2-1- دول شمال إفريقيا

يعيش في دول شمال إفريقيا حوالى 150 مليون نسمة، يمثلون قرابة خمس سكان القارة، ويعرف هذا الإقليم^(*) مستوى تنموياً أفضل من دول إفريقيا جنوب الصحراء حيث قد بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي 1630 دولار أمريكي عام 2000، وهو ما يمثل أكثر من ضعف متوسط نصيب الفرد في القارة الأفريقية ككل ، والذي بلغ في نفس العام 671 دولار أمريكي سنويا ⁽¹⁾ .   

كما أن مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية يسجل مستويات مرتفعة بهذا الإقليم بالرغم من أن دوله ليست كلها دولاً مصدرة للمحروقات، فالمغرب وتونس مثلاً تملكان اقتصاداً متنوعاً نسبياً رغم هيمنة بعض القطاعات كالسياحة والملابس الجاهزة.    وحسب دليل التنمية البشرية لسنة 2011 فقد صنفت ليبيا كدولة ذات تنمية بشرية مرتفعة (**) في المرتبة 64 عالميا وبمعدل IDH قدر بـ 0.760، وصنفت تونس أيضاً كدولة ذات تنمية بشرية مرتفعة في المرتبة 94 عالمياً وبمعدل IDH قدر بـ 0.698، أما الجزائر ومصر والمغرب فقد صنفت كدول ذات تنمية بشرية متوسطة في المراتب 96 و 113 و 130 على التوالي وبمعدل IDH يقدر بـ 0.698 للجزائر و 0.644 لمصر و 0.582 للمغرب ⁽²⁾.

وتجدر الإشارة إلى أن دولاً عربية من شمال إفريقيا وأخرى من دول الشرق الأوسط - عرفت في الفترة الأخيرة توترات وتحولات سياسية كبيرة في إطلر ما سمي بـ"الربيع العربي" والذي شملت أحداثه مصر وتونس وليبيا، أثرت سلباً على التنمية. وعلى سبيل المثال تعرض الاقتصاد المصري لخسائر اقتصادية ضخمة في فترة الاضطرابات جراء تحطيم البنى التحتية وتوقف الإنتاج وهروب السياح من مصر خاصة أن السياحة كانت تمثل 10% من الدخل القومي المصري ـ كما أن الاضطراب السياسي جعل الشركات الأجنبية تتجنب قيامها باستثمارات في مصر. وأشار أحد البنوك الفرنسية إلى أن الخسائر اليومية للاقتصاد المصري أيام الاضطرابات وصلت لأكثر من 300 مليون دولار يومياً، كما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بمصر أن إجمالي الخسائر المحققة في قطاعات الصناعات التحويلية والتشييد والبناء والسياحة نتيجة الأحداث الأخيرة بلغت أكثر من 10 مليارات جنيه تقريباً، شاملة إلغاء الحجوزات وانخفاض أجور العمالة في القطاع السياحي حتى الخامس من فبراير 2011 ⁽³⁾ . 

وتوحي المؤشرات رغم تفاؤل صندوق النقد الدولي بتحسن الظروف على المدى الطويل ـ أن الاقتصاد المصري وصل بالفعل إلى حالة الخطر، فالدين المحلي ارتفع من 4.1 مليارات جنيه عام 1980 (وهو ما كان يعادل نحو 5 مليار دولار بسعر الجنيه في ذلك العام ) إلى 888 مليار جنيه (149 مليار دولار) عام 2011، أما الدين الخارجي فارتفع من 25 مليار دولار عام 1980 ليتضاعف إلى 50 مليار دولار عام 2003. ⁽⁴⁾ 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وحسب تقرير لـ FMI فإن الآفاق المستقبلية لاقتصاديات الربيع العربي في المدى القصير تبدو غير واضحة ويطبعها الغموض وعدم اليقين، والسبب يرجع أساساً إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني، ويتوقع التقرير أن يكون النمو في وسوريا وتونس 1.5% عام 2011 وأن التعافي من الاضطرابات الاجتماعية سيكون بطيئاً وبالتالي سيصاحبه تعافٍ بطيء في إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين ⁽⁵⁾ .

2- إقليم الشرق الأوسط

الشرق الأوسط هو المنطقة الجغرافية التي تشمل بلدان غرب آسيا وشمال أفريقيا وتقع معظم بلدانه في قارة آسيا: سوريا، لبنان، العراق، دول شبه الجزيرة العربية السعودية، الإمارات، قطر، الأردن، فلسطين، عمان، اليمن، البحرين، الكويت.

يتميز هذا الإقليم بأنه من أكثر مناطق العالم توتراً أمنياً حيث شهد أكثر حروب منها الحروب العربية الإسرائيلية والحرب العراقية الإيرانية، غزو العراق 2003 والاحتلال الأمريكي البريطاني لدولة العراق والمشكلة النووية الإيرانية والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والحرب الإسرائيلية على لبنان ويشهد حالياً الاضطرابات المميزة لدول الربيع العربي.

معظم دول الشرق الأوسط ،نامية ويعاني غالبية سكان هذا الإقليم من الفقر، وتعتمد اقتصادياتها على الزراعة كمصدر رزق عام وعدد ضئيل جداً منهم فقط يعتمد على الصناعة مع وجود اقتصاديات نفطية مثل السعودية وقطر والإمارات وعمان والكويت هذه الدول التي تتميز بتطور هياكلها الاقتصادية وارتفاع مستويات المعيشة واحتلالها مراتب متقدمة على مقياس التنمية البشرية (رُتّبت الإمارات العربية المتحدة مثلاً في الرتبة 30 عام 2011 بمعدل 0.846 ودخل فردي بلغ 59.993 معادل القوة الشرائية للدولار) وتعتبر دبي من أكبر مدن العالم الترفيهية والسياحية حيث شهدت تطوراً كبيراً في البنى التحتية والمراكز الترفيهية والعلمية والهندسة البنائية ... الخ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(*) يدرج البنك الدولي دول شمال إفريقيا ودول الشرق الأوسط في إقليم واحد.

(1) فرج عبد الفتاح فرج ، العولمة ومقتضيات التنمية البشرية في شمال إفريقيا، الملتقى للدول حول التنمية البشرية وفرص الاندماج في اقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية، كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بجامعة قاصدي مرباح ورقلة – الجزائر، يومي 09 و10 مارس 2004، ص: 62

(**) وليست مرتفعة جداً لأن تقرير التنمية البشرية لسنة 2010 وما بعده تبنى تصنيفاً مختلفاً لمجموعات الدول حيث أضاف صنف الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً كما أشرنا إليه سابقا.

(2) برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية في العالم لسنة 2011، ص ص: 132-133 .

(3) السباعي عبد الرؤوف، آثار الثورة على الاقتصاد المصري من الموقع:

http://aljadidah.com

(4) من موقع الجزيرة على الصفحة : 

 http://www.aljazeera.et/NR/EXERES/B7AB2CE1-98A2-  42BA-A7AD-B89FB3376441.htm 

(5) صندوق النقد الدولي، آفاق الاقتصاد العالمي: تباطؤ في النمو وتصاعد في المخاطر، سبتمبر 2011، ص ص: 96-97.