أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-08-2015
3539
التاريخ: 2024-09-03
269
التاريخ: 2023-06-24
1364
التاريخ: 4-08-2015
3428
|
ذكرت الأحاديث الشريفة أنه ( عليه السّلام ) يظهر في وتر من السنين الهجرية[1] أي من الأعوام الفردية ، ويكون ظهوره في يوم الجمعة[2] ، فيما ذكرت أحاديث أخرى أن خروجه يكون يوم السبت العاشر من محرم الحرام[3] ، ولعل الجمع بين التأريخيين هو أن ظهوره يكون يوم الجمعة وفيها يخطب خطبته في المسجد الحرام فيما يكون خروجه منها باتجاه الكوفة يوم السبت .
مكان ظهوره - عجل اللّه فرجه - وانطلاقة ثورته
ذكرت مجموعة من الأحاديث الشريفة أن بداية ظهوره يكون في المدينة المنورة وإعلان حركته يكون في مكة المكرمة[4] وفي المسجد الحرام حيث يعلن حركته ويدعو إليها في خطبة موجزة ذات دلالات مهمة وهي مروية عن الإمام الباقر ( عليه السّلام ) ضمن حديث طويل عن ظهور سليله المهدي ، يقول ( عليه السّلام ) في جانب من الحديث :
ثم ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين ثم ينشد اللّه والناس حقه . فيقول :
يا أيها الناس إنّا نستنصر اللّه على من ظلمنا وسلب حقنا ، من يحاجنا في اللّه فانا أولى باللّه ، ومن يحاجنا في آدم فأنا أولى الناس بآدم ، ومن حاجنا في نوح فأنا أولى الناس بنوح ، ومن حاجنا في إبراهيم فإنا أولى الناس بإبراهيم ، ومن حاجنا بمحمد فإنا أولى الناس بمحمّد ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ومن حاجنا في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين ، ومن حاجنا في كتاب اللّه فنحن أولى الناس بكتاب اللّه ، أنا أشهد [ نشهد ] وكل مسلم اليوم إنّا قد ظلمنا وطردنا وبغي علينا وأخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا وقهرنا ، الا أنا نستنصر اللّه اليوم كل مسلم »[5].
وورد في رواية ينقلها نعيم بن حماد وهو من مشائخ البخاري بسنده عن الإمام الباقر ( عليه السّلام ) أيضا ، خطبة ثانية في المكان نفسه ولكن بعد أداء فريضة العشاء ، فيروى عن الإمام الباقر ( عليه السّلام ) قوله : « . . . فإذا صلّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول : أذكركم اللّه أيّها الناس ، ومقامكم بين يدي ربّكم ، فقد اتخذ الحجة وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب ، وأمركم أن لا تشركوا به شيئا وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله ، وأن تحيوا ما أحيى القرآن ، وتميتوا ما أمات ، وتكونوا أعوانا على الهدى ، ووزرا على التقوى ، فإنّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها ، وآذنت بالوداع ، فإني أدعوكم إلى اللّه ، وإلى رسوله ، والعمل بكتابه ، وإماتة الباطل ، وإحياء سنته . . . »[6].
وقفة عند خطبتي إعلان الثورة
ويلاحظ في الخطبة الأولى تأكيده ( عليه السّلام ) على مخاطبة أتباع جميع الديانات السماوية انطلاقا من عالمية ثورته الدينية فهو يمثل خط الأنبياء ( عليهم السّلام ) جميعا ويدعو إلى الأهداف السامية التي نادوا بها جميعا . هذا أولا وثانيا يؤكد ( عليه السّلام ) على تمثيله لمدرسة الثقلين فهو ممثل أهل البيت ( عليهم السّلام ) ثاني الثقلين الذي لا يفترق عن الأول - أعني القرآن المجيد - لذلك فهم أولى الناس بكتاب اللّه جل ذكره وأعرفهم بما فيه وبسبل هداية البشرية على نور هداه السماوي .
ثم يشير ثالثا إلى مظلومية أهل البيت ( عليهم السّلام ) وتعريضهم لأشكال الظلم والبغي بما أدى إلى غيبة خاتمهم - عجل اللّه فرجه - وسبب تعريضهم لكل ذلك هو نزعات الطواغيت وعباد السلطة للاستئثار واتخاذ مال الناس دولا وعباد اللّه خولا ومنع أهل البيت ( عليهم السّلام ) من إقرار العدالة الإلهية وقيادة الناس على المحجة البيضاء .
ثم يستنصر كل مسلم لدفع هذه المظلومية التي يكون في دفعها الخير للبشرية جمعاء لأنّ تسليم مقاليد الأمور إلى ممثل نهج الأنبياء وعدل القرآن الكريم يعني تحقيق أهداف العدالة الإلهية ، ولكن - عجل اللّه فرجه - يستنصر اللّه جل قدرته أولا وفي ذلك إشارة إلى حتمية انتصار ثورته الإصلاحية فهو المضطر الذي تستجاب دعوته وولي دم المقتول ظلما فهو منصور إلهيا ، وبهذه الإشارة يحفز ( عليه السّلام ) الناس لنصرته ليفوزوا بسعادة الدارين ويتقوا عذاب الدنيا وخزيها على يديه وعذاب الآخرة أكبر .
إعلان أهداف الثورة
أما في الخطبة الثانية التي يلقيها - عجل اللّه فرجه - بعد صلاة العشاء ، فهو يحدد الأهداف العامة لثورته ، وهي الأهداف التي يستنصر الناس لأجلها ، والتي تمثل الوجه الآخر للثأر لمظلومية أهل البيت ومدرستهم ومنهجهم ( عليهم السّلام ) ، فهو يحدد الهدف الأول والعام المتمثل بإقامة التوحيد الخالص الذي بعث لأجله الأنبياء - صلوات اللّه عليهم - وأنزلت معهم الكتب السماوية ، وهو الهدف الذي يتجسد من خلال طاعة اللّه تبارك وتعالى وطاعة رسوله ( صلّى اللّه عليه وآله ) ومن خلال إحياء ما أحيا القرآن ، وإحياء سنة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، وإماتة ما أماته القرآن وهو الباطل والبدع والشرك وسائر العبوديات الزائفة .
فدعوته هي دعوة إلى اللّه عز وجل وتوحيده وإلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) والعمل بسنته الموصلة إلى اللّه .
وعليه يتضح أن استنصاره للثأر لمظلومية أهل بيت النبوة تعني الدعوة إلى المعونة على الهدف والمؤازرة على التقوى .
الاستجابة لاستنصاره ومبايعته
وأول من يبادر لبيعته ( عليه السّلام ) في المكان الذي يستنصر فيه المسلمين أي ما بين الركن والمقام هم صفوة أنصاره : « فيبايع ما بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف ، عدّة أهل بدر ، فيهم النجباء من أهل مصر والأبدال من أهل الشام والأخيار من أهل العراق »[7].
ويستفاد من مجموعة من الأحاديث المروية في مصادر أهل السنة أن ظهوره ومبايعته يكون بعد اختلاف بين قبائل الحجاز وأنه يرفض في البداية قبول البيعة ويخاطب المبايعين بالقول : « ويحكم ! كم عهد قد نقضتموه ؟ وكم دم قد سفكتموه ؟ »[8] ، ويبدو أن هذا الرفض يمثل محاولة لإشعار المبايعين بمسؤولية وتبعات البيعة والمهمة التي هم مقبلون عليها نظير ما فعله جدّه الإمام علي ( عليهما السّلام ) عند إقبال الناس على بيعته بعد مقتل عثمان .
ويستفاد من بعض الأحاديث أن حركة الموطئة للظهور المهدوي تبعث بالبيعة للمهدي ( عليه السّلام ) . وهو في مكة[9] ثم تجددها بعد ذلك .
وتصرح بعض الأحاديث الشريفة أن أصحابه الخاصين أي الثلاثمائة والثلاثة عشر يجمعون في مكة وبصورة إعجازية أو سريعة بوسائل النقل المتطورة ليدركوا ظهور الإمام ويبايعوه[10].
خروجه إلى الكوفة وتصفية الجبهة الداخلية
يخرج ( عليه السّلام ) بجيشه متوجها للكوفة التي يتخذها منطلقا لتحركه العسكري[11] بعد إنهاء فتنة السفياني والخسف الذي يقع بجيشه في البيداء[12].
وينشر راية رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) المذخورة عنده في نجف الكوفة[13].
وتنصره الملائكة التي نصرت جده رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) في معركة بدر[14]. وتذكر الأحاديث الشريفة أنه يواجه وأصحابه وجيشه صعوبات شديدة وتعبا في بداية تحركه العسكري[15] وحروبه التي تستمر ثمانية أشهر لتصفية الجبهة الداخلية فيما تستمر ملاحمه عشرين عاما[16].
ويلاحظ هنا أن المسير الذي يختاره ( عليه السّلام ) هو المسير الذي اختاره جده الإمام الحسين ( عليه السّلام ) في نهضته الإستشهادية من مكة إلى الكوفة ، التي منع جده سيد الشهداء عن الوصول إليها فيصل سليله المهدي ( عليه السّلام ) إليها ويحقق الأهداف الإصلاحية في الأمة المحمدية التي سعى لها جدّه سيد الشهداء ( عليه السّلام ) .
وعندما يدخل الكوفة يجد فيها ثلاث رايات تضطرب[17] فيوحدها وينهي اضطرابها بنشره للراية المحمدية المذخورة وينهي جيوب النفاق المتبقية فيها في معركته مع الفرقة التي تصفها الأحاديث الشريفة بالبترية[18].
دخوله بيت المقدس ونزول عيسى ( عليه السّلام )
تنص الكثير من الروايات على دخوله ( عليه السّلام ) بيت المقدس بجيشه ضمن إطار حادثة مهمة للغاية ، هي نزول نبي اللّه عيسى بن مريم المسيح ( عليه السّلام ) الذي بشرت بعودته نصوص الإنجيل إضافة إلى الأحاديث الشريفة المرويّة في الكتب الروائية الموثّقة عند أهل السنة والشيعة[19]. وتذكر الأحاديث الشريفة قصة صلاة عيسى صلاة الفجر خلف الإمام المهدي ( عليه السّلام ) بعد أن يرفض عرض الإمام بأن يتقدم عيسى لإمامة الصلاة معللا الرفض بأن هذه الصلاة أقيمت لأجل الإمام المهدي فيقدّمه ويصلّي خلفه إشارة إلى خاتمية الرسالة المحمدية ، وفي ذلك نصرة مهمة للثورة المهدوية حيث توجّهها للعالم الغربي الذي يدين معظمه بالمسيحية .
ويظهر أن دخول المهدي - عجل اللّه فرجه - يكون بعد تحريرها من الإفساد اليهودي وإنهاء حاكميتهم عليها . لذا قد يكون من الممكن القول بأن دخول الإمام بيت المقدس يكون بعد تصفيته الجبهة الداخلية ومقدمة لمواجهة الأعداء خارج العالم الإسلامي أو الروم حسب تعبير الروايات وفتح كل الأرض . من هنا نفهم سر توقيت نزول عيسى المسيح مع دخول المهدى ( عليه السّلام ) بيت المقدس .
قتل الدجال وإنهاء حاكمية الحضارات المادية
إنّ معظم الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن نزول عيسى ( عليه السّلام ) تذكر قيامه بكسر الصليب ورجوع النصارى عن تأليهه[20] ثم قتل الدجال - الذي هو رمز الحضارات المادية - على يديه أو على يدي الإمام المهدي بمعونته ( عليهما السّلام ) .
ومع رجوع النصارى عن تأليه عيسى ( عليه السّلام ) ومشاهدتهم لمناصرة نبيهم لخاتم أئمة الإسلام المعصومين تتفتح أبواب دخولهم الإسلام - وهم النسبة الأكبر من سكان الأرض - بيسر ، ونتيجة لذلك تتيسر مهمة قتل الدجال والقضاء على الحضارات الطاغوتية وفتح الأرض وإقامة الدولة الإسلامية العالمية العادلة وبدء عملية البناء الإصلاحي وتحقيق أهداف الأنبياء ( عليهم السّلام ) .
هذه - على نحو الإيجاز - المحطات الرئيسة لتحرك الإمام المهدي - عجل اللّه فرجه - بعد ظهوره ، وكل منها يشتمل على تفصيلات كثيرة لا يسع المجال لذكرها . لذا ننتقل للحديث - وبالإيجاز نفسه - عن سيرته بعد ظهوره في أبرز مجالاتها ثم عن خصائص عهده .
[1] الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 379 وعنه في الفصول المهمة : 302 إثبات الهداة : 3 / 514 .
[2] إثبات الهداة : 3 / 496 .
[3] تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي : 4 / 300 وكذلك 333 ، اقبال الأعمال للسيد ابن طاووس : 558 ، كمال الدين : 653 ، غيبة الطوسي : 274 ، عقد الدرر للمقدسي الشافعي : 65 ، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان للمتقي الهندي : 145 .
[4] برهان المتقي الهندي : 144 .
[5] تفسير العياشي : 1 / 65 ، اختصاص الشيخ المفيد : 256 .
[6] الملاحم والفتن لنعيم بن حماد : 95 ، عقد الدرر 145 ، برهان المتقي الهندي : 141 ، الحاوي للفتاوي الحديثية : 2 / 71 ، وكتاب اللوائح للسفاريني : 2 / 11 .
[7] غيبة الطوسي : 284 ، وعنه في بحار الأنوار : 52 / 334 ، واثبات الهداة : 3 / 517 ، 518 .
[8] مستدرك الحاكم : 4 / 503 ، القول المختصر لابن حجر : 18 ، برهان المتقي الهندي : 143 ، عقد الدرر : 109 ، معجم أحاديث الإمام المهدي ( عليه السّلام ) : 1 / 449 .
[9] فتن ابن حماد : 83 - 84 ، الحاوي للفتاوي : 2 / 67 ، البرهان : 118 .
[10] غيبة النعماني : 315 ، اثبات الهداة : 3 / 453 .
[11] بحار الأنوار : 52 / 308 ، إثبات الهداة : 3 / 583 ، 527 ، 493 .
[12] تفسير الطبري ، 22 : 72 ، تذكرة القرطبي : 2 / 693 ، سنن الدارمي : 104 ، مسند أحمد : 6 / 290 ، صحيح مسلم : 4 / 2208 ، سنن أبي داود : 4 / 108 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1351 ، سنن الترمذي : 4 / 407 ، تأريخ البخاري : 5 / 118 ، سنن النسائي : 5 / 207 . وأحاديث الخسف بجيش السفياني كثيرة مروية في الصحاح وغيرها ومن طرق أهل البيت ( عليهم السّلام ) أيضا .
[13] تفسير العياشي : 1 / 103 ، غيبة النعماني : 308 ، كمال الدين : 672 .
[14] تفسير العياشي : 1 / 197 ، إثبات الهداة : 3 / 549 .
[15] غيبة النعماني : 297 .
[16] إثبات الهداة : 3 / 469 بالنسبة للمدة الأولى ، وتقول رواية لابن حماد : 127 أن ملاحمه تستمر عشرين سنة .
[17] الارشاد : 362 ، غيبة الطوسي : 280 .
[18] دلائل الإمامة : 241 ، غيبة الطوسي : 283 .
[19] صحيح البخاري : 4 / 305 ، مسلم : 1 / 136 ، تأريخ البخاري : 7 / 233 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1357 ، سنن الترمذي : 4 / 512 ، صحيح البخاري : 3 / 107 ، فتن ابن حماد : 103 وغيرها كثير مروية من طرق الفريقين .
[20] الدر المنثور للسيوطي : 2 / 350 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|