المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

كان علي (عليه السلام) يرى نور الوحي ويشمّ رائحة النبوة
2-06-2015
أركان جريمة التحريض على الحرب الاهلية او الاقتتال الطائفي
2024-02-29
Riemann-Lebesgue Lemma
25-8-2018
آداب النصح والموعظة
22-6-2017
هل لعلي الأكبر عليه السلام أولاد؟
2024-10-26
الإخلاص
10-6-2021


تعريف عيب المحل في القرار الإداري  
  
4676   01:46 صباحاً   التاريخ: 2-7-2022
المؤلف : سرى عبد الكريم ابراهيم الجبوري
الكتاب أو المصدر : عيب المحل في القرار الاداري
الجزء والصفحة : ص32-78
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القانون الاداري /

عبَّر مُشرعو قوانين اغلب الدول عن العيب الذي يصيب القرار الإداري في محله بعبارة (( مخالفة القوانين و اللوائح )) ففي مصر عبَّر المشرع عن هذا الوجه من أوجه إلغاء القرار الإداري في قوانين مجلس الدولة المتعاقبة منذ سنة 1946 وحتى القانون الحالي رقم 47 لسنة  (1) 1972 وقد أورد المشرع العراقي في القانون رقم 65 لسنة 1979المعدل هذا العيب في مقدمة أسباب الطعن بالقرارات الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري (2)

وكذلك المشرع الأردني افرد لهذا العيب بنداً خاصاً عندما نص عليه في قانون محكمة العدل العليا (3)   وجميع هذه القوانين أشارت لهذا العيب بعبارة (( مخالفة القوانين و اللوائح )) أو (( مخالفة القوانين و الأنظمة ))  و المقصود بعيب مخالفة القانون هو العيب المتصل بموضوع القــرار الإداري وموضوع القرار الإداري هو الأثر الذي يحدثه هذا القرار في الحالة القانونية القائمة من إنشاء مركز قانوني جديد أو تعديل مركز قانوني قديم أو إلغائه(4)  وقيل انه الخروج عن مضمون القانون و أحكامه الموضوعية الأمر الذي يستتبع أن يكون القرار الصادر في هذه الحالة معيباً من حيث المحل أو الموضوع (5) .   وقد عرفه الفقيه الفرنسي ( فيدل ) بأنه (( كل مخالفة للنظام لا تندرج تحت عيب من العيوب الأخرى(6) )) و هذا تعريف سلبي تكمن أهميته في تميز هذا العيب عن غيره من العيوب التي تصيب القرار الإداري . فكل قرار معيب و لا يمكن رد العيب فيه إلى مخالفة قواعد الاختصاص أو قواعد الشكل أو إلى الباعث أو الغاية منه يكون قراراً مشوباً بعيب مخالفة القانون .

ويقول عنه ( ديلوبادير ) انه (( يتصل بذات القرار أي أن الإدارة لم يكن لها – أصلاً – اتخاذ القرار ....)) (7).  

ويرتبط عيب مخالفة القانون بمحل القرار الإداري فتتعلق عدم مشروعية  المحل في مادة القرار وموضوعه وهي ترد على موضوع التعبير عن الإرادة أي أنها ترد على القرار الذي تعتزم الإدارة اتخاذه .  

وهكذا تتمثل عملية تقدير محل القرار في تحديد مدى ضرورة اتخاذ القرار (8).

أن عبارة (( عيب مخالفة القانون )) تتسم بشيء من الغموض , خصوصاً عندما نطرح تعبير (( عيب مخالفة القانون )) بمعناه العام و الواسع , ففي هذه الحالة يستغرق العيب كافة العيوب التي يمكن أن تشوب أركان القرار الإداري (9)  

 ويطلق على عيب المحل عيب مخالفة القانون بالمعنى الضيق . لأن أي عيب يشوب القرار الإداري إنما يعتبر مخالفة للقانون بمعناه الواسع إذ أن القانون هو الذي يحدد القواعد التي تحكم كافة أركان القرار الإداري من اختصاص و شكل و محل و سبب و غاية لذلك فعيب مخالفة القانون في بحثنا هذا هو العيب المتعلق بمخالفة محل القرار الإداري للقانون (10)  

 وقد تعرضت عبارة ( مخالفة القانون ) لسهام النقد من جانب الفقه (11) حيث اعتبرها غير موفقة فهي ليست جامعة و لا مانعة ذلك لأنها من ناحية لا يقصد بعيب مخالفة القانون مجرد مخالفة النصوص , ولكن مدلوله أوسع من ذلك بكثير, ومن ناحية ثانية فأن هذا الاصطلاح لو أُخذ به على إطلاقه لشمل جميع أوجه الإلغاء كما وضحنا في أعلاه بيد أن الفقه و القضاء قد أعطيا اصطلاح ( مخالفة القانون ) معنى أدق من المفهوم السابق بحيث ينحصر هذا العيب بمحل القرار الإداري فقط مع دراسة بقيـة عيوب القرار الإداري – عيب الشكل و الإجراءات – عيب الاختصاص – عيــب الانحراف بالسلطة و عيب السبب كُل على حدة (12)  . كما نجد أن قوانين مجلس الدولة في الدول المختلفة قد ذكرت عيب مخالفة القانون كأحد أسباب الطعن بالإلغاء مع العيوب الأخرى هذا دليل على اختلاف عيب مخالفة القانون عن العيوب الأخرى (13) . لذلك اتجه بعض الفقه إلى تسمية هذا العيب ( بعيب المحل ) بدلاً من مخالفة القانون تمييزاً له عن عيوب الإلغاء الأخرى (14)  

كما أن الفقيهين اوبي و دراجو فضلا تسميتهُ ( بمخالفة القاعدة القانونية ) (15)

ويلاحظ أن هذه التسمية غير دقيقة أيضاً ولا تختلف عن اصطلاح مخالفة القانون . ومع كل هذه الاختلافات في المصطلحات الدالة على عدم مشروعية محل القرار فان اصطلاح ( عيب مخالفة القانون ) يجب أن يؤخذ بمعنى محدد وان كان الفقه لايزال غير مُجمع على هذا المعنى بالتحديد , فالبعض يرى انه يشمل عيب المحل و عيب السبب (16) و البعض الأخر يرى انه يشمل عيب المحل فقط وهو الاصوب (17)  .

ولما كان على كل عضو من أعضاء السلطة الإدارية ألا يمارس عملاً قانونياً إلا إذا كان يملك هذا الحق طبقاً لما تقضي به قواعد الاختصاص وإذا كان يجب أن يصـــدر العمل القانوني ( القرار الإداري في مجال بحثنا هذا ) وفقاً للإجراءات و الشروط الشكلية المقررة فأن محل القرار الإداري يجب أن يكون موافقاً للقانون (18)  

فمن متطلبات مبدأ المشروعية . أن تخضع الإدارة العامة للقانون فلا يجوز لها أن تصدر قراراً إدارياً أو تقوم بعمل مادي إلا بمقتضى القانون (19). و أن لفظة القانون في مورد هذا العيب يجب أن تؤخذ بالمعنى الواسع لا الضيق فتشمل كل القواعد القانونية النافذة في الدولة , سواءً أكانت مكتوبة أو غير مكتوبة و بقطع النظر عن مصدرها و الاسم الذي تتسمى به (20) . وان عيب مخالفة القانون لا ينطبق على مخالفة القواعد القانونية النافذة مكتوبة كانت أو غير مكتوبة حسب و إنما ينطبق أيضاً على مخالفة روح القانون (21)  . وبناءً عليه يتعين على الجهات الإدارية المختلفة ممارسة صلاحياتها القانونية في ضوء القواعد القانونية التي تنظم ممارسة تلك الصلاحيات نصاً و روحاً . وعليه يُعتبر غير مشروع أي قرار يخالف القواعد القانونية العليا بصرف النظر عن طبيعة تلك القواعد .فيستوي أن تكون مكتوبة أو غير مكتوبة , إذ يتفق الفقه على تبني المدلول الواسع لاصطلاح قواعد القانون الواجب احترامها وعدم مخالفتها بحيث تشمل جميع مصادر مبدأ المشروعية نفسه وهكذا تقتضي عدم المشروعية التي تلحق محل القرار عدم المساس أو مخالفة مبدأ تدرج القواعد القانونية في الدولة فيجب أن يكون الأثر القانوني الذي أحدثه القرار غير مخالف لقاعدة أعلى وبذا يتم تقدير مشروعية محل القرار الإداري بالمقارنة مع مبدأ تدرج القواعد القانونية (22) .     

و استثناءً مما تقدم انفرد الأستاذ ( Eisenmann  ) برأي مؤداه أن عيب مخالفة القانون (( violation de la loi  )) يقتصر فقط على حالة مخالفة الإدارة للقواعد المنصوص عليها في القانون الذي يصدره البرلمان . ويقوم هذا الرأي على أن الحصانة التي تتمتع بها القوانين في مواجهة الإدارة يجب أن تؤدي إلى التضييق من مبدأ المشروعية بحيث يقتصر على القانون بمعناه الشكلي نظراً لأنه يخرج عن سلطة الإدارة,  بينما تدخل القرارات الإدارية – بما في ذلك القرارات اللائحة – في نطاق النشاط الإداري . وإذا كان مبدأ المشروعية يقتضي التزام الإدارة بأن تخضع لجميع القواعد القانونية , بما في ذلك القواعد الإدارية , فأن ذلك يرجع إلى أن الإدارة تخضع بطريقة غير مباشرة للقانون أي القواعد التشريعية و يخلص الأستاذ ( Eisenmann ) إلى انه يجب التفرقة بين مبدأ المشروعية وبين قائمة مصادر القانون الإداري (23)  .  ومهما يُعتقد من سلامة هذا الرأي , فأن المسلم به الآن فقهاً و قضاءً أن فكرة مخالفة القانون لاتقتصر على القانون بالمعنى الشكلي و إنما تشمل مخالفة أية قاعدة قانونية ناشئة عن مركز قانوني قائم من قبل , أياً كانت طبيعة هذا المركز(24)  فالعبرة في تقدير الالتزام بالقاعدة القانونية تكون بمضمون القاعدة وليس بشكلها (25)  وفي ذلك تقول المحكمة الإدارية العليا في مصر في حكم لها ( ... ذلك أن عيب مخالفة القانون ليس مقصوراً على مخالفة نص في قانون أو لائحة , بل هو يصدق على مخالفة كل قاعدة جرت عليها الإدارة واتخذتها شرعةً لها ومنهاجاً ) (26)  .وأيضاً قد تصدت هذه المحكمــة لتعريف مدلول القانون في حكمها الصادر بتاريخ 14 أبريل سنة 1948 (( أن مدلول مخالفة القوانين و اللوائح يشمل كل مخالفة للقاعدة القانونية بمعناها الواسع )) (27). . ومن المعلوم أن القواعد القانونية التي تشكل مصدراً لمشروعية القرار ليست متساوية في قيمتها القانونية وإنما تتدرج فيما بينها من حيث قوتها القانونية فضلاً عن أنها لا تظهر بشكل واحد , فمنها ما يظهر بشكل قواعد مكتوبة في وثيقة رسمية صادرة من سلطة مختصة ومنها ما يظهر بشكل قواعد غير مكتوبة , إلا أن هذا الاختلاف في القيمة القانونية وفي الشكل الذي تظهر فيه لا يؤثر شيئاً على وجوب عدم مخالفة القرار لها طالما كانت نافذة , ومن ثم ليس للإدارة إلا الخضوع لأحكامها الموضوعية , وإذا ما أصدرت قراراً خالفت فيه من حيث الموضوع مضامين تلك القواعد يكون ذلك القرار غير مشروع مشوباً بعيب مخالفة القانون . هذا و لا يسعنا إلا أن نقول انه لم يعد هذا العيب مقصوراً على القانون باعتباره قاعدة عامة ومجردة وانه اتسع مدلوله بحيث أصبح شاملاً المراكز القانونية التي تترتب عليها آثار قانونية فكل تنكر لقاعدة عامة ومجردة أياً كان مصدرها و كل مساس بمركز قانوني مشروع يُعد مخالفة للقانون (28) . ولكي نقف على المظاهر المختلفة لعيب مخالفة القانون , فمن الأفضل دراسة الأنواع المختلفة لقاعدة القانون , محاولين أن تكون القواعد القانونية التي سندرسها جامعة لكل مظاهر عيب مخالفة القانون . وعليه سنبحث في المطلب الأول القواعد القانونية المكتوبة و في المطلب الثاني القواعد القانونية غير المكتوبة وفي المطلب الثالث سنبحث في مصادر أخرى للقاعدة القانونية .

المطلب الأول

مصادر القاعدة القانونية المكتوبة

يقصد بالقواعد القانونية المكتوبة تلك القواعد التي تتضمنها وثيقة رسمية صادرة من السلطة المختصة في الدولة و ينبغي أن تتوافق قرارات الإدارة مع نصوص القواعد القانونية المكتوبة , سواءً تمثل مصدرها في دستور أو قانون عادي أو قرارات تنظيمية .

أولاً :- الــدستـــــور 

الدستور يوجد على قمة النظام القانوني في الدولة و تعتبر قواعده أعلى القواعد القانونية و اسماها داخل الدولة , والبعض يسمي الدستور (( قانون القوانين )) (29) و الدستور من الناحية الشكلية هو الوثيقة القانونية الأساسية التي تبين شكل الحكم ونظام السلطات وحدود اختصاصها . وبعبارة أخرى هو تلك الوثيقة التي تبين نظام الحكم في الدولة (30) . أما من الناحية الموضوعية فان القانون الدستوري هو مجموعة القواعد الأساسية التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها وتبين سلطاتها العامة وعلاقاتها ببعضها وعلاقة الأفراد بهـا كما تقرر حقوق الأفراد وحرياتهم المختلفة وضمانات هذه الحقوق وتلك الحريات (31)

و القواعد الدستورية تعلو على كل القواعد القانونية النافذة في الدولة وهي تستمد هذه العلوية من السمو المادي و السمو الشكلي . والسمو المادي يعني أن القواعد الدستورية في الدولة هي الأساس للنشاط القانوني فيها على اعتبار أنها تحدد السلطات العامة وتوزع الاختصاصات فيما بينها وهذا من شأنه أن يدعم مبدأ المشروعية لصالح المواطنين لأنه إذا كان كل عمل تقوم به الإدارة بالمخالفة لأحكام القانون يُعتبر باطلاً فمن باب أولى اعتباره هكذا إذا خالف أحكام الدستور(32) .أما السمو الشكلي فانه يتمثل بالإجراءات و الأساليب التي تُتبع في تعديل الدساتير ومن هنا برزت التفرقة بين الدساتير الجامدة و المرنة (33)  

ويتوجب على السلطات العامة ومنها السلطة الإدارية التزام حدود وأهداف الأحكام الدستورية بوصفها( قواعد القانون الأعلى واجبة الإتباع في مواجهة الكافة حكاماً و محكومين على السواء ) ومنه تستمد السلطات العامة سندها الشرعي في الحكم وتحدد بالتالي مجالات السلطة و الحرية معاً (34). ونظراً لما للنصوص الدستورية من أهمية بالغة لتأثيرها المباشر على مصالح المجتمع يكون من المتعين على الإدارة احترام أحكامها فيما تصدره من قرارات إدارية المفترض فيها أنها صدرت لتحقيق المصلحة العامة وهي ذات المصلحة التي يهدف الدستور إلى تحقيقها وترتيباً على ذلك فأن أي قرار إداري ينتهك أحكام نص دستوري بشكل مباشر أو غير مباشر فأن هذا يؤدي فوراً ومباشرةً إلى بطلان هذا القرار.

والواقع يؤكد أن النصوص الدستورية التي تتعرض للإهدار بقرارات الإدارة أكثر من سواها هي النصوص المتعلقة بالحقوق و الحريات العامة (35). وقد اخذ العراق بنظام الدولة الدستورية (36)(بما تعنيه من ضرورة الخضوع لأحكام الدستور القائم بمثابة الأساس الضروري لقاعدة المشروعية ولمبدأ خضوع الدولة للقانون) (37) وعليه يجب على السلطة الإدارية في العراق الخضوع لأحكام الدستور النافذ فليس لها أن تصدر قراراً تخالف فيه الأحكام الموضوعية للتشريعات الدستورية النافذة باعتبارها الأساس الشرعي لتلك التصرفات.

وبعض الدساتير تنص صراحة على التزام السلطة التنفيذية والإدارية في الدولة بأحكام الدستور مثال ذلك في نصوص الدستور العراقي نص المادة (57) / الفقرة أ / من دستور (1970) المُلغى والتي كانت تنص على انه ( رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة يتولى ممارسة السلطة التنفيذية مباشرة أو بمساعدة نوابه ووزرائه وفق أحكام الدستور) ومرادف لهذا المعنى نص المادة (66 ) من دستور (2005 ) النافذ حيث تنص (تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء تمارس صلاحياتها وفقاً للدستور و القانون ) .

وفي مصر قضى مجلس الدولة بإلغاء القرار الصادر بإبعاد مواطن مصري لمخالفته المادة (7) من دستور (38)1923

والدستور الأردني نص على أن العمل حق لجميع المواطنين وعلى الدولة أن توفره للأردنيين بتوجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به  (39) .وتطبيقاً لهذا المبدأ قررت محكمة العدل العليا في الأردن انه إذا صدر قرار إداري يحرم الأردني من حقه في مزاولة العمل كان القرار باطلاً لمخالفته لأحكام الدستور (40).

وبعد أن كفل المشرع العراقي في دستور 2005 النافذ الحقوق والحريات في المواد من (14) إلى (45) نص في المادة (46) على انه ( لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءً عليه, على أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية )

ومعنى التزام الإدارة بنصوص الدستور أن ليس للسلطة الإدارية مخالفة فحوى النص الدستوري كما ليس لها أن تمتنع عن التدخل لإعمال هذا النص عندما يُطلب منها ذلك لأن الالتزام السلبي كالالتزام الايجابي في تطبيق مبدأ المشروعية (41) .

وختاماً فأن تطبيق مواد الدستور كتشريع وضعي ليس محل خلاف بين الفقه والقضاء فمما لاشك فيه أن وجود الدستور في الدولة يعني تقيد جميع السلطات في الدولة بأحكامه القانونية, ذلك لأن الدستور وهو القانون الأساسي في الدولة ليس إلا مقرراً لهذه السلطات ومُنظمــاً لاختصاصاتها وسُلطاتها العامة وفيما يتعلق بالسلطة الإدارية بالذات ليس لها أن تصدر قراراً أدارياً تخــالف فيه جوهــر الأحكــــام الدستورية وان فعلت ذلك يُعتبر القرار غير قانوني وبالتالي يُعتبر ممارسة لسلطة فعلية أو لإجراءات قهرٍ مادية لا أساس قانوني لها (42)

ولا تلتزم الإدارة بنصوص الدستور فقط وإنما أيضاً بوثيقة إعلانه فهي من مصادر المشروعية و الدستورية على حدٍ سواء وتشكل مع نصوص الدستور كُلاً غير قابل للانقسام (43) فإلى جانب الوثيقة الدستورية توجد إعلانات حقوق الإنسان أو مقدمات للدستور قد تكون في ديباجة الدستور أو جزء منه فاعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي لسنة 1789 تّصدر دستور فرنسا لسنة 1791 وفي قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية جاء الباب الثاني منه تحت عنوان الحقوق الأساسية .

إن إعلانات الحقوق تتضمن ثلاثة أنواع من القواعد .

الأولى/ مبادئ وإعلانات أساسية تبين أسس النظام السياسي والاجتماعي في الدولة

الثانية/ قواعد تتعلق بمضمون ممارسة السلطة وهي موجهة إلى الحكام

الثالثة/ قواعد موجهة إلى المحكومين (44)  

وقد ثار الخلاف بين الفقهاء حول القيمة القانونية لإعلانات الحقوق ومقدمات الدساتير فرأي يعطيها قيمة أعلى من قيمة النصوص الدستورية وآخر يعطيها نفس قيمة النصوص الدستورية وثالث يميز في هذه النصوص بين التي تأتي محددة وبطبيعة قاعدة قانونية قابلة للتطبيق فهي مُلزمة وأخرى تحتوي على توجيهات فلسفية وأهداف وبرامج عمل يُراد تحقيقها فهي غير مُلزمة . في حين هناك رأي ينزع عنها أية قيمة قانونيــة

ويرى أن لها قيمة أدبيـــــة حسب أما الرأي الراجح فأنه يعطي إعلانات الحقوق قوة القواعد القانونية العادية (45).

إما في مصر فأنه قد صدر ميثاق العمل الوطني عام 1962 ليمثل إرادة الشعب وقد أُعتبر القانون الأسمى للدولة فهو أساس وضع الدستور و القوانين (46).

أما على صعيد القضاء فأن موقف مجلس الدولة الفرنسي كان متبايناً ففي مبدأ الأمر لم يعتبر المجلس إعلانات الحقوق إلا مبادئ عرفية أو مبادئ قانونية عامة وذلك في حكم له صدر عام 1950 عندما أثيرت مشكلة تحديد القيمة القانونية للنص الوارد في ديباجة دستور 1946 بخصوص حق الإضراب إذ قرر المجلس بأن النص الوارد في الدستور المذكور والذي قضى بأن ( الإضراب حق يُمارس في حدود القوانين التي تنظمه) يسمح للحكومة بالتدخل ووضع القيود على الحق المذكور بما يحقق الصالح العام إلا أن المجلس وفي قرارات احدث اعتبر إعلانات الحقوق مصدراً لقواعد قانونية مكتوبة لها قوة الإلزام فلا تستطيع الإدارة مخالفتها .

بقي أن نقول أن سمو الدستور يغدو كلمة جوفاء إذا استطاعت أي من سلطات الدولة اختراقه بدون جزاء ومن هنا انبثقت مشكلة الرقابة على دستورية القوانين فبعض الدول لا تأخذ بالرقابة المذكورة والبعض الأخر يأخذ بها وهو إما يُنيطها بالسلطة القضائية أو بسلطة سياسية. وعلى أية حال فأن قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 الملغى جاء قاضياً في المادة (44) منه بتشكيل محكمة اتحادية عليا بقانون وأعطاها سلطة إلغاء القانون أو النظام أو التعليمات أو الإجراء المخالف لأحكامه (47)

وأيضاً فقد أخذ المشرع العراقي في دستور 2005 النافذ بفكرة الرقابة على دستورية القوانين وأناط هذه الرقابة بالمحكمة الاتحادية العليا حيث نص في المادة (93) من الدستور أعلاه على أن (( تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي : أولاً :- الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة ))   

ثانياً :- التشريعات العــادية  

كان لنتيجة الأخذ بمبدأ فصل السلطات بما يفيده من تقسيم الأعمال والوظائف بين السلطات في الدولة ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) أن تم تحديد مهمة إحدى هذه السلطات بوضع التشريعات العادية (القانون في معناه الشكلي) وكان ذلك من نصيب السلطة التشريعية تطبيقاً لفكرة السيادة الشعبية (48)

ويقصد بالتشريع ما تسنه السلطة التشريعية من قوانين سواء تمثلت هذه السلطة بالبرلمان أو الحكومة أثناء غيابه- بناءً على تفويض صريح – من قواعد قانونية عامة ومجردة يسري حكمها على الكافة تحقيقاً لمبدأ المشروعية (49).والتشريعات العادية هي المصدر الثاني والغزير للمشروعية حيث تأتي بعد الدستور في المرتبة من حيث التزام الإدارة بها عند أداء نشاطها (50)

والإدارة تخضع لأحكام القانون لاعتبارين :-

الأول /  إن السلطة التشريعية تضع القواعد القانونية لتنظيم العلاقات الاجتماعية ثم تأتي السلطة التنفيذية لتطبقها أو تنفذها عن طريق ما تصدره من قرارات إدارية وليس مـن ريب أن من يقوم بوظيفة التنفيذ ليس له أن يخالف القواعد التي يقوم بتنفيذها.

أما الاعتبار الثاني / فأنه يتمثل بأن القانون يصدر عن الشعب أو ممثليه وإرادته يجب أن تسود ولهذا كان حرياً بالسلطة التنفيذية أن تحترم القانون فيما تقوم به من أعمال (51)

إلا انه يجب ملاحظة أن الإدارة لا تخضع لكل القواعد القانونية النافذة في الدولة بل تخضع للقواعد التي تخاطبها أو التي يكون مضمونها متفقًا وطبيعة الوظيفة الإدارية وما يترشح عنها من علاقات. فالإدارة مثلاً تحتاج في بعض الأحيان إلى تمُّلك بعض الأموال التي تعود ملكيتها لأفراد معينين فباستطاعة الإدارة أن تلجأ للحصول عليها عن طريق شرائها منهم فتكون العلاقة خاضعة لأحكام القانون المدني ولكن الإدارة قد تفضل استخدام أساليب السلطة العامة فتلجأ إلى طريق الاستملاك وبالتالي يتم تطبيق قانون الاستملاك (52) .

والقضاء مستقر على أن مناط استجلاء مشروعية القرار الإداري هو القوانين القائمة وقت صدوره مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي لابسته ومدى تحقيقه للصالح العام دون ما يصدر من قوانين لاحقة أو ما يستجد من ظروف من شأنها زوال السند القانوني للقرار أو تعديل المركز القانوني الذي أنشأهُ (53).  

ومن المشاكل التي تثور من الناحية العملية وتعرض على القضاء هي مدى صلاحية التصحيحات التي ترد على نصوص القوانين الأصلية وتنشر في الجريدة الرسمية بعد نشر النص الأصلي بعد مرور فترة زمنية ؟

يميل القضاء إلى الاعتراف بهذا التصحيح في حالتين :-   

الأولى :- عندما يكون موضوع التصحيح خطأً مادياً في النشر.

الثانية  :- عندما يهدف التصحيح إلى اعتماد النص الأصلي وهو في حالة القانون النص الذي يصدره رئيس الجمهورية (54).

وأيضاً فأن هناك مسألة غاية في الأهمية وهي هل تعد مخالفة القرار الإداري لقانون أجنبي مخالفة للقانون توصم القرار بعدم مشروعية محله وتنحدر به إلى الإلغاء ؟    

أن من القواعد البديهية أن القانون يطبق تطبيقاً إقليميا , لأنه مظهر من مظاهر سيادة الدولة , ولذلك فأن الدولة لا تسمح بنفاذ قانون أجنبي فوق إقليمها (55) .وان من شروط دعوى الإلغاء أن يكون موضوعها قراراً أدارياً صادراً عن سلطة وطنية في ممارسة نشاط يتم وفقاً للقانون الوطني (56) . ولهذا لا تعتبر مخالفة القانون الأجنبي عيباً يشوب محل القرار الإداري ويبرر طلب إلغائه (57)  ونحن نؤيد هذا الاتجاه لواقعيته وانسجامه مع المنطق القانوني السليم , ولكننا نستثني من ذلك حالة نص القانون على خلاف ذلك, فعند ذلك يُتبع هذا النص.

 وخلاصة القول : أن التشريعات العادية تأتي بعد التشريعات الدستورية من حيث قيمتها القانونية مما يقتضي على السلطة الإدارية أن تلتزم في قراراتها أحكام تلك التشريعات طالما كانت نافذة ويستتبع ذلك انه لا يجوز إلغاؤها أو تعديلها إلا بتشريع عادي

أو دستوري . وطالما ليس للقرارات الإدارية – الفردية والتنظيمية – تلك القوة فليس لها أن تتضمن أثاراً قانونية مخالفة لما تحتويه التشريعات العادية .

ثالثاً :- المعــــــاهدات  

تُعتبر المعاهدات مصدراً من مصادر المشروعية في الدولة وذلك بعد إقرارها والتصديق عليها من قبل السلطة المختصة في الدولة وفقاً للإجراءات القانونية . إذ إنهـا تصبح بهذا التصديق جزءاً من القانون الداخلي للدولة ومن ثم يلتزم الأفراد والسلطات العامة باحترامها والنزول على حكمها (58). و لكن القيمة القانونية للمعاهدات تختلف من دولة إلى أخرى. 

ففي فرنسا تنص المادة(26) من الدستور الفرنسي لسنة 1958 على أن( المعاهدات الدبلوماسية المصادقة عليها بصورة قانونية والمنشورة, لها قوة القانون حتى في الحالات التي تكون متعارضة مع القوانين الداخلية الفرنسية, بدون حاجة لضمان تطبيقها إلى نصوص تشريعية أخرى إلا ما كانت ضرورية لضمان تصديقها) (59)  

وللمعاهدة في فرنسا قيمة أعلى من القوانين وأدنى من الدستور بشرط أن تطبق من قبل الطرف الأخر (60).

وفي الولايات المتحدة الأمريكية فأن الوضع بالنسبة لقيمة المعاهدات هو الوضع ذاته في فرنسا (61) وفي انكلترا لا تأخذ محاكم القانون علماً بالمعاهدة إلا بعد تصديق البرلمان عليها (62) . وبالرغم من أن السلطة التنفيذية غير مقيدة من حيث الدخول في التزامات مع المجتمعات الأخرى عن طريق المعاهدات التي تعقدها معها, إلا أن هذه الالتزامات تحتاج إلى صدور تشريع برلماني داخلي يضعها موضع التنفيذ حتى تصبح مقبولة لدى المحاكم في المملكة المتحدة. فنصوص المعاهدات ذاتها لا تعتبر مصدراً لحقوق أو التزامات قانونية قابلة للنفاذ داخل المملكة المتحدة وإنما المصدر لذلك هو التشريع البرلماني . كما أن التاج البريطاني عند عقده أي معاهدة لا يعتبر وكيلاً لأي من رعاياه في غيـــاب نص صريح يقضي بذلك (63).

غير أن السلطة التشريعية في انكلترا غير مقيدة بالمعاهدات وبالتالي يجوز إصدار قانون مخالف للمعاهدة الدولية (64).

أما في مصر فأن للمعاهدات بعد استيفائها للأوضاع الدستورية المقررة قيمة القانون (65).ونادراً ما يطبق القضاء الإداري في مصر المعاهدات باعتبارها مصدراً للمشروعية. ويمكن أن نشير إلى حكم مهم لمحكمة القضاء الإداري المصرية قضت فيه بعدم مشروعية قرار وزارة الثقافة بتركيب هرم ذهبي فوق قمة الأهرام نظراً لأن((تركيب أجزاء من أية مادة كانت تتضمن تغييراً ولو مؤقتاً للأثر التاريخي هو مخالفة واضحة لالتزامات مصر الدولية الناشئة عن اتفاقية حماية التـــراث الإنساني  العالمي , حتى ولو في الفرض الجدي , بأنه ليس من شأن ذلك المساس بكيان الأثر)) وتقرر المحكمة صراحةً أن هذه المعاهدة أصبحت بعد التصديق عليها ونشرها جزءاً لا يتجزأ من التشريع الوطني ومصدراً من مصادر المشروعية التي يتعين على الجهة الإدارية الالتزام بأحكامها والنزول على مقتضياتها (66). وفي العراق و الأردن فأن للمعاهدات قيمة القوانين العادية رغم عدم ورود نص على ذلك (67) .

إلا أن اعتبار المعاهدة مصدراً من مصادر المشروعية يثير بعض الصعوبات العملية ففي فرنسا أذا وجد القاضي الإداري أن في المعاهدة غموضاً فانه يحيل الأمر إلى وزارة الخارجية لغرض تقديم التفسير القانوني للمعاهدة. وعادة ما يكون هذا التفسير من اختصاص لجان مشتركة تمثل الدول المرتبطة بالمعاهدة. كما انه من المعلوم أن المعاهدة تهتم بالعلاقات الدولية وهذه قد يستولي عليها وصف أعمال السيادة وبالتالي تكون بنجوى   من الرقابة القضائية ولذلك جاء الدستور الفرنسي متحسباً لهذه الصعوبات فأعطى الحق لرئيس الجمهورية والوزير الأول ورئيسي مجلس البرلمان في حالة خروج المعاهدة على الدستور عرض الأمر على المجلــس الدستوري فإذا اقتنع الأخير بان المعاهدة تتضمن شرطاً مخالفاً للدستور فلا يعطي الإذن بالتصديق إلا بعد تعديل الدستور (68)   

رابعاً :- اللوائـــــح  

تشارك السلطة الإدارية في الدولة السلطة التشريعية في عملية التشريع إضافة إلى وظيفتها الأصلية المتمثلة بتنفيذ التشريعات القائمة وإدارة وتنظيم المرافق العـــامة في الدولة (69) في صورة ما يسمى اصطلاحاً باللوائح الإدارية التي تعني : ( كل تصرف تنظيمي صادر من السلطة التنفيذية عند ممارستها للنشاط الإداري  (70) ) وأصبحت هذه التشريعات الفرعية تشكل جزءاً مهماً في مجموعة القواعد القانونية المكونة للنظام القانوني في الدولة واحتلت المرتبة الثالثة بعد التشريعات الدستورية و العادية في تسلسل مصادر المشروعية وعليه يتحتم على كافة الهيئات في الدولة متابعة أحكامها في التطبيق على الحالات التي تنظمها (71) والقواعد الواردة في اللوائح هي قواعد عامة موضوعية تسري على جميع الأفراد الذين تنطبق عليهم الشروط التي وردت في اللائحة  (72)  ولقد قيل بأن القرارات التنظيمية أعمال قانونية مُّشرعة استناداً إلى المعيار الموضوعي الذي يعتمد طبيعة العمل القانوني للتمييز بين الأعمال القانونية الصادرة من سلطات الدولة المختلفة إلا أن ذلك لا يعني أن التشريعات الفرعية بمرتبة التشريعـــات العادية لأن الأخيرة أقوى من الأولى لصدورها من السلطة المختصة بالتشريع- وفق أحكام الدستور- ولأنها أكثر شمولاً وتجريداً من اللوائح الإدارية (73)   هذا وان بالاستناد إلى المعيــار الموضوعي - الذي نعتمده في دراستنا – تعتبر اللوائح قرارات إدارية لصدورها من السلطة الإدارية وبما أنها تتضمن قواعد قانونية عامة فقد سميت بالقرارات الإدارية التنظيمية تمييزاً لها عن القرارات الإدارية الفردية التي تتضمن مركزاً قانونياً فردياً (74).

واللوائح الإدارية أنواع مختلفة منها اللوائح التنفيذية وهي ما يصدر عن الإدارة من قواعد تنظيمية تكون مرتبطة بالقانون وغايتها تكون تنفيذ أحكامه. و اللوائح التنظيمية والتي تكون مستقلة عن القانون كما في لوائح الضبط واللوائح المنظمة للمرافق العامة . واللوائح التفويضية ولوائح الضرورة. ومهما تنوعت اللوائح الإدارية فأنها تعتبر مصدراً لمشروعية القرار الإداري الفردي والإدارة ملزمة بالخضوع لأحكامها فيما تصدره من قرارات وبعكسه يعتبر القرار غير مشروع مشوباً بعيب مخالفة القانون في محله مستحقاً الإلغاء وطلب التعويض عن الأضرار التي سببها للغير (75) .

والتدرج لا يكون بين الدستور والقوانين واللوائح فحسب, بل يجب أن يُراعى بين اللوائح المختلفة بحيث تكون اللائحة الصادرة من السلطة الدنيا في حدود اللائحة الصادرة من السلطة العليا. وتحرص المحكمة الإدارية العليا في مصر على ترديد هذه القاعدة ففي حكم لها صادر في10/11/1956 تعلن انه (من المسلمات في فقه القانون انه إذا صدرت قاعدة تنظيمية عامة بأداة من درجة معينة فلا يجوز إلغاؤها أو تعديلها إلا بأداة من ذات الدرجة أو من درجة أعلى) (76) .  

ويجب على الإدارة احترام القرارات اللائحية بمناسبة تطبيقها على الحالات الخاصة غير أن مخالفة اللوائح لا تعتبر في جميع الأحوال مخالفـة للمشروعية . ويرجع ذلك إلى أن اللائحة يجب أن تكون مشروعة, لأن رفض تطبيق لائحة غير مشروعة يكون مشروعاً (77) . والقاعدة أن اللائحة تنفذ بمجرد صدورها ممن يملكها بعكس القوانين التي يُشترط نشرها لنفاذها (78)      وبالنسبة لما يتعلق ببدء تطبيق أحكام القرارات التنظيمية , فالقاعدة العامة هي أن هذه القرارات تطبق بأثر حال مباشرةً ولا تسري على الماضي ولا يكون لها اثر رجعي,  غير إن هنالك بعض الاستثناءات على هذه القاعدة العامة تنحصر فيما يأتي :-

  1. أن يرد نص في القانون يجيز تطبيق القرار التنظيمي بأثر رجعي.
  2. أن يكون القرار التنظيمي صادراً بقصد تفسير قرار سابق.

3-    أن يكون القرار التنظيمي صادراً تنفيذاً لحكم قضائي بإلغاء قرار أو قرارات إدارية وقعت مخالفة للقانون , لما يترتب على الإلغاء من اثر في الحوادث السابقة (79)  

المطلب الثاني

مصادر القاعدة القانونية غير المكتوبة

إذا كانت الإدارة ملزمة على نحو ما رأينا باحترام القواعد القانونية المكتوبة , فيما تصدره من قرارات إدارية فأنها ملزمة أيضاً وبنفس الدرجة باحترام القواعد القانونية غير المكتوبة , لأن النظام القانوني في الدولة لا يقتصر على القواعد القانونية المكتوبة فقط وإنما يتضمن إلى جانب ذلك قواعد قانونية غير مكتوبة يتحتم على القرار موافقته لها موضوعياً حتى يتصف بالمشروعية وبعكسه يظهر القرار الإداري معيباً بعيب مخالفة القانون .

ومن أهم القواعد القانونية غير المكتوبة : العرف و المبادئ العامة للقانون     

أولاً :- العــــــــرف  

يُعتبر مصدراً للمشروعية ويأتي بمرتبة ثانية بعد التشريع وهو إما أن يكون دستورياً أو قانونياً أو إدارياً والذي يعنينا من أنواع العرف في مجال دراستنا هو العرف الإداري وهو ما جرت السلطة الإدارية على إتباعه من قواعد في مباشرة وظيفتها بصدد حالة معينة بالذات دون أن يكون لهذه القواعد سند من النصوص التشريعية. وينشأ العرف الإداري من استمرار الإدارة على الالتزام بهذه الأوضاع و السير على سنتها في ممارسة نشاطها بحيث تصبح هذه الأوضاع بمثابة القاعدة القانونية واجبة الإتباع (80)

وبناءً على ذلك تعتبر هذه القاعدة عُرفاً مُلزماً لجهة الإدارة وتعتبر مخالفتها مخالفة لمبدأ المشروعية تؤدي إلى الحكم ببطلان القرار الإداري الذي خالف العرف (81)  ومن أحكام مجلس الدولة المصري في هذا الصدد حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 24/6/1953 والذي جاء فيه (( انه وان كان العرف الإداري هو بمنزلة القاعدة القانونية بحيث تعتبر مخالفة هذا العرف مخالفة للقانون إلا انه يجب أن يكون العرف الإداري ثابتاً ومستقراً كأن تكون الإدارة قد سارت على سنن معينة باطراد المدة الكافية والتزمت به دائماً وطبقته في جميع الحالات الفردية ويجب من ناحية ثانية ألا يخالف العرف قاعدة مكتوبة )) (82) .

ولكي ينشأ العرف الإداري يجب أن يقوم على عنصرين عنصر مادي وعنصر نفسي أو معنوي :

ويعني العنصر المادي تكراراً مستديماً لسلوك معين عام وثابت ومنتظم – سلبياً كان أم ايجابياً- في خلال فترة زمنية طويلة نسبياً . فالسلوك المتباعد غير المستقر و المتقطع أو المنفرد لا ينهض دليلاً على قيام العرف (83)  .

أما العنصر المعنوي فيتمثل في شعور أطراف العلاقة القانونية التي تحكمها القاعدة العرفية بأن هذه القاعدة ملزمة لهم أي هو وجود اعتقاد أو أيمان بالصفة الملزمة لذلك السلوك ونزوله في ضمير الجماعة – الأفراد والسلطات- منزلة القاعدة القانونية الملزمة بحيث يعتبر الخروج عليها ومخالفتها إهداراً لمبدأ المشروعية , يستحق الجزاء الذي يترتب على مخالفة قاعدة قانونية ملزمة (84)  .

ويشترط لاعتبار العرف مصدراً من مصادر المشروعية ملزماً للإدارة أن يتوفر شرطان  

الشرط الأول :- أن يكون العرف عاماً وان تطبقه الإدارة بصفة دائمة وبصورة منتظمة,  فإذا اُغفل هذا الشرط فلا يرتفع العمل الذي جرت على مقتضاه الإدارة إلى مستوى العرف الملزم لها (85)  .

والشرط الثاني :- ألا يكون العرف قد نشأ مخالفاً لنص قائم (86)

وعلى ذلك فأن اطراد العمل على مخالفة القانون لا يسبغ الشرعية على هذه المخالفة بل يظل رغم ذلك انحرافاً يجب تقويمه. كما أن من المُســـلم به أن العرف لا يجوز أن يخالف نصاً آمراً. والنصوص الإدارية جميعها قواعد آمرة لا يستساغ أن ينشأ عرف على خلافها (87) .وبالمثل فأن العرف لا يعتد به أذا كان ناشئاً عن خطأ في فهم القانون (88).  ويعترف القضاء الأردني للعرف الإداري بالقوة القانونية الملزمة باعتباره مصدراً من مصادر المشروعية وقد عبرت عن ذلك محكمة التمييز الأردنية (( من القواعد القانونية الفقهية المقررة انه إذا استنت إحدى السلطات قاعدة أو جرت على إتباعها في موضوع معين كانت حرة فيه بسبب سكوت القانون والنظام عن بيان ذلك الموضوع وبناءً على ذلك يتحتم عليها مراعاة هذه القاعدة في التطبيقات الفردية لأنها تصبح في حكم القاعدة القانونية وذلك سواء أكان منشأ هذه القاعدة تعليمات مكتوبة أم مجرد العرف غير المسطور . وفي مثل هذه الحالة يباح لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالقاعدة المتعارف عليها تمسكه بالقانون)) (89) .

 

والعرف الإداري أدنى مرتبة من القانون ولا يجوز أن يخالف نصاً آمراً من نصوص القانون فإذا لم يخالف العرف نصاً آمراً يعمل به غير أن اطراد الإدارة على قاعدة معينة لا يعني بالضرورة قيام عرف بوجوب إتباعها إذا تبين من ظروف الحال أن الإدارة اتبعت القاعدة فترة من الزمن لابقصد إلزام نفسها بإتباعها وإنما بقصد التساهل في تطبيق أحكام القانون (90) .

والتزام الإدارة باحترام قواعد العرف الإداري التي أنشأتها لا يستتبع أبدية هذه القواعد بل أن من حق الإدارة بلا نزاع تعديل ذلك العرف أو العدول عنه نهائياً كلما اقتضت ذلك دواعي التطور وصالح العمل الإداري .      

 فإذا ما أقدمت الإدارة على مخالفة عرف سائد وكان ذلك بقصد العدول عن العرف المذكور. وإنشاء قاعدة جديدة تحل محل القاعدة السابقة فلا يعتبر تصرف الإدارة في هذه الحالة معيباً ما دامت تهدف بتصرفها الجديد إلى العدول النهائي عن العرف القديم (91)

ويترتب على ذلك أن حق الأفراد في التمسك بتطبيق إحدى قواعد العرف الإداري هو حق مرتبط بسريان هذه القاعدة واستمرار الإدارة في الالتزام بمقتضاها, وليس للإدارة أن ترفض تطبيق العرف الساري بصدد حالة من الحالات بحجة أنها بصدد تعديله ثم تقرر بعد ذلك الأخذ به في حالة أخرى, إذ يعد تصرفها على هذا النحو مخالفـاً لمــبدأ المشروعية (92) .

ومن الجدير بالذكر إن إثبات وجود قاعدة عرفية مسألة تكتنفها صعوبات نظراً لأن العرف غير مكتوب إلا أن للقضاء سلطة تقديرية واسعة في إثباته فقد يستشفه من سلسلة من الأعمال التي تقوم بها الإدارة في مواجهة حالات مماثلة وقد يكون للعرف الإداري أصل كتابي كأن تضع الإدارة مشروع لائحة ثم تلتزمها فتصبح اللائحة بمثابة عرف حتى تصدرها الإدارة (93) .

وينصح الفقهاء بتدوين الأعراف في مجموعات خاصة لتسهيل عبء الإثبات على المتقاضين (94)  وإذا كان عبء إثبات وجود القاعدة العرفية يقع على عاتق من يدعي وجودها, فأن القضاء يقبل أي وسيلة لإثبات وجود العرف. فيمكن إثبات وجود العرف بالاستناد إلى المجموعات العامة أو الخاصة التي تدون الأعراف كما يمكن الاستناد إلى شهادة الشهود أو أراء الخبراء أو الشهادة المكتوبة من أشخاص أو منظمات مختصة بالموضوع (95) .وإذا كان القضاء الإداري المصري والأردني قد اعترف بالعرف مصدراً من مصادر المشروعية فنحن نرى اطراد الحكم نفسه في العراق واعتبار العرف الإداري مصدراً لمشروعية القرار الإداري . ومن ثم لا يجوز للقرار الإداري الفردي مخالفة قاعدة عرفية إدارية ومن الأمثلة على العرف الإداري في العراق ( الطريقة التي تجري عليها ضريبة الدخل في معرفة مصادر الدخل للمكلف في منطقة معينة , والطريقة التي تتبعها دائرة ضريبة العقار لمعرفة إيراد العقار الحقيقي أو المعقول من اجل فرض الضريبة على أساسه) (96) . وعليه فلا يجوز للإدارة في العراق مخالفة مضمون القاعدة العرفية التي التزمت بها في هذا الشأن بقرار إداري وان فعلت ذلك يكون قرارها مشوباً بعيب مخالفة القانون في محله (97) .

وخلاصة القول أن القرار الإداري يجب أن يلتزم بمضمون وفحوى القاعدة العرفية وبعكسه إذا رتب القرار أثراً قانونياً مخالفاً لعرف قائم يكون محله غير مشروع.

ثانياً :- المبــادئ العامــة للقانــون  

إن الرأي مستقر لدى الفقه والقضاء على انه يوجد بجانب القانون الوضعي المتمثل بالدستور والتشريع واللوائح قانون أخر مصدره المبادئ العامة للقانون وهي إلى جانب قواعد العرف قواعد قانونية غير مكتوبة (98)  , تلتزم بها السلطات العامة طالما لم يرد في القانون الوضعي ما يلغيها أو يعطل نفاذها  (99)

وعليه فالنشاط الإداري للسلطة الإدارية الذي تمارسه عن طريق القرارات الإدارية يجب أن لا يتضمن ما يخالف المبدأ القانوني العام ولذلك قيل ( تفرض المحاكم الإداريـة على الإدارة رقابة لاتقف عند التطبيق الحرفي للنصوص بل تتعداه إلى تقرير قواعد عامة تستمدها بطرق مختلفة ) (100)  

والمبادئ العامة للقانون هي مجموعة قواعد قانونية لم يصدرها المشرع وإنما ابتدعها القاضي الإداري منزلاً أحكامها على النزاع المطروح أمامه والذي لا يجد له نصاً تشريعياً مستنبطاً أحكامها من المقومات الأساسية للدولة والتنظيم القانوني فيها فهي بمثابة تعبير عن الإرادة الضمنية للمشرع (101) 

وقد يستنبطها القضاء من الاتجاهات العامة للتشريعات المختلفة في الدولة (102) .ومن ما يتعلق في ذهن وضمير الجماعة من مبادئ وقواعد أساسية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاعتبارات والظروف الاجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية التي تسود المجتمع  (103) ومن مقدمات الدساتير وإعلانات الحقوق(104) .ومن مبادئ العدالة الطبيعية (105) .إذاً فالقضاء عندما يقوم بالإعلان عن المبدأ العام لا يأتي به من عنده وإنما يقوم باستنباطه من مصادره المختلفة ليقوم بالكشف عنه وتقرير قوته القانونية الملزمة ومن ثم تطبيقه باعتباره جزءاً من قواعد القانون الوضعي ومصدراً للمشروعية  (106) . ولهذا قيل أن القضاء الإداري يقوم بدور أساسي في ابتداع هذه القواعد (107) بما للقضاء الإداري من دور إنشائي في خلق نظريات القانون الإداري. حيث يتميز القضاء الإداري عن القضاء المدني في انه ليس مجرد قضاء تطبيقي بل هو على الأغلب قضاء إنشائي  (108) . ورغم استقرار الفقه والقضاء الإداريين على أخذهما بنظرية – المبادئ القانونية العامة – باعتبارها مصدراً لمشروعية أعمال الإدارة, وما بذله مجلس الدولة الفرنسي من جهد في وضعها وتدعيم أسسها فعلى يده توثقت وتأكدت حتى سايره في ذلك معظم أقضية الدول العربية (109) منها القضاء المصري والليبي  (110) واللبناني  (111) والأردني (112)  وما قام به فقه القانون من محاولات بهدف تدعيم النظرية وتأصيلها على أسس ثابتة ورغم ذلك فليس للنظرية معيار جامع مانع عام وثابت يمكن عن طريقه تقسيم المبادئ إلى أنواع محددة بحيث يكون لكل مبدأ صنفه الذي ينتسب إليه (113) .

وتجدر الإشارة إلى أن معظم الدساتير قد تنص على هذه المبادئ القانونية ووجوب احترامها فأن فعلت أصبح النص عليها دستورياً وهذا يسهل رقابة القضاء الإداري ولا يلجأ القضاء إلى الاستنـاد على المبادئ العامة إلا حيث تأتي النصوص – الدستورية أو التشريعية- خالية من البحث فيها (114).

أما عن ماهية المبادئ القانونية العامة , فإذا كان من الصعب إعداد قائمة مفصلة تحتوي على جميع هذه المبادئ نظراً لتطورها واتساع نطاقها فأن من المفيد أن نتعرف على أهم هذه المبادئ من خلال القائمة الآتية:-

1/ مبدأ وجود حريات فردية لا يملك أن يقيدها إلا المشرع (115)  

2/ مبدأ المساواة (116)

والحقيقة أن الدستور العراقي وغيره من الدساتير وإعلانات الحقوق في العالم مدينة بشأن ما ورد فيها من نصوص حول مبدأ المساواة إلى ما قررته الشريعة الإسلامية بهذا الخصوص قبل حوالي 14 قرناً فلقد اعتبر القرآن الكريم المساواة بين الجميع في أصل الحقوق والواجبات حقاً طبيعياً مستحقاً بمقتضى الفطرة قال تعالى (( يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا * أن أكرمكم عند الله اتقاكم..)) (117)  

3/ مبدأ كفالة حق الدفاع (118)

4/ مبدأ الأصل هو الإباحة (119)  

5/ مبدأ منع الجمع بين العقوبات

6/ مبدأ وجود قضاء لرقابة مشروعية أعمال الإدارة (120)  

7/ مبدأ أن الأجر مقابل العمل (121)  

8/ مبدأ التزام الإدارة بأن تحترم القواعد المنطقية في تصرفاتها (122) .

9/ مبدأ ضرورة ضمان الإدارة لعمالها ضد الأحكام التي تصدر ضدهم حتى لو لم يوجد نص بهذا المبدأ  (123).

10/ مبدأ عدم جواز سحب القرار الصحيح (124) .

11/ مبدأ عدم جواز تصرف الإدارة في أموالها دون مقابل.

12/ مبدأ عدم جواز الإثراء على حساب الغير بلا سبب (125) .

13/ مبدأ حرية التجارة والصناعة (126).

14/ مبدأ ضرورة سير المرافق العامة بانتظام واطراد (127).

ورغم التسليم بالقوة القانونية للمبادئ القانونية العامة إلا أن الرأي مختلف حول درجة قوتها القانونية بين التشريعات القانونية المختلفة.

فقد كان الفقه والقضاء في فرنسا مستقرين قبل دستور 1958على أن القوة القانونية للمبادئ العامة مساوية لقوة التشريع غير أن القضاء الفرنسي كان شديد الاعتزاز ببعض المبادئ القانونية إلى درجة عدم إعمال النصوص التشريعية التي تخرج عليها. أما بعد صدور دستور 1958 فأن المشرع أعطى هذه المبادئ قيمة القواعد الدستورية  (128) .

 وفي مصر فأن الرأي متفق على أن المبادئ القانونية العامة لا تستطيع مخالفة القواعد القانونية المكتوبة بينما تملك القوانين العادية الصادرة من البرلمان الخروج عليها ونتيجة لذلك فأن القوة القانونية لهذه المبادئ أدنى من القوانين العادية (129) .

وفي الأردن فأنه إذا استنبط القضاء المبدأ القانوني العام من القواعد الدستورية العامة كان لهذا المبدأ القانوني العام قوة القواعد الدستورية وبالتالي تسمو هذه القاعدة على قواعد التشريع الأخرى وتكون ملزمة للمشرع ولرجل الإدارة أما إذا استنبط القاضي القاعدة القانونية العامة من الاتجاهات العامة للتشريع أو من مبادئ العدالة كان لهذه القاعدة القانونية قوة أدنى من قوة التشريع فهي لا تقيد المشرع وإنما تقيد رجل الإدارة (130) .

 

ونحن لا نؤيد هذا الاتجاه لأنه يؤدي إلى التفرقة بين المبادئ المستوحاة من الأصول الدستورية وبين تلك المستوحاة من روح التشريع العادي وفي ذلك إخلال بمبدأ وحدة وطبيعة المبادئ القانونية العامة.

ويرى الفقه العراقي أن للقضاء الإداري في العراق وقائع قضائية يظهر منها التزامه بمبادئ القانون العام مع ملاحظة أن التشريعات العراقية ( الدستورية و العادية ) تكاد تغطي معظم المبادئ وذلك في نصوصها المختلفة.

هذا ومن المبادئ العامة التي اقرها القضاء الإداري العراقي مبدأ ضرورة سير المرافق العامة بانتظام واطراد. ومن ذلك قرار لمحكمة التمييز العراقية (أن إخضاع الملتزم بإدارة المرفق العام واستغلاله لرقابة الإدارة ليس إلا إعمالا لمبدأ ضرورة سير المرافق العامة بانتظام واطراد)

ويرى الفقه عندنا أن المبادئ القانونية العامة في مركز متعادل مع التشريعات العادية ويقضي المنطق القانوني أن يؤخذ بالتشريع العادي –رغم كون المبادئ العامة أكثر عمومية وتجريداً منه- إذ يعتبر التشريع العادي (تشريعاً خاصاً بالنسبة لها) تطبيقاً لقاعدة (الخاص يقيد العام) (131) .

المطلب الثالث

مصادر أخرى للقاعدة القانونية

إلى جانب ما سبق دراسته من مصادر للقاعدة القانونية متفق من الفقه والقضاء على ضرورة التزام الإدارة بها. فأن هناك مصادر أخرى سنرى مدى التزام الإدارة بها وتتمثل في الأحكام القضائية والعقود الإدارية والمنشورات الداخلية وأخيرا القرارات الإدارية السابقة.

أولاً :- أحكام القضاء الحائزة على حجية الأمر المقضي به.

تلتزم الإدارة أيضا في ممارسة نشاطها الإداري باحترام كافة الأحكام القضائية النهائية (132). الصادرة من المحاكم الإدارية, أو الجنائية, أو المدنية (133)

والتزام الإدارة بهذه الأحكام هو لما لها من صفة هامة وهي (حجية الشيء المقضي به) ولحجية الشيء المقضي به معنيان شكلي وموضوعي.

 

 أما المعنى الشكلي فهو قوة الحقيقة القانونية التي يتمتع بها الحكم القضائي وتعني أن الحكم النهائي الصادر في أمر ما لا يمكن إعادة النظر فيه (134) . وهذا يعني قيام قرينة قانونية قاطعة مؤداها أن الإجراءات التي أدت إلى صدور الحكم سليمة من الناحية القانونية والحكم عنوان أو رمز الحقيقة القانونية وهذه القرينة ذات شقين قرينة الصحة وقرينة الحقيقة (135).

أما عن المعنى المادي لحجية الأمر المقضي به فيتعلق بتنفيذ الأحكام ذلك أن الأحكام واجبة التنفيذ, فإذا لم تنفذ تلقائياً فأنها تنفذ قهراً ويقع على عاتق السلطات العامة أن تتدخل باستعمال القوة عند الاقتضاء لصالح الشخص الذي حصل على حكم قضائي لصالحه.

وتخضع الإدارة لحجية الأمر المحكوم فيه بمعنييه الشكلي و الموضوعي.

 فمن الناحية الشكلية الإدارة ملزمة باحترام حجية الأمر المقضي به وذلك في الحالات التي تكون فيها الإدارة طرفاً في النزاع أو الحالات التي يكون فيها للحكم حجية مطلقة في مواجهة الكافة وتطبيقاً لهذه المبادئ فأن قضاء الإلغاء استقر على اعتبار خرق الإدارة لحجية الشيء المقضي به مساوياً تماماً لخروجها على التشريع كما وان عدم احترام الإدارة لحجية الأحكام القضائية يكون خطأ في جانب الإدارة يلزمها بدفع تعويض عن الأضرار التي تترتب عليه للغير.

وتخضع الإدارة لحجية الشيء المقضي به بمعناه الموضوعي بحيث يتعين على الإدارة أن تمد يد العون أي تضع القوة العامة تحت تصرف من صدر لصالحه حكم قضائي وهذه هي النتيجة الطبيعية للصيغة التنفيذية التي تذيل الأحكام القضائية .غير أن هذا المبدأ لا يطبق من الناحية العملية بشكل جامد فقد اظهر الواقع حالات يترتب فيها على تنفيذ الحكم القضائي تهديد السلم العام والأمن العام (136) .وهنا ذهب القضاء ابتداءً من صدور حكم ( كويتياس) الشهير في 30 نوفمبر سنة 1923 إلى انه يجب الموازنة بين المصلحة العامة ومصلحة الفرد فإذا كان تنفيذ الحكم القضائي لصالح السيد كويتياس من شأنه تعريض الأمن العام للخطر فللإدارة أن تمتنع عن التنفيذ غير أن هذا الامتناع يخل بمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة ولإعادة هذا التوازن المختــل يجب علـــى الإدارة أن تعوض السيد كويتياس عما أصابه من ضرر نتيجة امتناعها عن تنفيذ حكم قضائي مذيل بالصيغة التنفيذية.  (137) .

هذا وان الأحكام الإدارية تلزم الإدارة دائماً أيا كانت حجيتها باعتبارها طرفاً دائماً في الدعاوى الإدارية وهذه الحجية نسبية أي أنها مقصورة على إطراف النزاع الذي صدر فيه الحكم إلا أنها كون مطلقة يحتج بها على الكافة في الأحكام الصادرة بإلغاء القرارات الإدارية لأن حكم الإلغاء يؤدي إلى زوال القرار الإداري بأثر رجعي فلم يعد شيئًا مذكوراً (138) .

أما الأحكام المدنية فان لها حجية نسبية أي أن الالتزام بها لايمتد أثره إلى خارج أطرافها, ومن ثم فألا دارة لا تلتزم بمقتضى الحكم المدني النهائي إلا إذا كانت طرفاً في الدعوى المدنية التي صدر بشأنها الحكم (139)   , وبخلافه ينحصر واجب الإدارة قبلها في المعاونة على تنفيذها بالقوة الجبرية إذا طُلب إليها ذلك (140) .

وبالنسبة للأحكام الجنائية فرغم أن هذه الأحكام تصدر عن محاكم جنائية في جرائم مطبق في شأنها قانون العقوبات إلا انه توجد رابطة بينها وبين الإدارة إذا كانت الجريمة خطأً تأديبيا  (141) والأحكام الجنائية لها حجية مطلقة قبل الكافة وبالتالي تلتزم الإدارة بمراعاتها في تصرفاتها  (142) . وتجب الإشارة إلى أن الحكمة من تقرير مبدأ حجية الشيء المقضي به هي توفير الاستقرار للنظام القانوني للدولة وذلك بوضع حد للمنازعات فيصبح موضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم حائزاً على الحجية مانعاً لأي نزاع بشأنها في المستقبل. إن الحجية توجب على الإدارة وكذلك الأفراد احترام الحكم وتنفيذه أما إذا امتنعت الإدارة عن التنفيذ فأن ذلك يعد خرقاً لمبدأ حجية الشيء المقضي به.

هذا وان امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام القضائية يُعد قراراً إداريا سلبياً يجوز مهاجمته بدعوى الإلغاء وطلب التعويض عن الأضرار الناشئة عنه لأنه يصلح لإثارة المسؤولية الإدارية (143) .

إن مبدأ حجية الشيء المقضي به يطبق أساسا على منطوق الحكم أي على القرار الذي يصدر من المحكمة مثلاً أن القرار الإداري الصادر من وزارة كذا باطل ويتعين إلغاؤه ويترتب على ذلك أن هذه الحجية لا تنسحب على حيثيات الحكم أو الأسباب والأسانيد التي اعتمد عليها الحكم إلا إذا كانت هذه الحيثيات مرتبطة بالمنطوق اشد الارتباط  (144).

والدفع بعدم احترام الإدارة لحجية الأحكام غير متعلق بالنظام العام , وبالتالي لايملك القاضي إثارته من تلقاء نفسه إذا لم يتمسك به الخصوم (145) .

وأخيرا يجب التنبيه إلى أن الفقه قد انقسم بشأن مدى استقلالية الأحكام القضائية من حيث كونها مصدراً من مصادر المشروعية الملزمة للإدارة :-

فجانب من الفقه يعتبر أحكام القضاء الحائزة على قوة الشيء المقضي فيه مصدراً مستقلاً من مصادر المشروعية الملزمة لجانب الإدارة (146) .

وجانب يرى أن الأحكام القضائية مصدر تفسيري يقدم التفسير الصحيح للقاعدة القانونية بحيث يؤدي إلى وضوحها وجلاء غموضها وبالتالي إمكان تطبيقها على الواقع (147) .

والجانب الأخير من الفقه يرى وبحق أن الأحكام القضائية وان كانت مصدراً من مصادر التزام الإدارة إلا أنها ليست بذاتها عنصراً من عناصر المشروعية بالمعنى الدقيق لأن هذه العناصر تقتصر على القواعد العامة المجردة وهذا الوصف لا ينطبق على الأحكام القضائية فهي لا تنشئ قواعد قانونية عامة أو مراكز قانونية عامة .

وان الذي يعتبر عنصراً من عناصر المشروعية في هذا المجال هو مبدأ احترام حجية الشيء المقضي به وعلى هذا الأساس تعد الأحكام القضائية احد تطبيقات المبادئ العامة للقانون التي تعتبر بحق مصدراً من مصادر المشروعية (148) .

ثانياً:- القرارات الإدارية السابقة

يتوقف مدى التزام الإدارة بقراراتها السابقة على الأثر المتولد عن تلك القرارات (149)  فمن المسلم به في فقه القانون العام , أن الإدارة إذا أصدرت قرارات إداريـة فردية وترتب عليها مراكز قانونية ذاتية – أو حقوق مكتسبة – فأن الإدارة لا تملك المساس بتلك المراكز بقرارات لاحقة وإلا اعتبرت قراراتها الجديدة مخالفة للقانون ومتعين إلغاؤها. ومن أحكام مجلس الدولة المصري بهذا الصدد(( مما لاريب فيه أن السلطة التنفيذية تملك بغير معقب عليها من السلطة التشريعية وفي حدود السلطات المخولة لها طبقاً للقوانين واللوائح إصدار قرارات تنشئ بها مراكز فردية لموظفيها يكسبون بها حقوقاً لا يجوز المساس بها )) (150)  حيث لا يجوز المساس بتلك المراكز إلا بقانون يُنص فيه على ذلك بنص خاص (151).

 وبعكس ما تقدم فإذا ما ترتب على القرار نشأة مركز قانوني عام وهو المركز الذي تنشئهُ القرارات اللائحية (التنظيمية) فأن باستطاعة الإدارة إصدار لوائح جديدة بنفس قوة اللوائح القديمة (152)  أي انه يجوز تغيير المراكز العامة في أي وقت بحيث يسري عليها القانون أو القرار التنظيمي الجديد (153).

وقد ذهب بعض الفقه بحق إلى أن استقرار المراكز القانونية الذاتية أو الفردية لايعني جمودها المطلق, ولكنه ينحصر في عدم المساس بها إلا في الحدود التي يسمح بها القانون  (154).

فالقرار الصادر بالترخيص لأحد الأفراد باستعمال جزء من المال العام استعمالاً خاصاً يجوز إلغاؤه إذا ما جدت ظروف تجعل هذا الاستعمال الخاص منافياً للغرض الذي من اجله خصص المال. وبمعنى أدق فأن سلطة الإدارة في المساس بالمراكز القانونية الخاصة هي سلطة مقيدة, لا تتم إلا في الأحوال المقررة قانوناً , وعن طريق قرار إداري مضاد مستوفٍ للشروط القانونية (155) . هذا من جانب ومن جانب أخر فان بعض الفقه يرى أن القرارات الإدارية السابقة لا تمثل قواعد قانونية بالمعنى الدقيق لأنها تفقد أهم خصائصها وهي قاعدة العمومية والتجريد (156) كما أن قبول دعوى الإلغاء في حالة مخالفة قرار إداري سابق يرجع في المقام الأول إلى مخالفة قواعد قانونية أخرى . فإذا ما أصدرت الإدارة قرارات منشئة للحقوق ثم قامت بسحبها بقرارات لاحقة فأن عدم المشروعية –بحسب هذا الرأي- يرجع إلى مخالفة مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية واحترام الحقوق المكتسبة واستقرار الأوضاع القانونية فالأمر هنا يتعلق بمبادئ قانونية عامة, وبالتالي فأن مخالفة قرار أداري فردي لا تشكل مخالفة للقانون (157) .

ونحن نرى أن هذا الرأي مبالغ فيه لأنه لا يستوي والمنطق القانوني السليم القول بأن مخالفة قرار إداري فردي لا تشكل مخالفة للقانون لأنه في هذه الحالة سيسمح للإدارة بالتعسف.

ثالثاً:- العـقــــود الإداريــة

تعتبر العقود الإدارية عنصراً انتقالياً بين عناصر المشروعية التي تُفرض على الإدارة من خارجها (الدستور والتشريع والمبادئ القانونية) وبين عناصر المشروعية التي تخضع لها الإدارة مع أنها من صنعها وهي (القرارات الإدارية واللوائح) (158)  

وأيضاً فقد اختلف الفقه بالنسبة إلى اعتبار العقود الإدارية مصدراً لمشروعية القرارات الإدارية بالنسبة للإدارة فإذا ما أصدرت الإدارة قراراً إداريا خالفت فيه شروط عقد قد أبرمته فهل يعتبر القرار مخالفاً للقانون ؟

 ذهب جانب من الفقه إلى أن العقود الإدارية تولد حقوقاً وكل قرار إداري يمس بها يعتبر قراراً باطلاً (159). ويفرقون هنا بين أطراف العقد وبين الغير.

فبالنسبة لأطراف العقد فأن القاعدة العامة في هذا الشأن تقرر بأن مخالفة شروط العقود الإدارية لاتعد مخالفة للقانون (160) . فلا يجوز لأفراد العقد الطعن بالإلغاء في أي قرار إداري مستندين إلى حقوقهم الناشئة عن العقد بل يجب عليهم في ذلك أن يلجأوا إلى قاضي العقد تطبيقاً لقواعد الاختصاص . وان كان البعض يرى ذلك إعمالا لقاعدة طريق الطعن الموازي. ويستوي في ذلك أن تكون الحقوق التي يستند إليها المتعاقد والتي تولدت عن العقد , سابقة على إبرام العقد لاتصالها بانعقاده وصحته, أو لاحقة عليه كتلك التي تتعلق بتنفيذه أو انقضائه أو تصفيته (161)  

ويرى الأستاذ محمود محمد حافظ أن الأساس الحقيقي لعدم قبول دعوى الإلغاء في هذه الحالة أن القانون جعل هذه الدعوى جزاءً لمخالفة القواعد القانونية العامة ولم يقصد بها حماية المراكز القانونية الفردية أو الحقوق الشخصية (162)  . وغني عن البيان أن للمتعاقد مع الإدارة أن يطلب إلغاء أي قرار إداري يشاء إذا استوفى شرط المصلحة كسائر المواطنين ولكن الممنوع عليه هو أن يستند إلى حقوقه التعاقدية توصلاً إلى هذا الإلغاء (163).

أما بالنسبة إلى غير المتعاقدين فأنه يجوز لهم الطعن بإلغاء القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد وذلك على أساس عدم جواز الاحتجاج قبلهـم بقاعدة الطعن الموازي (164) .فلا يجوز لهم الالتجاء إلى قاضي العقد وبالتالي يجوز لكل منهم الطعن بإلغاء القرارات الإدارية, لا فرق في ذلك بين القرارات السابقة على العقد والتي أدت إلى إبرامه, كالقرارات الصادرة بوضع شروط المناقصة أو المزايدة, وقرارات لجنة فحص العطاءات, وقرارات لجنة البت, والقرار الصادر بإرساء المناقصة أو المزايدة. فهذه القرارات منفصلة عن العقد وغاية الأمر أنها تؤدي إلى تكوينه ومن ثم ينعقد الاختصاص في شأنها لقاضي الإلغاء (165).

 ولهذا فأن مجلس الدولة الفرنسي يسمح لهم برفع دعوى الإلغاء مع الاستناد في طلب الإلغاء إلى الشروط الواردة في العقود الإدارية . وليس المقصود هنا حق الأفراد في طلب إلغاء القرارات الإدارية التي تسهم في تكوين العقد الإداري مما يقرر القضاء الإداري فصله عن العملية المركبة . ولكن المُراد أن يستند بعض الأفراد –من غير المتعاقدين- إلى شروط واردة في عقد إداري توصلاً إلى إلغاء قرار معين . وهذا لا يثور إلا بالنسبة للشروط اللائحية التي ترد في العقود الإدارية (166) .فإذا خالف المتعاقد مع الإدارة شروط العقد مما يؤدي إلى الإضرار بالمستفيدين منه فقد انتهى مجلس الدولة الفرنسي إلى اعتبار هذه الشروط بمثابة قانون أو لائحة ومخالفتها إنما تعد مخالفة للقانون ومن ثم فأن الأفراد يستطيعون الاستناد إليها واستعمال الطعن بالإلغاء ضد القرارات الإدارية التي تجاهلتها(167) .فبالنسبة لعقد الامتياز توجد به شروط لائحية تبين كيفية أداء الخدمة . فإذا ما اخل صاحب الامتياز بأحد تلك الشروط فأن للمنتفعين بالمرفق الذي يُدار بطريق الامتياز حق اللجوء للإدارة بطلب لإصدار قرار تدفع به المتعاقد معها على الوفاء بالتزاماته التعاقدية , فإذا تقاعست الإدارة عن التدخل برفضه صراحةً أو ضمناً كان بوسع المنتفعين اللجوء إلى القضاء لإلغاء قرار الإدارة بالرفض باعتباره قراراً مخالفاً للقانون , حيث اعتبر مجلس الدولة الفرنسي شروط التعاقد بمثابة قانون أو لائحة  (168).

ورغم أن الإدارة ملزمة بتنفيذ التزاماتها التعاقدية بصورة جامدة في العقود المدنية التي تبرمها وبصورة مرنة في العقود الإدارية. إلا أن جانباً من الفقه (169) لايعتبر العقود الإدارية احد مصادر المشروعية ويبرر هذا بسببين:

السبب الأول :- هو أن العقد ينتج آثاره في مواجهة طرفي العقد وبالتالي فأنه لا يعتبر ذا طابع موضوعي يمكن الاحتجاج به في مواجهة الكافة كما هو الحال بالنسبة للقانون.

والسبب الثاني :- يرجع إلى طبيعة تنظيم القضاء الإداري التي لا تسمح للمتقاضي بطلب إلغاء عمل إداري استناداً إلى مخالفته لالتزام ناشئ عن عقد إداري , كما لاتسمح بإلغاء عقد إداري.

ونحن نرى فيما يتعلق بعدم مشروعية القرارات الفردية الصادرة بالمخالفة لشروط العقد الإداري أن مرجع الأمر هو الطبيعة اللائحية لهذه الشروط, والتي تستجمع خصائص القاعدة القانونية من عمومية وتجريد, أما الشروط التعاقدية فأنها لا تكون محلاً للطعن بالإلغاء لأنها لا تستجمع خصائص القاعدة القانونية وذلك خلافاً للشروط اللائحية التي أصبحت تقبل الطعن بالإلغاء مباشرةً.

رابعاً:- إجراءات التنظيــم الداخـــلي  

إجراءات التنظيم الداخلي كالمنشورات والتعليمات المصلحية يقصد بها تلك الإجراءات التي يصدرها الرئيس الإداري إلى مرؤوسيه بقصد تنظيم العمل وضمان حسن سيره داخل المرفق ذاته بحيث لا تتعدى هذا المحيـط الداخلي. كأن تصدر السلطة الإدارية المختصة منشورات أو تعليمات داخلية تتضمن قواعد وشروط سير العمل الداخلي التي لم يرد لها ذكر في نصوص القوانين واللوائح((170).وقد اختلف الفقه في أمر هذه الإجراءات التنظيمية الداخلية فيما إذا كانت تعتبر مصدراً للمشروعية بحيث لا يحق للسلطة الإدارية إصدار قرارات مخالفة للقواعد التنظيمية الداخلية السابق تقريرها في المنشورات والتعليمات المصلحية بحيث يستند إلى مخالفتها في طلب إلغاء القرارات الإدارية أم لا ؟ (171)

مما لاشك فيه أن الموظف الذي يتجاهل ما تتضمنه المنشورات والتعليمات من قواعد يُعد مرتكباً لخطأ يبرر توقيع جزاء تأديبي عليه , ولكن هل يعتبر قراره مخالفاً للقانون؟

استبعد البعض إجراءات التنظيم الداخلي للإدارات من الخضوع لرقابة الإلغاء كأصل عام , على أساس أنها لا تقبل الطعن بالإلغاء بطبيعتها (172) .ذلك أن هذه الإجراءات تعمل على تنظيم وحسن سير العمل داخل المرافق العامة, وظهر رأي ينادي باعتبار القواعد التي تتضمنها المنشورات والتعليمات مصدراً من مصادر المشروعية بالنسبة للموظفين الذين يعملون داخل الإدارة بأن يتعين عليهم احترام المنشورات والتعليمات الصادرة في مواجهتهم وبالتالي إمكان الاحتجاج بها قبلهم (173) . حيث تعتبر هذه القواعد قانوناً خاصاً لهم داخل قانون الدولة. ويترتب على ذلك انه يحق للموظفين الموجهة إليهم هذه المنشورات والتعليمات أن يطعنوا في القرارات الإدارية المخالفة لها, بواسطة الطعن بسبب تجاوز السلطة (دعوى الإلغاء) (174) . أما بالنسبة للأفراد غير هؤلاء الموظفين فأن القواعد التي تتضمنها المنشورات و التعليمات لا تعتبر قواعد قانونية ملزمة ولا موجهة إليهم ولأيمكن بالتالي الاحتجاج بها قبلهم فلا تعتبر مصدراً من مصادر المشروعية بالنسبة لهؤلاء الأفراد ومن ثم لا يجوز لهم الطعن بالقرارات الإدارية التي تخالف هذه القواعد ذلك إنها لا تنتج أثاراً قانونية إلا داخل الإدارة ذاتها لا خارجها (175). كما نادى رأي أخر بحق انه تعتبر هذه المنشورات الداخلية من قبيل مصادر المشروعية التي تحترمها الإدارة أثناء مباشرة نشاطها الإداري . في حالتين إذا كانت الإدارة قد اطردت على السير على مضمون هذه المنشورات بحيث تحولت إلى عرف إداري فهنا تلتزم الإدارة باحترام هذه المنشورات لا باعتبارها مصدراً للقاعدة القانونية , ولكن لكونها عُرفاً إدارياً تلتزم الإدارة بأحكامه باعتباره مصدراً للمشروعية على نحو ما رأينا.

وقد تكون المنشورات الداخلية ذات طبيعة لائحية . وهذه تلتزم بها الإدارة بحيث يقع باطلا كل قرار تصدره الإدارة بالمخالفة لها . حيث أن الإدارة ملزمة بعدم مخالفة اللوائح الإدارية لأنها تأخذ حكم القانون (176) على نحو ما رأينا.

لذا يمكننا القول أن المنشورات الداخلية لا تقيد الإدارة إلا إذا كانت منشورات لائحية أو تحولت إلى عرف إداري إذا توافرت شروطه فيها , أما عن مصادر مبدأ المشروعية في الشريعة الإسلامية فمعلوم أن هناك مصادر أصلية ومصادر تبعية فالأولى تشمل القرآن والسنة النبوية

والثانية تشمل مصادر متفق عليها كالإجماع و القياس ومصادر مُختلف عليها كالعرف والاستحسان والاستصحاب وقول الصحابي (177). ونحيل بشأن هذه المصادر إلى الكتب الفقهية.     

____________________

1- نصت المادة ( 10 ) من قانون مجلس الدولة المصري رقم  (47 ) لسنة ( 1972 ) على مخالفة القوانين أو اللوائح

2-  المادة 7 /ثانياً /هـ/ من قانون مجلس شورى الدولة رقم ( 65  ) لسنة ( 1979 )  المعدل (( يعتبر من أسباب الطعن بوجه خاص ما يأتي 1- أن يتضمن الأمر أو القرار خرقاً أو مخالفة للقانون أو الأنظمة أو التعليمات ))

3-  المادة ( 10 ) الفقرة ب من قانون محكمة العدل العليا  في الأردن  رقم ( 12 ) لسنة ( 1992 ) على انه : تقام الدعوى على من اصدر القرار المطعون فيه, ويشترط أن تستند الدعوى على سبب أو أكثر من الأسباب التالية :

ب- مخالفة الدستور أو القوانين أو الأنظمة أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها

4-  د. محمد علي آل ياسين / القانون الإداري ( المبادئ العامة في نظرية المرفق العام و الضبط الإداري , القضاء الإداري ) / المكتبة التراثية للطباعة و النشر / 1973 / ص 308

5-  د. فؤاد العطار / القضاء الإداري / ( دراسة مقارنة لأصول رقابة القضاء لأعمال الإدارة و عمالها و مدى تطبيقها في القانون الوضعي ) / دار النهضة العربية /1962-1963 /ص 560

و انظر كذلك د. عبد المجيد عبد الحفيظ سليمان / قضاء المنازعات الإدارية / مطبعة النسر الذهبي / القاهرة / 1985 / ص 159

6-  Georges Vedel : La soumission de I,administration a la Ioi; Le Cairo , 1952 , P 791                                                                                                              

7- Andre de Laubadere : Traite de droit administratif -. op .cit , P 432                              

8-  د. علي خطار شنطاوي / موسوعة القضاء الإداري / الجزء الثاني / دار الثقافة للنشر و التوزيع / عمان / 2004 / ص 805

9-  فهد بن محمد عبد العزيز الدغيثر / رقابة القضاء على قرارات الإدارة / مطبعة النهرين العربية  /  القاهرة / 1992/ ص 282

10-  وجدير بالإشارة إلى انه قد كانت الكثير من عيوب القرار الإداري سابقاً تندرج تحت المعنى الواسع لمصطلح ( مخالفة القانون ) ولكن انفصلت تلك العيوب واحداً تلو الأخر وصارت مخالفة القانون تتمثل في الموضوع الذي ينصب عليه القرار فقط . د. محمود خلف الجبوري / القضاء الإداري / مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع /عمان/ 1998 / ص 106

11-  د. سليمان محمد الطماوي / القضاء الإداري ( قضاء الإلغاء) / الكتاب الأول / دار الفكر العربي/ القاهرة /1967 / ص 835

12-  د. محمود محمد حافظ / القضاء الإداري / الطبعة السابعة / دار النهضة العربية/  القاهرة /1979

  ص 567 و كذلك  د. عبد الغني بسيوني عبد الله / ولاية القضاء الإداري على إعمال الإدارة    (قضاء الإلغاء  )/ منشأة المعارف  / الإسكندرية /1983 / ص 619

13-  انظر ما قبله ص  32 من هذه الرسالة

14-  د. سعاد الشرقاوي / قضاء الإلغاء و قضاء التعويض / دار النهضة العربية  / ص 87

 15-  J. M. Auby et , R . Drago : Traite de contentious administratifs . Paris .L .G D .J . 1984 . P 1222

16-  د. محمود عاطف البنا / الوسيط في القضاء الإداري ( قضاء الإلغاء و قضاء التعويض ) / دار الفكر العربي / 1988 / ص 393

17-  د. سامي جمال الدين / الرقابة على أعمال الإدارة ( القضاء الإداري )/ منشأة المعارف / الإسكندرية  /ص 287

18-  د. محسن خليل / قضاء الإلغاء / دار المطبوعات الجامعية / الإسكندرية / 1989 / ص 169

19-  د. ثروت بدوي / النظم السياسية / دار النهضة العربية / بيروت/1972 / ص 175

20-  د. غازي فيصل مهدي / أوجه الطعن بالإلغاء و الطعن بالنقض في مجال القضاء الإداري / مجلة كلية الحقوق / جامعة النهرين / المجلد 5 / العدد 8 / 2001 / ص 201

 21- Gustave Peiser , Droit administratif , 19 ED. Dalloz 1998 . P . 214

22-  د. علي خطار شنطاوي / المصدر السابق / ص 806

 23-   Eisenmann : le droit administratif et le principe de l'egalite , EDCE , 1957 , P . 25 ets .                                                                                                      

24- د. محمد محمد عبد اللطيف / قانون القضاء الإداري / دعوى الإلغاء/ الكتاب الثاني /  دار النهضة العربية /القاهرة / 2002 / ص 262 و د. مصطفى أبو زيد فهمي / القضاء الإداري و مجلس الدولة / الطبعة الثالثة / مطبعة المعارف /1966  / ص 730 وما بعدها

25-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / أوجه الطعن بإلغاء القرار الإداري في الفقه و قضاء مجلس الدولة / الطبعة الثانية/ مطابع دار الحسين / 2004 / ص 168

26-  ينظر حكم محكمة القضاء الإداري في 4 أيار – 1950 – أشارت للحكم د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق / ص 88 و د. محمود محمد حافظ / القضاء الإداري / المصدر السابق / ص 60

27-  ذكره د. سعيد عبد المنعم الحكيم / الرقابة على أعمال الإدارة في الشريعة الإسلامية و النظم الوضعية / الطبعة الثانية/ دار الفكر العربي / القاهرة/1987 / ص 444

28-  صالح إبراهيم المتيوتي / رقابة القضاء على مخالفة القانون في القرار الإداري / رسالة دكتوراه / كلية القانون / جامعة الموصل / 2000 / ص 51

 

29-  د. يحيى الجمل / الأنظمة السياسية المعاصرة / الطبعة الأولى / دار النهضة العربية / بيروت / ص 123

30-  د. محسن خليل / النظم السياسية و القانون الدستوري / الطبعة الثانية / منشأة المعارف/ الإسكندرية / 1971 / ص 452

31-  د. عمر محمد الشوبكي / القضاء الإداري / الطبعة الأولى / المطبعة العربية للعلوم الإدارية / عمان / 2001 / ص 25

32-  د. سعاد الشرقاوي / القضاء الإداري / دار النهضة العربية/ القاهرة / 1984 / ص 46

33-  د. غازي فيصل مهدي / محاضرات في القانون الإداري ألقيت على طلبة المرحلة الثالثة في كلية الحقوق / جامعة النهرين / للعام الدراسي 2004- 2005 / وهي غير منشورة

34-  د. طعيمة الجرف / مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون / مكتبة القاهرة الحديثة/ 1973/ ص58

35-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / أوجه الطعن بإلغاء القرار الإداري في الفقه و قضاء مجلس الدولة / الطبعة الثانية/ مطابع دار الحسين / 2004  / ص 169

36-  كان للعراق تجربته الدستورية الأولى بدستوره الأول الصادر في 1925 وبعد هذه التجربة الأولى شهد العراق تجارب دستورية متعددة صدرت فيها مجموعة دساتير مؤقتة وهي على التوالي دستور 1958 ودستور 1963 ودستور 1964 ودستور 1968 ودستور 1970 الملغاة ودستور 2005 النافذ حالياً.

37-  د. طعيمة الجرف / رقابة القضاء على أعمال الإدارة / مكتبة القاهرة الحديثة /  1970 / ص150

38-  د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص837

39-  المادة 23 من الدستور الأردني النافذ, دستور سنة 1952

40-  قرار رقم 43/68 مجلة نقابة المحامين الأردنيين / الأعداد من 1-3 /السنة17 /ص59 د. حنا إبراهيم ندا / القضاء الإداري في الأردن / جمعية عمال المطابع التعاونية / عمان / 1972 / ص11 . 

41-  د. رمزي طه الشاعر / تدرج البطلان في القرارات الإدارية / دار النهضة العربية / بيروت / 2000 / ص28و29

42- د. ثروت بدوي / الدولة القانونية / مجلة إدارة قضايا الحكومة / العدد 3 / السنة 3 / 1959 / ص83

43-  د. محمد محمد عبد اللطيف / قانون القضاء الإداري ( دعوى الإلغاء )/ الكتاب الثاني / دار النهضة العربية /القاهرة / 2002 / ص263 , و د. سمير صادق / ميعاد رفع دعوى الإلغاء /الطبعة الاولى / دار الفكر العربي / القاهرة /1969 / ص83

44-  د. . غازي فيصل مهدي / محاضرات في القانون الإداري ألقيت على طلبة المرحلة الثالثة في كلية الحقوق / جامعة النهرين / للعام الدراسي 2004 - 2005 / وهي غير منشورة  / ص65 وما بعدها

45-  د.محمود محمد حافظ / المصدر السابق / ص 24 و د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق / ص66 و د. غازي فيصل مهدي / المحاضرات السابقة

46-  د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص840

47-  د. غازي فيصل مهدي / المحاضرات السابقة

48-  د. عادل سيد فهيم / القوة التنفيذية للقرار الإداري / الدار القومية للطباعة و النشر / القاهرة  /ص98 و د. سليمان محمد الطماوي / كتابه في النظرية العامة للقرارات الإدارية / مصدر سبقت الإشارة إليه /ص14

49- د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / المصدر السابق / ص110

50-  د. فاروق احمد خماس / الرقابة على أعمال الإدارة / دار الكتب / الموصل / 1988   /  ص20

51- د. غازي فيصل مهدي / المحاضرات السابقة

52-  د. فاروق احمد خماس / المصدر السابق / ص22

53-  د. عمر محمد الشوبكي / القضاء الإداري / الطبعة الاولى  / المطبعة العربية للعلوم الإدارية / عمان / 2001  / ص329 , و د. طعيمة الجرف / مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون / مكتبة القاهرة الحديثة/ 1973 / ص252 

54-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص74

55-  ماجد نجم عيدان / النظام القانوني لدعوى الإلغاء في العراق / رسالة ماجستير/ كلية الحقوق/ جامعة النهرين/ 2000/ ص239

56-  د. محمد محمد عبد اللطيف / المصدر السابق / ص239

57-  ماجد نجم عيدان / المصدر السابق / ص239

58-  د. عبد الفتاح أبو الليل / قضاء المشروعية / دار النهضة العربية / 1998 / ص220

59-  د. عبد الرحمن نورجان الأيوبي/ القضاء الإداري في العراق حاضره و مستقبله /رسالة دكتوراه/ كلية الحقوق/ جامعة القاهرة/ 1965/ ص145

60-   د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص69

61-  د. عمر محمد الشوبكي/ المصدر السابق / ص36

62- Hood Philips and P.jackson: constitution and administration. Law (London: Sweet and Maxwell 6th Ed. 1978) P. 289                                           )

63-Malone V: metropolition Police commissioner ( 1979 ) ch. 344 …  wade , E.C.S and Bradley , A.W, constitution  and administration Law , ( London: lougman, 10th ED. 1985) P. 321-322                                                                      

64-  د. حنا إبراهيم ندا / القضاء الإداري في الأردن / جمعية عمال المطابع التعاونية/  عمان / 1972  / ص36

65-  المادة ( 151 ) من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 1971.

66-  د. محمد محمد عبد اللطيف / المصدر السابق / ص267

67-  د. غازي فيصل مهدي / المحاضرات السابقة و د. عمر محمد الشوبكي/ المصدر السابق / ص36

68-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص74 و د. غازي فيصل مهدي / المحاضرات السابقة

69-  د. ثروت بدوي / تدرج القرارات الإدارية ومبدأ المشروعية/ دار النهضة العربية/ بيروت/ 1968-1969/ ص15وما بعدها 

70-  د. خالد عبد العزيز عريم/ القانون الإداري الليبي / الجزء الثاني / مطبعة دار الصياد /بيروت/ 1971/ ص105

71-  د. ثروت بدوي/ المصدر السابق / ص19

72-  د. سعيد عبد المنعم الحكيم / الرقابة على أعمال الإدارة في الشريعة الإسلامية و النظم الوضعية / الطبعة الثانية / دار الفكر العربي / القاهرة  / 1987 / ص26

73-  د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص456-457

مع ملاحظة أن من اللوائح الإدارية ماتعادل في قوتها القانونية قوة التشريعات العادية مثال ذلك لوائح الضرورة انظر في تفصيل ذلك  د. محمد كامل ليلة / مبادئ القانون الإداري / دار النهضة العربية /1968   / ص412وما بعدها

74-  د. محمد فؤاد مهنا / القانون الإداري المصري والمقارن(السلطة الإدارية)/ الجزء الأول  / مطبعة نصر / مصر/ 1958/ ص675

75-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / المصدر السابق / ص172

76-  د. سليمان محمد الطماوي/ كتابه في القضاء الإداري( قضاء الإلغاء) وقد سبقت الإشارة إليه/ص843

77-  د. محمد محمد عبد اللطيف / المصدر السابق / ص269

78- ولمزيد من التفاصيل انظر د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق / ص841

79-  د. محمد كامل ليلة/ المصدر السابق/ ص35و36

80-  د. شمس مرغني / العرف الإداري كمصدر للأعمال الإدارية في دولة الأمارات العربية المتحدة/ مجلة الشريعة و القانون /العدد 1 / أيار/ 1981/ ص60 و  صالح إبراهيم احمد المتيوتي / رقابة القضاء على مخالفة القانون في القرار الإداري / رسالة دكتوراه / كلية القانون / جامعة الموصل / 2000/ ص52

81-  د. عمر محمد الشوبكي/ المصدر السابق / ص52

82-  مجموعة أحكام مجلس الدولة المصري / السنة السابعة / ص1781 ذكره د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص857

83-  د. طعيمة الجرف / المصدر السابق / ص105 

84-  حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر الصادر في 26/3/1960 ذكره خضر عكوبي يوسف / المصدر السابق / ص316

85-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص75

86-  حكم 24/2/1962 مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في مصر في عشر سنوات /ص1038و1039 أشارت إليه د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص76  هامش أ  و د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص858

87-  حكم 8/5/1965 مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في مصر في عشر سنوات /ص1039 أشارت إليه د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص76  و د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص859

88-  د. حنا إبراهيم ندا/ مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة العدل العليا في الأردن / مطبعة نقابة المحامين / عمان /1972/ ص417

89-  قرار رقم 40/59 , ص215 / مجلة نقابة المحامين الأردنيين / العدد 5/ السنة 7 ذكره د. عمر محمد الشوبكي / المصدر السابق / ص 53

90-  د. حنا إبراهيم ندا/ المصدر السابق/ ص417

91 -  د. سعيد عبد المنعم الحكيم/ المصدر السابق/ ص32

92-  د. سامي جمال الدين/ الدعاوى الإدارية والإجراءات أمام القضاء الإداري(دعاوى الإلغاء)/ الكتاب الأول/ منشأة المعارف /الإسكندرية/ 1991/ ص195

93-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص77 و د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص861

94- وتقترح الدكتورة سعاد الشرقاوي وبعض فقهاء القانون المدني ضرورة تدوين العرف لتسهيل وسائل الإثبات ويتم التدوين في مجموعات خاصة تجمع الأعراف المتعلقة بمهنة معينة أو طائفة معينة/ المصدر السابق/ ص77

95-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص77

96-  د. حامد مصطفى / مبادئ القانون الإداري العراقي/ شركة الطبع و النشر الأهلية/ بغداد/ 1968/ ص26

97-  د. مالك دوهان الحسن/ المدخل لدراسة القانون(النظرية العامة للقاعدة القانونية)/ الجزء الأول / مطبعة الجامعة/ بغداد/ 1972/ ص390

98-  أما إذا تم تسجيل مبادئ القانون العام في نصوص تشريعية وضعية –دستورية أو عادية أو فرعية- عندها تعتبر جزءاً من القانون الوضعي المكتوب وتأخذ مرتبة التشريع الذي جاء النص عليها فيه. خضر عكوبي يوسف/ المصدر السابق/ 321

99-  د. عمر محمد الشوبكي/ المصدر السابق / ص54

100-  د. محمود حلمي /تدرج القواعد القانونية/ مجلة العلوم الإدارية/ العدد 1/ المطبعة العالمية/ القاهرة/ 1963/ ص181

101-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / المصدر السابق / ص175

102 د. عبد الحسين القطيفي/ القانون الدولي العام ( في المبادئ والأصول والجماعة الدولية)/ الجزء الأول  / مطبعة العاني/ بغداد/ 1968/ ص152

103-  د. محمد محمد متولي صبحي/ حدود رقابة قضاء الإلغاء/ مجلة إدارة قضايا الحكومة/ العدد 2/ مطبعة عابدين/ مصر/1974/ ص366

104-  د. حنا إبراهيم ندا/ المصدر السابق/ ص38

105-  ومن قواعد القانون الطبيعي وحقائق الحياة الاجتماعية/ د. محمود حلمي/ المصدر السابق/ ص183و184

106-  د. طعيمة الجرف/ القضاء مصدر إنشائي للقانون الإداري / مجلة إدارة قضايا الحكومة/ العدد 4/ مطبعة الاستقلال الكبرى/ 1962/ص24

107-  د. حنا إبراهيم ندا/كتابه في القضاء الإداري وقد سبقت الإشارة إليه /ص38

108-  د. سعد عصفور ومحسن خليل / القضاء الإداري (ولاية القضاء على أعمال الإدارة)/ الجزء الثاني/ منشأة المعارف/ الإسكندرية/ ص484

109-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص78

110-  د. خالد عبد العزيز عريم/ القانون الإداري الليبي / الجزء الثاني / مطبعة دار الصياد /بيروت/ 1971/ ص157

111-  د. محسن خليل / القضاء الإداري اللبناني ورقابته لأعمال الإدارة/ دار النهضة العربية/ بيروت/ 1966-1967/ ص65وما بعدها

112-  د. عمر محمد الشوبكي/ المصدر السابق / ص54

113-  خضر عكوبي يوسف / موقف القضاء العراقي من الرقابة على القرار الإداري / رسالة ماجستير / كلية القانون / جامعة بغداد / 1975  / 324

114-  د. شاب توما منصور/ القانون الإداري في العراق / مجلة القانون المقارن/ العدد 2/ 1968/ ص120

115-  د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص845 وما بعدها

116-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص79

117-  الآية 13 من سورة الحجرات.

118- Flick Geoffrey: A Natural Justice, (London: Butterwoths, 5th Ed..P.27. (1984)                                                                                                             

119-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص79 , و د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص850

120-  د. مصطفى أبو زيد فهمي/ المصدر السابق/ ص473

121-  د. عبد الرحمن نورجان الأيوبي/ القضاء الإداري في العراق حاضره و مستقبله/ رسالة دكتوراه/ كلية الحقوق/ جامعة القاهرة/ 1965/ ص246

122-  د. محمود حلمي / عيوب القرار الإداري / مجلة العلوم الإدارية / العدد 2/ السنة 12/ 1970/ ص130

123-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص80

124-  د. شاب توما منصور/ المصدر السابق/ ص41

125-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص80

126- د. علي خطار شنطاوي/ المصدر السابق/ ص807 و د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص176

127-  خضر عكوبي يوسف/ المصدر السابق/ 326

128-  د. ماهر صالح علاوي الجبوري/المصدر السابق/ص134و د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص81

129-  د. محمود محمد حافظ/ المصدر السابق/ ص38

130-  د.حنا إبراهيم ندا/ المصدر السابق/ ص38و39

131-  خضر عكوبي يوسف/ المصدر السابق/ ص326

132-  والمبدأ المستقر هنا هو أن الحكم القضائي النهائي سواءً أكان نهائياً لأنه غير قابل للطعن فيه أم لأن طرق الطعن فيه قد استنفدت يحوز حجية الشيء المقضي به  د.سعاد الشرقاوي/ المصدر السابق/ ص85

133-  د. محمود حلمي / عيوب القرار الإداري / مجلة العلوم الإدارية / العدد 2/ السنة 12/ 1970

/ ص131

134-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص86

135-  د. غازي فيصل مهدي/ المحاضرات السابقة

136-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص86وما بعدها

137-  انظر في تفاصيل الحكم والحيثيات  د. سعاد الشرقاوي /المسؤولية الإدارية/ دار المعارف/ ص184وما بعدها

138-  د. غازي فيصل مهدي/ المحاضرات السابقة و كذلك د. سعاد الشرقاوي/ كتابها في القضاء الإداري وقد سبقت الإشارة إليه/ ص86

139-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / المصدر السابق / ص180

140-  د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص862و863  وانظر ما قبله ص 67 

141-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / المصدر السابق / ص181

142-  د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص863

143-  د. غازي فيصل مهدي/ المحاضرات السابقة

144-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص86

145-  د. سليمان محمد الطماوي / المصدر السابق / ص864

146-  د.سعيد عبد المنعم الحكيم/ المصدر السابق/ ص444و445 و د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق/ ص862-865 و د. سعاد الشرقاوي/ المصدر السابق/ ص85-88

147-  د. عادل الحياري/ القانون الدستوري و النظام الدستوري الأردني/ مطبعة الجامعة الأردنية/ عمان/ 1972/ ص154

148-  د. عمر محمد الشوبكي/ المصدر السابق/ ص43 ود. علي خطار شنطاوي/ المصدر السابق/    و د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / المصدر السابق/ص180  ود. محمد محمد عبد اللطيف/ المصدر السابق/ ص273  ود. غازي فيصل مهدي/ المحاضرات السابقة و خضر عكوبي يوسف/ المصدر السابق/ ص326   ود. محمود محمد حافظ/ المصدر السابق/ ص34

149-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / المصدر السابق/ص184

150-  حكم 2 يونيو 1953 مجموعة أحكام السنة 4 , ص1427 ذكره د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق/ ص865 

151-  المحكمة الإدارية العليا في مصر , طعن رقم 846 لسنة 5 ق , جلسة 29 /12/1952 /  مجموعة أحكام السنة 7/ص237 ذكره د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص184/ هامش رقم (1)

152-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص184

153-  د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق/ ص866 

154-  د. توفيق شحاته / مبادئ القانون الإداري/ الجزء الأول/ الطبعة الأولى/ دار النشر للجامعات العربية/ 1954/ ص967 وما بعدها, د. محمد فؤاد مهنا/ مؤلفه دروس في القانون الإداري/ مصدر سبقت الإشارة إليه/ص366

155-  د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر سابق/ ص866

156-  د. سامي جمال الدين / الرقابة على أعمال الإدارة ( القضاء الإداري )/ منشأة المعارف / الإسكندرية / ص297

157-  د. محمد محمد عبد اللطيف/ المصدر السابق/ ص273

158-  د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص88

159-  د. محمود عاطف البنا/ المصدر السابق/ ص396 , ود. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص184 ود. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق/ ص866

160-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص185

161-  د. ماجد راغب الحلو/ المصدر السابق / ص402

162-  د. محمود محمد حافظ/ المصدر السابق/ ص 170-189

163-  د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق/ ص867 وفي تفاصيل ذلك راجع كتابه ( الأسس العامة للعقود الإدارية ) / دار الفكر العربي / الطبعة الثانية/ 1965

164-  د. محسن خليل/ كتابه في قضاء الإلغاء/ وقد سبقت الإشارة إليه/ ص170

165-  د. فؤاد العطار/ المصدر السابق/ ص561

166-  د. سليمان محمد الطماوي /كتابه في القضاء الإداري(قضاء الإلغاء)/وقد سبقت الإشارة إليه/ص867

167-  JM.Auby et R.Drago: OP. Cit , p. 1253.

168-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص185

169-  د. محمود محمد حافظ/ المصدر السابق/ ص23 و د. سعاد الشرقاوي / المصدر السابق/ ص88

170-  د. محمد فؤاد مهنا/ المصدر السابق/ ص35

171-  د. ماجد راغب الحلو/ المصدر السابق / ص402

172-  د. محمد فؤاد مهنا/ المصدر السابق/ ص18ومابعدها, حيث أوضح مختلف الآراء الفقهية وقضاء مجلس الدولة الفرنسي في هذا الصدد.

173-  د. محسن خليل / المصدر السابق/ ص172

174-  د. محمود محمد حافظ/ المصدر السابق/ ص558

175-  د. محسن خليل / المصدر السابق/ ص172

176-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص185و186

177-  د. غازي فيصل مهدي/ المحاضرات السابقة

 

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .