أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
1038
التاريخ: 2023-12-12
927
التاريخ: 11-8-2016
1499
التاريخ: 25-8-2016
935
|
قام الباحث س. ر. جيمس James .R .S بفحص ثلاثين موقعا لكهوف في أوروبا وآسيا وأفريقيا في عصر البليستوسين الأدنى والأوسط، ووصل إلى نتيجة مفادها أنه لم توجد مدافئ بما لا يدع مجالاً للشك إلا بعد نشوء إنسان النياندرتال، في نهاية عصر البليستوسين الأوسط (أي منذ حوالي 80 ألف سنة).17
لقد كانت المدافئ القديمة تُبنى في وسط الغرفة، وكان يُوجد فتحة في سقف الحجرة وفوق النار مباشرةً تسمح بتسرب الدخان؛ أي إن جدران الموقد هي نفسها جدران الغرفة؛ لذلك كان الناس يستنشقون الدخان والغازات المتصاعدة من النيران، وكان الرومان يُطلقون على هذا النوع من الحجرات اسم «أتريوم atrium» ومعناها «الحجرة السوداء» نظرًا لانتشار السناج في كافة أرجاء الغرفة.18
إن أي شخص يزور بومبي في إيطاليا أو هيركولانيوم اليوم لا يستطيع تفادي العشور بأنه بين أطلال مدينة ذات مناخ استوائي، والتي لا يصل إليها الشتاء البارد إلا بدرجة حرارة متدنية قليلًا في عمق الشتاء! وقد يكون صحيحًا في السياق التاريخي، بأنَّ تلك المساكن كانت تتزامن مع إحدى الدورات الكثيرة الدافئة للألفيتين الماضيتين. لكن هذا لم يكن موجودًا في المناطق الأخرى من الإمبراطورية؛ حيث الفصل البارد كان يتم الشعور به كثيرًا. ثمة نوافذُ فيها زجاج وبيوت ذات نظام تدفئة، بحيث إنه كان بيتًا مقبولًا بدرجة أكبر من البيت الحديث. كان هذا التنوع المحلي للهيبوكاست hypocaust وهو نظام تدفئة روماني قديم يتضمَّن فراغات مجوفة تحت الأرضية؛ بحيث يسري داخلها الهواء الحار الذي يتم توجيهه من خلالها، وهو نظام مُستعمل أيضًا بشكل واسع في الحمامات الساخنة. كان الهيبوكاست ببساطة عبارة عن مرجل يتم تسخينه باستعمال الخشب، لإنتاج كمية كبيرة من الهواء الدافئ، وذلك بسبب الضغط المختلف للهواء البارد، وقد كان قادرًا على التوزّع تحت المنصات وخلف الجدران من أجل هذا الغرض شيَّدوا أعمدةً ودعامات خاصة تدعى sospensure ، حتى يرفعوا الأرضية بينما كان القرميد المجوف يدعى parietes tubulati يتم تركيبها على طول الجدران مرتبطة بفراغ تحت الأرضية؛ حيث يُفرَّغ الهواء الساخن بعد أن يسخّن الجدران من الواضح بأن درجة حرارة الهواء الموزّعة كانت منخفضة نسبيًّا لكن بعد يومين كانت كافيةً لتدخل داخل البناء وتقدم الدفء، وبالتأكيد لم يكن يُوجد نقص بالخشب ليبقي المرجل شغالا باستمرار. المرجل نفسه كان يتم استعماله أيضًا لتسخين الماء في الحمامات والمغاطس المنزلية.19
اختفت التدفئة بنظام التدفئة بالهواء الساخن أو الهيبوكاوست مع نهاية الإمبراطورية الرومانية، ولكنَّ تطورًا جديدًا في التدفئة الداخلية ظهر في أوروبا الغربية مع بداية القرن الثاني عشر؛ حيث بدأت تحل المدفأة المبنية الحجرية والمدخنة محل النظام الروماني المركزي؛ حيث كانت فتحات السقف الكبيرة على النار المركزية تعمل حتى في ظروف الرياح والمطر؛ لذلك كانت تُصمَّم لكل بيت مدفأة واحدة فقط وللمباني الكبيرة بأقل عدد ممكن.
(إلى اليمين) طور الرومان فكرة التدفئة بالهواء الساخن أو الهيبوكاوست، ولكن بالطبع فإنَّ أفرانهم تختلف اختلافًا جوهريا عن أجهزتنا الحالية؛ حيث إنهم كانوا يوقدون نارًا في فرن مكشوف وفي حجرة صغيرة يكون مستواها أقل من مستوى الحجرات الأخرى. وكان الهواء الساخن ينتقل من النار إلى الحجرات خلال أنابيب من الفخار، وكان ينتقل مع هذا الهواء الساخن الدخان والغازات التي تنبعث من النار؛ ولذلك لم تكن هذه الطريقة أفضل من سابقتها في الإتريوم. (مصدر الصورة موقع: www.pinterest.com أما مصدر التعليق: باركر، برتا موريس الحرارة، ص 27.) (إلى اليسار) تُعد كنيسة قسطنطين في ترير في ألمانيا أحد الأمثلة الحية الباقية حتى اليوم على نظام التدفئة بالهواء الساخن أو الهيبوكاوست. (مصدر الصورة موقع en.wikipedia.org/wiki/Aula_Palatina أما مصدر التعليق: The Britannica guide to inventions that changed the modern world/edited by Robert Curley. 1st ed. Published by Britannica Educational Publishing, New York, 2010, p. 227),
وكانت الغرف التي يتم تدفئتها تميل لتكون كبيرةً تتسع للعديد من الأشخاص؛ حيث العديد من الأشخاص يمكنهم أن يتشاركوا دفء النار. فتح السقف لم يُزل الدخان بشكل فَعَّال، فقد بَقِيَت بعض الأسقف تجعل شاغلي الغرفة يُعانون من ناحية أخرى، فإنَّ المدخنة لم تكن تسمح بتمرير الكثير من الهواء أو الماء لإزالة معظم الدخان. ومع أنَّ الكثير من الحرارة كانت ترتفع في المداخن، يمكن اعتبارها تقدُّمًا كبيرًا، والأهم من ذلك أنَّه يمكن استخدامها لتسخين كلٌّ من الغرف الصغيرة والكبيرة والمباني المتعدّدة الطوابق أيضًا. المنازل، وخصوصا الكبيرة منها، تم تقسيمها إلى مساحاتٍ أصغر حجمًا وأكثر خصوصية لتسخينها من المدفأة الخاصة بها، وهو التغيير الذي أدى إلى تغيير جذري في الحياة الاجتماعية في باكورة القرون الوسطى. وخلال عصر النهضة، تم تحسين كفاءة التدفئة الداخلية من خلال إدخال الحديد الزهر والطين، التي وضعت في مكان قائم بذاته في الغرفة. لقد كانت الحرارة الإشعاعية التي تُنتَج وتُوزّع بشكل متجانس في فضاء الغرفة، وكانت تعتمد على الفحم بوصفه وقودًا جديدًا استبدل بسرعة مكان الخشب في أوروبا الغربية. وبحلول الثورة الصناعية بدأت تقنيات التحكم البيئية تتطور بشكل كبير. استمر الموقد والمدفأة المصادر الرئيسة للتدفئة طوال هذه الفترة، ولكن تطوير المحركات البخارية والمراجل المرتبطة بها أدت إلى تقنية جديدة على شكل بخار التدفئة. كان جيمس واط يسخّن مكتبه الخاص بتيار من البخار يمُرُّ عبر الأنابيب في بواكير عام 1784م.20
وخلال القرن التاسع عشر، تم تطوير أنظمة البخار والتدفئة ولاحقا المياه الساخنة تدريجيًّا؛ فقد استخدمت المراجل المركزية التي تعمل بالفحم والمتصلة بشبكات أنابيب وزّعت السائل الساخن في مشعًاتٍ من حديد الزهر ثم يعود إلى المرجل للتسخين. كانت حرارة البخار تتحسّن تحسنًا كبيرًا على المدافئ والمواقد لأنَّ جميع نواتج الاحتراق تم التخلص منها من المساحات المشغولة، ولكن مصادر الحرارة لا تزال مركّزة في المشعات.21
_______________________________________________
هوامش
17- سيمونز إيان البيئة والإنسان عبر العصور، ترجمة: السيد محمد عثمان، سلسلة عالم المعرفة 222، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، يونيو، 1997م، ص108.
18- باركر، برتا موريس، الحرارة، ترجمة: عبد الفتاح المنياوي، دار المعارف، القاهرة، 1993م، ص25.
19- .Rossi, Cesare & Russo, Flavio & Russo, Ferruccio, Ancient Engineers' Inventions, p. 257
20- .The Britannica guide to inventions that changed the modern world, p. 228
21- .Ibid, p. 229
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|