أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-10-2014
2200
التاريخ: 2023-04-20
1183
التاريخ: 2023-05-12
1210
التاريخ: 3-12-2015
2009
|
المراد من الإحسان في قوله {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 58] هو فعل الخير والإتيان بالعمل على أحسن وجه.
وعلى هذا الأساس يكون القصد من الآية هو: أولئك الذين امتثلوا للأوامر الثلاثة:
1.دخول القرية؛ 2.ورود الباب بخضوع؛ 3.قول حطة بأفضل ما يكون الامتثال فإننا، مضافاً إلى غفران ذنوبهم وخطيئاتهم، سنغدق عليهم الرحمة والثواب أيضاً؛ فبوصف الغفار سنغفر لهم ذنوبهم أولاً، وبصفة الرحيم سنمتعهم برحمة خاصة ثانياً؛ يعني إن عملية نفض الغبار وإزالة الرين تتم أولاً من خلال غفران الذنوب ثم يأتي الدور للاصطباغ بالصبغة الإلهية.
هذا المعنى يستلزم استعمال عنوان "المحسن" في معناه اللغوي، أي مطلق إنجاز العمل على أتم وجه؛ كما جاء في رواية عمر بن يزيد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف الله عمله لكلّ حسنة سبعمائة ..... [ عند ذاك يسأله الراوي عن معنى الإحسان ]: فقلت له: وما الإحسان؟ فقال: "إذا صليت فأحسن ركوعك وسجودك، وإذا صمت فتَوَق كلّما فيه فساد صومك... وكل عمل تعمله لله سبحانه وتعالى فليكن نقياً من الدنس"(1).
لكنه يستفاد من مجموع الآيات وبعض الروايات الواردة في المحسنين أن وصف "المحسن" يشير إلى كمال أسمى. فالمحسن ليس من يتقن عمله فحسب بل هو ذلك الذي يتمتع أيضاً بمعرفة حسنة ويقين متقن بالله عز وجل، وبتعبير الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) عندما سُئل عن الإحسان فقال: "أن تعبد الله تعالى كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (2).
من الممكن القول إن هذا المعنى متلازم مع الإتيان بالعمل على نحو حسن؛ أي إن الشخص القادر على إتقان أعماله هو ذلك الذي يتمتع بهذه الركيزة القلبية والعقائدية، لا أن المعنى اللغوي للإحسان قد تغير، لكن يمكن القول في الوقت ذاته إنّه يُستشف من مجموع الآيات الواردة في هذا المجال أن عنوان "المحسن قد بات مصطلحاً عبادياً وأخلاقياً واكتسب مفهوماً جديداً وسيأتي توضيح ذلك في قسم لطائف وإشارات الآيات المرتبطة به".
من هذا المنطلق، وبما أن عنوان "المحسن" في الآية محط البحث جاء بصيغة اسم الفاعل الذي يؤدي ظاهراً معنى الصفة المشبهة)، فإن بعض المفسرين (3) لم يفهموا من عنوان المحسنين معنى الامتثال للأوامر الثلاثة المذكورة أعلاه على أتم وجه، بل قالوا: إنهم أولئك الذين لم يتدنّسوا بالخطيئة إلى ذلك الحين وحافظوا على ثباتهم واستقامتهم بعيداً عن أي تلوث ومعصية على مدى مسير الصحراء ذي الأربعين سنة المليء بالمنعطفات والمطبّات من هنا فإن جملة ونغفر لكم خطاياكم لا تخاطب هؤلاء بل إن من اللائق أن يُقال في حقهم: إن امتثالهم للأوامر الثلاثة المذكورة كان مدعاة لمضاعفة حسناتهم (أي إن الامتثال لتلك الأوامر هو بمثابة توبة للعاصي المذنب أما بالنسبة للمحسنين فهو سبب لازدياد الحسنات).
ملاحظة: ذكر للإحسان معنيان: الأول هو الإتيان بالحَسَن والآخر فعل الخير للآخرين، والنسبة بين هذين المعنيين هي العموم والخصوص المطلق؛ أي كلما أحسن المرء للآخرين صدق على عمله فعل الخير، وفي بعض المواطن يصدق على العمل فعل الخير لكن لا يصدق عليه عنوان الإحسان للآخرين؛ فمثلاً:
1. تهذيب النفس وتزكية الروح وسائر المسائل الأخلاقية التي يعد كل واحد منها بحد ذاته مصداقاً لعنوان الإحسان الذي هو بمعنى إتقان العمل وفعل الخير، ولكنه ليس مصداقاً للإحسان الذي يكون بمعنى فعل الخير للآخرين.
2. إنزال العقاب بالمتجاوز وتنفيذ الحد الشرعي بحق الظالم والذي يعد بحد ذاته إحساناً بمعنى القيام بفعل حسن لكنه بالنسبة لهذا الظالم لا يعد إحساناً بمعنى فعل الخير تجاهه، على الرغم من أن الحكم العادل وتنفيذ الحدود الإلهية هو خير وإحسان للجميع.
زيادة الثواب والإحسان للمحسنين
إن صياغة جملة: سنزيد المحسنين بصورة الوعد لا بصورة الجواب أي إنه تعالى لم يقل: "ونَزد المحسنين لتكون نتيجة لذلك استمراراً لقوله: نغفر لكم ويكون مفهوم الجملة: إذا امتثل المحسنون لتلك الأوامر فسنزيد في إحسانهم أو سنثيبهم بالإضافة إلى مغفرة خطاياهم، بل قال بعد إتمام الجواب وبشكل مستقل: سوف نزيد في ثواب المحسنين وإحسانهم، نقول إن صياغة الجملة بهذه الصورة قد تكون فيها إشارة إلى أن الإنسان المحسن هو لا محالة ممتثل للأوامر المذكورة وهو في صدد ذلك وإن كلمة "إذا" لا تتناسب مع حاله لأنها علامة على التشكيك (4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. المحاسن، ج 1، ص 386؛ وتفسير نور الثقلين، ج 1، ص 181.
2. مجمع البيان، ج 3 - 4، ص 178. من الممكن أن يكون ذيل الحديث المذكور في مقام التعليل؛ فيصبح المعنى إن علة قولى: "أعبد الله كأنك تراه. أنك إن كنت أنت لا تراه فإنه هو يراك وإنك في محضر الذات الإلهية المقدسة. إذن يتحتم عليك أن تعبده على نحو وكأنك تراه فعلاً؛ إذ أنه ليس من الضروري - من أجل عبادة خالصة وبحضور قلب أن يكون المعبود مرئيّاً حتماً للعابد، بل يكفي أن يستشعر العابد ويعلم بأنه في مشهد المعبود ومحضره.
3. راجع تفسير أبي السعود، ج 1، ص 127؛ وراجع الجامع لأحكام القرآن، مج 1، ج 1، ص 389؛ وراجع تفسير الصافي، ج 1، ص 120؛ وراجع جوامع الجامع، ج 1، ص 53.
4. راجع تفسير منهج الصادقين، ج 1، ص 279، (وهو بالفارسية).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|