أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-09-2015
5356
التاريخ: 30-09-2015
6191
التاريخ: 14-08-2015
41462
التاريخ: 14-08-2015
9467
|
ليست
الواقعية بدعاً كلُّها، ولم تأتِ طفرةً دون جذور متأصّلة؛ فمعظم أفكارها ومبادئها
كانت معروفة خلال العصور السابقة، فاعتبار الإنسان أمرٌ قديم، وطالما اعترف بقدره
وقدراته. يقول شكسبير في هاملتْ: ما هذا المخلوقُ الرفيعُ الصُّنع؛
الإنسان؟! ما أرجح عقله وما أَوْسعَ قُدراتِه...! وما أشبهه بإله...! إنه زينة الدنيا وسيّد كلّ الأحياء...
وفي
الحرية يقول سرفانتس في (دون كيشوت): الحريّة يا سانشو إحدى أثمن هبات
السماء للناس. لا شيء يوازيها، لا الكنوز المخبأة في الأرض، ولا الكنوز التي تنطوي
عليها البحار. من أجل الحرية على الإنسان أن يجازف بحياته.
وفي
الفكر العلمي يقول شكسبير في (هنري الخامس): زمن العجائب ولّى، وعلينا أن
نبحث عن أسباب لكل ما يجري.. وكل مسرح شكسبير والمسرح الكلاسيكي كان يقوم
على البحث في حقيقة النفس الإنسانية ودوافعها الخفيّة، وفضح الشّر وتعزيز الفضيلة.
وفي مسايرة الطبيعة والعودة إليها اشتهر روسّو. وهذا غوته يقول: إن المطلب
الأساسي الذي يوضع أمام الفنان هو أن يبقى أميناً للطبيعة...
وفي
البحث عن الحقيقة والموضوعية يقول ديدْرو: الحقيقة أساس الفلسفة.
ويقول لسنغ: على الكاتب أن يسير وفق منطق الضرورة الموضوعية.
وكانت
قضايا المجتمع قد طرحت باستفاضة في القرن الثامن عشر الذي مهدّ للثورة الفرنسية،
حين اهتم الأدباء ببيئة المجتمع وحقوق الإنسان كإنسانٍ وكمواطن، والعلاقات بين
الأفراد وقضايا الحرية والمساواة. ولا ننسى أنَّ في الرومانسية عَوْداً إلى الشعب
واغترافاً من فنونه وآدابه ولغته وتراثه. وإنّ من مهام الأديب في عصري النهضة
والكلاسيك خدمة مصالح الإنسان على الأرض والارتقاء بذاته، ومجافاة الكنيسة والعودة
إلى المنابع اليونانية التي كان بنو الإنسان يعيشون فيها بشراً حقيقيين، لهم
مُتَعهم وأخطاؤهم ولهم صراعهم مع القوى المهيمنة وسعيهم إلى الحريّة وإثبات الإرادة
والذات...
فالواقعية
إذاً لم تنُبتْ في أرضٍ بكْر، بل وجدت أمامها تراثاً عتيداً هادياً، وطرقاً معبّدة
وأفكاراً متداولة... ولكن بشكلٍ
متناثر ومشتت لم يبلغ من التكثيف والوعي والإلحاح والمنهجيّة مرتبة التيار
المذهبي، ولم يكن الكاتب ينظرُ إلى الإنسان في واقعه المعيش وضمن المسار التاريخي
وطبيعة العصر ومنطق الضرورة العلميّة المطبّق على الإنسان والطبيعة معاً... الأمور التي أشهرتها الواقعية وجعلت منها فلسفةً ومنهاجاً،
ومذهباً واضح المعالم.