تناول ممثل العتبة العباسية المقدسة في المانيا السيد أحمد الراضي الحسيني في بحث علمي المنهج الاقتصادي في دولة الإمام علي (عليه السلام). جاء ذلك عبر مشاركته ضمن فعاليات المؤتمر العلمي الموسوم بـ "الامام علي (عليه السلام) ميزان الحق"، الذي تقيمه الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة وتشرف عليه جامعة الكفيل وجمعية العميد العلمية والفكرية ضمن فعاليات أسبوع الإمامة الدولي الأول. ويُقام أسبوع الإمامة الدولي الأول تحت شعار (النبوة والإمامة صنوان لا يفترقان) وبعنوان (الإمامة نظام الأمّة). وذكر الباحث في ملخص البحث أنّ "من أكثر المشكلات الحياتية التي تعاني منها الإنسانية المعاصرة المشكلة الاقتصادية لما لها من تأثير في حياة الإنسان الماديّة وأوضاعه الاجتماعية". ويضيف، "فالأوضاع الاقتصادية تؤثر تأثيرًا مباشرًا في حياة الفرد والأمة وفي مستوى تقدمها المادي وتطورها المدني، ولها تأثير على الأمن والاستقرار، لذلك فإنّ استقرار الحياة الاقتصادية يعتبر أساسًا لبناء مجتمع سليم، كما أنّ توفير الكفاية المعاشية سبب للاستعانة على انتظام أمور الحياة الدنيوية، ومن هنا ربط الإمام علي (عليه السلام) بين الرفاه الاقتصادي والسمو الروحي والأخلاقي". ويشير البحث، إلى أنّ الإمام علي (عليه السلام) حثّ على الأخذ من الدنيا لأجل الآخرة وفي رؤية الإمام(عليه السلام) لبناء الاقتصاد ومعالجة المشكلات الناتجة عنه، وأن الدولة يجب عليها التدخل في الحركة الاقتصادية للفرد، لأنّه يمكن أن يقوم هذا الفرد بتضييع حقوق الآخرين مما يؤثر في هدم بنيان العدالة الاجتماعية بين الطبقات للمجتمع. البحث سلط الضوء على النشاطات التي يجب على الدولة القيام بها ومنع تجاوزها من قبل الافراد، ومن أهمّ هذه النشاطات التي تضرّ بالمصالح العامة للدولة او الأمة، التي تسبب تضييع حقوق الآخرين، والنشاطات الربوية بأنواعها شتّى، والنشاطات الاحتكارية. ويعرض البحث مبادئ الاصلاح الاقتصادي لدى الإمام علي (عليه السلام) التي من خلالها يسعى لإيجاد نظام اقتصادي يمنع استغلال بعض الافراد لمقدرات الآخرين، والاستئثار بالمقدرات المالية للدولة، وبالتالي الحد والمنع من الفساد الاقتصادي في المجتمع، ومن أهمّ هذه المبادئ إيجاد المقومات التربوية والاخلاقية لبناء الاقتصاد السليم، حيث يقدم الإمام علي (عليه السلام) خطوات عملية ذات بُعد تربوي وأخلاقي يكفل الالتزام بها إيجاد حكومة ومجتمع نموذجيين، ومن أهمّ هذه الخطوات هي ترسيخ قيم التوكل على الله، والقناعة، وعدم الطمع، وعدم اللهث وراء المال والاهتمام بالقضايا الكبرى. ويتابع في بحثه أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أكد على طلب المال عبر الطرق الحلال، وعدم استئثار الأغنياء بالأموال، لأنها من أسباب الفقر، كذلك الحد من التبذير والإسراف، إضافة الى شيوع ثقافة إقراض الأغنياء للفقراء والمحتاجين، واهتمام المجتمع بالفقراء ومعونتهم.

وتطرّق البحث إلى الاقتصاد السليم وكيفية بنائه، وتبحر في ذلك من خلال الخوض في وصايا أمير المؤمنين (عليه السلام) بمجال التنمية الزراعية والصناعية، وعمليات التبادل التجاري، ومراقبة السوق ومنع الاحتكار ومحاسبة المحتكرين، وقد بيّن النشاطات الاقتصادية للإمام علي (عليه السلام) المؤدية إلى بناء اقتصاد سليم، ومنها حثّ الأفراد على العمل ونبذ الكسل والبطالة، والسعي إلى عمارة البلاد والتخطيط لها، كذلك الاهتمام بالزراعة بوصفها القطاع الأهم في تنمية الموارد الريعية، والاهتمام بالحرف والصناعات آنذاك التي تسهم في تحسين متطلبات العيش وتؤدي إلى تنمية الموارد بشكل عام، فضلا عن تنمية التجارة وتشجيع حركة تبادل البضائع.