أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-01
243
التاريخ: 11-7-2016
7807
التاريخ: 2024-01-29
1033
التاريخ: 11-7-2016
1356
|
أعلن عن معادلة بلانك في اجتماع للجمعية الفيزيائية في برلين في أكتوبر ١٩٠٠. وعلى مدى الشهرين التاليين، انشغل بلانك كلية بمسألة ِ إيجاد ٍ أساس فيزيائي للقانون؛ حيث حاول الدمج بين افتراضات فيزيائية مختلفة ليرى أيها يناسب المعادلات الرياضية. وقد صرح فيما بعد ِ بأن هذه الفترة كانت أكثر الفترات التي شهدت عملا مكثفا في حياته كلها. وقد باءت محاولاته العديدة بالفشل إلى أن أصبح بلانك اخيرا أمام بديل واحد فقط، لم يكن موضع ترحيب من جانبه.
وقد وصفت بلانك على أنه فيزيائي من المدرسة القديمة، وكان كذلك بالفعل. فقد كان في أبحاثه المبكرة يعارض تقبُّل الفرضية الجزيئية، وكان يرفض على وجه الخصوص فكرةَ التفسير الإحصائي للخاصية المعروفة بالإنتروبيا (القصور الحراري)، وهو تفسير أدخله بولتزمان في علم الديناميكا الحرارية. والإنتروبيا مفهوم أساسي في الفيزياء، وتتعلَّق في أساسها بالتدفُّق الزمني. ومع أن القوانين البسيطة للميكانيكا — قوانين نيوتن — تقبَل العكس تماما فيما يتعلَّق بالزمن، فإننا نعلم أن العالَم الواقعي لا يكون كذلك. لنفترض أن حجرا سقط على الأرض. عندما يصطدم الحجر بالأرض تتحول طاقة حركته إلى حرارة. لكن إذا وضعنا حجرا مماثلا على الأرض وسخناه بنفس المقدار، فإنه لن يقفز في الهواء. فلماذا لا يقفز؟ في حالة الحجر الذي يسقط على الأرض تتحول صورة منسقة من الحركة (كل الذرات والجزيئات تسقط في نفس الاتجاه) إلى صورة فوضوية غير منسقة من الحركة (كل الذرات والجزيئات يتدافع بعضها تجاه بعض بقوة هائلة ولكن بعشوائية). ويتفق ذلك مع أحد قوانين الطبيعة الذي يشترط فيما يبدو أن تزداد الفوضوية وعدم التناسق باستمرار ويُعرف عدم التناسق بهذا المفهوم بالإنتروبيا أو، عشوائية النظام. وهذا القانون هو القانون الثاني للديناميكا الحرارية، وينص على أن العمليات الطبيعية تتجه دائما نحو زيادة الفوضوية وعدم التناسق، أو على أن الإنتروبيا تزداد باستمرار. فإذا وضعت طاقةً حرارية مضطربة في حجر، فإنه في هذه الحالة لا يستطيع استخدام هذه الطاقة لإحداث حركة منسقة لكل الجزيئات في الحجر بحيث تقفز معا إلى أعلى.
أم تُرى من الممكن ذلك؟ أدخل بولتزمان تعديلا ً مغايرا في هذا الموضوع. قال بولتزمان إن مثل هذا الحدث الاستثنائي قد يحدث، لكنه بعيد الاحتمال للغاية. وبالطريقة نفسها، ونتيجة للحركة العشوائية لجزيئات الهواء، من الممكن أن يتركز هواء الغرفة كله فجأةً في الأركان (لا بد أن يوجد أكثر من ركن؛ لأن الجزيئات تتحرك في الفراغ في ثلاثة أبعاد مكانية)، إلا أنه من المستبعد أيضا حدوث هذا الاحتمال حتى إنه يمكن تجاهله فيما يتعلَّق بكل الأغراض العملية. عارض بلانك هذا التفسير الإحصائي للقانون الثاني للديناميكا الحرارية معارضةً شديدةً وطويلة الأمد، واتخذت هذه المعارضة شكلا علنيا كما ضمنها في مراسلاته مع بولتزمان. فقد كان القانون الثاني بالنسبة إليه قانونًا مطلقا؛ إذ يجب أن تزداد الإنتروبيا دائما، دون تدخل من الاحتمالات في ذلك. وعليه، فمن السهل أن نتفهم الإحساس الذي ألم َ ببلانك قرب نهاية العقد الأول من القرن العشرين عندما ٍ حاول على مضض — بعدما استهلك كل الخيارات الأخرى — أن يُضمن نسخة بولتزمان ِ الإحصائية للديناميكا الحرارية في حساباته لطيف الجسم الأسود، وتبين له أنها تصلح لذلك. ولكن ازدادت حدة المفارقة التي انطوى عليها الوضع بحقيقة أنه نظرا لجهله بمعادلات بولتزمان، فقد طبقها بطريقة ٍ متضاربة وغير متسقة. وهكذا حصل بلانك على الإجابة الصحيحة، ولكن للتفسير الخطأ. ولم تتضح الأهمية الحقيقية لأبحاث بلانك إلا عندما تناول أينشتاين الفكرة وتولى توضيحها.
ويجدر بنا التأكيد على أن بلانك عندما أثبت أن تفسير بولتزمان الإحصائي لزيادة ِ الإنتروبيا هو أفضل وصف للواقع كان ذلك بمثابة تطور كبير في العلوم. وتبعا لأبحاث بلانك، فإن زيادة الإنتروبيا هي في الواقع أمر لا يحتمل الشك مطلقا، ولكنه لا يمكن أن يؤخذ على محمل اليقين المطلق على الرغم من احتماليته الكبيرة في الحقيقة. ولهذا الأمر نتائجه المهمة في علم الكون، وهو علم دراسة العالم ككل؛ حيث نتعامل مع امتدادات شاسعة للزمان والمكان. فكلما اتسع النطاق الذي نتعامل معه، زادت فرص حدوث الأشياء البعيدة الاحتمال في مكان ما، وأحيانا داخل هذا النطاق. بل من المحتمل أيضا (وإن كان لا يزال احتمالا ً بعيدا للغاية) ً أن يمثِّل العالم كله، الذي هو مكان َّ منظم على العموم، نوعا من التأرجحات الإحصائية الديناميكية الحرارية، وهو تراجع هائل ونادر جدا أدى إلى نشوء نطاق ِ منخفض الإنتروبيا آخذ في التقلص حاليا. ومع ذلك، أوضح بلانك «خطأ «أمرا أكثر أهميةً عن طبيعة الكون.
تضمن المدخل الإحصائي الذي انتهجه بولتزمان في الديناميكا الحرارية تقسيم الطاقة إلى مقادير ٍ صغيرة رياضيا، والتعامل مع هذه المقادير الصغيرة على أنها كميات حقيقية يمكن التعامل معها بواسطة معادلات الاحتمالات. بالنسبة إلى الطاقة التي قُسمت إلى أجزاء قبل هذه الخطوة من العملية الحسابية، لا بد من تجميعها (دمجها) بعد ذلك في مرحلة لاحقة، للحصول على الطاقة الكلية؛ وهي في هذه الحالة الطاقة المقابلة لإشعاع الجسم الأسود. وفي منتصف هذه العملية الحسابية، أيقن بلانك أنه قد حصل بالفعل على الصيغة الرياضية التي كان يبحث عنها. وقبل أن يصل إلى مرحلة دمج أجزاء الطاقة ليحصل على الطاقة الكلية المتصلة، كانت معادلة الجسم الأسود قابعةً هناك في الرياضيات. ومن ثَم استخدمها بلانك. وكانت هذه خطوةً متطرفة للغاية، وغير مبررة بالمرة في سياق الفيزياء الكلاسيكية.
ولو أن أي عالم من علماء الفيزياء الكلاسيكية الأكفاء بدأ بمعادلات بولتزمان ليضع صيغة لإشعاع الجسم الأسود لكان قد أتم عملية الدمج والتكامل لأجزاء الطاقة. وعندئذ، كما أوضح أينشتاين فيما بعد، كان تجميع أجزاء الطاقة سيؤدي إلى إعادة الكارثة فوق البنفسجية في واقع الأمر. وأشار أينشتاين إلى أن أي تعامل كلاسيكي مع المشكلة سيؤدي حتما إلى هذه الكارثة. وفقط لأن بلانك كان يعرف الإجابة التي يبحث عنها، فقد كان قادرا على التوقف دون استكمال الحل الكلاسيكي الكامل للمعادلات، والذي بدا حلا صحيحا. ونتيجةً لذلك، وجد نفسه أمام أجزاء من الطاقة تستوجب تفسيرا لها. وقد فسر بلانك هذا التقسيم الظاهر للطاقة الكهرومغناطيسية إلى أجزاءٍ فردية بأنه يعنيِ أن المذبذبات الكهربية داخل الذرة يمكنها فقط أن تبعث الطاقة أو تمتصها على شكل أجزاء كبيرة ذات مقدار معين، تسمى الكوانتام (الكم). وبدلا من تقسيم الكمية المتاحة من الطاقة بعدد لا نهائي من الطرق، فإنه من الممكن فقط تقسيمها إلى عدد محدد من الأجزاء بين المذبذبات، وأن طاقة جزء كهذا من الإشعاع (E)لا بد أن تعتمد على ترددها (ويُرمز له بالحرف الإغريقي نيو (vتبعا للصيغة الجديدة:
E = h v
حيث h ثابت جديد، يسمى الآن ثابت بلانك.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|