المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الدفوع الشكلية الجائز إثارتها لأوّل مرة أمام محكمة التمييز الاتحادية
2023-08-15
Ramon Llull
25-10-2015
كيف يمكن التصدي للطفل الصاخب
6-8-2022
إيجاز وإيفاء أم براعة في بلاغة البيان ؟
5-11-2014
Alpha Decay (α)
27-3-2017
قضايا النشر والمنافسة العلمية
2023-12-27


الشاب ونمو الشخصية  
  
978   12:20 صباحاً   التاريخ: 2023-06-08
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص35ــ45
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

قال تعالى في محكم كتابه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: 7].

نمو الشخصية:

إن الشخصية الاجتماعية للإنسان وصفاته الأخلاقية هي كسائر أعضاء جسمه وعضلاته في حالة نمو مستمرة منذ الأيام الأولى لولادته، ولكل من العوامل الطبيعية والظروف التربوية دور في تنمية الصفات الأخلاقية للإنسان ونمو شخصيته ، حيث تترسى قواعد أخلاقه وطبائعه شيئاً فشيئاً ، وعلى أساسها يبني علاقاته مع المجتمع .

وهنا يأتي دور الآباء والأمهات والمربين، إذ تدعوهم المسؤولية إلى الإشراف على ابنائهم إشرافاً صحيحاً وبناء شخصيتهم على الصفات الحميدة. كذلك ينبغي على الشباب أن يراقبوا أنفسهم ويلتفتوا إلى أخلاقهم وصفاتهم ، وأن يبادروا إلى إصلاح كل صفة رذيلة قد يكتسبونها.

تدارك النقص:

(اعلموا أن شخصيتكم كانت منذ ولادتكم وما زالت في حالة نمو مستمر، لذا قد تحسنون تكوينها لما فيه خيركم وسعادتكم إن كنتم صادقين مع أنفسكم ، أي ينبغي عليكم أن تفكروا بسبل تدارك النواقص الموجودة في شخصيتكم دون خجل أو وجل ودون استثناء أي منها ، لأن العيب أو النقص لا يمكن أن يبعث على الحياء إلا حينما لا نبادر إلى تداركه)(1) .

الشخصية والنشئة الطبيعية :

إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الصفات الطبيعية والمميزات التكوينية لكل إنسان ، هي أساس جانب من شخصيته ، وأن الصفات والمميزات المختلفة التي يحملها الطفل منذ ولادته تختلف من واحد لآخر، نستنتج أن النشئة الطبيعية لشخصية الإنسان منذ ولادته تختلف من شخص لآخر ، وتبدأ أخلاق الإنسان وطبائعه التي تشكل فيما بعد صفات شخصيته تتبلور تدريجياً على أساس هذا الاختلاف.

«لقد أظهرت الدراسات التي أجراها علماء النفس حول المولود حديثاً ، ان هناك اختلافات في سلوك وطبائع الأطفال منذ الأيام الأولى للولادة ، فثمة طفل هادئ مستقر ، وثمة طفل عصبي غاضب غير مستقر يبكي باستمرار. وقد يكون للفترة التي يقضيها الطفل في بطن أمه وطريقة ولادته أثر في سلوكه العام ما بعد الولادة ، حتى لدى الأطفال الذين يولدون من أم واحدة ولهم أب واحد ، هناك اختلافات في الطبائع والسلوك».

«ومن طفل لآخر تتفاوت الأخلاق والخصال والتركيبة العامة من حيث نوع النشاط وقدرة العضلات، ونسبة التكيف مع البيئة والقدرة الجسمانية وقابلية المقاومة ضد الآلام والاستعداد أو البكاء او ما شابه ذلك من انفعالات أو ردود فعل».

الرضيع وردود الفعل:

يرى علماء النفس أن الحياة النفسية للرضيع معقدة للغاية وغامضة ، بحيث تضاربت الآراء حولها. فالبعض من علماء النفس يعتقد أن الرضيع لا يملك شخصية معنوية ونفسية ، وكل ما هناك سلسلة من ردود الفعل تصدر عنه في الأشهر الأولى من ولادته، وتبدأ شخصيته تتبلور وتظهر منذ أن يشعر بوجوده بين الآخرين ، حينها فقط تبدأ خصوصياته الخلقية والنفسية بالظهور. والبعض الآخر من علماء النفس يعتقد أن للرضيع منذ ولادته شخصية معنوية خفية ليس بمقدوره إبرازها لأنه يفتقر للوسيلة .

الطفل والشخصية الخفية :

«من النقاط الأساسية التي تميز بها الطب النفسي الحديث عن نظيره في العصور السالفة ، هو التوصل إلى وجود شخصية حقيقية خفية لدى الطفل، وهذه الشخصية ليس لها أي مظهر خارجي حتى في الحالات التي يبدو فيها الشعور الظاهر للطفل عشوائياً ولا إرادياً ، وهذه المسألة تضطرنا إلى الرجوع لكتاب العالم النفساني «باروك» (الطب النفسي الأخلاقي والتجريبي والفردي والاجتماعي) ، حيث قدم «باروك» تعريفه لهذه الشخصية على الشكل الآتي:

ردود فعل غامضة:

«إذا ما نظرنا إلى مريض نفسي وأخضعنا كل انفعالاته لدراسة وتحليل دقيقين ، لاتضح لنا بعد فترة وجيزة أن وراء هذه الانفعالات التي قد يبدو بعضها غير طبيعي ومثيراً للدهشة والاستغراب ، إنساناً حقيقياً يشعر ويتألم ويميز ويبدي ردود فعل مختلفة مثله مثل أي إنسان سليم ، وغاية ما في الأمر أن انفعالاته وأعماله هذه كانت مبطنة أو مخفية وأخذت تبرز بصورة غير مباشرة ومثيرة للدهشة والغرابة. وسبب هذه المظاهر هو ما أطلق عليه «باروك» اسم الشخصية العميقة والخفية» .

«وفي الأطفال الرضع الذين يشبهون في كثير من الجوانب من الناحية الفيزيولوجية المجانين ، تثبت انفعالاتهم وردود أفعالهم الدفاعية وميولهم أن لهم شخصية لم تظهر بعد ، لأنهم يفتقرون لقدرة إظهارها ، وذلك بالرغم من أنهم يفتقدون قدرة التكلم أو القيام بأية حركة أخرى معبرة .

إلا أن قدرة إظهار الشخصية التي تعتبر منعدمة تماماً لدى المجانين نتيجة المرض ، موجودة لدى الأطفال الرضع لكنها لم تنم وتتوسع بعد "(2).

نمو الجسم والشخصية :

تنمو شخصية الطفل الرضيع تدريجياً مع نمو قواه الجسمية والعصبية . فالطفل الذي يبلغ من العمر عامين ، يكون قد تخطى مرحلة الرضاعة، وتعلم الكثير من المسائل من أبويه ، واجتاز مراحل متعددة في طريق تنمية شخصيته ، فهو قد التقط جميع الصفات الحسنة والسيئة من محيط الأسرة ، وتطبعت نفسيته عليها ، وهي تصدر منه أثناء لعبه أو الإحتكاك بالآخرين ، ومن هنا تتكون شخصيته سيئة كانت أم حسنة .

تفتح العواطف والأحاسيس:

والمرحلة الثانية للطفولة تبدأ من العام الثالث بعد الولادة وحتى سن الحادية عشرة أي بداية مرحلة البلوغ . وخلال هذه المرحلة الطويلة إلى حد ما ، تحصل تطورات وتحولات كبيرة على جسم الطفل ونفسيته ، مما يترك أثراً بالغا على نمو شخصيته. ففي هذه المرحلة تزداد قوة إدراك الطفل وتتفتح عواطفه وأحاسيسه وتتضاعف غرائزه وميوله بشكل ملحوظ ، حيث تزداد سرعة حركة الطفل ويركز سلوكه وبيانه ، وتكتمل الصفات التي كان قد التقطها في المرحلة الأولى للطفولة ، وتنمو شخصيته مهما كان اتجاهها.

«تسيطر على الطفل منذ بداية المرحلة الثانية للطفولة وربما قبل هذه المرحلة أحياناً، حالة من التوتر الخلقي وتجتمع فيه المتناقضات من قبيل الغرور أو التواضع، الفرح أو الحزن ، سوء الظن وعدم الثقة أو حسن الظن والثقة ، التسامح أو الثأر ، الحقد أو المحبة ، وغير ذلك من السجايا الأخلاقية الحميدة أو الذميمة ، وبذا تتشكل قاعدة الطبيعة النفسية للطفل، وهناك بعض الأطفال ممن يستحيل وصف حياتهم الداخلية ونفسياتهم لغموضها.

وانطلاقاً من هذه المرحلة تتبلور طبائع الفرد ويبرز مسلكه النفسي الذي سيؤثر على حياته الفردية والاجتماعية» .

تجلي الضمير الأخلاقي:

«وفي المرحلة الثانية للطفولة تتجلى مفاهيم الإخلاص والشعور بالمسؤولية والاحترام وغيرها ، وغالبا ما يسيطر الضمير الأخلاقي أي حس التمييز بين الخير والشر على شخصية الفرد. وتنشأ معظم الأحاسيس مثل العفة والستر والندم والحياء وأحياناً الانحرافات العدوانية ، من اختلالات تصيب الضمير الأخلاقي أو صدمات خفيفة تلحق به نتيجة نمو الغرائز» .

التمييز بين الخير والشر:

«لقد أجرى «بياجيه» ضمن سلسلة تحقيقاته الشهيرة والمثيرة للإهتمام دراسة حول مراحل نمو حالة التميز الوجداني لدى الأطفال ، معتمداً على اختبارات خاصة. وقد أثبت هذا العالم المعروف أن التمييز الوجداني يكون لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 - 12 سنة، ضعيفاً في البداية ومعتمداً على الغرائز والميول المادية، ويبدأ بالنمو تدريجياً حتى يصل إلى حد الدقة في الإدراك الإرادي والشعور بالمواساة والمسؤولية وبالتالي التمييز بين الخير والشر»(3).

وتضطرب خلال الدورة الثانية للطفولة ظروف حياة الطفل شيئاً فشيئاً ، ويبدأ الطفل يواجه ظروفاً وأحوالاً جديدة. وفي هذه الدورة بالذات تزداد قوة إدراك الطفل وتتفتح عواطفه وأحاسيسه وتتعزز قدرته البدنية ويتوسع نطاق نشاطاته ، وتتضاعف ثقته بنفسه إلى حد الاعتماد على النفس ، وذلك نتيجة نمو قواه المادية والمعنوية .

وفي هذه الدورة ايضاً ينطلق الطفل إلى خارج محيط الأسرة ، ليدخل إلى الروضة ومن ثم إلى المدرسة، ويرى وجوهاً جديدة ويتعرف على أشخاص لم يكن يعرفهم من قبل. فيترك المحيط العام للروضة والمدرسة وطبائع الأطفال ومواعظ المربين والمعلمين، وكل ما يراه وسمعه اثراً في نفسيته يساعد على نمو شخصيته سلباً كان ام إيجاباً.

تفجر الاستعدادات:

كذلك يسهم اعتدال الأبوين في محبتهما للطفل وتنويه المعلم والمربي له ، في تفجر الاستعدادات الكامنة في اعماق الطفل ونمو شخصيته نمواً سليماً ، لأن عدم الاهتمام بالطفل وظلمه وتوبيخه دون سبب من قبل الأبوين والمعلم والمربي ، من شأنه أن يقمع في اعماقه كل الاستعدادات ، ويولد عقدة في نفسيته ، فتأتي شخصيته مريضة مهزوزة .

تكوّن الأخلاق:

بما أن الحديث ما زال حول الدورة الثانية من الطفولة ، نرى من الضروري أن نشير إلى أن الطفل في هذه الدورة يظهر حساسية خاصة تجاه أعمال وسلوك المحيطين به حسنة كانت أم سيئة ، كما تصدر منه ردود فعل مختلفة. ومما لا شك فيه أن الممارسات الخشنة أو الظالمة أو الممارسات الحسنة الصادرة عن المحيطين بالطفل ، وكذلك احترام الطفل أو احتقاره وتوجيه الإهانة له ، كل ذلك يترك أثراً عميقاً في تكون أخلاقه وطبائعه، وكذلك في كيفية نمو شخصيته. وبإنقضاء هذه الدورة يكون الطفل قد بدأ مرحلة البلوغ المحفوفة بالتوترات والاضطرابات. ويبدأ الطفل ما بين الثانية عشرة والخامسة عشرة من العمر، مرحلة ثالثة من الطفولة وهي مرحلة المراهقة، وتأثير هذه المرحلة على تكون أخلاق الطفل وطبائعه وكذلك نمو شخصيته أهم بكثير من تأثير المرحلتين الأولى والثانية.

أزمة البلوغ:

وبالرغم من أن شخصية الطفل تبدأ نموها منذ أيام الرضاعة ، ويستمر هذا النمو حتى انقضاء المرحلة الثانية من الطفولة وهي مرحلة تسبق مرحلة البلوغ ، إلا أن هناك تغيرات جذرية تطراً على جسم الطفل ونفسيته نتيجة تأثيرات عوامل البلوغ التي تبرز خلال المرحلة الثالثة من الطفولة، فيصيب الإرباك الشديد أخلاقه وطبائعه وتنقلب شخصيته لتدخل مرحلة جديدة من التفاعل والنمو، وبإيجاز نقول لا يمكن المقارنة بين تأثيرات المرحلة الثالثة على نمو شخصية الطفل وتأثيرات المرحلتين الأولى والثانية.

«بانتهاء مرحلة الطفولة الثانية يتعرض جسم الطفل ونفسيته لثورة كبيرة تؤدي إلى بلورة شخصية البالغ ، وهذه المرحلة تسمى بمرحلة البلوغ» .

«ثمة تغييرات جذرية تطرأ على كافة أعضاء جسم الإنسان خلال هذه المرحلة ، أهمها تلك التي تطرأ على الجهاز الغددي للإنسان والتي تؤدي بالتالي إلى نمو الأعضاء التناسلية وظهور الخصائص الجنسية الثانوية ، كخشونة الصوت ، ونبت الشعر ، وزيادة النمو العضلي والطولي للإنسان ، ومن هنا فإن تغييرات مهمة وكثيرة تطرأ على كافة أعضاء جسم الإنسان» .

«وثمة تآزر وتكامل ما بين الجهاز العصبي والجهاز الغددي ، أبرز ما يبدوان فيه في حالات التوتر الإنفعالي»(4) .

تغييرات جذرية في الأخلاق والمعتقدات :

«إن التغييرات العضوية التي تحدث في بداية البلوغ تترك أثراً عميقاً في كيفية نمو شخصية الإنسان. والتصرفات الجديدة للبالغ حديثاً حيال نفسه وفي علاقاته مع الآخرين، وكذلك رغباته وميوله الجديدة، تشكل تغييراً جذرياً في اخلاقه وطبائعه».

«وفي سن الثانية عشرة تطرأ تغييرات جذرية على أفكار الطفل ومعتقداته ، وقد أثبتت التحقيقات التي أجريت حول الصفات والخصائص الأخلاقية التي تستأثر باهتمام الطفل ما بين الثانية عشرة والخامسة عشرة من العمر ، ان البالغ حديثاً يقف خلال هذه الفترة عند طفولية رغباته وميوله السابقة ، ويبدأ يتطلع إلى خصائص أخرى موجودة فيمن هم من عمره».

«ففي سن الثانية عشرة تنجذب الفتاة وفقاً لثوابت وخصوصيات مرحلة البلوغ ، نحو شخصية الآخرين ، وما أن تصبح في سن الخامسة عشرة حتى تعتبر نفسها كاملة البلوغ ، فتسعى قدر استطاعتها لزيادة جاذبيتها ومحبوبيتها لدى الغير».

«وفي هذه السنين بالذات تحصل تغييرات ملحوظة في أفكار الفتى ومعتقداته فيما يخص بقيمومة الآخرين عليه ، وقد يلازم الطفل في الثانية عشرة من العمر الشعور بالاستقلالية والغرور ، ويبقى متجاهلا للأوامر الصادرة ممن هم أكبر منه سناً ، إلا أنه في منتصف مرحلة البلوغ تولد في نفسه رغبة شديدة لإبراز خصائص الرجولة الجديدة إن في خلقه أو في طبائعه ، ليثبت أنه قد بلغ فعلا ويجب التصرف معه كرجل»(5) .

ميول غير مستقرة:

تشكل عوامل البلوغ مصدراً للتحولات الطبيعية التي تطرأ على جسم الفتى ونفسيته. فظاهرة البلوغ تعكر مزاج الفتى البالغ حديثاً وتجعله مضطرباً ، وهذا ما ينجم عنه رغبات مختلفة وميول حادة غير مستقرة تتفتح في أعماقه ، فكل رغبة تدفعه إلى اتخاذ تصميم ما وسلوك طريق ما ، ولكن لم يمض وقت طويل حتى يعود إلى رشده ويغير من تصميماته وسلوكه، ولا بد من القول إن هذا التغيير في التصميم والسلوك والإقدام والتراجع ، كل ذلك يساهم في تنمية قدرته على تمييز الأمور وتقييمها ، وينمي فكره ويمهد الأرضية لنمو شخصيته.

«إن مرحلة الطفولة الثالثة هي مرحلة تتكامل فيها اخلاق الفتى تدريجياً فيندفع للتكيف مع بيئته ومحيطه الأسري والاجتماعي. إن فترة البلوغ هي فترة القلق والاضطراب التي يصعب فيها التكيف مع المحيط» .

«والشخصية في هذه الفترة تكون متقلبة في البداية ، تتلون بعدة ألوان تتناقض أو بالأحرى تبدو متناقضة وشخصية الفرد وما يحيط به ، ولكنه بالنتيجة مكملة لتركيبة شخصيته» .

بناء الشخصية :

«إننا نخطئ إذا ما تصورنا أن المساعي التي تبذل لبناء الشخصية هي مساع لا أهمية لها على مستقبلنا كالشكوك التي تعصف بالإنسان مع ولادة الغريزة الجنسية ، على العكس ، فهذه المساعي تشكل علامة واضحة على ميل الشخصية نحو وجهة معينة وتواصل رئيسي»(6).

قيم الحياة :

إن إحدى الحالات التي تشاهد بشكل عام في جميع البالغين حديثاً ، وتستحوذ على أفكارهم ، هي اهتمامهم بقيم الحياة على اختلافها . فالفتى يقف خلال مرحلة البلوغ على أهمية المسائل الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والسياسية والأخلاقية والدينية والجمال وما شابه ذلك، وتولد في نفسه علاقة خاصة تجاه كل ما من شأنه أن يؤثر على الحياة المادية والمعنوية للإنسان والتي تسمى بالقيم على حد تعبير علماء النفس.

«والقيم ، كلمة تطلق في عرف علم النفس على كل ما من شأنه أن يسد احتياجات الإنسان أو يساعده على تامين احتياجاته ، سواء كان شخصاً او شيئاً أو فكرة أو حادثة. وليس للقيمة اي مفهوم غير تلك التي يوليها الإنسان لشيء ما، ومن هنا فإن مفهوم القيمة مفهوم ذهني قد لا تربطه أي علاقة بالمفهوم الاجتماعي للقيمة ، أي القيمة التجارية لجنس ما أو عمل معين»(7).

__________________________

(1) نمو الشخصية، 26.

(2) الطب النفسي للطفل، ص307.

(3) الطب النفسي للطفل، ص 27.

(4) الطب النفسي للطفل، ص 29.

(5) علم نفس الطفل، ص311.

(6) ماذا أعرف؟، البلوغ ، ص73.

(7) نفس المصدر، ص 11. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.