أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-06-2015
3327
التاريخ: 8-2-2018
2728
التاريخ: 10-04-2015
2541
التاريخ: 2024-11-07
148
|
المتلمّس هو جرير بن عبد العزّى، ويقال ابن
عبد المسيح (1)، من بني ضبيعة بن مالك. وهو معاصر لعمر بن هند، ملك
الحيرة، وكان ينادمه. وقد اشتهرت في أخبار الأدب رسالة المتلمّس: رووا أن عمرو بن
هند غضب على المتلمّس وعلى ابن أخته طرفة بعد أن كانا ينادمانه فكتب لكلّ واحد
منهما رسالة إلى المكعبر، عامله على البحرين، وأوهمهما أنه أمر لهما في الرسالتين
بجائزتين. فيقال إنّ المتلمّس شكّ في ذلك فدفع رسالته إلى صبي من صبيان الحيرة
قرأها له فإذا فيها أمر بقتله، فشقّها وألقاها في النهر. ثم انه قال لطرفة: ما في
رسالتك إلاّ كالذي في رسالتي، فلم يقتنع طرفة بذلك، بل تابع طريقه إلى البحرين
فقتله المكعبر هناك في حديث طويل مصنوع (2).
وأما المتلمّس فانه فرّ من العراق إلى
الشام لاجئا إلى الغساسنة. ثم عاش عندهم حتّى أسنّ؛ ومات نحو عام 42 ق. ه. (580 م)،
وكان له ابن شاعر اسمه عبد المنان أدرك الاسلام (غ 21:122).
المتلمّس شاعر مقلّ مجيد، قيل أشعر
المقلّين في الجاهلية ثلاثة: المتلمّس والمسيّب بن علس والحصين بن الحمام المرّيّ.
وكان المتلمّس شاعر بني ربيعة في زمنه. أما فنونه فهي الهجاء، وقد هجا عمرو بن هند
فأكثر وأفحش، ثم الحكمة وله فيها أبيات شوارد: بارعة مبتكرة واضحة المعنى. وله
أيضا عتاب كثير وفخر.
- المختار من شعره:
كان المتلمّس ينتسب إلى ضبيعة بن نزار، ولكنّه
كان يعيش في أخواله بني يشكر حتى كادوا يغلبون على نسبه. وقد سأل عمرو بن هند ذات
يوم الحارث بن التوأم اليشكري عن نسب المتلمّس فقال الحارث: أواناً يزعم أنه من
بني يشكر، وآناً يزعم أنه من بني ضبيعة. فقال عمرو بن هند: ما أراه الاّ كالساقط
بين الفراشين. فقال المتلمّس يهجو عمرو بن هند ويعاتب خاله الحارث:
يعيّرني أمّي رجال، ولا أرى... أخا كرم
إلاّ بأن يتكرّما
ومن يك ذا عرض كريم فلم يصن... له حسبا كان
اللئيم المذمّما
أحارث، إنّا لو تساط دماؤنا... تزايلن حتّى
لا يمسّ دم دما (3)
أمنتفلا من آل بهثة خلتني... ألا إنّني
منهم وإن كنت أينما (4)
ألا إنّني منهم، وعرضي عرضهم... كذي الأنف
يحمي أنفه أن يصلّما (5)
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا... وما
علّم الانسان إلا ليعلما (6)
وكنّا إذا الجبّار صعّر خدّه... أقمنا له
من ميله فتقوّما (7)
فلو غير أخوالي أرادوا نقيصتي... جعلت لهم
فوق العرانين ميسما (8)
وما كنت إلاّ مثل قاطع كفّه... بكفّ له
أخرى فأصبح أجذما (9)
فلمّا استقاد الكفّ بالكفّ لم يجد... له
دركا في أن تبين فأحجما (10)
يداه أصابت هذه حتف هذه... فلم تجد الأخرى
عليها مقدّما.
فأطرق إطراق الشجاع، ولو يرى... مساغا
لنابيه الشجاع لصمّما (11)
________________________
1) الشعر والشعراء 86.
2) في الشعر والشعراء (ص 91) أن عامل عمرو
بن هند على البحرين كان الربيع بن حوثرة، أو ربيعة بن الحارث العبدي (غ 21:125).
3) ساط: مزج. تزايل: تفرق.
4) انتفل: تبرأ من الشيء، أنكره.
5) يصلم: يستأصل، يقتلع الشيء من أصله. جدع
الانف واستئصاله كناية عن الذل.
6) راجع فوق، ص 112.
7) صعر خده: أمال عنقه تكبرا.
8) جعلت لهم فوق العرانين (جمع عرنين:
الانف) ميسم: علامة (كناية عن الاذلال).
9) أجذم: مقطوع اليد.
10) استقاد وأقاد: اقتص، عاقب بالقتل أو
(هنا) بقطع العضو المعتدي. دركا في أن تبين: الاقتصاص من اليد المعتدية يتبعها
باليد المقطوعة.
11) أطرق: فكر. الشجاع: الحية السوداء. إطراق
الشجاع: اطالة الاطراق (كناية عن اطالة التفكير). لصمما: للدغ نفسه (قتل نفسه،
انتحر).