الحركة السكانية: تؤثر الهجرات الخارجية على استنزاف القوى العاملة وخاصة العقول والكفاءات البشرية التي تعتبر أحد عناصر قوة الدولة. ومن اجل منع تسرب الكفاءات العلمية والعمالية اقامت حكومة المانيا الشرقية سور برلين العظيم، ليقف حائلا أمام هجرة كفاءاتها العلمية. كما سنت بعض الدول قوانين تحظر على الشباب الهجرة خارج البلاد . فقد منعت المانيا الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ۱۷ و ۲۰ سنة من مغادرة البلاد ، ومنعت ايطاليا الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ۲۰ - ۲۸ سنة. وقد انتهج الاتحاد السوفيتي طيلة حياته من ۱۹۱۷ الی ۱۹۹۰ سیاسة فيها على سكانه الهجرة للدول الأخرى، خوفا من استنزاف الكفاءات البشرية فيه. وقد طبق ذلك على اليهود الذين لم يتركوا فرصة الا واثاروا هذا الموضوع امام الرأي العالم العالمي. وتؤدي الهجرات الخارجية للسكان الى نقص الأيدي العاملة، وحاجة الجيوش الى القدرات البشرية التي تحتاجها. وقد عانى الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه من نقص الأيدي العاملة التي يحتاجها الجيش. وتؤدي هجرة الشباب إلى اختلال في الهرم السكاني نحو زيادة نسبة الشيوخ والنساء في المجتمع.

وعلى الصعيد الداخلي لا تشجع الحكومات على الانتقال السكاني بين الاقاليم، حتى لا يختل التوازن في التوزيع السكاني، والذي قد يؤثر على الانتاجية الاقتصادية للأقاليم، مما يخلق مشاكل اقليمية هي في غنى عنها. وقد تؤدي الهجرة الداخلية للسكان الي تفريغ بعض المناطق من السكان مما يؤدي الى تركها فريسة سهلة أمام الطامعين. وقد سبق وتحدثنا عن أثر الكثافة السكانية على قوة الدولة، حيث قيل ان افضل كثافة سكانية في الدولة هي تلك التي لا تترك مساحات شاسعة من الأرض فارغة من السكان. والهجرات الداخلية قد تؤدي إلى تجمع السكان والمراكز الانتاجية في اقليم معين وغالبا ما يكون هذا الاقليم هو العاصمة. وتجمع المراكز الانتاجية والسكان في بقعة جغرافية محدودة له آثار سلبية على الدولة تبدأ من حرمان الاقاليم الأخرى من التطور، وتنتهي في تجمع كل ما لديها من عناصر انتاجية في منطقة واحدة، مما يسهل تدميرها وشل اقتصادها.