أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-23
888
التاريخ: 2023-08-21
1023
التاريخ: 2023-04-26
866
التاريخ: 2023-04-17
983
|
بالنسبة للباحثين الأوروبيين الأوائل لم تكن توجد حاجة لتعريف درجة الحرارة. لقد كانوا يعرفون، أو يظنون أنهم يعرفون، ما هي درجة الحرارة عندما كانوا يضعون ميزان حرارة في بئر ماء، أو تحت إبط رجل يتمتّع بالصحة، كانوا غير واعين للافتراض الضمني، أو اعتبروه غير مُهم أو واضح بذاته؛ لذلك فإنَّ درجة حرارة مادة القياس، غاز أو زئبق أو كحول، كانت مساويةً لدرجة حرارة الشيء المقاس. هذا في الواقع هو الخاصِيَّة المُحَدَّدة لدرجة الحرارة؛ حيث إنَّ حقل درجة الحرارة يكون مستمرًا عند سطح ميزان الحرارة؛ لهذا السبب تكون درجة الحرارة قابلة للقياس، مُبسطو الحقائق دَعوا هذا بالقانون الصفري في الترموديناميك؛ لأنه في الوقت عندما أدركوا الحاجة لتعريف درجة الحرارة، كان القانونان الأول والثاني قد سُمِّيا على نحو ثابت سابقًا. 1
من الناحية اللغوية، فإنَّ مُصْطلح درجة الحرارة يُقابل الكلمة الإنكليزية (temperature) وهي من غير ريب، لاتينية الأصل مأخوذة عن (temperare) وتعني المزج؛ حيث استعملت في الغالب عندما تُمزج سوائل لا يمكن فصلها بعد ذلك عن بعضها، مثل الخمر والماء، وتُستعمل صيغة المبني للمجهول الـ ” tur-“من الزمن الحاضر، وصيغة المفرد للشخص الثالث تَدُلُّ على أن سائلا ما يجري مزجه مع آخر.2
أما مصطلح (Thermometer) فقد كان عالم الرياضيات الفرنسي جين ليورشون أول من أطلقه على الأدوات التي تقيس كمية الحرارة.3 وفي المؤتمر الدولي الثالث عشر للمقاييس والأوزان بين عامي (1967-1968م) سلبت درجة الحرارة المطلقة من زخرفتها التزينية الصغيرة «°» للدرجة. ومنذ ذلك الحين نحن نلفظ ونكتب قيم درجة الحرارة بشكل عادي كعدد كبير من الكلفن K بدلًا من «درجات K»، أو °k.4 أدنى درجات حرارة تم بلوغها في المختبرات هي Kµ قليلة – أجزاء قليلة من مليون جزء من كلفن واحد – الأعلى يمكن أن تكون MK10 – عشرة مليون كلفن – ويعتقد العلماء أن درجة الحرارة في مركز بعض النجوم تكون مرتفعة حتى 100 مليون K.5
لقد اهتم الأوروبيون في القرون الوسطى بالتجربة القائمة على مزج كميتين متساويتين من الماء المتساوي الحرارة. كما طرحوا على طاولة البحث كثيرًا العلاقة بين كل نوعية والنوعية المضادة: هل هما من الطبيعة نفسها أم لا؟ وما هو الحد الأقصى والحد الأدنى بالنسبة لكلتا النوعيتين؟ وهل هما متكاملتان أو تخرج إحداهما من الأخرى وفقًا لصيغة من النمط:
ساخن = 1 بارد أو بارد = 1 حار
وقد أحبطت الفرضية الأخيرة هِمَّة الرياضياتيين لأنَّ الافتراض، المعقول بذاته، والقائم على درجة الصفر حملهم على النظر إلى مقدار اللانهائية؛ 6 أي عندما تكون درجة الحرارة صفرًا، فإنَّه وَفْق قواعد الكسور تقسيم أي عددٍ على صفر سيعطينا قيمةً لا نهائية؛ بمعنى آخر، تُصبح قيمة الساخن اللانهائية عندما تكون قيمة البارد صفرًا؛ لأنَّ 1 0 = ∞ وهي قيمة غير معيَّنة أو مُحَدَّدة وبالتالي غير قابلة للقياس.
لقد كان الهدف من إدخال الرياضيات على الفيزياء هو إرجاع مقدار الكميات إلى مستوى المقادير القابلة للقياس؛ 7 لذلك فإن المرحلة الأوليَّة في تطوير آلية قياس درجة الحرارة التي حدثت في الجزء الأول من القرن السابع عشر، نجمت عن التحام ميولين مكتملين؛ أولهما كان الميول نحو التجريد حيث كل سمات الظاهرات محذوفة، تاركة كيونانات مُحَدَّدة رياضياتيًّا. تمامًا مثل مفهوم جاليليو عن «الحركة المجردة» الذي جرَّد كل الظاهرات المعقدة التي فرضها الاحتكاك، مُرحبًا بذلك بولادة الميكانيك الحديث، وكذلك أيضًا فإنَّ مفهوم درجة الحرارة الذي تخلّى عن الأحاسيس المعقدة كافة للحار والبارد، أشار إلى بدايات علم قياس الحرارة الحديث الميول الثاني كان نحو الاستخدامات الآلية وكان ضروريا لإتمام عملية التجريد؛ أي الآلة أو جسم الاختبار كان لزاما عليه بأن يتم ابتكاره بحيثُ تكون قراءاتُ كميَّته تُحدد درجة الحرارة أو البرودة بغض النظر عن الإحساس. 8
الأفكار الخاطئة الناجمة عن المنهج الذاتي (الإحساس الشخصي) بالسخونة والبرودة التي كانت شائعة في أوروبا، أُقصيت ببطء في أثناء القرن السابع عشر مع ظهور مبدأ اللامبالاة 9 Indifference principle على يد جاكوب برنولي J. Bernoulli (1655- 1705م) وبيير سيمون لابلاس وغيرهم. وقد تأصَّلَت فيما بعد مقاييس درجة الحرارة الأولية على مبدأ اللامبالاة؛ فوفقًا لهذا المبدأ، فإنَّ موقع الجسم في سلسلة درجة الحرارة (مقياس الحار والبارد) مستقل أو لا مبالاة به عند اختيار مادَّةٍ مُعيَّنة لمقياس الحرارة وخاصِيَّة أداة قياس الحرارة ودرجة الحرارة الدالة ذات العلاقة الوظيفية بموجب هذه الخاصية. 10
في البداية بدأت تظهر المقاييس تُدرج من الأعلى بالصفر إلى أسفل ومُقَسَّمة لدرجات متساوية. العقبة الجديَّة أنه لم يكن يُوجد مقياسا حرارة متماثلان تمامًا والنتيجة، حتى عندما كانت توجد مقاييس مدرَّجة، كان يَصْعُب نقل معلومات موضوعية من مكان إلى آخر. يُسجل الباحث ميدلتون مقياس حرارة باقيًا صُنع بوساطة جون باتريك J. Patrick القرن (18م) في حوالي عام 1700م؛ وهو يُدرّج من أعلى إلى أسفل بشكلٍ متزايد مع الحرارة من 90° إلى 0° ويضع الصفة الحرارية للدرجة المقابلة، ويبدو أنَّ هذا المقياس يحتفظ ببقايا مقياس جالينوس ذي الدرجات التسع، 11 وهو يدلُّنا على تأثُر الأوروبيين (أو رُبَّما تفضيلهم الأخذ عن اليونانيين أكثر من العرب الذين قدموا وسائل وأدوات أفضل بكثير مما قدَّمه اليونانيون (انظر الجدول الآتي):
اقترحت الكثير من مقاييس الحرارة، وتم تداولها في القرن الثامن عشر. وقد كانت هذه الفترة تمثل ذروة استخدام مبدأ اللامبالاة. مع ذلك، ولسوء الحظ، فإنَّ الشروط الأساسية لإمكانية المقارنة أو إمكانية إعادة الإنتاج لم تكن كافية في الغالب. وهكذا، فقد استخدم عالم الأحياء ستيفن هايلز في تجارب البيت الزجاجي أعلن في عام 1727م، مقياس حرارة تُوصَف فيه نقاط ثابتة مثل درجة حرارة الماء الأكثر سخونة من أن تُطيقه اليد. وقد تخصيص درجة الحرارة الغامضة هذه بالرقم 90. مجددًا، في عام 1742م، وضع جاك ميشيل دو كریست J. M. de Crest مقياسًا واسع الانتشار في سويسرا، اختار نقاطًا ثابتة يُمكن استخدامها في مقياس حرارة كحولي «عالمي»، وكذلك درجات حرارة غليان الماء وتلك التي في قبو مرصد باريس، وأشار متباهيًا إلى أنَّ الدرجة الأخيرة تُعتبر «درجة حرارة الكرة الأرضية»!12
مجموعة مقاييس حرارة ذات أشكال متعددة تم إنتاجها في القرن 19م. (مصدر الصورة: commons.wikimedia.org) وقد قال عالم الكيمياء البريطاني السير همفري دايفي ذات مرة: «إنَّ تصميم أداة جديدة هو أهمُّ الحوافز إسهاما في دفع نظريات العلم إلى الأمام، وليس من شكٍّ في أنَّ مقياس الحرارة ساعد أكثر من أية أداة أخرى على فتح طريق جديدة أمام رواد البحث العلمي.» ويلسون، ميتشل، الطاقة، ص31.)
1- Müller, Ingo, A History of Thermodynamics, p. 6-7
2- Ibid, p. 1
3- Bolton, Henry Carrington, Evolution of the Thermometer, Easton, PA.: The Chemical Publishing Co., 1900, p. 90.
4- قياسات درجة الحرارة عند درجات حرارة منخفضة جدًّا لا تزال مشكلة، القارئ المهتم يُحال إلى المنشور: "Die SI-Basiseinheiten. Definition, Entwicklung, Realisierung [وحدات SI الأساسية. التعريف والتطوير والتحقيق] Physikalisch Technische Bundesanstalt, Braunschweig
Berlin & (1997م)، صفحة 31-35.
5- Müller, Ingo, A History of Thermodynamics, p. 6°
6- جونو وبوغسون، تاريخ الفلسفة والعلم في أوروبا الوسيطية، ترجمة: د. علي زيعور، د. علي مقلد، مؤسسة عز الدين، بيروت، 1993م، ص 225.
7- سارتون جورج، تاريخ العلم، ج 1، ص 618.
8- Barnett, Martin K., The Development of Thermometry and the Temperature Concept, ^ Osiris, Vol. 12 (1956), The University of Chicago Press on behalf of The History of Science Society, p. 273.
9- أو مبدأ عدم كفاية السبب principle of insufficient reason.
10- مع ذلك فإنَّ اختبار الجسم وخاصيته لقياس الحرارة ووظيفة درجة الحرارة يجب أن تلتقي بشروط أساسية أولية.
11- Müller, Ingo, A History of Thermodynamics, p. 3-4.
12- Barnett, Martin K., The Development of Thermometry and the Temperature Concept, p. 302.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|