المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



سمات المسرح الرومانسي  
  
11061   05:10 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : عبد الرزاق الأصفر
الكتاب أو المصدر : المذاهب الأدبية لدى الغرب
الجزء والصفحة : ص64-67
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد الحديث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015 2493
التاريخ: 25-03-2015 1875
التاريخ: 25-03-2015 6260
التاريخ: 29-09-2015 2020

للاتجاه الرومانسيّ في الأدب المسرحيّ جذور؛ فقد نشأ في عهد لويس السادس عشر (1643) لونٌ مسرحيّ مزيج ومشوّش وغريب هو (التراجيكوميديا) أي المزيج بين المأساة والملهاة. وهو نوعٌ تسرّب إلى فرنسا من تأثيرات شكسبير والمسرح الإسباني؛ ولكن الذوق الفرنسيّ العام عزف عن هذا النوع بسبب تعلّقه بالقواعد الكلاسيكية. وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر (عهد القنصلية والامبراطورية) كان فاشياً تقليد المسرح الكلاسيكي المزيّف على المسارح الرسميّة، فظهر نوع آخر من المسرحية هو أقل تشويشاً من التراجيكوميديا اجتذب الجمهور إلى الاستمتاع بالغموض والمرح، هو (الميلودرام).

وفي الحقيقة، كانت الثورة الفرنسية قد غيّرت من ذوق الجمهور فبينما كان يكتفي بخشبةٍ ومهرجين أصبح ينشد مزيداً من الانفعالات النبيلة. ولما كانت النفوس قد سئمت القواعد الكلاسيكية وتهيأت للتجديد فقد وجدت ضالّتها في الميلودرام، ذلك الفن المسرحي الذي اجتذب القطاعات الكبيرة من الشعب.

كانت الميلودرام تستمد موضوعاتها من التاريخ ولاسيّما فروسيّات القرون الوسطى الفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية في عصر النهضة والكاثوليكيّة. وكانت تحتوي على عقدة غامضة وشخصيّة خائنة وتمزج بين المأساوي والمضحك، فإذا تأزّمت الانفعالات المأساوية هدَّأ منها ظهور بعض العناصر الساذجة كالفلاح أو الوصيف أو المضحك بما يلقونه من النكات المضحكة، وكان حلّ العقدة مفرحاً دوماً حين ينجو الأشخاص الطيّبون ويعاقب الخونة. وكان أسلوبها نثرياً سطحياً قريباً من الواقعية يتلاعب بالعواطف لكنه يجتذب الجمهور. وأضيف إلى هذه المميزات كثرة الديكورات الأخاذة والحيل الإخراجية الماهرة والمفاجآت التي تسحر المشاهد البسيط.

ومن الميلودرام ولدتْ المسرحية الرومانسيَّة أو فنّ (الدراما) بعد الثلث الأول من القرن التاسع عشر، بتأثير المسرح الشكسبيريّ الذي وفد في القرن السابع عشر ولم ينل إعجاب الفرنسيين في ذلك الحين، وكانوا ينعتونه بالغرابة والخروج عن القواعد وبالفظاظة والوحشية في بعض الأحيان كما قال فولتير عن مسرحيته (هاملت)، ولكن فولتير نفسه كان قد أثنى على شكسبير لعدم تقيّده بالقواعد (وحدتي الزمان والمكان) واهتمامه بوحدة العمل معتمداً على عبقريته الخصيبة، وبعد أن ترجمت أعمال شكسبير زادت شهرته وانتشرت آراء النقاد الانجليز فيه، وأصبحت مسرحياته تقدم على المسارح الفرنسية مع بعض التعديل المناسب للأذواق الفرنسية. وقد كتب مترجمة (غيزو) في عام 1823: "الشيء المؤكدّ أن عهد النظام الكلاسيكي ولّى، وأن نظاماً جديداً ينبغي أن يسود، هو نظام شكسبير الذي يمكن أن يزوّدنا بالخطط التي يجب أن تنتج العبقرية بمقتضاها".

ثم جاء فيكتور هوغو فألّف مسرحية (كرومويل) ومهّد لها بمقدمة نقدية مطَّولة (1827) أكد فيها رفضه التقيد بوحدتي الزمان والمكان والاحتفاظ بوحدة العمل والانطباع والفكرة والجمع بين الجميل والقبيح والعظيم والمسخرة في نظام منسجم، الأمر الذي نجح فيه شكسبير نجاحاً عظيماً. وأضاف هوغو أنه يمكن الاحتفاظ بالوزن التقليدي الشعري مع بعض المرونة والتلوين، شريطة المحافظة على القافية... ولكنه لم يتقيّد بذلك في مسرحياته.

وهكذا ترسخت الدراما الرومانسية التي اختلفت عن الميلودرام بأنها أصبحت تعالجُ نثراً أو شعراً، فهوغو وألفريد دوفينيي وموسيّه كتبوها بأسلوب النثر، ولكنه نثر فنيّ شاعري نبيل. والاختلاف الثاني هو أن عقدتها تحلُّ عن طريق الشفقة أو الخوف أو الحزن العظيم. والاختلاف الثالث أنها استقت بعض موضوعاتها من التاريخ الجديد.

وبهذه التطورات انتهى الإطار اليوناني واللاتيني الكلاسيكي وسادت الدراما الرومانسية التي كان من أشهر أقطابها هوغو في مسرحياته كرومويل، وهرناني، والملك يتسلّى..، والكسندر دوماس الأب في كريستين وهنري الثالث؛ وألفرد دوفينيي في أوتيلّو وشاترتون..

 

وفي نهاية القرن التاسع عشر ظهرت ردّة فعل عادت بالمسرحية إلى الإطار الكلاسيكي في فصله بين الأجناس المسرحية وذلك على يد كتابٍ مثل بونسار ودوماس الابن وفرنسوا كوبّيه كاتب (في سبيل التاج).

وقد تميزت الدراما الرومانسية بالإضافة إلى ما سبق بأنها تجمع بين شخصيات كثيرة وتطيل العرض إلى درجة الإملال، وأنها جمعت بين عنصري الدرامي والذاتيّ، وبين المسرح والشعر ومعظم كتابها شعراء. فقد عبرت من ناحية عن الأفكار والفلسفات والعادات ودافعت عن المظلومين ولا سيّما المرأة، وأكدت حق الإنسان والشعوب والكيان القومي والوطني، ولكنها من ناحية ثانية كانت أقل عمقاً من المسرحية الكلاسيكية، وبرزت فيها الغنائية الشاعرية وهذا مناقض للطابع الدرامي. لقد جعلوا من المسرحية قصيدة مطولة تجمع التناقضات كما في الحياة وعبروا عن مقاصدهم بلوحاتٍ بارعة الرسم والتكوين غنية بالعاطفة والألوان والموسيقا والحركة، وأعلوا من شأن الحساسيّة في مقابل الإرادة والفكر. ولذلك يمكن القول إن أبطال المسرحية الرومانسية هم تعبيرٌ عن شخصيّة الكاتب وتمثيل لذاتيته.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.