المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6251 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

معاني وجوه الآيات
2024-06-09
إجزاء العمرة المتمتع بها عن المفردة
8-9-2017
وصف العذاب بالغلظة
1/10/2022
مواعيد وطرق زراعة الرز
2024-03-27
علمه (عليه السلام) بعلم الجيولوجيا
13-4-2016
البديع الإسطرلابي
2-6-2016


أهل اليقين سِمات ومعالم.  
  
1645   11:30 صباحاً   التاريخ: 2023-03-06
المؤلف : الشيخ علي حيدر المؤيّد.
الكتاب أو المصدر : الموعظة الحسنة
الجزء والصفحة : ص 235 ـ 250.
القسم : الاخلاق و الادعية / الفضائل / الايمان واليقين والحب الالهي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-4-2019 2125
التاريخ: 20-7-2020 2044
التاريخ: 19-7-2016 1658
التاريخ: 19-7-2016 1660

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): «يا علي، إنّ من اليقين ألّا ترضي أحداً بسخط الله، ولا تحمد أحداً على ما آتاك الله، ولا تذمّ أحداً على ما لم يؤتك الله، فإنّ الرزق لا يجرّه حرص حريص ولا يصرفه كراهة كاره، إنّ الله بحكمته وفضله جعل الرَّوح والفرح في اليقين والرضى، وجعل الهمّ والحزن في الشكّ والسخط» (1).

اليقين والإيمان:

اليقين مرتبة رفيعة من مراتب الإيمان وإذا وصل الإنسان إلى هذه المرتبة علم واستيقن حقائق الأمور وأنّ كلّ شيء مرتبط بالله تعالى، وأنّ الله هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن. عن الوشّاء عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سمعته يقول: الإيمان فوق الإسلام بدرجة والتقوى فوق الإيمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، وما قسّم في النّاس شيء أقل من اليقين» (2).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض أسفاره إذ لقيه ركب فقالوا السلام عليك يا رسول الله، فقال: ما أنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول الله، قال فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء الله والتفويض إلى الله والتسليم لأمر الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون» (3) ومن ملامح وصول صفة اليقين إلى القلب ما ذكره الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في حديثه الشريف:

1 - ألّا ترضي أحداً بسخط الله تعالى.

2 - ولا تحمد أحداً على ما آتاك الله تعالى.

3- ولا تذمّ أحداً على ما لم يؤتك الله تعالى.

وسنشير إلى بعض هذه الملامح بحسب ما يسمح به المجال.

الرضا بالقضاء من اليقين:

من الأعمال التي يختصّ بها المؤمن الذي وصل إلى درجة اليقين أن يعلم أنّ كلّ الأمور بيد الله تعالى ويرضى بقضاء الله تعالى ويصبر في الشدائد لغرض نيل رضا الله تعالى ويكون الهدف من جميع أعماله الجارحيّة والجانحيّة رضا الباري عزّ وجلّ.

عن هشام بن سالم قال: «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين» (4) كما أنّ حدّ اليقين ألّا تخاف مع الله شيئاً وأن تتيقّن أنّ الضار النافع هو الله تعالى، ولذا فإنّ المؤمن الذي تيقّن بحقيقة الأمور لا يبيع دينه من أجل أن يرضى عنه فلان أو فلان فهو لا يضرّه في طلب رضا الله تعالى سخط الناس لعلمه بأنّ الطاعة وقبول الأعمال من الله تعالى.

 ولذلك أسقط التأريخ أغلب الشخصيات التي كانت تتظاهر بالإسلام وكانت أعمالهم ذنوباً وأحياناً جرائم لأجل إرضاء أهوائهم ومصالحهم أو إرضاء السلطان.

 وفي الحديث الشريف: «مَن طلب رضا الناس بسخط الله جعل الله حامده ذامّاً» (5).

 وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَن أرضى سلطاناً بسخط الله خرج من دين الله» (6).

وجدان معذّب:

جاء في كتاب عيون أخبار الرضا أنّ حميد بن قحطبة الطائي .. قال: طلبني الرشيد في بعض الليل، وقال لي فيما قال: خذ هذا السيف، وامتثل ما يأمرك به الخادم، فجاء بي الخادم إلى دار مغلقة، ففتحها وإذا فيها ثلاثة بيوت وبئر ففتح البيت الأول، وأخرج منه عشرين نفساً عليهم الشعور والذوائب، وفيهم الشيوخ والكهول والشبان، وهم مقيّدون بالسلاسل والأغلال وقال لي: يقول لك أمير المؤمنين اقتل هؤلاء، وكانوا كلّهم من ولد علي وفاطمة فقتلتهم الواحد بعد الواحد، والخادم يرمي بأجسامهم ورؤوسهم في البئر، ثم فتح البيت الثاني، وإذا فيه أيضا عشرون من نسل علي وفاطمة، وكان مصيرهم كمصير الذين كانوا في البيت الأول، ثم فتح البيت الثالث، وإذا فيه عشرون، فألحقتهم بمن مضى وبقي منهم شيخ، وهو الأخير، فقال: تباً لك يا ميشوم أي عذر لك يوم القيامة عند جدّنا رسول الله، فارتعشت يدي، وارتعدت فرائصي، فنظر إليّ الخادم مغضباً، وهددني فقتلت الشيخ، ورمى به في البئر فإذا كان فعلي هذا وقتلت ستّين نفساً من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما ينفعني صومي وصلاتي وأنا لا أشك أنّي مخلّد في النار (7) ولذا فإنّ مَن يخاف السلطان أو أعوانه ولا يخاف الله تعالى تكون أعماله في إرضاء الآخرين وتقرباً لهم وبذلك يكون قد ارتكب المعصية وسخط الله تعالى عليه فيبقى وجدانه يعذّبه لما ارتكب من أعمال مشينة تبعده عن رضا النّاس في الدنيا ورضا الله في الآخرة.

لا أدخل جهنّم لصديقي:

ينقل عن المرجع الدينيّ الكبير المرحوم السيد آقا حسين القمي (قده) قوله: «أذهب لأجل صديقي إلى كل مكان حتّى إلى باب جهنم.. ولكن لا أدخل لأجلّه جهنم» فلا يضرّ الإنسان المتيقّن كلام الناس وتقرّبهم إذا كان العمل في غير رضا الله تعالى ولا يحسب أنّه سيكون مذموماً من قبل الناس ولا يستوحش ذلك، فإنّ مع رضا الله تعالى واليقين بالعمل السعادة والنجاة من المواقف الصعبة بفضل العناية الإلهية.

وفي الحديث القدسي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله تبارك وتعالى: لو لم يكن في الأرض إلا مؤمن واحد لاستغنيت به عن جميع خلقي ولجعلت له من إيمانه أنساً لا يحتاج إلى أحد» (8).

 وعن عبد الواحد المختار الأنصاريّ قال: «قال أبو جعفر (عليه السلام): يا عبد الواحد ما يضر رجلاً- إذا كان على ذا الرأي (9) - ما قال الناس له ولو قالوا: مجنون، وما يضرّه ولو كان على رأس جبل يعبد الله حتّى يجيئه الموت» (10).

تخصيص الحمد بالله:

ألّا تحمد أحداً على ما آتاك الله: مِن آثار علامات بلوغ اليقين في

الإيمان هو أن يكون مقصود الإنسان من الحمد هو الله تعالى وأنّ كلّ ما يملك من الله.

قال الحكيم السبزواري في منظومته:

أزمّة الأمور طرّاً بيده *** والكلّ مستمدة من مدده

فالله تعالى هو الذي يفيض على عباده بالنعم والأرزاق وكلّ ما في الوجود مستمد وجوده وبقاءه من وجود الله تعالى فالشكر والحمد يكون للأصل وهو الخالق تعالى، ونحن نقرأ في صلاتنا يومياً سورة الفاتحة وفيها قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]  فالحمد لله وحده، واللام في اسم الجلالة للاختصاص أي أنّ طبيعة الحمد مختصّة بالله سبحانه وتعالى لا يستحقّ الحمد أحد غيره وربّما يؤيّده الحديث المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) وقد جاء فيه: «فإذا قال: الحمد لله ربّ العالمين» قال الله جلّ جلاله: حمدني عبدي، وعلم أنّ النعم التي له من عندي، وأنّ البلايا التي دفعت عنه فبتطوّلي أشهدكم أنّي أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا» (11) ويرى بعض الأعلام أنّ اللام للاستغراق بمعنى أنّ كلّ حمد فهو لله سبحانه طولاً وعرضاً فكلّ نعمة وصلتك من الله مباشرة أو من الناس مرجعها إلى الله سبحانه وكلّ خير وصلك أيضا مرجعه إلى الله سبحانه، ولذا فإنّ كلّ حمد وشكر على كلّ نعمة وخير ينالك فهو لله سبحانه وراجع إليه تبارك وتعالى، لأنّ (أزمّة الأمور طرّاً بيده والكلّ مستمدة من مدده) قال سبحانه: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53] وحمد الله تعالى يكون باحترام النعم والطاعة لله تعالى في ما أمر به والابتعاد عن نواهيه انقياداً وشكراً لنعمته تعالى، كما أنّك لو حمدت شخصاً لمعروف تفضّل به عليك فإنّما هو حمد لله تعالى؛ لأنّ الشخص الذي أسدى المعروف لك مسخّر بأمر الله تعالى وهو جندي من جنود الله المجنّدة لخدمتك فليس هو وليّ النعمة عليك، بل الله تعالى وليّ النعمة والقصد من حمدك وشكرك لصاحب المعروف شكر لله تعالى وفي الحديث الشريف: «من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز وجل» (12).

لا تذمّ أحداً:

ألّا تذمّ أحداً على ما لم يؤتك الله تعالى:

ومِن آثار اليقين عند المؤمن الصبر والتحمّل للمشاق والصعوبات التي تنجم من تمسّكه بعقيدته ومبدئه وهو «إنّ الدنيا سجن المؤمن» (13).

فالإنسان إذا لم يقصّر في سلوك أسباب الغنى وتوفير مقدّمات الكسب الوفير ويجد نفسه غير متنعّم كما يتنعّم الآخرون بالرفاه والجاه والمال فلا ينبغي له أن يذمّ أحداً على ذلك، فإذا لم يكن عندك المال مثلاً لا تذمّ والديك أو إخوانك أو أصدقاءك لأنّك لم تؤتَ من المال مثل الغني فالأمر ليس بيد هؤلاء وإنّما بيد الله تعالى، وإن لم تكن مقصّراً في طلبك المعاش وتوفير وسائل الغنى ولكن الله تعالى لم يشأ أن يعطيك الثروة لأجل اختبارك في هذه الدنيا ومدى تحمّلك للمصاعب حيث إنّ حقيقة الإيمان واليقين تظهر من خلال التحمّل والرضا بقضاء الله تعالى فلا ينبغي أن يسوءك الامتحان وفي الحديث الشريف: (إنّ موسى (عليه السلام) قال: يا ربّ دلّني على عمل إذا أنا عملته نلت به رضاك؟ فأوحى الله إليه: يا ابن عمران إنّ رضاي في كرهك ولن تطيق ذلك، فخرّ موسى (عليه السلام) ساجداً باكياً فقال: يا ربّ خصصتني بالكلام، ولم تكلّم بشراً قبلي، ولم تدلّني على عمل أنال به رضاك؟ فأوحى الله إليه: إنّ رضاي في رضاك بقضائي (14) فعلى الإنسان أن يسلك أسباب الرزق الحلال فإن أعطاه الله رضي وإن لم يعطه لحكمة ومصلحة الله يعلمها أيضاً رضي.

الإرتباط الوثيق بالخالق:

ولذا فإنّ المؤمن الذي بلغ حقيقة الإيمان وتيقّن من عمله وأنّ الأمور كلّها بيد الله تعالى فإنّه لا يرضي أحداً بسخط الله تعالى ولا يحمد أحداً على ما آتاه الله تعالى ولا يذمّ أحداً على ما لم يؤته الله تعالى، فهو مرتبط في كلّ شيء بخالقه تعالى وهذا الإرتباط الوثيق بالخالق وابتناء الأعمال جميعها على الإخلاص والطاعة لله والابتعاد عن المعاصي قد يجعل المؤمن في وحشة وفقدان لمزايا دنيويّة عديدة نتيجة عدم الحرص على الدنيا والتفكير بما بعدها، ومع ذلك ترى المؤمن فرحاً مستريحاً ومستأنساً بقرب الله تعالى لأنّه بعيد عن المعاصى، وكما أنّ الحرص لا يجرّ الرزق وإنّما الرزق بيد الله تعالى هو الذي يدبّر الأمور ويقسّم الأرزاق وفي الدعاء: «يا من حيث ما دعي أجاب يا طهور يا شكور يا عفو يا غفور يا نور النور يا مدبّر الأمور» (15) وكذلك لا يصرف هذا الرزق كراهة الإنسان الساخط الذي ابتعد عنه المؤمن ولو أنّ النّاس فرّوا من رزقهم كما يفرّون من الموت لأدركهم الرزق كما يدركهم الموت. ولذلك فإنّ كلّ شيء هو بيد الله تعالى ومن الله وإلى الله، فليكن توجّهك فقط نحو الله تعالى ولا تعتمد على المخلوق بالأساس إلّا في حدود المنفعة والحاجة التي لا ترتبط بسخط الخالق تعالى وفي ذلك النجاة وراحة البال والضمير والاطمئنان للفوز برضا الله تعالى. وهناك شواهد عديدة تبين مدى الفائدة والمنفعة من الإعتماد على الخالق والنجاة من عواقب الأمور نذكر منها:

لا ملجأ إلّا الله:

قيل إنّ ملكاً تمرّض بمرض عضال، وبعد أن راجع عدّة أطباء وصفوا له علاجاً غريباً وهو أن يأكل قلب شاب صغير، فأمر الملك حاشيته بالبحث عن شاب وشراء قلبه، فوجدت الحاشية عائلة فقيرة تعيش في ذلك البلد فساوموا العائلة على شراء ولدها مقابل ذبحه وتقديم قلبه إلى الملك ليشتفي لبه، فقبلت العائلة هذا العرض مقابل مبلغ من المال فلمّا أحضروا الشاب لذبحه، حوّل وجهه نحو السماء وضحك فتنبّه الملك لتلك الحالة فسأله عن سبب ضحكه؟ فأجاب الشاب: إنّي كنت أفكر في أنّه إذا آذاني أحد أذهب إلى والدتي فتدافع عنّي وإذا لم تقدر أذهب إلى والدي، وإذا لم يتمكنا من الدفاع عنّي كنت سأذهب إلى الملك للدفاع عنّي، ولكنّي أضحك اليوم على نفسي لأنّي أجد والديّ قد باعاني إلى الملك، ورضيا أن يُراق دمي بما نالاه من حطام الدنيا والملك يريد ذبحي ليبرىء نفسه من علتها إذن لم يبقَ لي هناك ملجأ إلا الله الذي لا ملجأ سواه وأنشد:

إلى الله أشكو منك ما قد ينوبني *** وأنت رجائي في الخطوب وموئلي

فرقّ له قلب الملك واغرورقت عيناه بالدموع وقال: يا لله إنّ الأولى بي أن أهلك بعلّتي على أن أريق دم مثل هذا الغلام البريء وضمّه إليه وقبّله بين عينيه ونفحه بهدية نفيسة وأطلق سراحه، فقيل: إنّه لم يمضِ أسبوع على ذلك الملك حتّى من الله عليه بالشفاء.

وفي هذه القصة خير عظة وعبرة تدلّل على أنّ الإنسان يجب أن يجعل جلّ تفكيره في الالتجاء إلى الله تعالى عند المصاعب والمشاكل فلا قدرة تفوق قدرته، وما يتصوّره الإنسان من قدرة يملكها البشر على العطاء والمنع فهي أيضاً منه سبحانه قال تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16]. وقال الشاعر:

وما ثمّ الّا الله في كلّ حالة *** فلا تتّكل يوماً على غير لطفه

فكم حالةٍ تأتي ويكرهها الفتى *** وخيرته فيها على رغم انفه

اذكرني عند ربك:

عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال:

لمّا أمر الملك فحبس يوسف في السجن ألهمه الله علم تأويل الرؤيا، فكان يعبر لأهل السجن رؤياهم، وإنّ فتيَين أدخلا معه السجن يوم حبسه، فلمّا باتا أصبحا فقالا له: إنّا رأينا رؤية فعبّرها لنا، فقال: وما رأيتما؟ فقال أحدهما:

{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 36].

 ففسّر لهما رؤياهما على ما في الكتاب، ثم قال للذي ظنّ أنّه ناج منهما: اذكرني عند ربّك، قال: ولم يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه فلذلك قال الله: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42] قال: فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف مَن أراك الرؤيا التي رأيتها؟ قال: أنت يا ربّي، قال فمَن وجّه السيّارة إليك؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمَن علّمك الدعاء الذي دعوت به حتّى جعل لك من الجبّ مخرجاً؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمَن أنطق لسان الصبيّ بعذرك؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمَن صرف عنك كيد امرأة العزيز والنسوة؟ قال: أنتَ يا ربّي، قال فمَن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فكيف استغثت بغيري ولم تستغث بي وتسألني أن أخرجك من السجن واستغثت وأمّلت عبداً من عبادي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي، ولم تفزع إليّ؟ البث في السجن بذنبك بضع سنين بإرسالك عبداً إلى عبد.

قال ابن أبي عمير: قال ابن أبي حمزة: فمكث في السجن عشرين (16).

وفي رواية أخرى قال: فبكى يوسف عند ذلك حتّى بكى لبكائه الحيطان فتأذّى ببكائه أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوماً ويسكت يوماً فكان في اليوم الذي يسكت أسوء حالاً (17).

الاستعانة بالعباد:

ذكر الطبرسيّ (ره) في الاستعانة بالعباد كلاماً نلخّصه: إنّ الاستعانة بالعباد في دفع المضار والتخلّص من المكاره جائز غير منكر ولا قبيح بل ربّما يجب ذلك وكان نبيّنا (صلى الله عليه وآله) يستعين فيما ينوبه بالمهاجرين والأنصار وغيرهم ولو كان قبيحاً لم يفعله فلو صحّت هذه الروايات فإنّما عوتب يوسف (عليه السلام) في ترك عادته الجميلة في الصبر والتوكّل على الله سبحانه في كلّ أموره دون غيره وقتاً ما ابتلاء وتشديداً وإنّما كان يكون قبيحاً لو ترك التوكّل على الله سبحانه واقتصر على غيره وفي هذا ترغيب في الاعتصام بالله تعالى والاستعانة به دون غيره عند نزول الشدائد وإن جاز أن يستعان بغيره (18).

بين إبراهيم ويوسف (عليهما السلام):

قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): لمّا أجلس إبراهيم في المنجنيق وأرادوا أن يرموا به في النار أتاه جبرائيل (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا إبراهيم ورحمة الله وبركاته ألك حاجة؟ فقال: أمّا إليك فلا. فلمّا طرحوه دعا الله فقال: "يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا" أحد فحسرت النار عنه وإنّه لمحتبٍ ومعه جبرائيل وهما يتحدّثان في روضة خضراء (19).

وإذا عرفت اعتماد النبي إبراهيم (عليه السلام) على الله تعالى في أحلك المواقف نعود إلى كلام يوسف (عليه السلام): {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} وقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره الكبير: قال يوسف (عليه السلام) لذلك الرجل الذي حكم بأنّه يخرج من الحبس ويرجع إلى خدمة الملك {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} أي: عند الملك والمعنى اذكر عنده أنّه مظلوم من جهة إخوته لمّا أخرجوه وباعوه، ثمّ إنّه مظلوم في هذه الواقعة التي لأجلها حبس، فهذا هو المراد من الذكر. ثم قال تعالى : {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} وفيه قولان: القول الأول: إنّه راجع إلى يوسف، والمعنى أنّ الشيطان أنسى يوسف أن يذكر ربّه، وعلى هذا القول ففيه وجهان: أحدهما: أنّ تمسكه بغير الله مستدرك عليه، وتقريره من وجوه: الأول: إنّ مصلحته كانت في أن لا يرجع في تلك الواقعة إلى أحد من المخلوقين وألّا يعرض حاجته على أحد سوى الله، وأن يقتدي بجده إبراهيم (عليه السلام) حين سأله جبريل: هل من حاجة، فقال أمّا إليك فلا، فلمّا رجع يوسف إلى المخلوق لا جرم وصف الله ذلك بأنّ الشيطان أنساه ذلك التفويض، وذلك التوحيد ودعاه إلى عرض الحاجة إلى المخلوقين، ثمّ لمّا وصفه بذلك ذكر أنّه بقي لذلك السبب في السجن بضع سنين، والمعنى أنّه لمّا عدل عن الإنقطاع إلى ربّه إلى هذا المخلوق عوقب بأن لبث في السجن بضع سنين، وحاصل الأمر أن رجوع يوسف إلى المخلوق صار سبباً لأمرين أحدهما إنه صار سبباً لاستيلاء الشيطان عليه حتى أنساه ذكر ربه الثاني أنه صار سبباً لبقاء المحنة عليه مدة طويلة. الوجه الثاني: إنّ يوسف (عليه السلام) قال في إبطال عبادة الأوثان: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَ أَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39] ثمّ إنّه ههنا أثبت ربّاً غيره حيث قال (أذكرني عند ربّك) ومعاذ الله أن يقال إنّه حكم عليه بكونه إلها بل حكم عليه بالربوبيّة كما يقال ربّ الدار، وربّ الثوب على أنّ إطلاق لفظ الربّ عليه بحسب الظاهر يناقض نفي الأرباب.

الوجه الثالث: إنّه قال فى تلك الآية ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء وذلك نفي للشرك على الإطلاق، وتفويض الأمور بالكليّة إلى الله تعالى فههنا الرجوع إلى غير الله تعالى كالمناقض لذلك التوحيد واعلم أنّ الاستعانة بالنّاس في دفع الظلم جائز في الشريعة إلّا أنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين فهذا وإن كان جائزاً لعامّة الخلق إلّا أنّ الأولى بالصدّيقين أن يقطعوا نظرهم عن الأسباب بالكليّة وألّا يشتغلوا إلّا بمسبّب الأسباب.

 الوجه الرابع: في تأويل الآية أن يقال: هب أنّه تمسّك بغير الله وطلب من ذلك الساقي أن يشرح حاله عند ذلك الملك، إلّا أنّه كان من الواجب عليه ألّا يخلي ذلك الكلام من ذكر الله مثل أن يقول إن شاء الله أو قدّر الله فلمّا أخلاه من هذا الذكر وقع هذا الاستدراك. القول الثاني: أن يُقال إنّ قوله: (فأنساه الشيطان ذكر ربه) راجع إلى الناجي والمعنى: أنّ الشيطان أنسى ذلك الفتى أن يذكر يوسف للملك حتّى طال الأمر فلبث في السجن بضع سنين بهذا السبب. ومن الناس من قال القول الأول أولى لما روي عنه (عليه السلام) قال: «رحم الله يوسف لو لم يقل اذكرني عند ربّك ما لبث في السجن» وعن قتادة أنّ يوسف (عليه السلام) عوقب بسبب رجوعه إلى غير الله.. وقال الفخر الرازي والذي جرّبته من أوّل عمري إلى آخره أنّ الإنسان كلّما عوّل في أمر من الأمور على غير الله صار ذلك سبباً إلى البلاء والمحنة والشدّة والرزيّة، وإذا عوّل العبد على الله ولم يرجع إلى أحد من الخلق حصل ذلك المطلوب على أحسن الوجوه.. (20).

وفي تفسير الميزان للسيد الطباطبائي (ره) علّل طلب يوسف (عليه السلام) من السجين أن يذكره عند ربه بقوله: والإخلاص لله لا يستوجب ترك التوسّل بالأسباب فإنّ ذلك من أعظم الجهل لكونه طمعاً فيما لا مطمع فيه بل إنّما يوجب ترك الثقة بها والاعتماد عليها وليس في قوله: «اذكرني عند ربك» ما يشعر بذلك البتّة (21).

بيان توضيحي:

ومن خلال هذا المختصر في نقل الأقوال يبدو أنّ الظاهر أنّ الاستعانة بالله تعالى في كلّ الأمور هي الأصل ويؤيّده الحديث الشريف الذي ابتدأنا بحثنا به «إنّ من اليقين ألا ترضي أحداً بسخط الله، ولا تحمد أحداً على ما آتاك الله، ولا تذم أحداً على ما لم يؤتك الله» (22)، وغيره ممّا نقلناه من مؤيّدات. والظاهر أيضاً أنّ الاستعانة بالمخلوق من «أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب، فجعل لكلّ شيء سبباً» (23).

فالاستعانة بالمخلوق لأجل غاية شريفة وهي نيل رضا الله تعالى لا بأس بها؛ لأنّ الناس فطروا على الحاجة إلى بعض {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [الحج: 40] قال رجل بحضرة الإمام زين العابدين (عليه السلام): "اللّهُمّ أغنني عن خلقك فقال: ليس هكذا إنّما الناس بالناس، ولكن قل اللّهم أغنني عن شرار خلقك.." (24).

وبتعبير آخر إنّ الأسباب وسيلة للوصول إلى الغاية ولكن مع ملاحظة أنّ الأسباب يجب أن تكون نبيلة كما يجب أن تكون الغاية نبيلة أيضاً إذ لا يمكن أن ينال الإنسان رضا الله تعالى بواسطة المعصية والذنب، بل إنّ الوسيلة يجب أن تكون أيضاً طاعة. إذن لا غنى للإنسان عن الأسباب لنيل الحاجات إلّا أنّ أصحاب اليقين هم الذين يعرفون بل ويؤمنون أنّ الله سبحانه بيده كلّ الأمور، أسبابها ومسبّباتها فإن كان في طريق قضاء حاجته أحد يعلم أنّ الله هو الذي سخره له لقضاء حاجته لا أنّ الذي يقضي حوائجك يقضيها بقدرته وبقوته بل كلّ شيء بحول الله وقوته تبارك وتعالى وهذا النوع من الإيمان يعدّ من مظاهر اليقين؛ لأنّ من حقائق اليقين أن ترتبط كليّاً بالخالق تعالى ومن هنا نعرف أنّ الله سبحانه هو المؤثّر في الوجود إذ لا مؤثّر في الوجود سوى الله - كما يعبّر الحكماء - ولكن تأثير الله سبحانه مرّة يتمّ مباشرة ومرّة بالواسطة كتبادل المنفعة والبيع والشراء والتجارة بين النّاس وما شابه، ولعلّ النبي يوسف (عليه السلام) أراد من السجين ذكره عند ربه من أجل الوصول إلى غايته النبيلة التي لا تضر بنبوّته سواء كان في الوسيلة أم كان في الغاية، بمعنى أنّه (عليه السلام) سلك الطريق الطبيعي لنيل الحاجة بعد الاستناد والاعتماد على الله سبحانه مسبّب الأسباب والمؤثر فيها.

فضل اليقين:

وفضل اليقين يظهر على المؤمن من خلال رضاه بما قسمه الله تعالى له من الأرزاق والنعم أو ما أصابه من الابتلاءات والشدائد وما شابه والذي يرضى بما قسمه الله له يكون في راحة من الهم والسخط كما عبّر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله: «فإنّ الرزق لا يجرّه حرص حريص ولا يصرفه كراهة كاره، إنّ الله بحكمته وفضله جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهمّ والحزن في الشك والسخط (25) كما أن صاحب اليقين لا يهتم أيضاً لما في أيدي الناس لشدة إيمانه. وفي رواية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من صحّة يقين المرء المسلم ألّا يرضي الناس بسخط الله ولا يلومهم على ما لم يؤته الله، فإنّ الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كراهية كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت، ثم قال: إنّ الله بعدله وقسطه جعل الرَّوح والراحة في اليقين والرضا وجعل الهمّ والحزن في الشك والسخط» (26).

ولذا فإنّ صاحب اليقين يسعى وراء تهيئة الأسباب والمقدّمات التي يحقّق بها غاياته وبعدها لا يغتمّ إذا لم يثمر عمله لعلمه بأنّ الله تعالى عادل وحكيم فإذا أعطاه لمصلحة وإذا منعه لمصلحة أيضاً لذا يسعى دائماً عاملاً مثابراً ويلقي حصول النتائج على الله تعالى ومن هنا لا يحرص ولا يبخل بشيء ولا يتأثّر من كراهة الناس لعمله فيكون مطمئناً ومرتاحاً في هذا المجال. ولقد كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مظهراً جليّاً لهذا اليقين فهو لم يغتمّ يوماً لرزقه ولم يحرص على ذلك بل كان يؤثر الآخرين على نفسه وعلى عياله وإنّما كان جلّ همّه وغمّه هو انتشار الإسلام وصحّة أعمال الناس وانقاذهم من الويل والعذاب برشدهم ونصيحتهم سواء في أقواله أو أفعاله ومن أفعاله اليقينية: إنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه جلس إلى حائط مائل يقضي بين الناس، فقال بعضهم: لا تقعد تحت هذا الحائط، فإنّه معور - ذو عيب أو ذو شق وخلل يخاف منه - فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: حرس امرءاً أجله. فلما قام سقط الحائط: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) ممّا يفعل هذا وأشباهه، وهذا اليقين (27).

النفس المطمئنة:

ولذا فإنّ الذي يصل إلى مرحلة اليقين التام والاستعانة بالخالق تعالى في جميع أموره تكون نفسه مطمئنة ومرتاحة وفرحة في الدنيا والآخرة قال تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 27 - 30].

وصاحب النفس المطمئنّة لا يسخط ولا يتألّم ولا يثور ولا ينفعل فلا يكون مهموماً أو حزيناً في حياته لفقدان صفقة تجاريّة أو ما شابه من المنافع الدنيويّة، ولا يحرص كلّ الحرص على طلب الرزق وإنّما يعلم بيقين ثابت أنّ الله تعالى مقدّر له رزقه وقدره بتقدير ثابت وهذا التقدير لا تصرفه كراهة الكاره أو نصب الكمائن والاحتيالات ضده وما شابه فلذا يعيش سعيداً في حياته كما ينال الدرجات العالية في الآخرة.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تحف العقول: ص 13.

(2) أصول الكافي: ج 2، ص 51 باب فضل الإيمان حديث 2.

(3) أصول الكافي: ج 2، ص 53، باب حقيقة الإيمان واليقين، حديث 1.

(4) المصدر نفسه: ص 57، باب فضل اليقين حديث 3.

(5) أصول الكافي: ج 2، ص 372، باب من أطاع المخلوق، حديث1.

(6) المصدر نفسه: ص 273، حديث 5.

(7) عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 90، باب 9، حديث 1 (بتصرّف) ط ـ النجف الأشرف.

(8) الكافي: ج 2، ص 245، باب الرضا بموهبة الإيمان حديث 2.

(9) ويقصد التشيّع.

(10) المصدر نفسه حديث 1.

(11) البحار: ج89، ص226، باب 29، حديث3.

(12) البحار: ج68، ص 44، باب 61، حديث 47.

(13) البحار: ج70، ص 91، باب 122، حديث 67.

(14) البحار: ج79، ص 134، باب 61، حديث 17.

(15) مفاتيح الجنان، من دعاء المشلول.

(16) البحار: ج12، ص 301 ـ 302، باب قصص يعقوب ويوسف (عليهما السلام) حديث 100.

(17) مجمع البيان: المجلّد الثالث ص 235.

(18) المصدر نفسه.

(19) البحار: ج 12، ص 24، باب قصص إبراهيم (عليه السلام) ط ـ بيروت.

(20) راجع التفسير الكبير للفخر الرازي: المجلّد التاسع، ج18، ص 144 -145، ط 3.

(21) تفسير الميزان: ج 1، ص 181.

(22) تحف العقول: ص 6، ط 5.

(23) الكافي: ج 1، ص 183، باب معرفة الإمام حديث 7.

(24) شرح رسالة الحقوق: ج 1، ص 13، المقدّمة.

(25) تحف العقول: ص 6، ط 5.

(26) الكافي: ج2، ص57، باب فضل اليقين حديث 2.

(27) الكافي: ج 2، ص 58، باب فضل اليقين حديث 5.

 

 

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.