أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-14
562
التاريخ: 11-3-2022
1997
التاريخ: 18-7-2016
1469
التاريخ: 18-7-2016
1812
|
قال الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23].
وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [إبراهيم: 11].
وقال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].
وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].
فأعظم مقام موسوم بعظمة الله وبمحبة الله المتوكل عليه، لأنّه مضمون بكفاية الله، لأنّ من يكن الله حسبه وكافيه ومحبه ومراعيه فقد فاز فوزاً عظيماً، وقد قال: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] فطالب الكفاية بغيره غير طالب التوكل، ومكذّب بالآية.
قال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].
وقال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 49]، أي عزيز لا يذل من استجار به، ولا يضيّع من لجأ إليه، حكيم لا يقصر عن تدبير من اعتصم به.
وعيّر من لجأ إلى غيره فقال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأعراف: 194] يعني عاجزون عن حوائجكم، أنتم وهم محتاجون إلى الله تعالى فهو أحق أن تدعوه، وكلّما ذكر سبحانه من التوكل عليه عنى به قطع الملاحظة إلى خلقه والانقطاع إليه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "لو أنّ العبد يتوكّل على الله حق توكّله لجعله كالطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً، ومن انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة، ومن انقطع إلى الدنيا وكّله الله إليها، ومن أراد أن يرزقه الله من حيث لا يحتسب فليتوكل على الله" (1).
وأوحى الله إلى داود: "ما من عبد يعتصم بي دون خلقي وتكيده السماوات (2) والأرض الا جعلت له مخرجاً" (3).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "أيّها الناس لا يشغلكم المضمون من الرزق عن المفروض عليكم من العمل، والمتوكل لا يسأل ولا يرد ولا يمسك شيئاً خوف الفقر".
وينبغي لمن أراد سلوك طريق التوكل أن يجعل نفسه بين يدي الله تعالى فيما يجري عليه من الاُمور كالميت بين يدي الغاسل يقلّبه كيف يشاء، كما قال النبي (صلى الله عليه وآله): "عجبت للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلاّ كان خيراً له، ويعني بذلك انّه يرضى بقضاء الله له، سواء كان شدة أو رخاء".
والتوكّل هو الاعتصام بالله كما قال جبرئيل (عليه السلام) لإبراهيم (عليه السلام) وهو في كفّة المنجنيق: ألك حاجة يا خليل الله؟ فقال: إليك لا، اعتماداً على الله ووثوقاً به في النجاة، فجعل الله تعالى عليه النار برداً وسلاماً، وأرضها وروداً وثماراً، ومدحه الله فقال: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37] وما استوى حاله وحال يوسف في قوله للّذي معه في السجن: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42].
وقال لي رجل: من أين مؤنتك؟ فقلت: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 7].
ورأى بعضهم شيخاً (4) في البريّة يعبد الله تعالى فقال: من أين قوتك؟ فقال: من تدبير العزيز العليم، ثم أومئ إلى أسنانه وقال: الذي خلق الرحى هو يأتيها بالهشل (5)، يعني الحب.
واعلموا انّ التوكل محلّه القلب، والحركة في الطلب لا تنافي التوكل؛ لأنّ الله تعالى أمر بها بقوله: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15]، ولمّا دخل الأعرابي إلى مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: أعقلت ناقتك؟ قال: لا قد توكّلت [على الله] (6)، فقال: أعقلها وتوكل.
وقال الله تعالى له ولأصحابه: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71] يعني رسول الله وأصحابه.
ومن الكذب أن يقول الرجل: توكلت على الله وفي قلبه غيره، أو يكون غير راض بصنعه إليه، لأنّ التوكل الاستسلام إلى الله والانقطاع إليه دون خلقه، فحقيقته الاكتفاء بالله تعالى والاعتماد عليه.
فللمتوكل (7) ثلاث درجات: الانقطاع إلى الله، والتسليم إليه، والرضى بقضائه، فهو يسكن إلى وعده، ويكتفي بتدبيره، ويرضى بحكمه...
وروي انّ الله تعالى يقول: "من اعتصم بي دون خلقي ضمنت السماوات والأرض رزقه، فإن دعاني أجبته، وان استعطاني أعطيته، وان استكفاني كفيته، ومن اعتصم بمخلوق دوني قطعت أبواب (8) السماوات والأرض دونه، ان دعاني لم أجبه، وان سألني لم أعطه، وان استكفاني لم أكفه".
وقال محمد بن عجلان: نَزَلَت بي فاقة عظيمة، ولزمني دين لغريم ملح وليس لمضيقي صديق، فوجّهت (9) فيه إلى الحسن بن زيد - وكان أمير المدينة - لمعرفة كانت بيني وبينه، فلقيني في طريقي محمد بن عبد الله بن الباقر (عليه السلام)، فقال: قد بلغني ما أنت فيه من الضيق فمن أملت لمضيقك؟ قلت: الحسن بن زيد، فقال: اذن لا تقضى حاجتك، فعليك بمن هو أقدر الأقدرين وأكرم الأكرمين، فانّي سمعت عمي جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه: "وعزّتي وجلالي وعظمتي وارتفاعي لأقطعنّ أمل كل مؤمّل غيري باليأس، ولأكسونّه ثوب المذلّة في الناس، ولأبعدنّه من فَرَجِي (10) وفضلي، أيؤمّل عبدي في الشدائد غيري والشدائد بيدي، ويرجو سواي وأنا الغني الجواد، أبواب الحوائج عندي، وبيدي مفاتيحها وهي مغلقة، فما لي أرى عبدي معرضاً عنّي وقد غطّيته بجودي وكرمي ما لم يسألني، فأعرض عنّي وسأل في حوائجه غيري، وأنا الله لا اله إلاّ أنا، أبتدئ بالعطيّة من غير مسألة، فأسأل فلا أجود؟! كلاّ، أليس الجود والكرم لي؟ أليس الدنيا والآخرة بيدي؟ فلو انّ كل واحد من أهل السماوات والأرض سألني مثل ملك السماوات والأرض فأعطيته ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة، فيا بؤساً لمن أعرض عنّي، وسأل في حوائجه وشدائده غيري".
قال: فقلت له: أعد علىّ هذا الكلام، فعاد ثلاث مرّات فحفظته وقلت في نفسي: لا والله لا أسأل أحداً حاجة، ثم لزمت بيتي فما لبثت أيّاماً إلاّ وأتاني الله برزق، قضيت منه ديني، وأصلحت به أمر عيالي، والحمد لله رب العالمين (11).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|