أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-18
359
التاريخ: 2-9-2016
2526
التاريخ: 1-12-2016
2361
التاريخ: 29-11-2016
1883
|
هل تريد أهنأ أنواع السعادة؟.
إليك الوصفة التالية:
تمتع بما عندك، وأرض بما قسمه الله لك، وكن مبتهجاً بما تملكه، ولا تكن من الذين يبحثون دائماً عما لا يملكون، فقائمة الأشياء التي لا تملكها طويلة جداً. فمهما امتلكت من متطلبات الحياة ومن أملاك وأموال، ومهما صرت زعيماً أو ملك الملوك، فإن القائمة تبقى كما هي، ولا تتغير كثيراً.
ولربما تقول: إذا حصلت على بعض المال، وبعض الوجاهة، وبعض القوة، وبعض الجمال، وبعض الأولاد. فسوف اكتفي بذلك، وأعتبرُ نفسي سعيداً ولا أبحث عن المزيد.
غير أنك الآن تملك الكثير، فلماذا لا تكتفي بذلك، ولا تعتبر نفسك سعيداً، بينما تستعرض مع نفسك الأشياء التي لا تملكها، وتزرع في نفسك الكآبة بسبب ذلك؟.
هنالك رواية تقول: «في النعم انظروا إلى من تحتكم، وفي المصائب انظروا إلى من هو فوقكم».
هذا هو الطريق الطبيعي لكي نرضى بما نحن نملكه ونسعد به، بدل أن نظل نتذكر ما ليس عندنا ، ونتحسر عليه.
يقول الإمام علي عليه السلام: «سعادة المرء في القناعة والرضا»، لأن السعادة تنبع من قدرتنا على التكيف مع أوضاعنا وظروفنا، والتمتع بما نملك، ولا تنبع من المجهول الذي لن يأتي.
وكما يقول لاندرو: «فإن السعادة تتبخر في اللحظة التي نتمنى فيها أن نكون أسعد حالا مما نحن فيه» ، فإذا كنا دائماً نبحث عن المجهول حتى يمنحنا السعادة، فلا بد لنا أن نتأكد من فقداننا لها دائماً.
يقول أحد الكتاب: «ثمة سبيلان لكي نكون سعداء: فإما أن نقلل من حاجاتنا، أو أن نزيد من إمكاناتنا، فكلاهما يحقق رغباتنا»، ولأن زيادة الإمكانات ليست متوفرة دائماً فإن القناعة بما عندنا تبقى هي الوسيلة المتاحة للسعادة.
لقد كان لي صديق يمتلك من المال والجمال والمنصب ما كان يغبطه أصدقائه، ولكنه مع ذلك كان تعيساً لا يفتأ يشتكي من أوضاعه، ومشكلته كانت تتلخص في أنه لم يكن قنوعاً بما عنده، فلم يتمتع أبداً بما كان تحت يديه.. وكان - لذلك - شديد النرفزة غير أنه كان يجهل السبب الحقيقي وراء حالته النفسية المتردية، وغالباً ما كان ينسبها إلى عوامل الوراثة!.
وذات يوم كنا نتجاذب معه أطراف الحديث، فتحدثت له عن القناعة، وذكرت له حديثاً للإمام علي عليه السلام يقول فيه: «السعيد من استهان بالمفقود»(1).
فانبرى قائلا: «ماذا تراه يعني الإمام من ذلك؟».
قلت: إنه يقصد أن من يرضى بما لديه، ويقتنع بما عنده، يعيش السعادة. بينما الذي يبحث عن المفقود، فلن يظفر بالسعادة، إذ كل ما يحصل عليه يصبح موجوداً، وهو يبحث عن المفقود. ومن لم يرض بما قد حصل عليه، فلن يرضى بما يريد الحصول عليه، إذا تحقق له ذلك..
فأخذ يتمشى في الغرفة وهو يكرر مع نفسه كلمة الإمام علي عليه السلام ثم التفت إلينا وقال: «هذه ضالتي؟».
وأضاف: «الحل هو الاهتمام بما هو موجود، والاستهانة بالمفقود».
وفيما بعد لم نسمع منه شكاية عن أوضاعه، ولا تذمراً من شيء. وقد أخبرني أن حياته تبدلت تماماً منذ أن قرر أن يستهين بالمفقود، كما أخبرنا أنه علق هذه الجملة في غرفة نومه، وفي مكتبه، وفي سيارته.
حقاً إن السعادة تكون في أحيان كثيرة الحالة الذهنية للقناعة فهي تبدأ - كما يقول المثل - حيث ينتهي الطمع.
فإذا لم يحالفك الحظ للتمتع بما ليس عندك فمن الأفضل أن تتمتع بما عندك، بدل أن تعيش في غم ما لا تملك..
وبالطبع فإنه ليس الحصول على الكثير من الأشياء خطأ أو مضراً في حد ذاته، ولكن الرغبة في الحصول على المزيد لا يمكن إشباعها، وكلما أبقيت على شعورك بأن المزيد أفضل، كلما فقدت الشعور الرضا عما في يديك.
إننا بمجرد أن نحصل على شيء ما، أو نحقق هدفاً ما، فإننا مباشرة ننتقل إلى الأمر الذي يليه. ويؤدي ذلك إلى القضاء على تقديرنا للحياة وللعديد من النعم التي حبانا بها الله.
على سبيل المثال، كان هنالك رجل قام بشراء منزل جميل في منطقة جميلة، وقد كان هذا الرجل سعيداً حتى انتقل إلى البيت الجديد، حيث اختفت عندئذ فرحة شراء البيت الجديد. فقد بدأ على الفور يتمنى لو اشترى بيتاً أكبر وأجمل، فلم يسمح له اعتقاده بان «الأكثر أفضل» من الاستمتاع ببيته الجديد، ولو حتى ليوم واحد. ولسوء الحظ فإن هذا ليس وحيداً في ذلك، فبدرجات متفاوتة، نشبه جميعاً هذا الرجل. ولقد وصل الحد إلى النقطة التي لو أن أحدهم حصل على آخر ما يخطر على البال من أسباب السعادة ووسائل الرفاهية لتساءل أيضاً: «ماذا بعد ذلك؟» يبدو أنه مهما فعلنا - شراء منزل أو سيارة جديدة، أو تناول وجبة ممتازة، أو العثور على شيء، أو شراء بعض الملابس، أو حتى الفوز بوسام رفيع - فإن ذلك كله لا يكفي مطلقاً.
والطريقة الوحيدة للتخلص من هذه الرغبة تكمن في أن تقنع نفسك أن الأكثر ليس دائماً هو الأفضل، وأن المشكلة لا تكمن في ما لا تمتلك، ولكن في توقعاتك للحصول على المزيد.
ولكن إن تود أن تكون راضياً عما تملك لا يعني أنه لا يمكنك ولا ينبغي لك أن ترغب في الحصول على أكثر ما تمتلك حالياً، بل في اعتقاد بأن سعادتك ليست متوقفة على الحصول على ما لا تملك. ويمكنك أن تشعر بالسعادة بما تملك بان يصبح تركيزك موجهاً تجاه اللحظة الحاضرة، وليس بالإفراط في التركيز على ما ترغب في الحصول عليه، فمع انشغال عقلك بأفكار ما قد يجعل حياتك أفضل، ذكر نفسك برفق أنك لو حتى حصلت على ما تظن أنك تريد، فلن يزيد رضاك قدر أنملة، لأن نفس الحالة الندية التي ترغب في الحصول على المزيد في الوقت الحاضر سوف ترغب في الحصول على المزيد في المستقبل.
ضع تقديراً جديداً للأشياء التي حباك الله بها حتى الآن، أنظر لحياتك من منظور جديد، كما لو كنت تنظر إليها للمرة الأولى، ومع وضعك لهذا الإدراك الجديد، ستجد أنه عندما تمتلك شيئاً أو تحقق إنجازاً جديداً في حياتك فإن مستوى تقديرك سوف يزداد.
ومن المقاييس الممتازة للسعادة؛ حساب الفرق بين ما تملك فعلاً وما ترغب في امتلاكه. فقد تقضي حياتك وأنت ترغب في الحصول على المزيد، بينما بمقدورك أن تقرر عن وعي أنك ترغب في الحصول على أشياء أقل. فهذه الطريقة أسهل وأكثر إشباعاً إلى أبعد الحدود.
يبدو أننا مهما فعلنا أو اشترينا سيارة أو تناولنا وجبة، أو وجدنا شريكاً لنا، أو اشترينا بعض الملابس، او حتى إن كسبنا منصباً شرفياً، يبدو أننا لا نكفي بذلك أبداً..
ولكي نتغلب على هذه العادة فلا بد أن تقنع نفسك أن الكثير من أي شيء ليس أفضل، وأن المشكلة ليست فيما لا نملكه ولكنها في الشوق إلى الإكثار. إنك عندما تتعلم الرضا والقناعة فهذا لا يعني انه لا يجوز لك أن ترغب في المزيد، ويمكنك أن تصبح سعيداً بما تملك بأن تعيش لحظتك وتركز اهتمامك على ما تملك. وعندما تطرأ عليك الأفكار التي تقول: لو حصلت على المزيد فهذا يجعل حياتك أفضل، هنا ذكر نفسك أنك حتى لو حصلت على ما تعتقد أنك بحاجة إليه فإنك لن تشبع أبداً لأن نفس القاعدة ستنطبق عليك، وهي من يريد أكثر الآن سوف يريد أكثر بعد ذلك.
أعد تقدير النعم الحالية التي تنعم بها، أنظر إلى حياتك مجدداً ، كما لو كنت تفعل ذلك للمرة الأولى. وعندما ينمو لديك هذا الوعي، فإنك ستجد أنه بينما تدخل هذه الممتلكات الجديدة أو النجاحات إلى حياتك، فإن مستوى تقديرك ايضاً سوف يرتفع.
يقول ديل كارنيجي:
«أعرف هارولد أبوت منذ سنوات، يعيش في شارع ساوث ماديسون رقم 820 ، وقد كان مدير معهدي. في ذات يوم، التقينا في كنساس سيتي فأوصلني إلى مزرعتي في مدينة بلتون بولاية ميسوري، وخلال الطريق سألته: كيف يتجنب القلق والكآبة، فأخبرني قصة لن أنساها أبداً.
قال لي: كنت دائم القلق؛ لكن في أحد أيام الربيع من عام ١٩٣٤، كنت أتمشى في شارع دورتي الغربي في وبي سيتي حين رأيت منظراً أزال عني القلق. حدث ذلك خلال عشر ثوان، لكن خلال العشر ثوان هذه، تعلمت كيف أعيش أكثر مما تعلمته في العشر سنوات السابقة. فمنذ سنتين، كنت أدير مخزن بقالة في وبي سيتي، لم أخسر جميع مدخراتي فقط، بل غرقت في ديون تتطلب مني سبع سنوات للتخلص منها. وقد أقفل مخزني وذهبت إلى بنك التجار والصناعيين لاستدانة المال الكافي لانتقالي إلى كنساس سيتي للبحث عن عمل.
كنت أسير كالرجل المهزوم، وقد فقدت ثقتي وشجاعتي. وفجأة رأيت رجلاً وقد بترت قدماه. كان يجلس على مقعد يرتكز على عجلات، ويزحف في الشارع بمساعدة قطع من الخشب يثبها في كل يد.
التقيت به بعدما عبر الشارع وبدأ يرفع نفسه ليصل إلى الرصيف. وفيما هو يفعل ذلك، التقت عيناه بعيني، فابتسم لي ابتسامة عريضة قائلاً: صباح الخير يا سيد، صباح جميل، أليس كذلك؟.
وفيما أنا واقف أنظر إليه، عرفتكم أنا غني.. فأنا أملك ساقين، وأستطيع السير. شعرت بالخجل من نفسي، وقلت في نفسي: إذا كان هو سعيداً ومرحاً وواثقاً من نفسه، برغم من أنه فقد ساقيه، فكيف يجب أن أكون أنا بوجود ساقي؟.
شعرت بالارتياح؛ وكنت قد قررت أن أستلف مبلغ مئة دولار فقط من البنك، فأصبحت لدي الشجاعة الكافية لطلب مائتين. وكنت أتردد أن أقول إنني ذاهب إلى كنساس سيتي لأحاول العثور على العمل. لكني الآن أعلن بثقة أنني أريد الذهاب إلى كنساس سيتي للحصول على عمل، فحصلت على القرض وحصلت على العمل.
ويومها ألصقت هذه الكلمات على المرآة حيث يمكنني قراءتها كل صباح:
«شعرت بالكآبة لأن لا حذاء لي حتى التقيت في الشارع برجل لا ساقين لديه».
ويضيف كارنيجي: «سألت مرة إدي ريكنباكر ما هو أحسن درس تعلمه من خلال بقائه واحداً وعشرين يوماً في قارب النجاة مع رفاقه، تائهين بيأس في المحيط الباسيفيكي؟.
فقال: إن أكبر درس تعلمته من تلك التجربة هو أنه يجب أن لا تتذمر أو تشعر بالتعاسة إن كان لديك الماء والطعام الكافي».
نشرت صحيفة «التايم» مقالاً عن قائد جرح في غودال قنال فأصيبت حنجرته بشظية. كتب إلى طبيبه يسأله: «هل سأعيش ؟» أجابه الطبيب: «نعم». ثم كتب له ثانية ليسأله: «هل سأستطيع النطق؟» وجاء الجواب ثانية: «نعم». بعد ذلك كتب يقول: «إذن لماذا أنا قلق هكذا؟».
لم لا تتوقف الآن وتسأل نفسك: «لماذا أنا قلق؟ وما هي أسباب شعوري بالكآبة؟» ريما تكتشف أن الأمر غير مهم وسخيف.
إن حوالي تسعين بالمئة من الأشياء في حياتنا هي صحيحة، وحوالي عشرة بالمئة منها هي خطأ. فإن أردنا أن نكون سعداء فإن كل ما علينا هو التركيز على التسعين بالمئة الصحيحة وتجاهل العشرة بالمئة الخطأ، وإن أردنا أن نقلق ونتألم ونصاب بقرحة المعدة فما علينا سوى التركيز على العشرة بالمئة الخطأ وتجاهل التسعين بالمئة الصح.
إن كلمتي «فكّر وأشكر» مكتوبتان منذ القدم، وقد دعت إليهما كل الأديان السماوية الكريمة، فكر وأشكر، فكر بجميع ما يجب أن نكون ممتنون له، وأشكر الله على هباته وعطاياه.
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقرة:172].
كان جوناثان سويفت، مؤلف (رحلات غاليفر) من أشد المتشائمين في الأدب الإنكليزي، كان شديد الندم على ولادته، حتى أنه كان يرتدي ثياباً سوداء دائماً، ويمتنع عن الطعام في ذكرى ميلاده. ومع ذلك، وفي ذروة تشاؤمه، كان يمتدح فوائد الفرح والسعادة، وقد أعلن: «أن أفضل الأطباء في العالم هم الدكتور ريجيم والدكتور هدوء والدكتور مرح»!.
ونحن يمكننا الإفادة من خدمات (الدكتور مرح) مجاناً في كل ساعة من اليوم بتركيز إنتباهنا على الثروات غير المعقولة التي نمتلكها، ثروات تفوق كنوز علي بابا. هل تبيع عينيك مقابل مليار دولار؟ وماذا تأخذ مقابل ساقيك أو يديك أو سمعك أو أطفالك وعائلتك؟ إجمع كل هذه الثروات وستجد أنك لن تبيع ما تملك مقابل جبال من الذهب والألماس.
ولكن هل جميعاً نقدر ذلك؟ ومثلما قال شوبنهاور: «من النادر أن نفكر بما نملك، بل إننا نفكر بما ينقصنا»، نعم، إن الميل إلى التفكر فيما ينقصنا هو أعظم مأساة على وجه الأرض. وربما تسبب ذلك في بؤس يفوق البؤس الذي تسببه جميع الحروب والأمراض في التاريخ، بل أن كثيراً من الحروب سببها أن البعض لم يكن يقتنع بما عنده، ولذلك يغزو بلاد الآخرين.
وعلى المستوى الشخصي فإن التركيز على (ما لا نملك) كاد أن يحطم حياة كثيرين، وهذا واحد منهم، يقول ديل كارنيجي:
«يعيش السيد (بالمر) في الشارع التاسع عشر في مدينة باترسون بولاية نيوجرسي، وقد قال لي: بعدما عدت من الجيش بدأت العمل لحسابي، عملت بجهد ليلا نهاراً وقد سارت الأمور على ما يرام، وما لبثت أن بدأت المتاعب؛ لم أعد أستطيع الحصول على قطع غيار ولا على المواد الأولية، فخشيت أن يتوقف عملي. قلقت جداً حتى تحولت من فتى عادي الى شخص سريع الاهتياج، كثير التذمر، دائم الكآبة، وعلمت الآن أنني شارفت على خسارة بيتي، وفي ذات يوم قال لي شاب متطوع مقعد يعمل عندي :
يحب أن تخجل من نفسك يا هذا، أنت تعتقد أنك الوحيد في العالم من له مشاكل، لنفترض أن عليك التوقف عن العمل لفترة فما الذي سيحدث؟ يمكنك البدء ثانية حتى تصبح الأمور عادية، لديك الكثير مما تحسد عليه ومع ذلك فأنت كثير التذمر، كم كنت أتمنى لو كنت مكانك!، أنظر إلي لدي ساق واحدة ونصف وجهي مصاب، ومع ذلك لا أتذمر أبداً، فإن لم تتوقف عن التذمر والشكوى لن تفقد عملك فقط بل ستفقد صحتك وأصدقاءك أيضاً!.
هذه الملاحظات جمدتني في مكاني، وجعلتني أتذكركم أن حالتي جيدة. فقررت أن أتغير وأعود إلى سابق عهدي».
وهناك قصة أخرى لسيدة اسمها لوسيل؛ وهي تروي قصتها فتقول:
«كنت أعيش في دوامة؛ أدرس مادة في جامعة أريزونا، وأدير دروساً في الطب في المدينة، وأعطي دروساً خصوصية، وكنت أخرج لزيارة صديقاتي وأزور أقربائي. في ذات صباح انهرت تماماً إذ أصبت بمرض في قلبي، ونصحني الطبيب بملازمة فراشي مدة سنة كاملة، ولم يشجعني على الاعتقاد أنني سأستعيد قوتي ثانية، بل نصحني بملازمة فراشي سنة كاملة!.
أصابني الرعب الشديد! لماذا يحدث كل ذلك لي؟!، بكيت وصرخت وثرت متألمة لكنني عدت إلى فراشي مثلما نصحني الطبيب، ثم قال لي جاري واسمه رودولف، وهو فنان: أنت تعتقدين أن قضاء سنة في السرير هي مأساة، لكن الأمر لن يكون كذلك إذ سيتسنى لك التفكير ومعرفة نفسك، وسيكون لديك نمواً روحياً أكثر خلال الأشهر القليلة المقبلة أكثر ما فعلت في حياتك. فهدأت قليلاً وحاولت تطوير شعور جديد تجاه القيم، قرأت كتباً عن الإيحاء، وفي أحد الأيام سمعت مذيعاً في الإذاعة يقول: يمكنك فقط التعبير عما يجول في خاطرك. لقد استمعت إلى مثل هذه الكلمات كثيراً في الماضي، لكنها الآن غاصت في أعماقي. فقررت أن أفكر بالأفكار التي أردت أن أعيش بواسطتها: أفكار الفرح والسعادة والصحة.
أجبرت نفسي في كل صباح بعد أن أستيقظ على المرور بجميع الأشياء التي يجب أن أكون ممتنة من أجلها، لا أشعر بالألم ولدي ابنة شابة ولدي بصري وسمعي، ولدي الوقت الكافي للقراءة والغذاء الجيد والأصدقاء المخلصين، وكنت أشعر بفرح شديد مما جعل الزائرين يتدفقون لزيارتي حتى وضع الطبيب ملاحظة تسمح لشخص واحد بالدخول وفي ساعات محددة.
مضى على ذلك تسع سنوات، والآن أعيش حياة جميلة مليئة بالنشاط وأشعر بامتنان عميق لتلك السنة التي قضيتها في الفراش، فهي أسعد سنة قضيتها في أريزونا، وما تزال عادة إحصاء النعم التي أتمتع بها باقية معي، وهي أثمن ما أملك وأخجل أن أعترف أنني لم أتعلم أن أعيش إلا حين كدت أشرف على الموت».
لقد تعلمت هذه السيدة من خلال المرض الدرس الذي تعلمه صموئيل جونسون منذ مئتي سنة تقريباً. قال الدكتور جونسون : «إن عادة النظر إلى الجانب ا لأفضل من كل حادثة، لا يقدر بثمن إطلاقاً».
وهذه الكلمات لم ينطق بها متفائل متخصص، لكن الذي قالها رجل عرف القلق والفقر والجوع طيلة عشرين سنة، وأخيراً أصبح من أشهر الكتاب فيعصره.
ولقب جمع لوغان بيرسول سميث الكثير من الحكمة في كلمات قليلة حين قال: «هناك شيئان يجب أن تصبو إليهما في الحياة: أولاً الحصول على ما تريد، وبعد ذلك، التمتع به. ولا يتوصل إلى الهدف الثاني إلا أكثر لناس حكمة».
هل تود أن تعرف كيف تجعل من غسل الأطباق في المطبخ، تجربة رائعة؟ إقرأ كتاباً عن شجاعة غير معقولة، من تأليف بورغيلد دال واسمه (أريد أن أرى).
مؤلفة هذا الكتاب امرأة كانت عملياً عمياء لمدة نصف قرن. وقد كتبت تقول: «لي عين واحدة، ولم أكن أستطيع الرؤية جيداً من خلالها. كنت أرى الكتاب فقط حين أمسكه قريباً جداً من وجهي».
لكنها كانت ترفض الشفقة وأن تُعتبر معاقة، وحين كانت طفلة أرادت أن تلعب (الحجلة) مع سائر الأطفال، لكنها لم تكن تستطع أن ترى الخطوط المرسومة على الأرض. وهكذا حين يعود الأطفال إلى منازلهم، كانت تجلس على الأرض لتطلع عن كثب على الخطوط. لتحفظ كل جزء من الأرض التي تلعب عليها مع أصدقائها.
وسرعان ما أصبحت خبيرة بهذه الألعاب. كانت تدرس في البيت فتمسك بكتابها ذو الأحرف الكبيرة قريباً من عينيها حتى تلامس أهدابها صفحاته، وقد حصلت على شهادتين جامعيتين من جامعة مينيسوتا وجامعة كولومبيا.
بدأت التعليم في قرية صغيرة تدعى «توين قالي»، ثم أصبحت أستاذة في الصحافة والأدب في جامعة أوغستانا في جنوب داكوتا، وقد بقيت تعلم هناك مدة ثلاثة عشرة سنة، وكانت تلقي المحاضرات أمام النوادي النسائية، وتدلي باحاديث عن الكتب والمؤلفين في الإذاعة. وقد كتبت تقول: «كان يكمن وراء تفكيري خوف دائم من العمى الكلي، لكنني قررت التغلب على ذلك، وتبنيت أسلوباً فرحاً تجاه الحياة».
وفي سنة ١٩٤٣، حين بلغت سن الثانية والخمسين، حدثت أعجوبة: أجريت لها عملية جراحية في مستشفى مايو الشهير وبدأت ترى أضعاف ما كانت تستطيعه في السابق.
انفتح أمامها عالم مدهش من المحبة. ووجدت أن حتى غسل الأطباق في المطبخ هو أمر رائع. وقد كتبت تقول: «بدأت ألهو بالرغوة البيضاء المتصاعدة في طبق الغسيل، فأغمس يدي وألتقط كرة من فقاقيع الصابون الصغيرة، ثم أمسك بها أمام الضوء حيث أرى فيها ألوان قوس قزح الزاهية».
وحين نظرت عبر النافذة، رأت عصفور الدوري ذو الجناحين الرماديين، يخفق بجناحيه ويطير عبر الثلج المتساقط، فوجدت أن هذا المنظر من أروع ما يمكن التمتع برؤيته، حتى أنها همست بهذه الكلمات:
«يا إلهي ربّ السموات والأرض، أنا أشكرك، أنا أشكرك». .
تصور أنك تشكر الله لأنك تستطيع أن تغسل الأطباق، وأن ترى قوس قزح في الفقاقيع وعصفور الدوري يطير عبر الثلج.
يجب أن نخجل من أنفسنا، طيلة الأيام والسنوات كنا نعيش في جنة من الجمال، لكننا لم نستطع أن نرى ذلك أو نتمتع بما حولنا.
فإن أردت التوقف عن القلق والبدء بالحياة، إليك بهذه القاعدة:
عدد نعمك، وليس متاعبك!.
يقول الحديث الشريف: «من سعادة ابن آدم استخارته الله، ورضاه بما قضى الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، وسخطه بما قضى الله»(3).
______________________________________
(١) غرر الحكم ودرر الكلم: 4/130.
(٢) غرر الحكم ودرر الكلم.
(3) البحار: ج77 ص159.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|