أقرأ أيضاً
التاريخ:
2640
التاريخ: 6/10/2022
2228
التاريخ: 26-6-2016
3137
التاريخ: 30-4-2022
3105
|
عندما كفل القانون للشخص حق الطعن او حق الالتجاء إلى القضاء فأنه بالمقابل فرض عليه واجبات يجب عليه الالتزام بها لغرض احقاق الحق والاسراع في حسم موضوع الطعن ، وهذه الواجبات الإجرائية التي يفرضها القانون على الخصم متعددة نذكر اهمها وكما يأتي :
1. واجب السلوك في الخصومة بحسن نية .
ان حرية الخصم في مباشرة حقوقه الإجرائية ليست مطلقة بل هي مقيدة بوجوب السير بحسن نية وعدم الكيد فاذا استخدمت هذا الحقوق بطريقة تنأى بها عن هدفها يكون الخصم قد اخل بواجب قانوني يتمثل بواجب حسن النية في التقاضي وهذا يعني الامتناع على الخصم استعمال الغش واساليب المكر والخداع التي تؤدي إلى تضليل القاضي بما يعوق توصله إلى الحقيقة ، فحسن النية احد مكونات المركز القانوني للخصم حتى يمكن تجنب ما تثيره المنازعة القضائية من احقاد وضغائن ، فعلى سبيل المثال يجب على الخصم أن يكون أمينا في دعواه ويودع ما في حوزته من مستندات الخصومة ، فلا يتخذ من الانكار وسيلة للأضرار بخصمة وان يحيط المحكمة بما لديه من معلومات عن حقيقة الادعاء (1)، إلا أن هذا الالتزام لا يعني الزام الخصم بالصدق المطلق إذ يلزم بتقديم الحجج والعناصر التي هي لصالح خصمه لان هذا الواجب لا يعدو أن يكون واجبة أخلاقية لا يتماشى مع فكرة المواجهة في الخصومة ، انما يقصد بواجب السلوك في الخصومة بحسن نية أن يتوفر الحد الأدنى من الاستقامة الحقيقية اثناء السير في الخصومة ، وعند السعي لتحقيق المصلحة الذاتية يلزم السعي لذلك بطريقة نزيهة ، فيعد الخصم مخلأ بواجب حسن النية اذا استعمل اساليب احتيالية كالغش او التدليس او السكوت والاحجام عن الادلاء بوقائع هامة او اليمين المزور، فاذا تأكد حصول القصد السيئ والكيد فيحق للخصم المتضرر المطالبة بالتعويض بما يعادل ذلك الضرر، ويقصد بسوء النية في هذا المقام أن يكون الخصم وهو يباشر اي اجراء أو دفع او طلب عالما أن لا حق له فيه وانما يقوم به بقصد الكيد للأضرار بخصمه (2). فالقضاء ساحة لإحقاق الحق والعدل مما يقتضي صيانته من العبث والإساءة وبناء على ذلك يجب على الخصوم ومن ينوب عنهم الالتزام بمبدأ حسن النية في التقاضي وعند تقديم الأدلة ، والا عرض المخالف لهذا الالتزام نفسه للمسؤولية (3).
وقد جاء المشرع العراقي بعدة تطبيقات لمبدأ حسن النية فقد نص في المادة (50) من قانون المحاماة رقم 173 لسنة 1965 "على المحامي أن يسلك تجاه القضاة مسلكا محترما يتفق وكرامة القضاء وان يتجنب كل ما يؤخر حسم الدعوى ، وان يتحاشى كل ما يخل بسير العدالة " ، ويعد اخلالا بمبدأ حسن النية مباشرة الخصم اجراء معين بطريقة معيبة بقصد حرمان خصمه حق الدفاع كما لو قام بذكر موطن للخصم غير صحيح بقصد عدم وصول ورقة التبليغ اليه ، أو تعمد عدم ذكر ما يطرأ على خصمه من عوارض کالوفاة أو زوال صفة من يمثله في الدعوى يكون من شأنها اذا ما ذكرت أن تؤدي إلى انقطاع الخصومة (4).
ومن تطبيقات مبدأ حسن النية في القانون الإجرائي ايضا واجب تقديم الخصم ما تحت يده من ادلة ومستندات (5) فللمحكمة أن تامر الخصم الذي بحوزته دليل اثبات أن يقدمه لها وان عدم انصياع الخصم لذلك بعد اخلالا لواجب حسن النية وللمحكمة أن تعد امتناعه حجة عليه لان الخصم ملزم بمعاونة القضاء لإظهار الحقيقة(6).
كما نجد أن المشرع الفرنسي في قانون المرافعات اتخذ موقفا صريحا من واجب اعلام الخصم بالإجراءات كتطبيقا لمبدأ حسن النية ، فقضت المادة (15) من هذا القانون أنه يجب على الخصوم أن يعلنوا بشكل متبادل وفي وقت مناسب ، الوقائع التي يستندون إليها في ادعاءاتهم ، أدلة الإثبات التي يقدمونها، و الأسانيد القانونية التي يتمسكون بها ، حتى يمكن لكل منهم تنظيم دفاعه ، وقد وضعت المادة (132) من القانون ذاته ، قاعدة عامة بشأن الاطلاع التلقائي على المستندات ، فأوجبت على الخصم الذي يستند في دعواه إلى مستند معين أن يمكن الخصوم الآخرين من الاطلاع عليه من تلقاء نفسه ، أما المادة (135) اعطت القاضي السلطة في أن يستبعد من المناقشة او المرافعة المستندات التي لم يتم الاطلاع عليها في وقت مناسب (7)، بل أن القانون الفرنسي القديم قد اهتم بمبدأ حسن النية في التقاضي فقد كانت المادة (7) من لائحة 1997م تفرض على القاضي عدم قبول اي رد حول وقائع النزاع من الخصوم إلا بعد حلف اليمين (8).
ونلاحظ أن المشرع العراقي لم يتصدى بصورة مباشرة لهذه الحالات في قانون المرافعات ولم يضع لها الجزاء بنص عام وان كان اشار لبعض التطبيقات لهذا الواجب في قانون الاثبات كما بينا، على الرغم أن الجانب العملي في مباشرة الدعوى القضائية بصورة عامة يشهد حالات كثيرة من كيد الخصوم خلافا لواجب حسن النية ، خاصة اذا كان الخصم في موقف ضعيف يفتقر للدليل فيلجئ في هذه الحالة إلى استغلال الإجراءات القضائية التي وضعت لضمان حماية الخصم حقه والدفاع عنه إلى غير الغرض الذي وضعت من اجله وبدون وجه حق بقصد المماطلة والتسويف ومن ثمة تأخير حسم الدعوي .
2. واجب الحضور .
آن مباشرة إجراءات التقاضي وحسم الطعون يستلزم وجود صلة مباشرة بين الخصوم والمحكمة ، اذ لا يمكن السير في الطعن بطرق الطعن العادية وحسمه في حالة غياب طرفيه مالم يكن صالح للفصل فيه ، وقد رتب المشرع العراقي جزاء اجرائية في حالة تخلف طرفي الطعن من الحضور (9) على الرغم من تبليغهما بموعد المرافعة إذ يترك الطعن للمراجعة ، فاذا لم يحضر أي من الطرفين يعد الطعن مبطلا بحكم القانون (10). والجدير بالذكر أن واجب الحضور لا يقتصر على الحضور امام المحكمة المختصة ، بل يشمل كذلك أي جهة تقرر المحكمة وجوب حضور الخصم امامها كأن تكون الجنة طبية تلزم المحكمة احد الخصوم أو كليهما للحضور امامها لأجراء فحوصات معينة ، إذ قضت محكمة التمييز الاتحادية العراقية بان عدم حضور الخصم أمام اللجنة الطبية يسبب عرقلة حسم الدعوى ، اذ يجب على المحكمة افهام الخصم الذي يخل بواجب الحضور امام اللجنة الطبية بوجوب حضوره امامها ويجب على محكمة الموضوع علم اصدار قرارها قبل استكمال هذه الإجراءات والا كان قرارها معيب وواجب النقض (11). و أن التوسع في دور القاضي في مجال الاثبات في الدعوى المدنية اعطى له سلطة أن يأمر الخصوم بالحضور لمناقشتهم شخصية امامه فيما تقتضيه ظروف الدعوي ، وقد يلزم حضور الخصم أمام المحكمة للكشف عن حقيقة النزاع المطلوب منها الفصل فيه(12).
3. واجب الكشف عن الحقيقة
يعد الكشف عن الحقيقة واجبة اجرائية فلا يجوز للخصم اللجوء إلى اساليب الاحتيال والمكر او أن يعمد إلى انكار وقائع او تأكيدها مع علمه بعدم صحة ذلك لغرض خداع القاضي او الخصم الاخر ، كذلك لا يجوز له اخفاء المستندات او الاستناد إلى مستندات مزورة ، كما أن اليمين الكاذب تعرض الخصم إلى الحكم عليه بالتعويض وتعرض الحكم للطعن به (13) .
وعلى الرغم من أن هذا الالتزام هو اعمالا لمبدا حسن النية ، إلا أنه لا يعني الزام الخصم بالصدق المطلق وانما يقتصر على توفير الحد الأدنى من الاستقامة والأمانة وفق ما يرتضيه الضمير الانساني، وهذا الواجب مصدره الاخلاق والقانون، فنصوص قانون الاثبات مؤسسة على عدة قواعد من القيم الأخلاقية التي يجب على الخصوم الاتصاف بها عند التقاضي ، من وجوب قول الصدق والتعاون بين الخصوم لإحقاق الحق وهذا ما قررته المادة (1) من قانون الإثبات العراقي إذ اجازت للمحكمة أن تامر أية من الخصوم ومن تلقاء نفسها او بطلب احد الخصوم أن يقدم دليل الاثبات الذي بحوزته ورتبت جزاء على عدم امتثال الخصم الأمر المحكمة بان يعد مخلا بواجب الالتزام بحسن النية ، وأجازت المادة (58) من القانون ذاته للمحكمة أن تلزم ايا كان تحت يده شيء بعرضه متی كان ذلك ضروريا لحسم الدعوى.
وان كان الأصل في الاثبات أن يتحرى الخصم ما يثبت دعواه من مستندات و ادلة ويتقدم بها إلى المحكمة فلا يطلب اجبار خصمه على معاونته في الاثبات او تقديم دليل ضد نفسه إلا أن اغلبية التشريعات (14) قد خرجت من هذا الأصل وفرضت واجبة على الخصم أن يقدم ما تحت تصرفه من محررات لغرض الوصول إلى الحقيقة(15).
_____________
1- ينظر: د. علي مصطفى الشيخ ، الاجراءات التسويقية (مفهومها ، والمواجهة القانونية ، لها أمام القضاء المدني) بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والاقتصادية ، جامعة المنصورة - كلية الحقوق ، العدد 59 ، 2006، ص 73.
2- ينظر: د. حبيب عبيد مرزه ، الخصم في الدعوى المدنية - دراسة مقارنة ، الطبعة الأولى ، منشورات الحلبي الحقوقية ، 2012، ص 159. سجی عمر شعبان ال عمرو، دور الخصوم في الاثبات المدني - دراسة مقارنة ، دار الكتب القانونية ، مصر ، 2012 ص 207.. د. محمد فتحي رزق الله ، المقاصد الإجرائية (دراسة فلسفية في قانون المرافعات المصري) ، بحث منشور في مجلة الشريعة والقانون ، العدد الرابع والثلاثون ، الجزء الأول ، 2019، ص1310.
3- المادة (5) من قانون الإثبات العراقي .
4- ينظر: ابراهيم أمين النفياوي ، مسؤولية الخصم عن الاجراءات (دراسة مقارنة في قانون المرافعات)، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق ، جامعة عين شمس كلية الحقوق ،1991 ، ص 54.
5- المادة (9) من قانون الاثبات العراقي .
6- سجی عمر شعبان ال عمرو، دور الخصوم في الاثبات المدني - دراسة مقارنة ، دار الكتب القانونية ، مصر ، 2012 ، ص 209. د. أسامة أحمد شوقي المليجي ، نظام الاثبات ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2013 ، ص 45.
7- Article 15 Les parties doivent se faire connaitre mutuellement en temps utile les moyens de fait sur lesquels elles fondent leurs prétentions, les éléments de preuve qu'elles produisent et les moyens de droit qu'elles invoquent, afin que chacune soit à même d'organiser sa défense. Article 132La partie qui fait état d'une pièce s'oblige à la communiquer à toute autre partie à l'instance.La communication des pièces doit être spontanée. Article 135 Le juge peut écarter du débat les pièces qui n'ont pas été communiquées en temps utile.
8- ينظر: د. علي مصطفى الشيخ ، الاجراءات التموينية، المصدر السابق ، ص 192
9- المادة (54) من قانون المرافعات المدنية العراقي والمادة (82) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري ، والمواد (381/1) و (470/1) و(383/2) من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي.
10- ينظر : د. حبيب عبيد مرزه ، الخصم في الدعوى المدنية - دراسة مقارنة ، الطبعة الأولى ، منشورات الحلبي الحقوقية ، 2012 ، ص 165.
11- قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد (1876/ هيئة الاحوال الشخصية والمواد الشخصية / 2014/ ت2915) في 2014/4/16 (غير منشور).
12- د. محمود السيد التحيوي ، حضور صاحب الصفة الإجرائية في الدعوى القضائية ، دار الجامعة الجديدة ، 2003، الإسكندرية ص29 .
13- ابراهيم امين النفياوي ، المصدر السابق ، ص 483.
14- ينظر المواد (53) من قانون الاثبات عراقي ، والمادة (11) من قانون مرافعات فرنسي ، والمادة (20) من قانون الاثبات مصري ، و المادة (21) من قانون البينات الاردني رقم 30 لسنة 1952 المعدل ،و المادة (203) من قانون أصول المحاكمات اللبناني رقم 90 لسنة 1983 المعدل ، والمادة (112) من قانون الإثبات اليمني رقم 21 لسيئة 1992 المعدل ، والمادة (22) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الكويتي رقم 39 لسنة 1980.
15- د. أسامة أحمد شوقي المليجي ، نظام الاثبات ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2013 ، ص 44. سجی عمر شعبان ال عمرو، دور الخصوم في الاثبات المدني - دراسة مقارنة ، دار الكتب القانونية ، مصر ، 2012 ، ص213.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|