أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-1-2023
1676
التاريخ: 2023-03-28
1694
التاريخ: 2023-03-24
2584
التاريخ: 2023-03-28
1423
|
يقول تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [البقرة: 64] ينوه التعبير في الآية مدار البحث بعادة وسيرة بني إسرائيل في نقض العهود وهي الصفة التي كانوا معروفين بها والتي صاروا بسببها محط لعن الله عز وجل: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 155] حتى أن هذه العادة القبيحة كانت سائدة بين يهود المدينة في صدر الإسلام وأن النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) كان مبتلى بنقضهم للعهود والمواثيق، فالقوم الذين شاهدوا عن كثب المعجزات الناصعة والمنجية للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) ولم ينسجموا معها، بل بادروا إلى مقارعتها ومناهضتها في سبيل تأمين متطلباتهم النفسانية أنى لهم أن يقبلوا برسالة الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم)؟!
ويستفاد من الاية مورد البحث أن بني إسرائيل قد بادروا إلى نقض العهد بعد مضي فترة من الزمن ومن الممكن استظهار هذه الفترة الزمنية وهذا النقض للعهد من العبارة: (ثم توليتم)؛ وذلك لأن كلمة «ثم» تشعر بالفصل وأن لفظة «التولي» تدل على الإعراض وإشاحة الوجه عما سبق وأقبلوا عليه، وإذا اصطبغ حدث الجبل المنتوق والطور المرفوع بصبغة التعذيب فإن الآية مورد البحث تكون شبيهة بالآية: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الأعراف: 135]، أما إذا لم يكن هذا الحدث متسماً بسمة الإرعاب والمعاقبة فإن الآية لن تكون من سنخ الآية المذكورة.
ثم تدل جملة: {فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [البقرة: 64] على منتهى الفضل والرحمة الإلهيتين؛ لأن الجملة المذكورة هي بمعنى أن بني إسرائيل الذين أعرضوا من بعد كل تلك المعجزات والآيات الإلهية البينة ـ عن ذلك الميثاق الغليظ والشديد وأقبلوا على أقبح الأفعال من الناحية الأخلاقية والحقوقية (ألا وهو عبادة العجل) قد استحقوا الهلاك والعذاب، لكن في الوقت ذاته فقد شملهم اللطف الخاص الله (جل وعلا) وقد دفع عنهم العذاب الإلهي ونجوا من الخسران بما وفقوا إليه من التوبة. وإذا لم يكونوا قد شملوا بالتوفيق والفضل الإلهي الخاص لكانوا الخاسرين، ولارتكبوا كل ما يجول في خواطرهم من المعاصي والآثام.
إنّ التعبير بالفضل والرحمة هو من باب أنهم ـ وطبقاً لقانون العدل والقسط ـ لم يكونوا مستحقين لأي نجاة من العذاب والخسارة والهلاك بل إن كل ممهدات العذاب كانت مهيئة لهم، لكنهم نجوا من العذاب بسبب فضل الله ورحمته غير المتناهيين.
تنويه: إنّ أصل نقض الميثاق ونكث العهد هو من الذنوب الكبيرة وإذا كان الميثاق غاية في القوة كان نقضه غاية في المعصية؛ ومن هذا المنطلق فإنه من الممكن أن تكون نتيجته عقاباً شديداً؛ لأن الأرضية لعذاب أليم وقاس تكون قد هيئت.
إن العفو عن خطيئة عظيمة كهذه لا تتوقع إلا من الله (عز وجل) فهو سبحانه يتجاوز عن كل عصيان عظيم، فالله الستار الغفار يعفو عن ذنب عبده حتى أنه لا الفلك يعلم بذلك ولا الملك يطلع عليه. ليس هذا فقط بل إن الإنسان الكامل كالرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) وهو الخليفة الأكمل للباري تعالى والذي سجد له الملائكة أجمعون لا يطلع عليه، كي لا ينفعل المجرم المعفو عنه في حضرته.
ويمكن استظهار نموذج من هذا العفو غير المتناهي من الحديث القدسي الذي يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) فيه: «سألت الله أن يجعل حساب أمتي إلي لئلا تفتضح عند الأمم. فأوحى الله عز وجل إلي: يا محمد! بل أنا أحاسبهم، فإن كان منهم زلة . سترتها عنك لئلا تفتضح عندك» [1] مناقشة هذه الرحمة الشاملة واستنباطها من الآية المذكورة قد دفع بعض الحكماء المتألهين إلى القول في تفسير هذه الآية: (إن هذا المضمون هو من أرجى الرسائل القرآنية) [2] . بالطبع إن الخير الصادر من الله سبحانه وتعالى هو حتمي ودائمي، إلا أن الاختلاف يكمن في المستفيض حيث يقبله البعض ويمتنع عن قبوله البعض الآخر.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|