أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-12
943
التاريخ: 20-2-2017
1349
التاريخ: 22-3-2022
1639
التاريخ: 29-8-2020
2457
|
يطرح الباحثون من حين لآخر السؤال: هل للنيازك علاقة بالحياة على الأرض؟ قد يفهم بداية أن السؤال يختص بما يمكن أن يكون للنيازك من علاقة سلبية بالحياة على الأرض، من خلال ما يمكن أن تحدثه من دمار وكوارث قد تقود الحياة إلى الاندثار، لكن السؤال هنا يختص بالجانب الإيجابي للنيازك ودورها في وجود الحياة على الأرض. ذلك أن هناك فريقًا من الباحثين – وإن كانوا قلة إلا أن حججهم قوية – يرى أن البذور الأولى للحياة الأرضية جاءت أول الأمر من مصادر خارجية، حملتها النيازك أو المذنبات ونثرتها على الأرض. وتعود جذور هذا القول إلى أزمنة موغلة في القدم، ربما مع بداية تطلع الإنسان إلى معرفة أصل الحياة على الأرض؛ فالقول بهبوط الحياة من الخارج راسخ في ثقافات مختلف الشعوب، وإن اختلفت الصورة التي يتصورها كل شعب لهذه الكيفية. وعمومًا ما يتوافر الآن من بيانات موثقة يوضح أن أول من أسهم بشكل مباشر في تجسيد فكرة البذور الكونية للحياة، هو الكيميائي السويدي «أ. س. أرهينيوس» A. S. Arhinuos [الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء] عندما اقترح في عام 1809 م أن الإشعاع الصادر عن النجوم يمكنه حمل الميكروبات الكونية إلى الأرض، والتي كانت بدورها بمثابة البذور الأولى للحياة الأرضية. ومع الاعتراضات الكثيرة التي تواجهها مثل هذه الآراء، والانتقادات العديدة التي توجه إلى هذا التوجه، يخرج من حينٍ لآخر باحثون يُعيدون إليها زخمها وبريقها، بما يسلّطون الضوء على هذه الآراء، وبما يقدمون من أدلة جديدة على ورود البذور الأولى للحياة عبر المواد الكونية المتساقطة على الأرض. وتمر هذه الآراء بمنعطفات كثيرة ما بين القبول والرفض، لكنها على أي حال لا تحقق ذيوعا كبيرا، رغم عجز نظريات الأصل الأرضي للحياة في تقديم دلائل قوية على ما تراه من أن الحياة نشأت وتطورت على الأرض.
ومنذ بداية ستينيات القرن الماضي، بدأ الاهتمام بالموضوع يعود ثانية إلى مسرح الحياة العلمية، وظهرت أبحاث مميزة تؤيد هذه الأفكار، وتقدم من الأدلة والشواهد ما يدعمها. ومن المؤلفات المهمة التي تتبنى قضية الأصول الكونية للحياة الأرضية؛ مؤلف العالم الشهير «فريد هويل» «البذور الكونية»، الذي نُشر في عام 1981م، ونقله للعربية العالم الراحل الدكتور أحمد مستجير. 6 ويناقش فيه المؤلف قضية الأصل الكوني للحياة، مفندا الآراء التي ترى أن الحياة نشأت أول الأمر على الأرض، ويرى أنها أتت من الفضاء. ومن بين الدراسات الحديثة عن الموضوع دراسة مهمة نشرتها مجلة «ساينتفك أمريكان»، في عدد يوليو عام 1999م، ونقلتها مجلة العلوم (الترجمة العربية لمجلة «ساينتفك أمريكان»)، عدد يناير عام 2000، تحت عنوان: «مواد الحياة الأولية المقذوفة من بعيد». 7 فهذه الدراسة ترى أن الحياة الأرضية، نشأت من الجزيئات الغنية بالكربون، التي تسبح في فضاء ما بين النجوم، وسقطت مع النيازك والمذنبات على الأرض الوليدة، حيث تشكلت منها الأحماض الأمينية والبروتينات التي قامت عليها الحياة أول الأمر.
ومع صعوبة قبول القول بأن النيازك قدمت الحياة للأرض، في ضوء المعطيات الحالية، يرى بعض الباحثين أن النيازك أسهمت بشكل مباشر، في تطور واستمرار الحياة على الأرض، من خلال ما قدمته من عناصر ضرورية للحياة؛ فبعض الباحثين يرى أن النيازك والمواد الكونية المتساقطة على الأرض، قدمت الماء الذي يميز الأرض ككوكب من بين كواكب المجموعة الشمسية ويختلف هؤلاء الباحثون، مع الباحثين الذين يرون أن الماء نشأ من دفقات المياه التي تخرج من أعماق الأرض، خلال ثورات البراكين، والأنشطة الأرضية الأخرى. وفي هذا الخصوص، ترى دراسة أعدها باحثان 8 من جامعة «أريزونا» بالولايات المتحدة الأمريكية أن النيازك الحديدية قدمت عنصر الفسفور للحياة الأرضية. فالفسفور هو خامس العناصر أهمية وشيوعا في المواد الحيوية، بعد الأكسجين، والهيدروجين، والكربون والنيتروجين. وتستعرض الدراسة شيوع الفسفور بالنسبة لهذه العناصر في الكون والمحيطات والبكتريا، حيث تسجل النسب التالية:
فما السبب وراء زيادة تركيز الفسفور في المواد الحيوية، مقارنة بنسبته في المواد الطبيعية؟ ترى الدراسة أن النيازك الحديدية، على وجه الخصوص، قدمت الفسفور للحياة الأولى؛ فمعدن الـ «شيربيرزيت» 3P(Fe,Ni)، الذي تقدمه النيازك الساقطة على الأرض، يتحلل في الماء العادي عند درجة حرارة الغرفة، ويتحرر عن تحلله عدد من مركبات الفسفور، منها المركب المهم للعمليات الحيوية، الذي يتكون من ذرتي فوسفور وسبع ذرات من الأكسجين.
________________________________________________
هوامش
(6)فريد هويل، البذور الكونية، ترجمة: دكتور أحمد مستجير، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1989.
(7) واد الحياة الأولية المقذوفة من بعيد، مجلة العلوم، عدد يناير عام 2000.
(8) Pasek MA, Lauretta DS (2005): Aqueous corrosion of phosphide minerals from iron meteorites: A highly reactive source of prebiotic phosphorus on the surface of the early Earth. Astrobiology, 5 (4), p. 515–535
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
مكتبة العتبة العباسية.. خدمات رقمية متطورة وجهود لتلبية احتياجات الباحثين
|
|
|