المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

ضاعف إنتاجية السعادة
12-6-2022
فضائل شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام)
11-08-2015
معرفة الواجبات
13-11-2018
نظر الاسلام حول صفة العجب والغرور
2023-03-04
قانون فين
22-8-2017
سليمان بن قتة القرشي
20-11-2017


المحاكاة والتشبيه عند حازم القرطاجني  
  
3660   10:06 صباحاً   التاريخ: 14-08-2015
المؤلف : د. عصام قصبجي
الكتاب أو المصدر : اصول النقد العربي القديم
الجزء والصفحة : ص247-252
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /

 يقول حازم: (اعلم ان الشيء إذا حوكي بالشيء والمقصود محاكاة أحد فعلين بالآخر، وكان في فعل المحاكي تقصير عن فعل المحاكى به فانه مستساغ في الشعر ان يحاكي المقصر عنه، وان يجعل مثله، أو مربياً عليه، إذا كانت الزيادة في ذلك الفعل مستحسنة بالنسبة إلى ما يراد منه من منفعة أو غير ذلك، ومن هذا تشبيه الفرس بالريح والبرق)(1) ويبدو ان حازماً حين ذكر المحاكاة هنا، اراد محاكاة فعل المشبه، بفعل المشبه به، وظاهر انه ليس ثمة علاقة بين محاكاة الفعل هذه، ومحاكاة ارسطو، فالجملة الاخيرة نفسر المسألة، وتنم على ان حازماً يتكلم على المحاكاة وهو يريد التشبيه، ولا ريب ان لهذا التفسير اثره في النظر إلى كلام حازم دون مبالغة في الحديث عن الأثر الارسطي في "منهاجه" وربما كان اولى بنا ان نتحدث عن اثر الفارابي، وابن سينا في تكوين نظرات حازم، وأفكاره النقدية فحتى الفارابي، وابن سينا، لم يأخذوا من ارسطو إلا بقدر لم يخف افكارهما الخاصة.

والحق اننا لا نحتاج إلى عناء كبير في الكشف عن معنى المحاكاة عند حازم، فهو يصرح بوضوح انها ليست شيئاً غير التشبيه: (وتنقسم المحاكاة ايضاً ــ من جهة ما تكون مترددة على السن الشعراء قديماً بها العهد، ومن جهة ما تكون طارئة مبتدعة لم يتقدم بها عهد ــ قسمين : فالقسم الاول هو التشبيه المتداول بين الناس، والقسم الثاني هو التشبيه الذي يقال فيه: انه مخترع)(2) على ان هذا لا يعني ان حازماً قصر المحاكاة على التشبيه، فقد تكلم على محاكاة التحسين، والتقبيح التي تختلف عن محاكاة التشبيه وان كانت ترجع إليه(3)، وأدرك شيئاً من محاكاة القصص والتواريخ، كما يبدو من قوله: (وتنقسم المحاكاة ايضاً بالنظر إلى محاكاة جزء من معنى بجزء من معنى، أو محاكاة معنى بمعنى، أو محاكاة قصة تتضمن معاني بقصة تتضمن معاني: ثلاثة اقسام، الثالث منها تاريخ) (4) وهذا القول على إيجازه يشير إلى إدراك حازم لضرب من الشعر القصصي، أو التاريخي، ولكنه فيما يبدو يريد ضرباً من ايراد القصص المتشابهة في الشعر لا تخييل قصة بذاتها، وان كان كلامه يبدو غامضاً، فنحن لا نعرف: هل كان يريد محاكاة قصص موجود حقاً، او يمكن وجوده؟ وأغلب الظن انه يعني القصص التاريخي الذي يقرب من المثل والحكمة، ولعل ما يفيد في جلاء هذا الغموض قوله في موضع آخر: انه مما يحسن في صناعة الشعر أن يلاحظ الشاعر وجه الشبه بين قصة أو خبر تاريخي  قديم، وبين قصة أو خبر تاريخي جديد، بحيث يحيل المعهود على المأثور: (وملاحظات الشعراء الاقاصيص، والاخبار المستطرفة في اشعارهم، ومناسباتهم بين تلك المعاني  المقدمة، والمعاني المقاربة لزمان وجودهم، والكائنة فيها التي يبنون عليها اشعارهم ، مما يحسن في صناعة الشعر، ويجب للشاعر ان يعتمد من ذلك المشهور الذي هو واضح في معناه الذي يناسب بينه، وبينه، ويعلقه على طريق التشبيه، أو التنظير، او المثل، أو غير ذلك، ويسمى ما تسبب إلى ذكره من القصص المتقدمة المأثورة، بذكر قصة، أو حال معهودة الإحالة لأن الشاعر يحيل بالمعهود على المأثور)(5). وظاهر ان حازماً هنا لا يقصد إلى حض الشاعر على تخيل قصة محتملة الحدوث، وانما يقصد إلى حضه على المقارنة بين قصة تاريخية قديمة، واخرى حديثة، من قبيل التماس وجه الشبه بغية العظة والعبرة غالباً، ويبدو ان معنى التشبيه ما انفك ماثلاً في ذهن حازم وهو يفكر في محاكاة خبر بخبر بحيث يريد اتباع (طريق التشبيه أو التنظير، او المثل) ولكن المهم هنا هو انه لا ينسى في معرض الحض على الأخذ بما اشتهر من الاخيار، ان يجيز للشاعر محاكاة الاشياء العلمية والصناعية ما دام غرضه ان يخيل في الاشياء ما تميل إليه النفوس أو تنفر عنه: (لأن للشاعر ان يحاكى شيئاً من جميع الموجودات، ويخيل في واحد منها ما تميل إليه النفوس أو تنفر عنه) (6) والحق ان هذه الملاحظة هامة لأنها ترتبط بما من شأنه ان يكون وسيلة إلى التأثير في النفوس وهو ايراد القصص والاخبار في الشعر.

ويدو انه لا بد من  الوقوف طويلاً عند مسألة الحض على الفعل التي اولع بها حازم، لأنه اذا كان قد جعل التشبيه حقيقة المحاكاة، فقد جعل الحض على الفعل غايتها، وحقاً ، ذهب ابن سينا ايضاً إلى ان (المخيل هو الكلام الذي تذعن له النفس، فتنبسط عن أمور، وتنقيض عن أمور ، من غير روية وفكر واختبار)(7) بيد انه كان يشير إلى ما يحدثه من أثر نفساني لا شأن له بالفكر، أكثر مما يشير إلى غرض التخييل في البسط، أو القبض إزاء الفعل، ولا سيما انه كان يتكلم من خلال مسألة الصدق والكذب موضحاً ان غاية المحاكاة الانفعال النفساني، سواء أكان الكلام صادقاً أم كاذباً أما حازم فقد كان واضحاً في ادراكه ان المحاكاة ليست غاية بذاتها، وانما هي وسيلة إلى تحسين الشيء أو تقبيحه على نحو يفضي إلى فعل معين، وربما كان في ذلك الناقد الوحيد الذي يجعل للشعر غاية ابعد من التعجيب المحض: (لما كان المقصود بالشعر انهاض النفوس إلى فعل شيء، أو طلبه أو اعتقاده، بما يخيل لها فيه من حسن ، أو قبح، وجلالة أو خسة، ويجب ان تكون موضوعات صناعة الشعر الاشياء التي لها انتساب إلى ما يفعله الانسان، ويطلبه، ويعتقده والأقاويل الدالة على تلك الاشياء من حيث تخيل بها تلك الاشياء، فتحسين المحاكاة، وتقبيحها، اما ان يتعلقا بفعل أو اعتقاد، أو يتعلقا بالشيء الذي يفعل، أو يعتقد)(8) ويلاحظ ان حازماً لم يستنبط امراً ذا شأن من هذا القول، وانه لم يورد امثلة تشرحه، فإما انه كان يروم وضع القاعدة دون ان يبالي  بالتمثيل لها، واما انه كان يعسر عليه الاهتداء إلى الامثلة في شعر غنائي غلب فيه الطابع الزخرفي على الطابع الفكري، على انه لم يدع كلامه دون شرح نظري لمسألة التحسين، والتقبيح من حيث تعلقها بالشيء ذاته، أو بفعله (لأن الشيخ اذا عشق جارية جميلة، واردنا ان نصرفه عنها بالأقاويل الشعرية، اعتمدنا ذم الفعل، وعيب التصابي في حال المشيب، وما ناسب هذا ، فان كانت قبيحة، أو ممن يجوز تخييل القبح فيها، أضفنا إلى ذم تصابي الشيخ، ذم قبح الفتاة، فإن كان العاشق شاباً اعتمدنا ذم ما في المرآة من قبح خلق وخلائق، نحو ما يوصف النساء به من الغدر والملالة، وغير ذلك، ولم نقبح عليه العشق في الشباب، إلا من جهة عقل أو نحو ذلك)(9) والحق ان هذا الشرح لا يغني كثيراً، لأنه مبني على الطريقة التقريرية التي تذم أو تمدح على نحو مباشر يقرب من الوعظ ــ وهو ما ستفاض في الشعر العربي ــ وقد كان المرء يتوقف ان يبين حازم كيف يحاكي الشاعر الافعال افضل مما هي عليه، أو أسوأ مما هي عليه لكي يدفع السامع دون ان يشعر إلى الرغبة في الخير، والنفور من الشر لا ان يحاكيها كما هي، فيسحنها ، أو يقبحها، بضرب من التلاعب كأن يخيل القبح فيما ليس بقبيح، أو الغدر فيمن قد لا يكون غادراً، ومهما يكن، فقد اتى حزم حقاً في هذه المسألة بما كان من شأنه ان ينبه على الغاية الفكرية، أو الخلقية في الشعر، وان كان قد منعه من الافادة من هذه المسألة خير افادة، اما استقر في الاذهان من الاسلوب التقريري المباشر الذي دفعه إلى وضع قواعد التحسين والتقبيح، على نحو يذكرنا بقواعد المدح والذم عند قدامة، فكأن حازماً كان وهو يصبو إلى التجديد اسير مبادئ النقد العربي فلم يكد يفعل شيئاً سوى تغيير المصطلحات، وغرض تلك المبادئ ذاتها ولكن في مظهر اغريقي، يقول: (فوقوع التحسينات، والتقبيحات، في التخايل الشعرية، انما يسلك به ابدا طريق من هذه الاربعة وهي: الدين والعقل، والمروءة والشهوة)(10)، واذا كان قيم المديح قد تغيرت ليلاً بين حازم وقدامة وقد كانت عند قدامة تتجلى في العقل والشجاعة، والعدل والعفة، (11)، فإن، المبدأ النقدي ظل واحداً وكأن وضع التحسين مقابل المدح، والتقبيح مقابل الم يغير شيئاً، على الرغم من الاختلاف الطفيف بين التحسين والمدح، وعلى الرغم من ان التحسين والتقبيح يرتبطان عند حازم بغاية المحاكاة في الشعر، دون ان يكون لهما هذا الارتباط عند قدامة، ولعل ذلك هو فضل حازم حقاً، اذ لم يجعل الشعر مجرد كلام موزون مقفى يدل على معنى(12).

وهكذا يلوح ان حازماً كان حائراً بين "الفعل" و "التعجيب" أو بين الغاية الفكرية، والغاية الفنية، وانه كان يقفو في ذلك اثر ابن سينا(13) ، ولكنه وحد بين الغرضين، فقال: ان الشعر يجمع بينهما ، فهو للفعل ولكن من خلال التعجيب، وهي ملاحظة قيمة ولكن تطبيقها على الشعر الغنائي العربي اضعفها، من حيث غلبة التعجيب على الشعر العربي، وما يقترن به من التشبيه، مما يجعل الكلام في "الفعل" غامضاً قلقا، ولما كان مفهوم المحاكاة اصلاً ملتبساً، فلا بد من مغرفة معنى التشبيه، وطبيعته، وحدوده مع ملاحظة ان حازماً اطلق عليه لقب "المحاكاة التشبيهية" وهو لقب ذو مدلول واضح.

_______________________________

(1) منهاج البلغاء: ص115.

(2) المصدر نفسه: ص96 وقد كثر الترادف بين المحاكاة والتشبيه في منهاج حازم، انظر: ص14-ص113 – ص127.

(3) انظر مثلاً: المصدر نفسه ص 90

(4) المصدر نفسه: ص97.

(5) منهاج البلغاء، ص189.

(6) المصدر نفسه: ص190.

(7) فن الشعر: ص161.

(8) منهاج البلغاء: ص106.

(9) فن الشعر: ص108.

(10) المصدر نفسه: ص107.

(11) انظر: نقد الشعر ص59.

(12) انظر: المصدر نفسه ص [؟]

(13) انظر: فن الشعر ص162.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.