دعا المتولّي الشرعي للعتبة العبّاسية المقدّسة سماحة السيد أحمد الصافي، إلى استنطاق النصوص الدينيّة والفقهيّة وتحويلها إلى الجانب الاجتماعي. جاء ذلك عبر مداخلاته مع الباحثين المشاركين في المؤتمر العلمي الموسوم بـ (الصادق والكاظم عليهما السلام صادقا آل محمد)، الذي يُقام ضمن فعّاليات أسبوع الإمامة الدولي. وأكّد السيد الصافي في مداخلته مع الباحث الشيخ عماد الكاظمي الذي ألقى بحثا بعنوان (إشراقات تربوية في وصية الإمام الكاظم عليه السلام لهشام بن الحكم في العقل)، أنّ الموضوع جدير بالبحث وتقنين بعض القواعد الاجتماعية والتربوية، فيما وَصَلنا من نصوص الأئمّة الأطهار(عليهم السلام). وقال السيد الصافي إن وصية الإمام الكاظم(عليه السلام) إلى هشام لا تنحصر في الخطاب الشخصي لهشام، وإنّما هي عبارة عن إلقاء مجموعةٍ من القواعد الاجتماعية والحياتية التي يُمكن أن تقنّن على شكل منهجٍ عام للإنسان المسلم. وأضاف سماحته أنّنا في العالَمَين العربيّ والإسلاميّ لدينا مشكلة، ولعلّها طغت في الدراسات الأكاديميّة، وهي أنّ المنهجية التي عندنا مجتزئة ولا يربطها رابطٌ بالكثير من المفاهيم، داعياً من يحمل الهمّ أن يستنطق الكثير من النصوص التي يُمكن أن تدخل في الجانب التربوي، لافتاً "نحن لا نتعامل مع نصّ فقهيّ الآن وإنّما مع نصّ اجتماعيّ". وتساءل السيد الصافي عن القواعد التي يمكن أن يستفيد منها الباحث، حتّى يطرحها إلى القارئ على شكل منهجيّةٍ بسيطةِ العبارة وعميقة الدلالة، في تكوين رؤيةٍ اجتماعية تربوية يمكن الإفادة منها حتّى في المدارس الأكاديمية من الصفوف الأولى إلى الصفوف المتأخّرة؟، وأوضح: أي أنّ "المنهجية التي تبقى حاضرة عند الطالب من بداية نشأته إلى أن يتحسّس كثيراً من المعارف، فهو أشبه بعمليّة تسليح تربوي وجداني يطرحها الإمام (عليه السلام) بعنوان يا هشام". داعياً الشيخ الكاظمي إلى أن يُكمل مشروعه لتتبنّاه العتبة العباسية المقدسة بشكلٍ واضح. وفي مداخلته مع الباحث أ. د عماد جبّار كاظم، أن المخاطب في وصية الإمام الكاظم(عليه السلام) إلى هشام بن الحكم هو الناس، وهو من الأساليب البلاغيّة في اللغة العربية التي تقتضي أن يتعدّى الخطاب من الشخصيّ إلى الآخر، وهذا أسلوبٌ متعارَف.

وحول البحث الذي ألقاه الباحث المصري أ. د عادل محمد زيادة، والذي حمل عنوان (حيادية الاستشراق الألماني والبريطاني في تناول سيرة الإمام موسى الكاظم عليه السلام)، أوضح السيد الصافي أن العتبة العباسية المقدّسة لديها في المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، مجلّةٌ مهمّة حول الاستشراق، وأخرى جديدة العنوان والمضمون هي الاستغراب، مضيفًا: حاولنا أن نقرأ الغرب كما هم قرأونا بعنوان الاستشراق، وهذه المجلّات تنوف على العشرين دورة.