أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2019
2921
التاريخ: 19-4-2019
2293
التاريخ: 19-4-2019
1736
التاريخ: 2023-05-23
1019
|
بعد أن عبر جنكيز نهر سيحون، وصل إلى قلعة زرنوق. وكان أهالي المدينة قد عزموا على مقاومة جيشه، إلا أن خان المغول أوفد دانشمند الحاجب الذي كان من رجاله المسلمين قبل وصول الجيش يدعوهم لقبول طاعته. فأرسل أهالي زرنوق الهدايا الثمينة إلى جنكيز بناء على نصيحة دانشمند الحاجب. فأمنهم جنكيز. وبعد إحصاء عدد الرجال في تلك المدينة خرج شبابهم الذين عرفوا (حَشَر) (1) مع جيش المغول في اتجاه بخارى. وفي زرنوق، اقتاد عدد من التركمان ممن خبروا مسالك ما وراء النهر جيش جنكيز عبر طريق لم يكن مطروقاً حتى ذلك الوقت وأصبح من بعد يعرف بالطريق الخاني نحو قلعة نور (على بعد اثني عشر فرسخاً شمال شرقي بخارى). كان وصول جند المغول إلى مدينة نور مفاجئاً وغير متوقع إلى حد ما، فظن أهالي المدينة في البداية أنهم جماعة من تجار القوافل، ولكن حين قام قائد حراس جنكيز وتعرف رتبته بـ تایر بهادر (2) بإبلاغ الأهالي بوصول جنكيز ودعاهم لقبول طاعته، لم يجدوا أمامهم سوى تسليم المدينة للقائد الأعلى من تاير بهادر ورتبته سبتاي بهادر (3) وأبلغ تاير بهادر أهالي نور بأمر السبتاي بهادر بحمل ما يحتاجونه من مواد بناء وزراعة وماشية وأغنام معهم إلى الصحراء وأن يتركوا ديارهم كما هي، وأغار المغول عليها. وبعد أن وصل جنكيز إلى مدينة نور لم يطالب إلا بالألف والخمسمئة دينار التي كانت تؤدى الخوارزمشاه. ودفع الأهالي نصف هذا المبلغ من حصيلة بيع أقراط النساء، وأجلوا دفع النصف الآخر إلى حين وأمنوا شر المغول. وبعد استيلاء جنكيز على زرنوق في غرة ذي الحجة 616هـ، وصل إلى بوابة بخارى وحاصر المدينة. كان تعداد الجيش الذي تركه خوارزمشاه في بخارى يتراوح عند المؤرخين بين اثني عشر ألف وثلاثين ألف جندي. وكان كبار قادة هذا الجيش هم اختيار الدين كـشـلـو كـبـيـر حـوذية خوارزمشاه وإينانج خان الحاجب. وبعد الأيام الثلاثة التي استغرقها حصار بخاری، خرج الجيش المحاصر بقيادة إينانج خان من المدينة وأغار على المغول، إلا أن المغول هزموهم بصعوبة. ولم ينج سوى إينانج خان الذي فر عن طريق نهر آمو، ولقي الباقون حتفهم. ولما لم يجد أهالي بخارى في أنفسهم قدرة على المقاومة وافقوا على الاستسلام وذهب قاضيها بدر الدين ومعه وفد من أعيانها إلى قواد المغول يطلبون الأمان. وبعد الحصول على الأمان فتحت بوابات المدينة أمام جيش جنكيز، فتدافع المغول إلى داخل المدينة في الرابع من ذي الحجة. (4) وفيما يلي يقدم عطا ملك الجويني مؤلف كتاب جهانگشا شرحاً مؤثراً لدخول المغول إلى بخاری و ذهب أئمة مدينة بخارى وأعيانها إلى جنكيز خان الذي دخل لمعاينة القلعة والمدينة، ودخل المسجد الجامع بجواده وتوقف أمام المقصورة في حين ترجل ابنه تولي وصعد المنبر، فسأل چنگیز خان عما إذا كان هذا هو قصر السلطان فقيل له إنه بيت الله فترجل عن جواده وارتقى درجتين من المنبر وقال إن الصحراء خلو من العلف وأمر بملء بطون الجياد ففتحت شون المدينة وتم سحب الغلة، وأتوا بصناديق المصاحف إلى صحن المسجد وتبادلوا كؤوس الخمر وأحضروا مطربات المدينة للسماع والرقص وتغنّى المغول بأهازيجهم وتم تكليف مشايخ الـعـصـر وسـاداته وعلمائه وفقهائه برعاية خيول القواد وبعد ساعتين، نهض جنكيز خان وعزم على العودة إلى بلاطه وتبعته الجماعة التي كانت برفقته . وكانت أوراق المصاحف تدهس تحت أقدامهم. وهنا توجه الأمير الإمام جلال الدين على بن الحسن الرندي الذي كان من أفاضل علماء ما وراء النهر إلى الإمام العالم ركن الدين إمام زاده وقال: ما هذا الذي أرى؟! أهو حقيقة يأرب أم منام؟! (5) فقال له إمام زاده: اسكت! إنها ريح الله قد هبت ولا مجال للكلام (6) ...). وسأل جنكيز أهل بخاری: «من أمناؤكم ومعتمدوكم؟» فقدموهم إليه؛ فعيَّن مع كل منهم حارساً مغولياً حتى لا يتعرض له أحد من جند المغول. وفي صباح كل يوم كان يؤتى بجماعة الأعيان إلى بلاط خان العالم. وكان چنگیز خان قد أمر الجند بطرد السلطان من المدينة والقلعة؛ وهو ما تعذر على أهل المدينة. وانهمكت تلك الجماعة في القتال والحرب والإغارة حتى نشبت النيران في الأحياء وكانت بيوت المدينة من الخشب فظلت مشتعلة لعدة أيام عدا المسجد الجامع وبعض القصور المبنية بالطوب. دمر الطغاة المدينة وسووا جدرانها بالأرض وشردوا كل أهلها من رجال ونساء في الصحراء، واختاروا الشباب والكهول من ذوي الأهلية وضموهم إلى حملتهم (حَشَر) على سمرقند ودبوسية (7) وتوجهوا منها إلى سمرقند. وتفرق أهل بخارى بسبب ما حاق بهم من خراب وذهبوا إلى القرى وأضحت البلاد قاعاً صفصفاً. وكان أحد أهالي بخارى قد فر وجاء إلى خراسان؛ وحين سألوه عن حال بخارى أجاب: جاؤوا وخربوها وأحرقوها وقتلوا أهلها وحملوا متاعها ومضوا. (جهانگشای جوینی، ج1، ص80-82) وعندما استدعى جنكيز أعيان بخارى قال لهم إن هدفه من استدعائهم جمع الأدوات الفضية التي باعها لهم خوارزمشاه (أي بعد قتل التجار المغول في أترار على يد غايرخان) لأنها تخصه هو وأقرباؤه. فجمعوا كل ما كان لديهم من أمتعة وجاءوا به إلى خان المغول وسلموه له. وهذه المسألة تنبئ بالدور المباشر الذي لعبه خوارزمشاه في واقعة قتل تجار المغول ومسؤوليته عن إثارة غضب جنكيز خان. وهكذا أدى استيلاء المغول على بخارى التي كانت تعد كبرى مدن ما وراء النهر وكانت تضم خيرة علماء بلاد الإسلام وكثير من أهل الفضل والأدب إلى خراب المدينة وفر منها أهلها بعد أن نهب المغول كل شيء فيها بالقوة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- وهي تعني الجيش غير النظامي أو المرتزقة. وكانت تستخدم في العصر المغولي بمعنى الأفراد المعاونين الذين يساعدون في الأعمال العسكرية كردم الخنادق وحمل الأحجار والخشب لردم الانهار وتخريب القلاع.
2- «بهادر» تعني «مجاهد».
3- سُبتاي أو سُوده أو سُبُداي أو سوبداي.
4- ظلت قلعة مدينة بخارى بجنودها الأربعمئة صامدة تقاوم لمدة اثني عشر يوماً، وفتحها المغول يوم عيد الأضحي من سنة 616هـ.
5- اين که مي بينم بيداريست يارب يا بخواب، وهو مصراع من بيت شعر للشاعر أنوري، ومصراعه الآخر هو: خویشتن را در چنین نعمت پس از چندین عذاب (أن أرى نفسي في هذه النعم بعد كثير من العذاب).
6- الإمام ركن الدين إمام زاده وابنه بعد أن رأيا تعدي المغول على مقدسات أهالي بخارى لم يتحملوا المشهد فقاتلا جنود المغول واستشهدا ومعهما عدد من كبار رجال المدينة منهم قاضي بخارى ومجد الدين مسعود بن صالح شقيق نظام الملك وزير خوارزمشاه ومجد الدين مسعود خطیب بخارى وإمام الحنفية بالمدينة، وكان خوارزمشاه قبل سفره إلى العراق قد عينه في هذا المنصب بدلاً من الإمام برهان الدين محمد صدر جهان.
7- من أعمال سمرقند على بعد خمسة فراسخ من ربنجن.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|