صحيح المذهب سمع فأكثر وصنف كتبا وأضر في وسط عمره، وله كتاب التفسير.

وقال الشّيخ رحمه الله في فهرسته: علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي له كتب منها، كتاب التفسير، ثمّ ذكر أسناده إلى كتبه وهو معتبر، لا إشكال فيه.

ويقول المجلسي رحمه الله (24):

إنّ تفسيره من الكتب المعروفة، وروي عنه الطبرسي وغيره.

وقيل: إنّ التفسير المذكور، طبع بإيران سنة 1313 وسنة 1315.

أقول: ثمّ طبع بالنجف الأشرف قبل سنوات.

ويقول السّيد الأستاذ في معجمه: إنّ عليا وقع في إسناد كثير من الرّوايات تبلغ سبعة آلاف ومائة وأربعين موردا (25).

ونحن نقلنا أحاديث تفسيره المعتبرة في معجم الأحاديث المعتبرة من البحار غالبا أو كلّا، لكن لا بدّ من إحراز الإسناد إلى المؤلّف صحّة واتصالا، فإنّ المجلسي نقلها بالوجادة، وكذا صاحب الوسائل، وأمّا المطبوع فالفصل بين حياة المؤلّف وزمان طبعه بمئات سنين، فلا عبرة به من دون ذكر الإسناد أو القرينة الموجبة للاطمئنان.

بل ما ذكر في أوّل النسخة المطبوعة يزيد في الإشكال ففيه: حدثني (حدثنا خ) أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال حدثنا أبو الحسين علي بن إبراهيم.

أقول: من هذا الّذي يقول حدثني؟ وأمّا العبّاس، فلم أجد ترجمته لحد الآن فهو مجهول.

وقال السّيد السيستاني (طال عمره)، لي شفاها أن واحدا من تلاميذ علي بن إبراهيم جمع روايات تفسيره وروايات أبي الجارود في كتاب واشتهر هذا الكتاب باسم تفسير علي بن إبراهيم.

أقول: وهذا هو الأظهر، بل احتماله يضرّ باعتبار روايات تفسير علي بن إبراهيم المعتبرة سندا من قبله. فهذا الكتاب أكثر إشكالا من غيره.

8. حول رجال الكشي رحمه الله:

قال النجّاشي محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي كان ثقة عينا، وروي عن الضعفاء كثيرا ...له كتاب الرجال كثير العلم، وفيه أغلاط كثيرة، أخبرنا أحمد بن علي بن نوح وغيره عن جعفر بن محمّد عنه بكتابه.

أقول: السند معتبر على تفصيل مذكور في معجم الرجال (26).

وقال الشّيخ في فهرسته يكني أبا عمرو ثقة بصير بالأخبار وبالرجال، حسن الاعتقاد، له كتاب الرجال، أخبرنا به جماعة عن أبي محمّد التلعكبري عن محمّد بن عمر بن عبد العزيز أبي عمرو الكشّي، والسند معتبر.

ولم يذكر في حقّ كتابه ما عباه النجّاشي من كثرة الأغلاط ووثّقه في رجاله أيضا، ووصفه بكونه بصيرا بالرجال والأخبار مستقيم المذهب (27).

أقول: لا يبعد أن يقال إنّ رجال الكشّي كفهرس النجّاشيّ وجملة من كتب الشّيخ في الاشتهار الموجب للاطمئنان به.

9. حول كامل الزيارات:

قال النجّاشي جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه أبو القاسم ... كان أبو القاسم من ثقات أصحابنا وأجلائهم في الحديث، والفقه، روي عن أبيه وأخيه عن سعد، وقال: ما سمعت من سعد إلّا أربعة أحاديث (28) وعليه قرأ شيخنا أبو عبد الله الفقه، ومنه حمل وكلّ ما يوصف به الناس من جميل وفقه فهو فوقه، له: كتب حسان ... كتاب: الزيارات ... قرأت أكثر هذه الكتب على شيخنا أبي عبد الله وعلى الحسين بن عبيد الله.

ووثقه الشّيخ أيضا وعدّ من كتبه كتاب جامع الزيارات، وما روي في ذلك من الفضل عن الأئمّة عليه‌السلام وقال: له فهرست ما رواه من الكتب والاصول.

أخبرنا برواياته، وفهرست كتبه جماعة من أصحابنا منهم الشّيخ ... المفيد والحسين بن عبيد الله ... عن جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي (29).

أقول: مراد الشّيخ برواياته المخبر بها هي الرّوايات المشتمل عليها كتبه ظاهرا.

فسند الشّيخ إلى كامل الزيارات معتبر.

وقال المجلسي: وكتاب كامل الزيارات من الاصول المعروفة، وأخذ منه الشّيخ في التهذيب وغيره من المحدّثين (30) انتهى.

وقيل: إنّه طبع في النجف سنة 1356 ه‍، ونحن نقلنا أحاديثه من البحار. فإذا ثبت شهرة الكتاب في زمان مؤلّفه إلى زمان المجلسي تصبح رواياته معتبرة، وإن لم تصل نسخة منه إليه بسند متّصل معتبر.

10. حول غيبة النعماني رحمه الله:

أمّا المؤلّف، فهو محمّد بن إبراهيم النعماني تلميذ الكليني، ووصفه المجلسي: بالفاضل الكامل الذّكي بعد نسبة الكتاب إليه (31) ووصفه المحدّث الحرّ العاملي في آخر وسائله: بالثقة الصدوق. ووصفه النجّاشي: بأبي عبد الله الكاتب المعروف بابن زينب، وقال: شيخ من أصحابنا عظيم القدر شريف المنزلة صحيح العقيدة كثير الحديث ... له كتاب الغيبة ...رأيت أبا الحسين محمّد بن علي السجاعي الكاتب يقرأ عليه كتاب الغيبة، والنسخة المقروءة عندي.

فترى النجّاشي لم يوثّقه، ولكنّه وصفه بأوصاف حميدة.

وعن الحرّ العاملي في تذكرة المتبحرين: ورأيت كتاب الغيبة، وهو حسن جامع (32).

ويقول المجلسي: وكتاب النعماني من أجلّ الكتب (33).

ثمّ ذكر كلام المفيد رحمه الله إنّ النعماني أثبت الرّوايات الدّالة على إمامة الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف على الشّرح والتفصيل في كتابه الّذي صنّفه في الغيبة.

ونحن نقلنا أحاديثه من بحار الأنوار في كتابنا معجم الأحاديث المعتبرة.

والكلام فيه كالكلام في سابقه، ولا يدري حال نسخة النجّاشي كيف صارت بعده؟

11. حول كتب الشّيخ الصدوق رحمه الله الثمانية:

ذكر النجّاشي والشّيخ في جملة كتب الصدوق رحمه الله كتاب التوحيد (34) وعلل الشّرائع (35) وثواب الأعمال (36) وكتاب معاني الإخبار (37) وكتاب الخصال. (38) وزاد الشّيخ: كتاب الأمالي (39)، وكتاب عيون أخبار الرضا (40).

ثمّ قال بعد ذكر جملة من كتبه: وغير ذلك من الكتب والرسائل الصغار لم يحضرني أسماؤها.

وسنده إلى كتبه صحيح، ولم يذكر إكمال الدين (41)، وقد ذكره المجلسي في بحاره (42) يقول المجلسي في أوائل الفصل الثّاني من مقدّمة بحاره (43): اعلم: أن أكثر الكتب الّتي اعتمدنا عليها في النقل مشهورة معلومة الانتساب إلى مؤلّفيها، ككتب الصدوق رحمه الله فإنّها ـ سوى الهداية وصفات الشّيعة وفضائل الشّيعة، ومصادقة الأخوان، وفضائل الأشهر ـ لا تقصير في الاشتهار عن الكتب الأربعة الّتي عليها المدار في هذه الأعصار (44)، وهي داخلة في إجازاتنا ونقل منها من تأخر عن الصدوق من الأفاضل الإخبار.

وكتاب الهداية أيضا مشهور، ولكن ليس بهذه المثابة، ولقد يسّر الله لنا منها (45) كتبا عتيقة مصحّحة، ككتاب الأمالي، فإنّا وجدنا منه نسخة مصحّحة معرّبة مكتوبة في قريب من عصر المؤلّف، وكان مقروءا على كثير من المشائخ، وكان عليه إجازاتهم.

وكذا كتاب الخصال عرضناه على نسختين قديمتين كان على إحداهما إجازة الشّيخ مقداد. وكذا كتاب إكمال الدّين استنسخناه من كتاب عتيق كان تاريخ كتابتها قريبا من زمان التأليف.

وكذا كتاب عيون أخبار الرضا، فإنّا صحّحنا الجزء الأوّل منه من كتاب مصحّح كان يقال: إنّه بخطّ الكلمات مصنف رحمه الله، وظنيّ أنّه لم يكن بخطّه، ولكن كان عليه خطه وتصحيحه، انتهى.

أقول: هذه الكلمات أكبر شاهد صادق على خلوّ الإجازات من المناولة، كما ذكرنا سابقا، ثمّ إنّ ما ذكره المجلسي من اشتهار كتب الصدوق كالكتب الأربعة مطابق للاعتبار العقلائي، فلا يبعد الاعتماد على ما نقلنا من كتب الصدوق الثمانية بتوسط بحار الأنوار وغيره في كتابنا معجم الأحاديث المعتبرة، والله أعلم.

ويزيد في الاعتماد قول المحدّث الحرّ في خاتمة وسائله، الفائدة السادسة، ومصنّفات الصدوق، وأكثر الكتب الّتي ذكرناها ونقلنا منها، معلوم النسبة إلى مؤلّفيها بالتواتر، وهي إلى الآن في غاية الشّهرة (46).

بل زاد: وأكثرها ـ أي الكتب الّتي نقل منها في وسائله ـ لا يقصر في الشّهرة والتواتر عن الكتب الأربعة المذكورة أوّلا، بل التحقيق والتأمّل يقتضي تواتر الجميع ـ المصدر ـ فإذا فرض ثبوت التواتر بخبر الثّقة فهذه الشّهادة تنفع لجميع مصادر كتابنا، فتأمل جيّدا، إلّا إنّ يقال: إنّ تواتر كتاب في الجملة، لا يغني عن احتياج نسخة واصلة منه إلى الحرّ العاملي وغيره إلى سند معتبر حتّى يزول احتمال الزيادة والنقيصة فيها.

وقد جرى عليه عمل الحرّ نفسه كما يظهر من خطّه المنقول سابقا في الفصل الثالث، وجرى عليه عمل غيره من القدماء والمتأخّرين في الاحتياط التامّ في هذا المقام، فلا ينبغي الاعتماد على تصحيح جميع المصادر بهذا الكلام، بل يمكن الإشكال في دعوى تواتر جميع الكتب الّتي نقل عنها الحرّ العالمي في وسائله ثبوتا، كما يظهر للمتأمّل في كلماتهم. نعم، إذا اطمئن الباحث من شهرة كتاب بعدم زيادة أو نقيصة مغيرة للمعنى في النسخة الواصلة إليه منه، فله العمل به فإنّ الاطمئنان حجّة عقلائيّة لم يثبت الردع الشّرعي عنه.

12. حول اعتبار إرشاد المفيد رحمه الله وأماليه:

أمّا المؤلّف فوثاقته ومقامه وجلالته أشهر من أن تحتاج إلى بيان، وهو رئيس الطائفة؛ وأمّا الإرشاد فقد ذكره النجّاشي، والشّيخ قدّس الله سرّهما، وأمّا الأمالي فسمّى النجّاشي من جملة كتب المفيد المجالس المحفوظة في فنون الكلام، وكتاب الأمالي المتفرّقات، فالظاهر هو أحدهما، ولم يذكره الشّيخ في فهرسته فإنّه اكتفي ببيان بعض مصنّفاته، وقال: له قريب من مأتى مصنّف كبار وصغار وفهرست كتبه معروف، وكان المفيد رحمه الله، شيخ النجّاشي والشّيخ الطوسي رضي‌الله‌عنهم.

وقال المجلسي في بحاره (47): وكتاب الإرشاد أشهر من مؤلّفه رحمه الله، وكتاب المجالس، وجدنا منه نسخا عتيقة، والقرائن تدلّ على صحّته.

قيل طبع الإرشاد غير مرّة بإيران أحدها سنة 1308، وطبع الأمالي بالنجف سنة 1367 ه‍.

أقول: فالاعتماد على الإرشاد، لا بأس به؛ وأمّا الاعتماد على الأمالي فلا يخلوّ عن وجل.

13. حول أمالي الشّيخ وغيبته ومصباحه وأمالي ابنه رحمه الله:

وقد ذكرها الشّيخ رحمه الله نفسه في فهرسته في جملة كتبه، فقال: وله كتاب المجالس في الإخبار ... وله كتاب الغيبة، وله مصباح المتهجد في عمل السنة كبير، كما في معجم الرجال. وقال المجلسي (48): وكتب الشّيخ أيضا من الكتب المشهورة إلّا كتاب الأمالي، فإنّه ليس في الاشتهار كسائر كتبه، لكن وجدنا منه نسخا قديمة عليها إجازة الأفاضل، ووجدنا ما نقل عنه المحدّثون والعلماء بعده موافقا لما فيه.

وأمالي ولده العلّامة في زماننا أشهر من أماله، وأكثر النّاس يزعمون أنها أمالي الشّيخ، وليس كذلك، كما ظهر لي من القرائن الجلية. ولكن أمالي ولده لا يقصر عن أماله في الاعتبار والاشتهار، وإن كان أمالي الشّيخ عندي أصحّ وأوثق، انتهى.

وعن منتجب الدين في فهرسته: الشّيخ الجليل أبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن بن علي الطّوسي فقيه ثقة عين قرأ على والده جميع تصانيفه، أخبرنا الوالد عنه رحمه الله. وعن الحرّ في تذكرة المتبحّرين بعد مدحه وتوثيقه: له كتب. منها: كتاب الأمالي وشرح النهاية وغير ذلك (49).

قيل: إنّ مجالس الشّيخ المشتهر بالأماليج، طبع مع أمالي ابنه بإيران سنة 1313 (50)، وطبع بتبريز سنة 1324 ه‍ ش (51).

ونحن نقلنا روايات هذه الكتب الأربعة عن البحار غالبا، فلاحظ.

وقال المجلسي في الفصل الثالث (52) في بيان رمز كلمة: (ما)، أمالي الشّيخ: وكذا أمالي ولد الشّيخ شركناه مع أمالي والده في الرمز؛ لأنّ جميع أخباره إنّما يرويها عن والده رضي ‌الله‌ عنهما.

أقول: قد اعيد طبع كتاب الأمالي ـ أمالي الشّيخ الطّوسي ـ في جزئيين سنة 1394 ه‍، 1964 م، بالنجف الأشرف، ونقل بعض الفضلاء في مقدمته كلام صاحب الذريعة (53)، حوله وإليك نقل ما يتعلّق منه بالمقام:

الأمالي للشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي المتوفّي في سنة 460 ه‍، وهذا هو المجلّد الثاني منه المترتّب على المجالس المطبوع مع الأجزاء الثمانية عشر المنسوبة إلى الشّيخ أبي علي بن الشّيخ الطوسي رحمه الله في المشهور.

وقد صرّح السيد ابن طاووس رحمه الله بأنّ الشّيخ الطّوسي أملى تمام السبعة والعشر جزء على ولده الشّيخ أبي علي وكلّها بخطّ الشّيخ حسين بن رطبة وغيره، وكانت عند السّيد ابن طاووس، وهو يرويها عن والده عن الشّيخ حسين بن رطبة عن الشّيخ أبي على عن والده الشّيخ الطوسي رحمه الله إلّا أنّ الثمانية عشر جزء منها ظهرت للناس أوّلا برواية الشّيخ أبي علي لها عن والده، وصدرت تلك الأجزاء باسم الشّيخ أبي علي، والبقيّة إلى تمام السبعة والعشرين جزء رواها أيضا الشّيخ أبو علي للناس بعد الأوّلى بعين ما أملاه والده عليه في مجالس كلّ يوم، ولم تصدر المجالس باسم الشّيخ أبي علي.

فظهر أنّ تلك المجالس المطبوعة الّتي تنتهي إلى خمسة وأربعين مجلسا كلّها من إملاء الشّيخ الطّوسي لولده أبي على أغلبها في سنة 457 ه‍ وبعضها سنة 458 ه‍ ... لكن المطبوع من المجالس هذا ليس تمام المجالس ؛ لأنّه توجد في زنجان في مكتبة شيخ الإسلام الزنجاني نسخة من تلك المجالس، وهي تزيد على النسخة المطبوعة بأكثر من ثلثها، وهي نسخة معتبرة استكتابها سنة 1048 المولى خليل بن الغازي القزويني الشّارح للكافي، وكتب على ظهر النسخة بخطّه شهادة: أنّها أمالي أبي جعفر الطوسي رحمه الله، وهي مع ذلك ناقصة الآخر ... ولابن طاووس رحمه الله كلام آخر نقله في مقدّمة الأمالي (54).

وعن الشّيخ منتجب الدين في فهرسته: الشّيخ جمال الدين الحسين بن هبة الله (بن) رطبة السوداوي، فقيه صالح كان يروي عن الشّيخ أبي على الطّوسي (55).

وعلى كلّ، إذا فرضنا وصول ما في البحار بسند معتبر أو بنسخة مشهورة توجب شهرتها الاطمئنان بصحته فهو، وإلّا ففيه ما سبق من لزوم التوقف في رواياته.

14. حول اعتبار قصص الأنبياء للراوندي رحمه الله:

قال الشّيخ منتجب الدّين في فهرسته: الشّيخ الإمام قطب الدين أبو الحسين سعد ـ قيل: سعيد ـ ابن هبة الله بن الحسن الراوندي فقيه عين صالح ثقة له تصانيف ... ثمّ ذكر كتبه. وقال ابن شهر أشوب في معالم العلماء في حقّه: شيخي أبو الحسين سعد بن هبة الله له كتب ...، فذكر كتابين له.

وهذان الفاضلان لم يذكرا كتاب قصص الأنبياء له.

وقال الحر العاملي في تذكرة المتبحرين في ترجمته: وقد رأيت له كتاب قصص الأنبياء أيضا .... (56).

ونسب المجلسي قصص الأنبياء المذكور أوّلا إليه على ما يظهر من أسانيد الكتاب واشتهر أيضا، ثمّ قال: ولا يبعد أن يكون تأليف فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي، كما يظهر من بعض أسانيد السّيد ابن طاووس، وقد صرّح بكونه منه (57) في رسالة النجوم، وكتاب فلاح السائل والأمر فيه هين؛ لكونه مقصورا على القصص، وأخباره جلّها مأخوذة من كتب الصدوق رحمه الله.

أقول: وعندي أنّ الأمر ليس فيه هين؛ لحرمة انتساب الشّيء إلى الأئمّة عليه‌السلام وإلى رسول الله صلى‌ الله ‌عليه وآله، وإلى الله تعالى ما لم يثبت صحّته بالعلم الوجداني أو التعبّدي، وإن كان هذا الشّيء المنسوب من أهون الأشياء.

وذكر صاحب الوسائل، هذا الكتاب في ضمن مصادر وسائله في الفائدة الرابعة من خاتمة كتابه واعتمد عليه، ولكن الظّاهر إنّ الكتاب لم يصل إليه وإلى المجلسي رحمهما الله بسند متّصل، فلا بدّ من إثبات شهرة الكتاب بين العلماء في الزمان الفاصل بين مؤلّفه وبينهما.

ثمّ إنّ المسلّم أنّ جل أخبار القصص رويت عن الصدوق رحمه الله؛ وأمّا أنّها مأخوذة من كتبه، فهو محتاج إلى شاهد أو تتبع.

والثمرة بين القولين كبيرة جدّا؛ إذ على الثّاني لا يحتاج الحكم باعتبار الرّوايات إلى إحراز وثاقة الوسائط بين مؤلّف القصص والصّدوق، وعلى الأوّل يحتاج، ويضرّ جهالتهم باعتبار الرّوايات (58)؛ وأمّا البحث عن أسانيد مؤلّف القصص إلى الصدوق، فقد تقدّم في بعض البحوث السّابقة.

وهنا شيء آخر وهو عدم وجود تلك الروايات بتمامها في كتب الصدوق، وهذا أمر عجيب!

15. تصحيح عامّ:

للمجلسي والحرّ رحمهما الله، كلمات في البحار والوسائل في مقام تصحيح مصادر كتابيهما بحار الأنوار، ووسائل الشّيعة ـ ومصادر كتابنا: معجم الأحاديث المعتبرة، داخلة فيها ـ.

يقول المجلسي رحمه الله (59): اعلم أنّ أكثر الكتب الّتي اعتمدنا عليه في النقل مشهورة معلومة الانتساب إلى مؤلّفيها ككتب ... وقد مرّ بعضه في الفصل الحادي عشر.

يقول الحرّ في خاتمة وسائله الفائدة الرابعة (60): في ذكر الكتب المعتمدة الّتي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب وشهد بصحتها مؤلّفوها وغيرهم، وقامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلّفيها، أو علمت صحّة نسبتها إليهم بحيث لم يبق فيها شكّ ولا ريب كوجودها بخطوط أكابر العلماء، وتكرّرها في مصنّفاتهم وشهادتهم بنسبتها وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة وغير ذلك، وهي ...ثمّ ذكر مصادر كتابه.

أقول: أمّا المجلسي، فهو يصف أكثر مصادر كتابه البحار دون جميعه، وفي مقابل الأكثر الكثير، ولم يبيّن الكثير بيانا واضحا تامّا.

أمّا كلام الحرّ العاملي، ففيه أن شهادة مؤلّف بصحّة كتابه، لا تصحح النسخة المنقولة منه بعد مئات السنين والقرائن تختلف في إفادة العلم والظنّ وعدمها حسب الأنظار، ولم يبيّن ما تواتر من مصادره، كما أنّه لم يعيّن الكتب الّتي علم بصحّة نسبتها إلى مؤلّفيها مع أنّ المدارك المذكورة في كلامه لا تفيد العلم بها؛ لإمكان المناقشة فيها، فلا نستفيد صحّة مصادر كتابنا ـ معجم الأحاديث المعتبرة ـ من هذه الكلمات.

وقد تقدّم له كلام آخر في الفصل الحادي عشر في تصحيحه جميع مصادر كتابه بتواترها وناقشناه فيه، فلاحظ.

أقول: ثم إنّه يمكن أن نصحّح كتب القدماء الواصلة إلينا بشروط:

1. عدم اختلاف في نسبتها إلى مؤلّف ثقة.

2. شهرة الكتاب بين العلماء في حياة المؤلّف إلى زمان المجلسي والحرّ العاملي رحمهما الله، بحيث يؤمن عليها من الدسّ.

3. صحّة طريق الشّيخ الطّوسي إلى الكتاب، إن كان مؤلّفه متقدما عليه، وشهرة الكتاب بين الناس، بحيث تورث الوثوق بعدم الدسّ فيه.

4. عدم ادّعاء تغيّر فيه بالزيادة والنقيصة من أهل التتبّع والتدقيق.

فإنّه إذا توفّر هذه الشّروط في كتاب، لا مانع حسب طريقة العقلاء على الاعتماد عليه؛ إذ لا يبقى مانع منه سوى السؤال عن انطباق النسخة الموجودة على نسخة المؤلّف الأصليّة، وعدم وقوع زيادة ونقيصة ـ قليلتين أو كثيرتين ـ فيها فيرجع في دفع هذا الاحتمال إلى أصالة عدم الزيادة والنقيصة، وإذا ثبت كون هذا الأصل المذكور من الاصول العرفيّة العقلائيّة في باب الاستنساخ لا يبقى إشكال في أن مقتضى الأصل التماميه لا عدم التمامية.

لكنّ الشأن في تماميّة هذا الأصل لا سيما بملاحظة التاريخ والأحاديث وما نقله يونس عن الرضا عليه‌ السلام، كما سبق.

يقول بعض العلماء المترجمين لأمالي الصدوق رحمه الله بالفارسيّة وفي مقدّمتها:

در اين زمان نسبت كتاب به مؤلفي بر اساس ثبت در تراجم مندرجه كتب رجال وتاريخ است كه معمولا در شرح حال هر يك از علما ودانشمندان مؤلّفاتى براى او نام مى برند، ولى از نظر تطبيق بر نسخه موجود مدرك همان شهرت قاطع وأصالة الصدق در تسلسل تاريخ واصل عدم النقل است، كه از أصول عقلايى ومورد اعتماد است (61).

فإذا رضيت بهذا القول وتدبّرت فيما مضى، بان لك اعتبار جملة من مصادر كتاب. والأظهر عدم الاعتناء بهذا الأصل، ولزوم الاتّكال على خصوص الشّهرة المورثة للاطمئنان بعدم الدسّ والتغيير، ومع عدمها التوقّف في روايات الكتاب.

والله العالم الهادي إلى الحقّ والصواب.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) معجم الأحاديث المعتبرة: 6.

(2) لم نطبع هذا الكتاب المشتمل على ستّة أجزاء المتضمنة لما يقرب من 11500 حديثا، لعلّة الشّك في اعتبار جملة من المنابع الحديثيّة، وعدم اعتبار جملة من طرق الشّيخ رحمه الله المهمّة المذكورة في مشيخة التهذيبين، حيث ظهر لي في أثناء تدوين الكتاب والأجزاء السّتة المذكورة، محفوظة في مكتبة الحوزة العلمية لخاتم النّبيين صلى ‌الله‌ عليه وآله في كابول.

أقول وأنا بصدد تصحيح الكتاب للطبعة الخامسة: زال المانع فعلا عن طبع معجم الأحاديث المعتبرة بعدما أثبتنا وصحّحنا الطرق المهمّة المذكورة في مشيخة التهذيب بدقيقات علميّة أثناء تصحيح هذا الكتاب بحوث في علم الرجال للطبع الجديد، ولله الحمد.

(3) يقصد المؤلف: إسلام آباد عاصمة باكستان.

(4) انظر: رجال الكشي: رقم: 401 ـ 402.

(5) الكافي: 1 / 52.

(6) بحار الأنوار: 249 ـ 291، الجزء العاشر المطبوع حديثا.

(7) ما رواه الحميري هو غير المبوّب المشار إليه في كلام النجّاشي، وفي سنده عبد الله بن الحسن حفيد علي بن جعفر، ولم يثبت وثاقته، فهو مجهول.

(8) بحار الأنوار: 1 / 33، البحار المطبوع حديثا.

(9) المصدر: 1 / 16.

(10) وسائل الشيعة: 30 / 159 و162، الطبعة الأخيرة.

(11) أي: أحمد بن محمّد بن عيسى.

(12) ردّ على المجلسي أو غيره، حيث زعم إنّ الكتاب من مؤلّفات الحسين بن سعيد، والردّ في محلّه.

(13) لم أفهم بعد الدّقة أن المذكور: 1082 أو 1087 لضعف الخطّ.

(14) لاحظ كلام الحرّ رحمه الله في أوّل الفائدة الرابعة في آخر الوسائل، تعلم أنّه لا يدّعى أيضا نقل الكتب الّتي نقل عنها في وسائله إليه بالسلسلة المعنعنة، بل يذكر وجوها اخر لبيان اعتماده عليها، كقيام القرائن والتواتر وكون نسبة الكتاب إلى المؤلّف معلومة وتكرّر ذكرها في مصنّفاتهم وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة، وغير ذلك.

ويقول في أوّل الفائدة السادسة أنّه يذكر بعض الطرق تيمّنا وتبرّكا باتّصال السلسلة بأصحاب العصمة عليه‌السلام، لا لتوقّف العمل عليه لتواتر تلك الكتب، وقيام القرائن على صحتّها وثبوتها.

(15) خاتمة المستدرك: 3 / 294.

(16) قال النجّاشي: محمّد بن جعفر بن أحمد بن بطّة المؤدب أبو جعفر القمّي، كان كبير المنزلة بقمّ كثير الأدب والفضل والعلم يتساهل في الحديث، ويعلّق الأسانيد بالإجازات، وفي فهرست ما رواه غلط كثير. وقال ابن الوليد كان محمّد بن جعفر بن بطّة ضعيفا مخلطا فيما يسنده ... ويقول السّيد الأستاذ الخوئي رضي‌الله‌عنهم في معجمه: ثمّ إنّ من الغريب أنّ محمّد بن جعفر بن بطة قد وقع في طريق كثير من إسناد الشّيخ قدّس سره إلى أرباب الكتب والاصول في الفهرست، ومع ذلك لم يترجمه في الفهرست، ولم يتعرّض لذكره في الرجال: 2 / 175.

(17) لاحظ: معجم رجال الحديث: 2 / 267 ـ 271.

(18) أورده في: المجلّد الأوّل الصفحة: السابعة والعشرين.

(19) معجم الحديث: 15 / 276، 277.

(20) بحار الأنوار: 1 / 27.

(21) معجم رجال الحديث: 10 / 145، 146.

(22) بحار الأنوار: 1 / 17، البحار المطبوع حديثا.

(23) المصدر: 1 / 27.

(24) بحار الأنوار: 1 / 27.

(25) معجم رجال الحديث: 11 / 207.

(26) المصدر: 2 / 364.

(27) معجم رجال الحديث: 17 / 72.

(28) وفي نقل آخر: إلّا حديثين. لاحظ: معجم الرجال: 4 / 109.

(29) المصدر.

(30) بحار الأنوار: 1 / 27.

(31) المصدر: 14.

(32) لاحظ: معجم رجال الحديث: 14 / 234.

(33) بحار الأنوار: 1 / 31.

(34) طبع بهند سنة 1321، وبطهران سنة 1375 ه‍ ق.

(35) طبع بإيران 1311 ه‍ ق.

(36) طبع بإيران سنة 1298 و1375 ه‍ ق.

(37) طبع بإيران 1311 ه‍ ق.

(38) طبع بإيران سنة 1302 و1347 ه‍ ق.

(39) طبع بإيران سنة 1300 وسنة 1374 ه‍، واعيد طبعه سنة 1380 ه‍ ق بطهران في مجلّد واحد مع ترجمته بالفارسيّة وفيه (97) مجالس أوّلها يوم الجمعة 18 رجب سنة 367 ه‍ ق، وآخرها يوم الخميس 19 شعبان 368 ه‍ ق في مشهد الرضا عليه ‌السلام.

وليس فيه ما ينفع مقامنا هذا، بل فيه تصريح من مترجمة العلّامة كمره اي باحتمال دسّ بعض الرّوايات في النسخ المخطوطة، وإن الطريق لرفع هذا الاحتمال هو تطبيق النسخة الموجودة على النسخة المخطوطة بخط المؤلّف، ثمّ على المكتوبة في عصر المؤلّف، ثمّ على النسخ القديمة أسبق فأسبق، ثمّ أظهر عجزه عن ذلك لوجوه.

(40) طبع بإيران سنة 1275 و1318، واعيد طبعه سنة 1377 و1379 في مجلّد بقمّ.

(41) طبع بإيران سنة 1031 هكذا ذكره معلّق البحّار في مقدّمة له: ص 73، ولا يدري أنّ هذه الكتب أو بعضها هل طبع قبل تلك السنوات أم لا؟

ثمّ إنّ كتاب إكمال الدّين (كمال الدين وتمام النعمة) قد اعيد طبعه في جزئيين مع ترجمته بالفارسيّة من قبل بعض العلماء رحمه الله سنة 1378 و1379 ه‍، بطهران وقد ذكر المحقّق المترجم عدّة نسخ للكتاب فلاحظ.

(42) بحار الأنوار: 1 / 6.

(43) المصدر: 26.

(44) الجار والمجرور متعلق بقوله: المدار، ظاهرا دون قوله: الاشتهار، فاشتهار الكتب المذكورة كالكتب الأربعة غير مقيد بإعصار المجلسي، وما يقاربها من الأعصار.

(45) أي من كتب الصدوق.

(46) خاتمة المستدرك: 3 / 217، الطبعة الأخيرة.

(47) بحار الأنوار: 1 / 27.

(48) المصدر.

(49) لاحظ: معجم رجال الحديث: 5 / 115.

(50) هكذا في ج 0 (صفر): 94، من مقدّمة البحار، وفي الصفحة: 114 منه: 1213، والظاهر أنّه من اشتباه الناسخ أو الطابع.

(51) اعيد طبعه سنة 1385 ه‍، بالنجف الأشرف.

(52) بحار الأنوار: 1 / 46.

(53) الذريعة: 2 / 313.

(54) انظر: الأمالي: المقدّمة: 42.

(55) لاحظ: معجم رجال الحديث: 1 / 113.

(56) المصدر: 8 / 94 و95.

(57) سياق العبارة هو: رجوع الضمير: (منه) إلى فضل الله، لكن محشّي البحار أرجعه إلى سعيد بن هبة الله بقرينة كلام ابن الطاووس في كتابه الآخر. فرج المهموم: 37.

(58) لكنّ كلام المجلسي لا مناص عنه، لأنّ الصدوق لم يحدثها عن ظهر قلبه، وقد ترك نقلها في كتبه، فإنّه غير محتمل.

(59) بحار الأنوار: 1 / 26، الفصل الثاني.

(60) وسائل الشيعة: 30 / 153، الطبعة الأخيرة.

(61) وتعريبه: تكون في زماننا الحاضر نسبة الكتاب إلى مؤلّفه راجعة الى ما ثبت في كتب التراجم المندرجة في كتب الرجال والتاريخ التي عادة ما تتعرّض الى شرح حال كلّ واحد من العلماء والمؤلفين لها، ولكن من نظر التطبيق على النسخة الموجودة يكفي في إثبات النسخة لصاحبها بواسطة الشهرة القاطعة وأصالة الصدق في التسلسل التاريخي وأصالة عدم النقل، والتي هي من الأصول العقلائيّة ومورد الاعتماد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)