أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014
1693
التاريخ: 11-3-2016
4083
التاريخ: 27-09-2015
2589
التاريخ: 16-11-2014
1983
|
هو ابن عم النبي)صلى الله عليه واله وسلم)، على صغر سنه إلا أنه فاق بعض الأصحاب في أخذ القرآن عاصر النبي في أيام طفولته ودعا له لما سكب للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) وضوءاً عند خالتهِ ميمونة فلما فرغ قال: من وضع هذا فقالت: ابن عباس، فقال: اللهم فقههُ في الدين وعلمهُ التأويل)[1]. كما أنه عاصر كبار الصحابة وأخذ منهم وتتلمذ على أيديهم كما قال: (كنتُ ألزم الأكابر من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) من المهاجرين والأنصار فأسألهم عن مغازي رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وما نزل من القرآن في ذلك)[2]. وكان أفضل الصحابة الإمام علي بن أبي طالب حيث قال ابن عباس: (ما أخذتُ من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب)[3] وكذلك كان يتردد على أُبي بن كعب في بيته ليأخذ منه القرآن[4] وكان لديه نسخة من مصحف أُبي بن كعب[5]. وقد مدحهُ الصحابة والتابعون حتى قال طاووس عنه: إني رأيت سبعين رجلاً من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) إذا تدارؤا في أمرٍ صاروا إلى قول ابن عباس)[6].
ولمكانته ونبوغهِ صار أمير الحاج في مواسم الحج في خلافه الإمام علي(عليه السلام) واتخذ من مواسم الحج منتدى علمياً يطل به على المسلمين يعلمهم كتاب الله ويفسر لهم، قال الأعمش عن شقيق قال: استعمل عليٌ ابن عباس على الحج قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور فجعل يفسرها)[7] وقد كثرت الطرق عنه في التفسير والإفادة[8].
منهجية ابن عباس التفسيرية:
أما القواعد التفسيرية فقد عُرف عنه الكثير منها:
1- أسباب النزول:
فقد عاصر بعضها الأخير، وأما الذي لم يعاصر فكان يسأل عنه الصحابة حتى كان ذلك عندهُ بمنزلة المشاهدة.
2- المصطلحات القرآنية:
لابد للمفسر من الإلمام بها وكان ابن عباس من العارفين، ومن أهمها المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ حيث قال في معرض تفسير قوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} قال: المحكمات: ناسخهُ وحلالهُ وحرامهُ وحدودهُ وفرائضهُ وما يؤمن به ويُعمل به.
والمتشابهات: منسوخهُ ومقدمهِ ومؤخره وأمثاله وأحكامه وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل)[9]. ونقل السيوطي ثلاثة عشر حديثاً بالمعنى نفسه عن ابن مسعود وناس من الصحابة وأكثرها عن ابن عباس. وبذلك يُنظِّر ابن عباس إلى أن المحكمات أنواع: (كالناسخ والحلال..) وكل ما هو واضح ويعمل به، والمتشابهات أنواع: (كالمنسوخ والأمثال) وإن لم يعرف المراد منه إلا بعد البيان. وهذه المصطلحات قد شاهدناها عند الإمام علي(عليه السلام) وابن مسعود وأُبي وتبناها ابن عباس مما يدل على أصالة هذه الكلمات. وإذا أردنا أن ندرس معاني هذه المصطلحات فلابد أن ندرسها في عهد الصحابة لقربهم من مصدر النص واستخدامهم الفعلي لها.
3- تقسيم فهم القرآن:
لقد ورد هذا التقسيم عن ابن عباس وهو محاولة جيدة لتصنيف الآيات القرآنية على أساس الفهم الإنساني للقرآن فقد قسمها على أربعة أقسام[10]:
* تفسير لا يُعذر أحدٌ بجهالتهِ.
* تفسير تعرفه العرب.
* تفسير تعرفه العلماء.
* تفسير لا يعلمهُ إلا الله.
(وقد تكلم فيما أثر عنه من تفسير في الجهات الثلاث الأول وترك ما استأثر الله بعلمه)[11]. ومع طول باعه في التفسير إلا أنه أعترف في مواضع منه أنه (لا يعرف) إذ قال: كل القرآن أعلمهُ إلا أربعاً (غسلين، وحناناً، أواه، الرقيم)[12]. وكأنما يقرر ما ذهب إليه من عرَّف التفسير: بقوله: (معرفة مراد الله بقدر طاقة البشر). وقد فسرت كلماته في هذا المجال أن التفسير الذي لا يعذر أحد بجهالته هو الحلال والحرام، والثاني تعرفهُ العرب بألسنتها لأنه نزل بلغتهم، وثالث لا يعرفه إلا العلماء الراسخون في العلم، والرابع كعلم الساعة.
وأتهم جولدزيهر وأحمد أمين، ابن عباس وغيرهُ من الصحابة بالأخذ عن أهل الكتاب، وهناك أخبار تُنقل في هذا المجال لا نعرف مدى صحتها، إلا أن المعروف من تصريحات الصحابة كابن عباس وابن مسعود وأمثالهم عكس ذلك إذ نقل البخاري تصريح لإبن عباس قال فيه: (يا معشر المسلمين: تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزله على نبيه(صلى الله عليه واله وسلم) أحدث الأخبار بالله، تقرؤنه لم يشب، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيّروا بأيديهم الكتاب فقالوا:{هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، ولا والله ما رأينا رجلاً منهم يسألكم عن الذي أنزل إليكم)[13].
4- تفسير القرآن باللغة والشعر:
لما نظَّر ابن عباس مسألة الفهم الإنساني للقرآن وقسمها إلى أربعة أقسام كان من بينها قسم (تفسير تعرفه العرب) والعرب آنذاك لم يكن لديهم معاجم لغوية إنما كان لديهم ديوان حفظ لغتهم وهو الشعر ولهذا نقل عن ابن عباس قوله: (الشعر ديوان العرب، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزلهُ الله بلغة العرب، رجعنا إلى ديوانهم فالتمسنا ذلك منه)[14].
وكان لابن عباس من الذكاء وقوة الحافظة ما جعلتهُ يناغم ما ألفتهُ العرب وشغفت به وهو الشعر لاسيما وأنه من مؤسسي مدرسة مكة التفسيرية التي اشتهرت أنديتها بالشعر، فدخل على المجتمع المكي بالشعر لفهم القرآن ليجذبهم إليه في يوم كانت قريش بعيدة عن القرآن بل شنت الحرب عليه، هذه الظروف التي أسهمت في بروز هذا النوع من التفسير الذي تفرد به ابن عباس ولم يعرف عند باقي الصحابة حتى أن الإمام علي كان لا يحتاج إلى ذلك ولم يؤثر عنه ذلك.
إلا أن ابن عباس فتح باباً أستفاد منه المفسرون لاسيما اللغويون منهم.
وقد نقل السيوطي ما يقارب من (190) شاهداً على كلماتٍ من القرآن وكان أكثرها من الغريب حيث قال: (إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوهُ في الشعر فإن الشعر ديوان العرب)[15]. من هذه المفارقة أنقدحت إشكالية عند بعضهم: من أنكم جعلتم الشعر أصلاً للقرآن، والشعر مذموم في القرآن؟ لاسيما أنه لم يُعهد عن النبي(صلى الله عليه واله وسلم) وأصحابه هذه الطريقة ! والظاهر إن ابن عباس إنما استخدم الشعر في باب المحاججة والاستشهاد مع ما ذكرنا من مبررات لذلك.
ويظهر ذلك جلياً من قصته مع نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر إذ انما أرادا أن يختبرا ابن عباس في تفسير القرآن مشترطين عليه أن يأتي بالشاهد من الشعر العربي إذ قال نافع لصاحبه: (قُم بنا إلى هذا الذي يتجرأ على تفسير القرآن بما لا علم له به، فقالا: إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا، وتأتينا بمصادقة من كلام العرب، إن الله قال إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فقال ابن عباس: سلوني عما بدا لكما).
ومن جملة ما سألاه عن قوله تعالى:{وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}[16]، قال: الوسيلة: الحاجة، قال وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول عنترة وهو يقول:
(إن الرجال لهم إليك وسيلةٌ
إن يأخذوك تكحلي وتخضبي)
فأول ما أجاب عن المعنى، ثم جاء بشاهدٍ له من الشعر. إذ إلتمس ابن عباس هذا الحرف (المعنى) في الشعر الذي وصفه بأنه (ديوان العرب) حيث كان بمثابة المعاجم اللغوية اليوم، ليقنع العرب بما يفقهون لا بما يجهلون، إلا أنه لم يؤثر عن الصحابة ذلك إلا ما ورد تفسيرهُ عن النبي(صلى الله عليه واله وسلم)أو استنباطاً من القرآن نفسه من خلال تفسير القرآن بالقرآن. كما أنه كان يعتمد على لغات العرب في فهم معاني القرآن حيث نقل عن ابن عباس: (كنتُ لا أدري ما فاطر السموات حتى أتاني إعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، يقول: أنا ابتدأتها)[17].
وهكذا تكونت ثقافة ابن عباس اللغوية من خلال الشعر ومحاورات القبائل العربية فيما بينهم. مما فتح باباً واسعاً لللغويين.
5- تفسير القرآن بالقرآن:
ومن أمثلتهِ ما فسر بهِ قوله تعالى: {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}[18] فقال: (كنتم تراباً قبل أن يخلقكم فهذه ميتة ثم أحياكم فخلقكم فهذه إحياءة ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذهِ ميتة أخرى ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه إحياءة. فهما ميتتان وحياتان، فهو قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [19].
قلنا إن دعامة التفسير الموضوعي هو تفسير القرآن بالقرآن فالآية تفسرها الآية ولكن لابد أن يجمعها موضوع جامع والموضوع هنا (الموت والحياة) في كلا الآيتين.
[1] العسقلاني، الإصابة 4/124، أخرجه البخاري 1/48، مسلم 4/1927، مسند أحمد 1/266.
[2] البداية والنهاية 8/298.
[3] اذهبي، التفسير والمفسرون 1/90.
[4] طبقات ابن سعد 2/371.
[5] تفسير الثعلبي عن حبيب بن أبي ثابت قال: أعطاني ابن عباس مصحفاً وقال: هذا على قراءة أُبي.
[6] ابن الأثير، أسد الغابة 3/193، العسقلاني، الإصابة 4/128.
[7] تفسير الطبري 1/42-43.
[8] راجع الذهبي، التفسير والمفسرون، محمود حجتي، تحقيق عن ابن عباس.
[9] تفسير الطبري 3/207، تفسير الدر المنثور، السيوطي، تفسير سورة آل عمران /7.
[10] راجع مقدمة مجمع البيان للطبرسي.
[11] الحكيم، محمد تقي، ابن عباس ص101.
[12] السيوطي، الإتقان 2/4.
[13] البخاري، كتاب الشهادات 5/185.
[14] السيوطي، الإتقان 2/51، النوع السادس والثلاثون في (معرفة غريية).
[15] السيوطي، الإتقان 2/51.
[16] المائدة /35
[17] السيوطي، الإتقان، 2/7.
[18] غافر /11.
[19] البقرة /28.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|