أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-07
1030
التاريخ: 26-1-2017
1450
التاريخ: 2023-03-14
1000
التاريخ: 24-2-2016
12963
|
ما الذي كان قبل الانفجار العظيم؟ كيف بدأ الكون؟ كيف سينتهي؟ على غير المتوقع، تتوافر لدينا إجابات جزئية على كل هذه الأسئلة وكلها مرتبطة بخاصية بالغة الأهمية للكون، ألا وهي الكثافة.
يمكن لمعادلات النظرية العامة في النسبية أن تسير بطريقة عكسية أو بطريقة طبيعية كي توضّح لنا متى بدأ الكون وما مصيره بالنظر إلى الماضي، تشير تلك المعادلات إلى أن الزمان والمكان كانت لهما بداية حين انبثق كل شيء يمكننا اكتشافه في الكون المتمدد من نقطة صفر حجم والكثافة اللامتناهية؛ أي التفرُّد في الزمن الصفري. لا يؤمن علماء الفيزياء بحدوث ذلك فعليًّا؛ لأن تأثيرات الكم لا تسمح بوجود مثل تلك الأشياء. لكنهم يتقبلون فكرة حدوث شيء أدى إلى خلق منطقة ذات كثافة هائلة في حجم صغير تطور إلى الانفجار العظيم. إذا تقبلنا فكرة أن الانفجار العظيم هو الوقت حينما كان الكون بأكمله بكثافة نواة ذرية، وهي القاعدة العامة المألوفة، إذن فقد استغرق مدة تساوي واحدًا على عشرة آلاف من الثانية بعد بداية الزمن، وبعد نصف ساعة من بداية الزمن كانت درجة الحرارة لا تزال 300 مليون درجة كلفن؛ أي ضعف درجة حرارة قلب الشمس عشرين مرة. كل ما حدث للمادة منذ أول جزء على عشرة آلاف من الثانية تشرحه الفيزياء الواضحة السهلة الفهم. لكن ذلك الجزء الأول من الثانية بالغ الأهمية لفهم ما حدث بعد ذلك. كما أنه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بلغز عميق عن كثافة الكون اليوم.
على الرغم من تمدد الكون، تحاول الجاذبية إبطاء هذا التمدد وإعادة كل شيء بعضه إلى بعض مجددًا. وبدا ذلك يشير إلى بضعة احتمالات بسيطة حتى نحو عشرين سنة مضت. يعتمد نجاح الجاذبية في التغلب على التمدد او على سرعة الكون في التمدد ومقدار المادة التي يحويها؛ أي كثافته. فإذا كانت الكثافة منخفضة كثيرًا، ستكون الجاذبية أضعف من ان توقف التمدد، ومِن ثَم سيستمر للأبد. أما إذا كانت الكثافة عالية للغاية، فستكون الغلبة للجاذبية، وسيتوقف الكون عن التمدُّد ويبدأ في الانهيار مرة أخرى ليعود إلى نقطة التفرد. وثمة حالة خاصة وفريدة، هي تلك التي تسمى الكثافة الحرجة، يتباطأ فيها التمدد أكثر فأكثر، ولكنه لا يتوقف أبدًا. ولكن تبيَّن أن القصة لا تنتهي عند هذا الحد.
حسبما أوضح أينشتاين توجد علاقة بين الكتلة وطريقة انحناء المكان والزمان. وبلغة النظرية العامة، يقال على نموذج الكون ذي التمدُّد المتواصل مفتوحًا، وعلى النموذج المنهار مغلقا وعلى نموذج الكثافة الحرجة مسطّحًا. الأمر الغريب بشأن الكون الذي نعيش فيه أنه، كما يمكننا القول، مسطّح بالفعل ما وجه الغرابة في ذلك؟ يكمن السبب فيما يشير إليه ذلك عن الظروف المحيطة في الوقت الذي وقع فيه الانفجار العظيم، ولأن التسطّح المطلق هو أقل الاحتمالات ترجيحا، ما يتطلب موالفة الأفكار بدقة بناءً على مقياس عقلي محير.
تتحدد الكثافة برقم يسمى معامل الكثافة تساوي قيمته 1، ويتساوى مع قيمة الكثافة الحرجة، حيث تنتسب الأعداد الأصغر إلى العدد اللانهائي من احتمالات الفضاء المفتوح، والأعداد الأكبر إلى العدد اللانهائي من احتمالات الفضاء المغلق. وحتى قبل ظهور الأقمار الصناعية التي درست إشعاع الخلفية، كان علماء الفلك يعلمون أن معامل الكثافة اليوم تتراوح قيمته حتمًا بين 0.1 و10، وذلك ببساطة عن طريق حساب عدد المجرات التي تُرى في حجم الفضاء الذي يمكننا رصده. يبدو هذا نطاقًا كبيرًا. ولكن المعامل تغيَّر مع تمدد الكون منذ الانفجار العظيم بسبب تغير التوازن بين الكثافة ومعدل التمدد؛ إذ قلت قيمة كليهما ولكن بمعدلات مختلفة. ونتيجة لذلك، ظلت الطريقة التي تمدد بها الكون منذ الانفجار العظيم تجذبه بعيدًا عن الكثافة الحرجة. ولكي يتراوح معامل الكثافة بين 0,1 و10 في الوقت الحاضر، كان لزامًا أن يساوي بالضبط 1، بدقة تقارب جزءًا واحدًا في 1060 وقت الانفجار العظيم. وزادت بيانات القمر الصناعي الأمور تعقيدًا، من خلال ما كشفت عنه تلك البيانات من أن معامل التسطّح يقارب 1 على نحو غير مفهوم، حتى في الوقت الحاضر؛ ومِن ثَم لا بد أنه كان دومًا يقترب من 1، أو لم يكن كذلك على الدوام. أي كان كذلك «فقط» منذ الجزء الأول من عشرة آلاف جزء من الثانية. وفي ذلك الجزء الصغير من الثانية، يكمن تفسير هذه السمة غير المحتملة للكون.
أصبحت تأثيرات فيزياء الكم مهمَّة للكون بأكمله في المدة بين الزمن الصفري والانفجار العظيم. وهذا يوضّح لنا، من بين أشياء أخرى، أن الزمن له كم، وهو أصغر قدر ممكن من الزمن يمكن أن نحصل عليه. وهذا القدر يساوي 43–10 ثوان. إن تمدد الكون لم يبدأ من نقطة التفرُّد عند بداية الزمن (ز = صفر)، بل بدأ في ذلك الوقت، ز = 43–10 ثوان، من بذرة لا يزيد حجمها عرضًا على ما يطلق عليه طول بلانك (35–10 م) وقت أن كانت الكثافة غير مطلقة، بل «فقط» تساوي نحو 1094 جرامات لكل سنتيمتر مكعب.1 وتلك هي القيود المطلقة على الحجم والكثافة المسموح بها في فيزياء الكم. قد يعتقد المرء أن جسمًا بهذا الحجم الصغير والكثافة الضخمة سيتحطم بواسطة الجاذبية ويختفي. لكن في أواخر عام 1979، أدرك الفيزيائي الأمريكي آلان جوث انه ليس بالضرورة أن يحدث ذلك، واكتشف طريقة لرأب الفجوة بين بداية الزمن والانفجار العظيم.
لاحظ جوث أن ثمة عملية كمومية تسمى كسر التناظر، وهي عملية تحدث في هذه الظروف القاسية، ربما استطاعت أن تطلق الطاقة في أول جزء من الثانية، ما أحدث اندفاعًا قويًّا إلى الخارج أدت إلى تمدد الكون بسرعة هائلة، حتى إن الجاذبية لم يتح لها الوقت لإيقافه. سرعان ما سكن الاندفاع القوي، ولكنه أحدث الانفجار العظيم وترك الكون يتمدد نحو الخارج، ولكن بعد أن أصبح بإمكان الجاذبية أن تبطئ التمدد. يشبه إطلاق الطاقة التي ينطوي عليها عملية كسر التناظر الحرارة الكامنة التي تطلقها المياه عندما تتحول من بخار إلى سائل، ولكن تلك الطاقة أشد بكثير. في بداية الزمن، أخذت هذه العملية كل مساحة دقيقة في الفضاء – أصغر من البروتون بكثير – وعملت على «تضخيمها» إلى أن أصبحت بحجم كرة السلة. وهذا ما جعل الكون مسطحًا.
يمكن رؤية الطريقة التي وقعت بها تلك الأحداث من زاوية أخرى. لقد كان حجم التضخم الذي حدث قُبيل الانفجار العظيم يعادل كرة تنس أخذت ونفخت حتى أصبحت بحجم الكون الظاهر بأكمله. لا يخفى أن كرة التنس منحنية ومنثنية في شكل كرة. ولكن لو كانت كبيرة مثل الكون الذي نراه من حولنا، كانت أي مخلوقات تتحرك على سطحها ستعتقد أنها مسطحة. وعلى النحو نفسه، أدَّى التضخم الكوني إلى صعوبة تمييز فضاء الكون عن الفضاء المسطّح، مع صعوبة تمييز كثافة الكون عن الكثافة الحرجة.
لم تخلُّ الجَعبة بعد. في المراحل الأخيرة من التضخُم أدَّت التقلبات الكمومية لكمية فيما أطلق عليه آلان جوث «الحلقة التمهيدية إلى الانفجار العظيم» إلى تكون أشكال غير منتظمة متناهية الصغر. نمت هذه الأشكال غير المنتظمة مع التضخم وبقيت في صورة أشكال غير منتظمة في الانفجار العظيم، وكانت بمثابة الجذور التي استطاعت المجرات وعناقيد المجرات أن تنبثق منها. فهذا النوع من التقلُّب يخلق نمطًا مميزًا من الأشكال غير المنتظمة الصغيرة والكبيرة، وقد أظهرت الأقمار الصناعية هذا النوع من النمط تحديدًا في إشعاع الخلفية. حتى القمر الصناعي مستكشف الخلفية الكونية اكتشف هذا النمط، كما أوضح أن الكون مسطّح، وأكَّد تنبؤات نظرية التضخم. يحتوي الكون على الكثافة الحرجة للمادة بالضبط. لكن تلك النظرية طرحت لغزًا في تسعينيات القرن العشرين. أين كانت كل المادة التي كانت مطلوبة كي يكون الكون مسطحًا؟
بحلول تسعينيات القرن العشرين، أدرك علماء الفلك تمامًا أنه إلى جانب جميع النجوم اللامعة التي يمكننا رؤيتها في مجرة درب التبانة والمجرات الأخرى، لا بد من وجود أشياء لا نراها، أشياء مظلمة لا تلمع من تلقاء نفسها، بل تعلن عن وجودها الخفي بتأثيرها التجاذبي على الطريقة التي تدور بها المجرات وتتحرك داخل عناقيد. ولكنهم استغرقوا وقتًا طويلًا حتى تقبلوا الأدلة على ذلك.
تُحسب السرعة التي تتحرك بها المجرات إحداها بالنسبة للأخرى داخل العناقيد من نسخة أخرى من الانزياح نحو الأحمر، وهي نسخة مشابهة لتأثير دوبلر الحقيقي هذه المرة، تسببه الحركة عبر الفضاء. كان أول من لفت الانتباه إلى هذا هو فريتز زفيكي، عالم الفلك السويسري المقيم في أمريكا، وذلك في ثلاثينيات القرن العشرين. قد تتجاوز السرعات العشوائية للمجرات الفردية في العنقود الواحد ألف كيلومتر في الثانية، ولا يمنعها من الإفلات من العنقود إلا قوة جاذبية كل المادة الموجودة داخل العنقود لا بد أن هناك ما هو أكبر من مجرَّد كَمٌ مُعيَّن من المادة، وإلا أصبحت سرعة الإفلات من العنقود أقل من سرعات المجرات، وتبخّر العنقود مع هروب المجرات. عندما حاول زفيكي أن يوازن بين المعادلات وجد أن المجرات الساطعة لا تمثل سوى جزء صغير من كتلة العنقود العادي. ووجد معظم علماء الفلك أن هذا احتمال مستبعد جدا؛ ما جعلهم يتجاهلون النتائج التي توصل إليها زفيكي عشرات السنين.
بدأت الأمور تتخذ منحى مختلفًا في ثمانينيات القرن العشرين بعدما درست عالمة الفلك الأمريكية فيرا روبين مع زملائها الطريقة التي تدور بها المجرات الفردية، وذلك عن طريق قياس سرعات النجوم من خلال تأثير دوبلر، وغير ذلك من السمات من مسافات مختلفة من مركز كل مجرة. وتوقعوا أن يروا المجرات تدور بالطريقة نفسها التي تدور بها المجموعة الشمسية، بمعنى أن الأجسام الأقرب للمركز تتحرّك بسرعة أكبر من الأجسام القريبة من الأطراف. يحدث هذا في المجموعة الشمسية لأن الجزء الأكبر من الكتلة يتركز في المركز – أي في الشمس – ومِن ثُم يكون الجذب الذي تستشعره الكواكب الأبعد أضعف. ونظرًا لأن معظم نجوم المجرة وغبارها وغازها يتركز في منتصفها، بدا واضحًا أن تلك الأشياء الموجودة على الأطراف لا يفترض أنها تستشعر قدرًا كبيرًا من الجذب، ومِن ثُم يفترض أن تتحرك ببطء أكبر من غيرها القريبة من المركز. ولكن فيرا روبين اكتشفت أن المجرات التي تأخذ شكل القرص مثل مجرة درب التبانة تدور بالسرعة نفسها حتى أطراف القرص الساطع المرئي للنجوم. وكان التفسير الوحيد الممكن لذلك هو أن كل مجرة من المجرات كانت في قبضة هالات ضخمة من «المادة المظلمة»، تحوي كتلة تفوق كتلة النجوم الساطعة عشر مرات. وهكذا ثبتت صحة نظرية زفيكي. لكن (ويبدو أن الحديث لا يخلو دائمًا من «لكن») لا يمكن أن تكون هذه هي نهاية القصة.
قد يُعتقد أن كل هذه المادة المظلمة تكون في شكل غازات وغبار، وتتألف من ذرات وجزيئات شأنها شأن أجسام البشر، والمجموعة الشمسية والنجوم الساطعة مثل الشمس، وهي تلك المادة التي يُطلق عليها المادة الباريونية، والتي تتكون بالكامل من بروتونات ونيوترونات وإلكترونات. في الواقع إن جزءًا من الكتلة اللازمة لمنع المجرات من الإفلات من العناقيد يأتي بالفعل في شكل غاز حار يطلق أشعات سينية تكتشفها الأقمار الصناعية. ولكن هذه ليست القصة كاملة. فيزياء الانفجار العظيم الواضحة والمفهومة – وقت أن كانت الظروف قاسية «فقط» مثلما هو الحال داخل أنوية الذرات في الوقت الحاضر – تضع قيدًا صارمًا على عدد الباريونات التي ربما تكون قد شاركت في التفاعلات في أثناء حدوث الانفجار العظيم. وهذا يوضّح لنا أن كثافة الباريونات في الكون لا تتعدى 5 بالمائة من الكثافة الحرجة اللازمة لجعل الكون مسطحًا. وبتطبيق تلك القاعدة العامة على حالة عناقيد المجرات، نجد أن هناك قيدًا على مقدار المادة الباريونية التي يمكن أن يحتوي عليها العنقود الواحد. حتى الكتلة المجمعة للغاز والمجرات وأي مادة باريونية أخرى بالمقدار الذي تسمح به هذه القاعدة، تظل أقل بكثير من الكتلة الكلية للعنقود، مما يوضح أن ثمة قدرًا كبيرًا من مادة أخرى غير باريونية موجودة حولنا. ولَمَّا كانت تلك المادة باردة ومظلمة، يكون من المنطقي تمامًا أن تُعرف بالمادة الباردة المظلمة. لا أحد يعرف كُنه هذه المادة، ولكن يُشار إليها باسم المادة الباردة المظلمة كي يصبح اسمها مألوفًا أكثر. النقطة المهمة هي أنها ليست من المادة التي خُلقنا منها، ولا تتفاعل مع المادة الباريونية إلا من خلال الجاذبية؛ فهي مظلمة؛ لأنها لا تتفاعل مع الضوء أو غيره من الإشعاع الكهرومغناطيسي (مثل موجات الراديو أو الأشعة السينية) على الإطلاق. ولذلك لا تخضع تلك المادة إلى قيود الانفجار العظيم مثل المادة الباريونية، ولكن هذا يجعل اكتشافها بصورة مباشرة أمرًا بالغ الصعوبة، وهذا هو السبب في أننا لا نعرف بعد شكل جزيئات المادة الباردة المظلمة.
فيرا روبين (جيتي إيمدجز).
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|