أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-1-2023
1010
التاريخ: 2023-02-08
1075
التاريخ: 11-7-2016
3040
التاريخ: 2023-11-20
1119
|
الأمر المهم المتعلق بمبدأ عدم اليقين، الذي لا يلقى الاهتمام الذي يستحقه، هو أن هذا المبدأ لا يعمل بالمنطق نفسه للأمام أو للخلف في الزمن. «تهتم» أشياء قليلة جدا في الفيزياء بالكيفية التي ينساب بها الزمن، وأحد الألغاز الأساسية للكون الذي نعيش فيه أنه من المؤكَّد وجود «سهم للزمن» محدد، فارق بين الماضي والمستقبل. وتدلنا علاقات عدم اليقين على أننا لا نستطيع معرفة الموضع والزخم في الوقت نفسه، وعليه فإننا لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل؛ فالمستقبل ليس قابلا أصلًا للتنبؤ وهو غير مؤكد. ولكنه في داخل نطاق قواعد ميكانيكا الكم من الممكن إجراء تجربة للحساب بطريقة عكسية لنصل إلى موقع وزخمِ إلكترون بالضبط عند زمن معيَّن في الماضي مثلا. والمستقبل أصلا غير محدد وغير مؤكد فنحن لا نعرف بالضبط إلى أين نحن ذاهبون، لكن الماضي محدد تماما؛ فنحن نعلم من أين جئنا وباستعارة مقولة هايزنبرج «من الممكن أن نعرف - من حيث المبدأ - الماضي بكل تفاصيله». ويتناسب هذا الأمر تمامًا مع خبرتنا اليومية بطبيعة الزمن، من حيث حركتنا من ماض معروف إلى مستقبل مجهول وهي سمة أساسية في صميم عالم الكم. ومن الممكن ربط ذلك بسهم الزمن الذي نلاحظه في الكون على اتساعه، وسنناقش مضامينه الأكثر غرابة فيما بعد.
وفي حين بدأ الفلاسفة يتمسكون شيئًا فشيئًا بمثل هذه المضامين المثيرة لعلاقات عدم اليقين، كانت هذه المضامين لبور شعاعًا من الضوء ينير الطريق للمفهوم الذي كان يحاول الوصول إليه لبعض الوقت. وحيث وجدت فكرة التكامل التي تفيد بأن كلا من صور الموجة والجسيم ضروريان لفهم عالم الكم (مع أن الإلكترون في الواقع ليس بموجة ولا جسيم) صيغة رياضية في علاقة عدم اليقين تفيد بأن الموقع والزخم معا لا يمكن معرفتهما بدقة، ولكنها كونت سمات تكاملية للواقع، وبشكل ما يستثني بعضها بعضًا. وفي الفترة ما بين يوليو 1925 وسبتمبر 1927 لم ينشر بور إلا القليل جدًّا في مجال نظرية الكم، ثم ألقى بعد ذلك محاضرةً في كومو بإيطاليا فيما يُعرف بـ «تفسير كوبنهاجن» أمام جمع غفير من الحضور قدَّم فيها لفكرة التكامل. أشار بور إلى أنه في الفيزياء الكلاسيكية نتصور أن منظومة أي جسيمات متداخلة تعمل مثل الساعة بصرف النظر عما إذا كانت مراقبة أم لا، أما في فيزياء الكم فإن المشاهد يتفاعل مع المنظومة لدرجة أن المنظومة لا يُنظر إليها كوجود مستقل. فإذا اخترنا قياس الموقع بدقة فإننا نجبر الجسيم أن يخلق المزيد من عدم اليقين في الزخم والعكس صحيح إذا اخترنا تجربةً لقياس خصائص الموجة فإننا نتغاضى عن سمات الجسيم، ولا توجد تجربة تكشف عن سمات الجسيم والموجة في آن معا وهكذا. ويمكننا في الفيزياء الكلاسيكية وصْفُ موقع الجسيمات بدقة في الزمكان والتنبؤ بمسلكها بالدقة نفسها، أما في فيزياء الكم فلا نستطيع، وفي هذا السياق حتى النسبية تُعتبر نظرية «كلاسيكية».
استغرق الأمر وقتًا طويلًا لتتطور هذه الأفكار ويستقر مغزاها. واليوم أصبحت السمات المحورية لتفسير كوبنهاجن أكثر سهولة في شرحها وفهمها بمدلول ما يحدث عندما يُجري عالم عملية رصد تجريبية. أولا: لا بد أن نسلم بأن مجرد ملاحظة الشيء تغير منه، وأننا - نحن الملاحظين - جزء حقيقي فعلا من التجربة، ولا يوجد شيء مثل الساعة التي تدق سواء كنا ننظر إليها أم لا. ثانيًا: كلُّ ما نعرفه هو نتائج التجربة. نستطيع النظر إلى الذرة لنرى الإلكترون عند مستوى طاقة (أ) ثم عند النظر ثانية نرى الإلكترون عند مستوى طاقة (ب). وربما نتخيل أن الإلكترون قد قفز من المستوى (أ) إلى المستوى (ب) لأننا نظرنا إليه ولكننا في الواقع لا يمكن أن نجزم بأنه هو الإلكترون نفسه، بل ولا نستطيع أن ندلي بأي شيء عما يحدث عندما كنا لا ننظر إلى الإلكترون. وما نستطيع تعلُّمه من هذه التجارب أو من معادلات نظرية الكم أنه من المحتمل أن نصل إلى الإجابة (أ) إذا نظرنا إلى نظام ما، وعند النظر مرةً ثانية قد نحصل على الإجابة (ب)، ولا نستطيع أن نقول شيئًا عما حدث عندما كنا لا ننظر إليه، أو كيف وصل النظام من المستوى (أ) إلى (ب) إذا حدث ذلك فعلا. فيكون «الوثبُ الكَمِّي الملعون» الذي سبب اضطراب شرودنجر فهو التفسير لسبب حصولنا على إجابتين مختلفتين لنفس التجربة، وهو تفسير خادع. وقد توجد بعض الأشياء في المستوى (أ) بعض الوقت، وأحيانًا أخرى في المستوى (ب)، والسؤال هو: ما الذي يحدث بين الحالتين، أو كيف يحدث الانتقال من مستوى لآخر، وهو شيء غير ذي معنى تمامًا؟
وهذه في الحقيقة سمة أساسية لعالَمِ الكَم. ومن المثير أن هناك حدودًا لما نعرفه عما يفعله الإلكترون عندما لا ننظر إليه؛ بل إنه شيء مثير للحيرة تماما عندما نكتشف أنه ليس لدينا أي فكرة عما يحدث عندما لا ننظر إليه.
لقد قدَّم إدنجتون في ثلاثينيات القرن العشرين بعضًا من أفضل الأمثلة الفيزيائية حتى الآن بخصوص ذلك في كتابه «فلسفة علم الفيزياء». وقد شدد على أن ما ندركه - ما نتعلمه من تجاربنا - متأثر بدرجة كبيرة بتوقعاتنا، وقدَّم مثالاً على ذلك، مربكا في بساطته، ليسحب بذلك البساط من تحت هذه الملاحظات. قال: نفترض أن أحد الفنانين أخبرك بأن شكل رأس إنسان «مختبئ» في صخرة من الرخام. ستقول: «هراء». لكن الفنان يبدأ حينئذ في نحت الرخام بشيء ليس أكثر من مطرقة وإزميل كاشفًا الشكل المختبئ فهل هذه هي الطريقة التي اكتشف بها رذرفورد النواة؟ قال إدنجتون: الاكتشاف لا يتجاوز الموجات التي تمثل المعرفة التي لدينا عن النواة؛ حيث إن نواة الذرة لم يرها أحدٌ بالمرة. وكلُّ ما نراه هو نتائج التجارب التي تؤدي إلى مدلول النواة. لم يجد أي إنسان البوزيترون إلى أن اقترح ديراك احتمال وجوده، ويدعي الفيزيائيون هذه الأيام معرفة عدد أكبر لما يسمى بالجسيمات الأساسية أكثر من العناصر المعروفة في الجدول الدوري. وكان الفيزيائيون في ثلاثينيات القرن العشرين مفتونين بالتنبؤ بجسيم جدید آخر - وهو النيوترينو. - مطلوب لتفسير خفايا التفاعلات المغزلية في بعض أنواع الانحلال الإشعاعي. وقال إدنجتون: لست مرتاحًا لنظرية «النيوترينو»، وأضاف: «ولا أعتقد في وجود النيوترينوات». لكن هل أجرؤ أن أقول إن الفيزيائيين التجريبيين ليس لديهم البراعة الكافية لصنع النيوترينوات؟».
ومنذ ذلك الحين حدث بالفعل «اكتشاف» ثلاثة تشكيلات مختلفة بالإضافة إلى ثلاثة تشكيلات مضادة مختلفة كما افترض وجود أنواع أخرى. هل من الممكن حقيقة أخذ شكوك إدنجتون مأخذ الجد على ظاهرها؟ وهل من المحتمل أن النواة والبوزيترون والنيوترينو لم تكن موجودةً إلى أن اكتشف التجريبيون نوع الإزميل المناسب لكشف أشكالها؟ وتضرب مثل هذه التخمينات على جذور صحة عقولنا، علاوة على مفهومنا عن الواقعية. لكنها أسئلة معقولة تمامًا يمكن طرحها في عالم الكم. وإذا تتبعنا كتاب وصفة الكم بطريقة صحيحة يمكننا القيام بتجربة ينتج منها عدة قراءات نستطيع تفسيرها كمؤشرات على وجود نوع معيَّن من الجسيمات. وفي كل مرة نستخدم نفس الوصف غالبًا نحصل على نفس المجموعة من القراءات ولكن التفسيرات بمدلول الجسيمات كلها في الأذهان، وربما لا تكون أكثر من خداع متماسك. ولا تدلنا المعادلات على أي شيء مما تفعله الجسيمات عندما لا ننظر إليها؛ فلم ينظر أحد قط للنواة قبل رذرفورد، وقبل ديراك لم يتخيَّل أحدٌ وجود البوزيترون. فإذا كنا لا نستطيع أن نقول ماذا يفعل الجسيم عندما لا ننظر إليه، ولا نستطيع أن نجزم بوجوده عندما لا ننظر إليه؛ فمن المنطقي أن ندعي أن النواة والبوزيترون لم يكن لهما وجود قبل القرن العشرين؛ لأنه لم يحدث أن رأى إنسان أيا منها قبل القرن العشرين. وما تراه في عالم الكم هو ما تحصل عليه، وليس هناك شيء حقيقي، وأقصى ما نأمل فيه أن تتوافق مجموعة من الخدع بعضها مع بعض. ولسوء الحظ، حتى هذه الامال قد تحطّمت بواسطة بعض التجارب الأكثر بساطة. فهل تذكر تجارب الشق الطولي المزدوج التي برهنت على الطبيعة الموجية للضوء؟ كيف يمكن تفسيرها بمدلول الفوتونات؟
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|