المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

مراحل عمل المونتاج
29-10-2020
استعمالات البصل لعلاج الكثير من الامراض
29-3-2016
فزع السلطة بمكّة
8-8-2017
المبيدات القديمة
2023-11-04
تفسير ظاهرة المد والجزر عند الجاحظ
2023-07-09
Lesch-Nyhan syndrome
17-11-2021


تأريخ ظهور الإمام المهدي ( عليه السّلام )  
  
1640   10:37 صباحاً   التاريخ: 2023-06-25
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 14، ص212-219
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن الحسن المهدي / الدولة المهدوية /

ذكرت الأحاديث الشريفة أنه ( عليه السّلام ) يظهر في وتر من السنين الهجرية[1] أي من الأعوام الفردية ، ويكون ظهوره في يوم الجمعة[2] ، فيما ذكرت أحاديث أخرى أن خروجه يكون يوم السبت العاشر من محرم الحرام[3] ، ولعل الجمع بين التأريخيين هو أن ظهوره يكون يوم الجمعة وفيها يخطب خطبته في المسجد الحرام فيما يكون خروجه منها باتجاه الكوفة يوم السبت .

مكان ظهوره - عجل اللّه فرجه - وانطلاقة ثورته

ذكرت مجموعة من الأحاديث الشريفة أن بداية ظهوره يكون في المدينة المنورة وإعلان حركته يكون في مكة المكرمة[4] وفي المسجد الحرام حيث يعلن حركته ويدعو إليها في خطبة موجزة ذات دلالات مهمة وهي مروية عن الإمام الباقر ( عليه السّلام ) ضمن حديث طويل عن ظهور سليله المهدي ، يقول ( عليه السّلام ) في جانب من الحديث :

ثم ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين ثم ينشد اللّه والناس حقه . فيقول :

يا أيها الناس إنّا نستنصر اللّه على من ظلمنا وسلب حقنا ، من يحاجنا في اللّه فانا أولى باللّه ، ومن يحاجنا في آدم فأنا أولى الناس بآدم ، ومن حاجنا في نوح فأنا أولى الناس بنوح ، ومن حاجنا في إبراهيم فإنا أولى الناس بإبراهيم ، ومن حاجنا بمحمد فإنا أولى الناس بمحمّد ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ومن حاجنا في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين ، ومن حاجنا في كتاب اللّه فنحن أولى الناس بكتاب اللّه ، أنا أشهد [ نشهد ] وكل مسلم اليوم إنّا قد ظلمنا وطردنا وبغي علينا وأخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا وقهرنا ، الا أنا نستنصر اللّه اليوم كل مسلم »[5].

وورد في رواية ينقلها نعيم بن حماد وهو من مشائخ البخاري بسنده عن الإمام الباقر ( عليه السّلام ) أيضا ، خطبة ثانية في المكان نفسه ولكن بعد أداء فريضة العشاء ، فيروى عن الإمام الباقر ( عليه السّلام ) قوله : « . . . فإذا صلّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول : أذكركم اللّه أيّها الناس ، ومقامكم بين يدي ربّكم ، فقد اتخذ الحجة وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب ، وأمركم أن لا تشركوا به شيئا وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله ، وأن تحيوا ما أحيى القرآن ، وتميتوا ما أمات ، وتكونوا أعوانا على الهدى ، ووزرا على التقوى ، فإنّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها ، وآذنت بالوداع ، فإني أدعوكم إلى اللّه ، وإلى رسوله ، والعمل بكتابه ، وإماتة الباطل ، وإحياء سنته . . . »[6].

وقفة عند خطبتي إعلان الثورة

ويلاحظ في الخطبة الأولى تأكيده ( عليه السّلام ) على مخاطبة أتباع جميع الديانات السماوية انطلاقا من عالمية ثورته الدينية فهو يمثل خط الأنبياء ( عليهم السّلام ) جميعا ويدعو إلى الأهداف السامية التي نادوا بها جميعا . هذا أولا وثانيا يؤكد ( عليه السّلام ) على تمثيله لمدرسة الثقلين فهو ممثل أهل البيت ( عليهم السّلام ) ثاني الثقلين الذي لا يفترق عن الأول - أعني القرآن المجيد - لذلك فهم أولى الناس بكتاب اللّه جل ذكره وأعرفهم بما فيه وبسبل هداية البشرية على نور هداه السماوي .

ثم يشير ثالثا إلى مظلومية أهل البيت ( عليهم السّلام ) وتعريضهم لأشكال الظلم والبغي بما أدى إلى غيبة خاتمهم - عجل اللّه فرجه - وسبب تعريضهم لكل ذلك هو نزعات الطواغيت وعباد السلطة للاستئثار واتخاذ مال الناس دولا وعباد اللّه خولا ومنع أهل البيت ( عليهم السّلام ) من إقرار العدالة الإلهية وقيادة الناس على المحجة البيضاء .

ثم يستنصر كل مسلم لدفع هذه المظلومية التي يكون في دفعها الخير للبشرية جمعاء لأنّ تسليم مقاليد الأمور إلى ممثل نهج الأنبياء وعدل القرآن الكريم يعني تحقيق أهداف العدالة الإلهية ، ولكن - عجل اللّه فرجه - يستنصر اللّه جل قدرته أولا وفي ذلك إشارة إلى حتمية انتصار ثورته الإصلاحية فهو المضطر الذي تستجاب دعوته وولي دم المقتول ظلما فهو منصور إلهيا ، وبهذه الإشارة يحفز ( عليه السّلام ) الناس لنصرته ليفوزوا بسعادة الدارين ويتقوا عذاب الدنيا وخزيها على يديه وعذاب الآخرة أكبر .

إعلان أهداف الثورة

أما في الخطبة الثانية التي يلقيها - عجل اللّه فرجه - بعد صلاة العشاء ، فهو يحدد الأهداف العامة لثورته ، وهي الأهداف التي يستنصر الناس لأجلها ، والتي تمثل الوجه الآخر للثأر لمظلومية أهل البيت ومدرستهم ومنهجهم ( عليهم السّلام ) ، فهو يحدد الهدف الأول والعام المتمثل بإقامة التوحيد الخالص الذي بعث لأجله الأنبياء - صلوات اللّه عليهم - وأنزلت معهم الكتب السماوية ، وهو الهدف الذي يتجسد من خلال طاعة اللّه تبارك وتعالى وطاعة رسوله ( صلّى اللّه عليه وآله ) ومن خلال إحياء ما أحيا القرآن ، وإحياء سنة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، وإماتة ما أماته القرآن وهو الباطل والبدع والشرك وسائر العبوديات الزائفة .

فدعوته هي دعوة إلى اللّه عز وجل وتوحيده وإلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) والعمل بسنته الموصلة إلى اللّه .

وعليه يتضح أن استنصاره للثأر لمظلومية أهل بيت النبوة تعني الدعوة إلى المعونة على الهدف والمؤازرة على التقوى .

الاستجابة لاستنصاره ومبايعته

وأول من يبادر لبيعته ( عليه السّلام ) في المكان الذي يستنصر فيه المسلمين أي ما بين الركن والمقام هم صفوة أنصاره : « فيبايع ما بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف ، عدّة أهل بدر ، فيهم النجباء من أهل مصر والأبدال من أهل الشام والأخيار من أهل العراق »[7].

ويستفاد من مجموعة من الأحاديث المروية في مصادر أهل السنة أن ظهوره ومبايعته يكون بعد اختلاف بين قبائل الحجاز وأنه يرفض في البداية قبول البيعة ويخاطب المبايعين بالقول : « ويحكم ! كم عهد قد نقضتموه ؟ وكم دم قد سفكتموه ؟ »[8] ، ويبدو أن هذا الرفض يمثل محاولة لإشعار المبايعين بمسؤولية وتبعات البيعة والمهمة التي هم مقبلون عليها نظير ما فعله جدّه الإمام علي ( عليهما السّلام ) عند إقبال الناس على بيعته بعد مقتل عثمان .

ويستفاد من بعض الأحاديث أن حركة الموطئة للظهور المهدوي تبعث بالبيعة للمهدي ( عليه السّلام ) . وهو في مكة[9] ثم تجددها بعد ذلك .

وتصرح بعض الأحاديث الشريفة أن أصحابه الخاصين أي الثلاثمائة والثلاثة عشر يجمعون في مكة وبصورة إعجازية أو سريعة بوسائل النقل المتطورة ليدركوا ظهور الإمام ويبايعوه[10].

خروجه إلى الكوفة وتصفية الجبهة الداخلية

يخرج ( عليه السّلام ) بجيشه متوجها للكوفة التي يتخذها منطلقا لتحركه العسكري[11] بعد إنهاء فتنة السفياني والخسف الذي يقع بجيشه في البيداء[12].

وينشر راية رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) المذخورة عنده في نجف الكوفة[13].

وتنصره الملائكة التي نصرت جده رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) في معركة بدر[14]. وتذكر الأحاديث الشريفة أنه يواجه وأصحابه وجيشه صعوبات شديدة وتعبا في بداية تحركه العسكري[15] وحروبه التي تستمر ثمانية أشهر لتصفية الجبهة الداخلية فيما تستمر ملاحمه عشرين عاما[16].

ويلاحظ هنا أن المسير الذي يختاره ( عليه السّلام ) هو المسير الذي اختاره جده الإمام الحسين ( عليه السّلام ) في نهضته الإستشهادية من مكة إلى الكوفة ، التي منع جده سيد الشهداء عن الوصول إليها فيصل سليله المهدي ( عليه السّلام ) إليها ويحقق الأهداف الإصلاحية في الأمة المحمدية التي سعى لها جدّه سيد الشهداء ( عليه السّلام ) .

وعندما يدخل الكوفة يجد فيها ثلاث رايات تضطرب[17] فيوحدها وينهي اضطرابها بنشره للراية المحمدية المذخورة وينهي جيوب النفاق المتبقية فيها في معركته مع الفرقة التي تصفها الأحاديث الشريفة بالبترية[18].

دخوله بيت المقدس ونزول عيسى ( عليه السّلام )

تنص الكثير من الروايات على دخوله ( عليه السّلام ) بيت المقدس بجيشه ضمن إطار حادثة مهمة للغاية ، هي نزول نبي اللّه عيسى بن مريم المسيح ( عليه السّلام ) الذي بشرت بعودته نصوص الإنجيل إضافة إلى الأحاديث الشريفة المرويّة في الكتب الروائية الموثّقة عند أهل السنة والشيعة[19]. وتذكر الأحاديث الشريفة قصة صلاة عيسى صلاة الفجر خلف الإمام المهدي ( عليه السّلام ) بعد أن يرفض عرض الإمام بأن يتقدم عيسى لإمامة الصلاة معللا الرفض بأن هذه الصلاة أقيمت لأجل الإمام المهدي فيقدّمه ويصلّي خلفه إشارة إلى خاتمية الرسالة المحمدية ، وفي ذلك نصرة مهمة للثورة المهدوية حيث توجّهها للعالم الغربي الذي يدين معظمه بالمسيحية .

ويظهر أن دخول المهدي - عجل اللّه فرجه - يكون بعد تحريرها من الإفساد اليهودي وإنهاء حاكميتهم عليها . لذا قد يكون من الممكن القول بأن دخول الإمام بيت المقدس يكون بعد تصفيته الجبهة الداخلية ومقدمة لمواجهة الأعداء خارج العالم الإسلامي أو الروم حسب تعبير الروايات وفتح كل الأرض . من هنا نفهم سر توقيت نزول عيسى المسيح مع دخول المهدى ( عليه السّلام ) بيت المقدس .

قتل الدجال وإنهاء حاكمية الحضارات المادية

إنّ معظم الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن نزول عيسى ( عليه السّلام ) تذكر قيامه بكسر الصليب ورجوع النصارى عن تأليهه[20] ثم قتل الدجال - الذي هو رمز الحضارات المادية - على يديه أو على يدي الإمام المهدي بمعونته ( عليهما السّلام ) .

ومع رجوع النصارى عن تأليه عيسى ( عليه السّلام ) ومشاهدتهم لمناصرة نبيهم لخاتم أئمة الإسلام المعصومين تتفتح أبواب دخولهم الإسلام - وهم النسبة الأكبر من سكان الأرض - بيسر ، ونتيجة لذلك تتيسر مهمة قتل الدجال والقضاء على الحضارات الطاغوتية وفتح الأرض وإقامة الدولة الإسلامية العالمية العادلة وبدء عملية البناء الإصلاحي وتحقيق أهداف الأنبياء ( عليهم السّلام ) .

هذه - على نحو الإيجاز - المحطات الرئيسة لتحرك الإمام المهدي - عجل اللّه فرجه - بعد ظهوره ، وكل منها يشتمل على تفصيلات كثيرة لا يسع المجال لذكرها . لذا ننتقل للحديث - وبالإيجاز نفسه - عن سيرته بعد ظهوره في أبرز مجالاتها ثم عن خصائص عهده .

 

[1] الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 379 وعنه في الفصول المهمة : 302 إثبات الهداة : 3 / 514 .

[2] إثبات الهداة : 3 / 496 .

[3] تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي : 4 / 300 وكذلك 333 ، اقبال الأعمال للسيد ابن طاووس : 558 ، كمال الدين : 653 ، غيبة الطوسي : 274 ، عقد الدرر للمقدسي الشافعي : 65 ، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان للمتقي الهندي : 145 .

[4] برهان المتقي الهندي : 144 .

[5] تفسير العياشي : 1 / 65 ، اختصاص الشيخ المفيد : 256 .

[6] الملاحم والفتن لنعيم بن حماد : 95 ، عقد الدرر 145 ، برهان المتقي الهندي : 141 ، الحاوي للفتاوي الحديثية : 2 / 71 ، وكتاب اللوائح للسفاريني : 2 / 11 .

[7] غيبة الطوسي : 284 ، وعنه في بحار الأنوار : 52 / 334 ، واثبات الهداة : 3 / 517 ، 518 .

[8] مستدرك الحاكم : 4 / 503 ، القول المختصر لابن حجر : 18 ، برهان المتقي الهندي : 143 ، عقد الدرر : 109 ، معجم أحاديث الإمام المهدي ( عليه السّلام ) : 1 / 449 .

[9] فتن ابن حماد : 83 - 84 ، الحاوي للفتاوي : 2 / 67 ، البرهان : 118 .

[10] غيبة النعماني : 315 ، اثبات الهداة : 3 / 453 .

[11] بحار الأنوار : 52 / 308 ، إثبات الهداة : 3 / 583 ، 527 ، 493 .

[12] تفسير الطبري ، 22 : 72 ، تذكرة القرطبي : 2 / 693 ، سنن الدارمي : 104 ، مسند أحمد : 6 / 290 ، صحيح مسلم : 4 / 2208 ، سنن أبي داود : 4 / 108 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1351 ، سنن الترمذي : 4 / 407 ، تأريخ البخاري : 5 / 118 ، سنن النسائي : 5 / 207 . وأحاديث الخسف بجيش السفياني كثيرة مروية في الصحاح وغيرها ومن طرق أهل البيت ( عليهم السّلام ) أيضا .

[13] تفسير العياشي : 1 / 103 ، غيبة النعماني : 308 ، كمال الدين : 672 .

[14] تفسير العياشي : 1 / 197 ، إثبات الهداة : 3 / 549 .

[15] غيبة النعماني : 297 .

[16] إثبات الهداة : 3 / 469 بالنسبة للمدة الأولى ، وتقول رواية لابن حماد : 127 أن ملاحمه تستمر عشرين سنة .

[17] الارشاد : 362 ، غيبة الطوسي : 280 .

[18] دلائل الإمامة : 241 ، غيبة الطوسي : 283 .

[19] صحيح البخاري : 4 / 305 ، مسلم : 1 / 136 ، تأريخ البخاري : 7 / 233 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1357 ، سنن الترمذي : 4 / 512 ، صحيح البخاري : 3 / 107 ، فتن ابن حماد : 103 وغيرها كثير مروية من طرق الفريقين .

[20] الدر المنثور للسيوطي : 2 / 350 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.