قوة الدولة :

ارتبطت قوة الدولة عند العراقيون القدماء بقوة الاقتصاد لديهم ونظرا لقلة المواد الاقتصادية في دولهم، فقد دفعهم ذلك منذ الألف الثالث ق. م، إلى التوسع الخارجي لأجل الحصول على أكبر قدر من المساحات الزراعية ، اذ قامت الدويلات السومرية في تلك الفترة بالتراع والحروب فيما بينها من أجل السيطرة على المزيد من الأراضي الزراعية ومصادر المياه ولم يغيب على حضارة وادي الرافدين أهمية توفر المواد الأولية في تحقيق قواتها الصناعية، وهو ما تطلب منها استيرادها من الخارج لغرض تعزيز قواتها الاقتصادية وازدهار تجارتها الخارجية

وكان لشكل الدولة في هذه المنطقة دورا في قوة دولها حيث أقامت دولها على أساس دائري ليضمن لها مركزا قويا في المنطقة بالنسبة للمناطق المحيطة بها ، وهذا ما صورته خارطة العالم للبابليين، حيث أظهرت شكلا دائريا يفصل الدول في حضارة وادي الرافدين عن الدول البعيدة عنها.

وقد أهتم البابليون بمعرفة موقع بلادهم من البلدان الأخرى ، إذ اتخذوا في الغالب الشكل المدور أساسا في قياس المسافات ما بين حدود دولهم عن الدول البعيدة عنهم وذلك لسهولة قياس المسافات في الشكل الدائري، حيث أنهم أدركوا الطريقة الرياضية في تقسيم الوحدات إلى 60 قسم المسمات الطريقة الستينية وعملوا على تقسيم الدائرة إلى 360 درجة والساعة إلى ستين دقيقة والدقيقة إلى ستين ثانية.

كما أن قياس المساحات في الشكل الدائري مكن حضارة وادي الرافدين من معرفة مساحات الأراضي الواقعة تحت نفوذهم ، اذ أقام اخر ملوك سلالة أور بقياس مقاطعة زراعية وقسمها الرسام إلى أشكال هندسية جمعت مساحتها أخيرا للتوصل إلى مساحة الأرض الكلية.

وتؤكد الآثار التي عثر عليها استخدام العراقيون القدماء الرياضيات لتذليل قياس المساحات لدولهم، ففي لوح مسماري يظهر المخطط الأساسي العام لمدينة نفر، وقد أثبت هذا المخطط انه يتطابق تطابقا عجيبا وشديدا مع المخططات التي رسمتها البعثة الأمريكية أثناء تنقيبها في تلك المنطقة.