المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

حسن بلاءه (عليه السلام) بفتح مكة
29-01-2015
Spin Waves in Ferromagnets
4-9-2016
Double Factorial Prime
15-5-2019
بيع الاموال المرهونة بناء على طلب الدائن المرتهن
30-7-2017
ملامح عصر الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام )
2023-05-09
Future Directions in Genes and Genomes
27-11-2020


رسالة حبيب إلى أبيه  
  
1436   12:48 صباحاً   التاريخ: 24/12/2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج3، ص: 427-428
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /

وكتب الوزير أبو الوليد إسماعيل بن حبيب الملقب بحبيب إلى أبيه(1) : لما خلق الربيع من أخلاقك الغر ، وسرق زهره من شيمك الزهر حسن في كل عين منظره ، وطاب في كل سمع خبره(2) ، وثاقت النفوس إلى الراحة فيه ومالت إلى الإشراف على بعض ما يحتويه ، من النور الذي بسيط على الأرض(3) حللا(4)، لا ترى في أثنائها خللا ، سلوك نثرت على الثرى ، وقد ملئت مسكاً وعنبرا ، إن تنسمتها فأرجة ، أو توسمتها فبهجة :

فالأرض في برة من يانع الزهر             تزري إذا قستها بالوشي والحبر

قد أحكمتها أكف المزن واكفة             وطرزتها بما تهمي من الدرر

تبرجت نسبت منا العيون هوى                    وفتنة بعد طول الستر والحفر

فأوجد لي سبيلا إلى إعمال بصري(5) فيها ، لأجلو بصيرتي بمحاسن نواحيها ، والفصل على أن يكمل أوانه ، ويتصرم وقته وزمانه ، فلا تخليني من بعض التشفي منه ، لأصدر نفسي متيقظة : عنه ، فالنفوس تصدأ كما يصدأ الجديد ، ومن سعى في جلائها(6) فهو الرشيد السديد.

 

٤٢٧

ومن شعره يصف وردا بعث به إلى أبيه(7):

يا من تأزر بالمكارم وارتدى                          بالمجد والفضل الرفيع الفائق

انظر إلى خد الربيع مركباً                     في وجه هذا المهرجان الرائق

ورد تقدم إذ تأخر واغتدى                           في الحسن والإحسان أول سابق

وافاك مشتملا بثوب حيائه                           خجلاً لأن حياك آخر لاحق

وله(8):

أتى الباقلاء الباقل اللون لابسا           برود سماء من سحائبها غذي

ترى نوره يلتاح في ورقاته                             كبلق جياد في جلال زمرذ

وقال(9):

إذا ما أدرت كؤوس الهوى                           ففي شربها لست بالمؤتلي

مدام تعتق بالناظرين                                    وتلك تعتق بالأرجل

وكان وهو ابن سبع عشرة سنة ينظم النظم الفائق وينثر النثر الرائق ، وأبو جعفر ابن الأبار هو الذي صقل مراته ، وأقام قناته ، وأطلعه شهاباً ثانياً ، وسلك به إلى فنون الآداب طريقا لاحبا ، وله كتاب سماه : " البديع في فصل الربيع " جمع فيه أشعار أهل الأندلس خاصة ، أعرب فيه عن أدب غزير ، وحظ من الحفظ موفور ، وتوفي وهو ابن اثنتين وعشرين سنة ، واستوزره داهية الفتنة ، ورحى المحنة ، قاضي إشبيلية عباد جدة المعتمد، ولم يزل يصغي إلى مقاله ، ويرضى بفعاله ، وهو ما جاوز العشرين إذ ذاك ، وأكثر نظمه ونثره في الأزاهر ، وذلك يدل على رقة نفسه ، رحمه الله تعالى.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الذخيرة ( ٢ : ٤٨ ) وكتاب البديع : ۲۸.

2- ب : مخيره.

3- البديع : كما الأرض.

4- ومالت ... حللا : سقطت العبارة من م.

5- ب : نظري

6- البديع ؛ ومن أجمها .

7- الذخيرة: 50 والبديع : ۱۲۸

8- م: وله في نور الباقلاء ؛ والشعر في كتاب البديع:155.

9- الذخيرة: 52.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.