أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-7-2016
1400
التاريخ: 2024-10-01
232
التاريخ: 2023-04-09
1374
التاريخ: 21-1-2023
1118
|
نظرية شرودنجر
المؤلف / جون جريبين
المصدر / البحث عن قطة شرودنجر (فيزياء الكم والواقع) الجزء الثاني الفصل السادس (ص120 – ص122)
عندما كانت ميكانيكا المصفوفات والجبر الكمي يخطوان أولى خطواتهما على الساحة العلمية دون أن تلقى الحفاوة والإطراء نسبيًّا، كان هناك الكثير من الأنشطة الأخرى في مجال نظرية الكم. ويبدو أن العلم الأوروبي كان يجيش بخميرة من الأفكار التي حان أوانها، وظهرت فجأةً أفكار مختلفة في أماكن مختلفة، وليست بالضرورة بالترتيب المنطقي المتعارف عليه الآن، والعديد منها «اكتشفه» أناس مختلفون في الفترة الزمنية نفسها. وبحلول نهاية عام ،۱۹۲٥، كانت نظرية دي بروي عن موجات الإلكترونات قد ظهرت بالفعل على الساحة، غير أن التجارب الحاسمة التي أثبتت الطبيعة الموجية للإلكترون لم تكن قد أُجريت بعد. وبعيدًا عن أبحاث هايزنبرج ورفاقه تماما، أدى ذلك إلى اكتشاف آخر وهو رياضياتُ الكَم القائمة على فكرة الموجات.
جاءت الفكرة من دي بروي عن طريق أينشتاين. كان من الممكن أن تظل أبحاث دي بروي محجوبة لسنوات، والنظر إليها بأنها ليست أكثر من مراوغة رياضية مثيرة ليس لها وجود فيزيائي، لولا أنها أثارت اهتمام أينشتاين فقد كان أينشتاين هو مَنْ أخبر بورن بالفكرة، وبذلك أطلق قطار الأبحاث التجريبية التي برهنت على حقيقة موجات الإلكترونات، ثم قرأ إرفين شرودنجر في بحث لأينشتاين منشور في فبراير ١٩٢٥ تعليقه على بحث دي بروي: «أعتقد أنه يتضمن ما هو أكثر من مجرد تشبيه.» كان الفيزيائيون في تلك الأيام يتلقفون كل كلمة ينطق بها، أينشتاين وكانت إيماءة كهذه من أينشتاين كافية لحث شرودنجر على دراسة النتائج المترتبة على تقبل فكرة دي بروي دون تمحيص. كان شرودنجر هو الاستثناء الوحيد بين الفيزيائيين الذين وضعوا نظرية الكم الجديدة. وقد وُلِد سنة ۱۸۸۷ وكان في التاسعة والثلاثين من عمره عندما أكمل أعظم مساهماته في العلم، وهو عُمر متقدم على نحو لافت بالنسبة إلى بحث علمي أصيل على هذا القدر من الأهمية حصل على درجة الدكتوراه سنة ١٩١٠، وشغل منذ سنة ۱۹۲۱ منصب أستاذ الفيزياء في زيورخ وهو منصب جديرٌ بالاحترام العلمي وليس مصدرًا واضحًا لطرح الأفكار الثورية الجديدة. ولكن، كما سنرى، فإن طبيعة مساهمته في نظرية الكم كانت على القدر المتوقع منه كواحد من الجيل الأكبر سنا في منتصف العشرينيات من القرن العشرين. وعندما جعلت مجموعة جوتينجن، وديراك كذلك، نظرية الكم أكثر تجريدًا وفصلاها عن الأفكار الفيزيائية اليومية، حاول شرودنجر استعادة المفاهيم الفيزيائية السهلة الفهم، ووصف فيزياء الكم بلغة الموجات، وهي سمات مألوفة في العالم الفيزيائي، وظل حتى نهاية حياته يحارب الأفكار الجديدة عن اللاحتمية والانتقال اللحظي للإلكترونات من حالة إلى أخرى. وقد منح الفيزياء أداة عملية قيمة لحل المشكلات، إلا أن الميكانيكا الموجية الخاصة به كانت بالمعنى المفاهيمي خطوة إلى الوراء، وعودة إلى أفكار القرن التاسع عشر.
حدد دي بروي الطريق من خلال فكرته بأن الإلكترونات عبارة عن موجات تدور «في مدار» حول نواة الذرة لا بد أن تتناسب مع عدد صحيح من الأطوال الموجية في كل مدار، وبذلك تكون المدارات البينية «غير مسموح بها». وقد استخدم شرودنجر رياضيات الموجات لحساب مستويات الطاقة المسموح بها في مثل هذا الوضع، وقد أصيب بالإحباط في البداية لحصوله على إجابات لا تتفق مع أنماط الطيف الذري المعروفة. وفي الحقيقة، لم يكن هناك خطأ في أسلوبه والسبب الوحيد وراء فشله الأول هو أنه لم يأخذ في حسبانه الحركة المغزلية للإلكترون؛ ولم يكن من المستغرب ذلك لأن مفهوم الحركة المغزلية للإلكترون لم يكن قد بزغ بعد في ذلك الوقت سنة ١٩٢٥. وعاد إلى الفكرة عندما طلب منه تنظيم حلقة دراسية لشرح أبحاث دي بروي، وعندئذٍ اكتشف أنه لو تخلص من التأثيرات النسبية في حساباته لأمكنه الحصول على توافق جيد مع مشاهدات الذرات في الأوضاع التي لم تكن فيها التأثيرات النسبية مهمة وكما أوضح ديراك فيما بعد، فإن الحركة المغزلية للإلكترون هي خاصية نسبية في الأساس (ولا يوجد شيء من قبيل خاصية الحركة المغزلية يرتبط بالأجسام الدوارة في عالم الحياة اليومية). وهكذا نُشِرت مساهمة شرودنجر الكبرى في نظرية الكم في سلسلة من الأبحاث سنة ١٩٢٦، وذلك في أعقاب أبحاث هايزنبرج وبورن وجوردان وديراك مباشرةً.
إنَّ المعادلات في مساهمة شرودنجر عن موضوع الكم تندرج ضمن المجموعة نفسها من المعادلات التي تصفُ موجات حقيقية في عالمنا اليومي؛ مثل الموجات على سطح المحيط، أو موجات الصوت التي تحمل الضجيج عبر الغلاف الجوي. وقد رحب عالم الفيزياء بكل حماس بهذه المعادلات، وذلك على وجه التحديد لأنها بدت مريحة ومألوفة للغاية. ولم يكن لمدخلين إلى المشكلة أن يكونا مختلفين أكثر من هذين. فقد استبعد هايزنبرج متعمدًا أي تصور للذرة، وتعامل فقط بلغة المقادير التي يمكن قياسها بالتجربة، وإن كانت نظريته تحوي في صميمها فكرة أن الإلكترونات عبارة عن جسيمات. أما شرودنجر، فقد بدأ من تصور فيزيائي واضح للذرة بأنها كيان «حقيقي»، وكانت نظريته تحوي في صميمها فكرة أن الإلكترونات عبارة عن موجات. وقد أنتج المدخلان مجموعات من المعادلات التي وصفت بدقة سلوك الأشياء التي من الممكن قياسها في عالم الكم.
بدا الأمر للوهلة الأولى مذهلًا ولكن قبل شرودنجر نفسه بفترة طويلة، أثبت الأمريكي كارل إيكارت - ومن بعده ديراك - رياضيًا أن المجموعات المختلفة من المعادلات كانت مكافئة بعضها لبعض في الحقيقة وأنها مشاهد مختلفة لعالم رياضي واحد تتضمن معادلات شرودنجر كلا من علاقة اللاتبادلية والعامل الحاسم ħi، وذلك بالطريقة نفسها التي يظهران بها في ميكانيكا المصفوفات والجبر الكَمي. وقد أدى اكتشاف أن المداخل المختلفة للمشكلة كانت في الحقيقة متكافئة رياضياً إلى تعزيز ثقة الفيزيائيين جميعا بها ويبدو أنه عند التعامل مع المشكلات الرئيسية لنظرية الكم، فإنك تتوصل حتمًا إلى «الإجابات» نفسها أيا كان نوع الصيغة الرياضية التي تستخدمها. وبلغة الرياضيات فإن نسخة ديراك حول هذا الموضوع هي الأكثر اكتمالا حيث يتضمن الجبر الكمي كلا الخاص به من ميكانيكا المصفوفات وميكانيكا الموجات كحالات خاصة. ولكن كان من الطبيعي أن اختار فيزيائيو العشرينيات من القرن العشرين أكثر النسخ المألوفة من المعادلات، وهي موجات شرودنجر، التي كان يمكنهم فهمها من واقع العالم اليومي، والتي كانت معادلاتها مفهومةً من واقع مشكلات الفيزياء اليومية؛ علم الضوء والديناميكا المائية وما شابه ذلك. غير أن نجاح نسخة شرودنجر نفسها ربما أعاقَ أي فهم أساسي لعالم الكم عقودًا.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|