أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-08-2015
8360
التاريخ: 19-1-2020
1802
التاريخ: 22-3-2018
2513
التاريخ: 26-7-2017
4539
|
لو رجعنا إلى ما قاله "شبنجلر" من ان جميع المظاهر التي تصدر عن حضارة ما لا بد ان تتشابه في تعبيرها عن روح هذه الحضارة مهما تباينت صورها(1)، فإننا نستطيع ان نلاحظ صلة فن التشبيه بفن الزخرفة من حيث المظهر على الاقل(2)، وهو مظهر شكلي، حقاً ان "كانط" كان يرى الجمال في الشكل، بيد ان "كانط" كان يبغي تحرير الفن من القيود التي قد تكبل الخيال من خلال فرض مثل معينة، والمعنى من بين هذه المثل، لأنه قد يفضي ــ اذا قدم على الشكل ــ إلى ارتباط الخيال بالتعبير عنه على نحو يحد من حريته، اما ارتباط الفن بالشكل المحض فهو يشرع له سبل التعبير كيفما شاء له الخيال ان يعبر، وهكذا فالنقوش، والزخارف ، والموسيقا هي مجلى الفن المحض(3)، ولا ريب ان نظرية "كانط" هذه ترجع اصلاً إلى قوله: ان الفن لعب، وان الجمال نقيض المنفعة، يقول "جويو": (كان كانط أول من جعل فكرة الجمال متعارضة مع فكرة الفائدة، وفكرة الكمال، حتى لقد بالغ في ذلك فرد الجمال إلى النشاط المجرد عن الغرض، المنزه عن المنفعة، وارجعه إلى نوع من "اللعب الحر" يقوم به الخيال، ويقوم به العقل)(4) وكذلك "شيلر" الذي اعاد مفهوم افلاطون فقال: (ان جوهر الفن لعب، فالفنان لا يتعلق بالحقائق المادية، بل يبحث عن الظاهر، ويرضى بالظاهر)(5)، اما "كروتشه" فهو يقول ايضاً: (قبل ان الانسان لا يكون انساناً حقاً إلا متى بدأ يلعب، اي متى تخلص من العلية الطبيعية الالية وعمل بذهنه، وان اول لعب الانسان بالفن)(6).
واذا كان كانط قد
جعل الجمال متمثلاً في الشكل بغية تحرير الخيال من قيود المعنى، فغن النقد العربي
انما جعل الجمال متمثلاً في الشكل ايضاً، ولكن مع تقييده لا بقيود المعنى
فحسب، بل بقيود الاعراف اللغوية،
والادبية، والاجتماعية، ايضاً، فاتفق ان غدا الفن الزخر في مجالاً خصباً حقاً
للخيال المبدع الذي سما فوق عالم الاشكال الحية وتغلب عليها جميعاً، يقول
"شبنجلر" (وهذا الزخرف تغلب في العالم العربي، وفي وقت مبكر، على جميع
عروض المشخصات)(7) ، بينما غدا فن التشبيه مكبلاً بأغلال الصنعة على
نحو ادى إلى جمود الخيال على ما يرسمه النقاد من قيود الفن وما يضعونه من حدود
التشبيه، وطبعاً فإن مفهوم المحاكاة هو الذي افضى إلى هذه المفارقة المتجلية فيما
عرف عن الفن الزخرفي من مثالية، وما عهد في الفن التشبيهي من حسية، ذلك ان النقاش
لا يحاكى بزخارفه انموذجاً طبيعياً حسياً، وانما هو يستلهم بخياله المحض انموذجاً
مثالياً مجرداً اما الشاعر فقد درج على محاكاة الانموذج الطبيعي الحسي، وفق ما
رسمه له النقاد الذين رأوا غالباً ان عليه ان يعبر عن فنه بصور مرئية سواء اكان
يريد التعبير عن "ِشيء حسي" ام "معنى ذهني" فمهوم محاكاة ما
هو كائن هو الذي فرق بين الزخرفة والتشبيه حيث خضع التشبيه لهذا المفهوم فظل
مادياً حسياً واضحاً واقترن بالتصوير، بينما تحرر الزخرف منه فلم يحاك ما هو كائن
من الاشياء وانما حاكى ما يمكن ان يكون من "الاشكال" وهكذا اصبح ذا صبغة
رمزية تجريدية واقرن بالموسيقا، وقد يبدو ذلك غريباً بادئ الامر، ولكن ، هناك من
الباحثين من يرى ان الجمال الشكلي الاسلامي (الزخرفي) اقرب إلى المذهب الرمزي
الغربي، يقول "حيدر بامات" في كتابه "مجالي الاسلام": (تعد
الجهود التي تهدف إلى تخليص الفن من وصف الاشياء
الخارجية افصاحاً
عن أكثر ما يكون امتناعاً على ادراكه في الذهن، وبالحث عن الجمال الشكلي محضاً،
والكمال في النطق، والانسجام في التصوير، اموراً قريبة من فن الامم الاسلامية بما
يثير العجب، ويبدو فن الجمال الاسلامي في كثير من وجوهه أكثر تفهما في الغرب منذ
المذهب الرمزي أو الجذري، فيرى من الغريب ان يكون امثال "ملارمة" أو
"فاليري" الغربيون أقرب إلى الكلاسية الاسلامية من بعض الوجوه، من كتاب
روائيين شرقيين معاصرين كثيرين تأثروا بزولا أو موباسان) (8). وهكذا
فالزخرفة هي فن موسيقا الشكل، بينما التشبيه هو فن تصوير الشكل، ولا ريب ان اثر
العامل الديني ظاهر هنا، لأن ما أثر من تحريم تصوير الاشكال الحية هو الذي اقضى
بالفن الاسلامي إلى المثالية، والتجريد، والرمز، وهي الامور التي حرم منها فن
التشبيه، يقول "بامات" ايضاً: (اعان العامل الديني على منح الفن
الاسلامي صبغة روحانية مجردة إلى الغاية . . . ومن المحتمل إلا تكون صفة التجريد
في الفن الاسلامي قد تجلت بأحسن مما في الرسم العربي . . . والذي يلوح ان اخيلة
جامحة قد تصورت هذه المنحنيات المتشابكة التي تتقاطع، وتنفك، وتتواصل بلا حد،
وانها حلمت بهذه المجموعات من الخطوط المستقيم، الخالصة، المتداخلة، الافقية
المشرقة، او العمودية الممشوقة . . . ويعرف المتفننون دقيق الصور التي تسوق النفوس
إلى الاحلام العذبة، او التأملات الهادئة، او الصولات الوجدية، وقد محصت الاشكال
الحية حتى غذت اشكالاً هندسية، فعادت النفس لا تستطيع ان تصنع مقارنات لها بأشكال
العالم الطبيعي، وقد رد الرسم إلى الاصل إلى شكله المصفى، إلى شكله الذهني، إلى
نسق خطي اقرب إلى الرياضيات او الموسيقا مما إلى النون المائلة . . .قال بودلير
(ان الرسم العربي أكثر الرسوم مثالية)، وهو ببساطة قوانينه التي تأمر بفيض الاشكال
الزخرفية يكون ايضاً شكلاً من الفن معدوداً أحسن ما يعبر عن الفكر الاسلامي، ومن
شأن الفكر الاسلامي دائماً ان يبصر النظام الالهي المطلق الثابت وراء ظواهر العالم
الحي المركبة النافرة، وان يدرك وحدة النفس تحت اشتباك الاحاسيس، والافكار، بيد ان
هذه الاشكال لا تخاطب العقل وحده، فمن الممكن ان تحرك الحس ايضاً) (9).
وهكا فالغريب ان العامل الديني الذي منح الفن الاسلامي صبغة روحانية مجردة، لم
يمنح الشعر هذه الصبغة ومن ثم فقد أتيح لفن الزخرفة من التطور ما حرم منه فن
الشعر، اذ قدر له يكتسب طابع التجريد فيقترب شيئاً فشيئاً من الموسيقا، ويغدو
طليقاً في عالم الشكل الذي يخاطب العقل مثلما يخاطب الحس ويؤاخي الخيال مثلما
يؤاخي الشعور وربما كان ذلك هو ما اراده
كانط عندما قصر الجمال المحض على الشكل المحض، فالشكل الذي يصوغه خيال جامح، و خير
من خيال يصوغه الشكل على نحو ما نرى في فن
التشبيه، ولا سيما بالنظر إلى ما وضعه له النقاد من قيود .
___________________
(1) انظر: تدهور
الحضارة الغربية: 1/13-14 حيث ذهب "شبنجلر" إلى وجود التشابه بين
الرياضيات والموسيقا مثلا
(2) انظر في ذلك:
الصورة الادبية، 70-71.
(3) انظر: النقد
الادبي الحديث: ص300-303.
(4) مسائل فلسفة
الفن: ص25.
(5) المصدر نفسه.
(6) تدهور الحضارة
الغربية: 1/386 بنديتو كروتشه: علم الجمال ترجمة: نزيه الحكيم، المطبعة الهاشمية،
دمشق 1963: 1963 ص108-109.
(7) تدهور الحضارة
الغربية: 1/386
(8) حيدر بامات:
مجالي الاسلام، ترجمة: عادل زعيتر، مطبعة عيسى البابي الحلبي ص445
(9) المصدر نفسه: ص408، 410، 412.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|