أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-08-2015
1391
التاريخ: 12-4-2018
865
التاريخ: 20-11-2014
993
التاريخ: 10-08-2015
932
|
العدل الذي هو كمال الواجب الوجود بالذات ( في أفعاله تعالى ) كما أنّ التوحيد كماله تعالى في ذاته تعالى، وهو بحسب المعنى التصوّري عبارة عن إيجاد الأفعال على وجه الاعتدال ، والتوسّط بين الإفراط والتفريط ، وبحسب المعنى التصديقيّ عبارة عمّا يجب تصديقه بالجنان وإقراره باللسان ، وهو أنّ الله تعالى عادل ، وفي جميع أفعاله كامل ، وعن الظلم هو المنزّه والمبرّأ ، وعن القبح والشرور هو المجرّد والمعرّى ، وجميع أفعاله حسنة ، وبالغرض والفائدة العائدة إلى العباد معلّلة ، وأفعاله مترتّبة على اللطف على وفق المصلحة ، وقد خلق العباد مع القدرة والاختيار من غير تفويض وإجبار.
والمراد
وجوب اعتقاد كون الواجب الوجود متّصفا بفعل جميل مليح ، ومنزّها عن الظلم والفعل
القبيح ، ووجوب الاعتقاد بأنّ أفعاله المتعلّقة بالعباد متّصفة بالكمال ، وتكون
على حدّ التساوي والاعتدال ، وليس فيها شائبة الظلم والقبح والشر والمفسدة ، بل
كلّها مع الحسن والمصلحة والفائدة ، التي هي إلى العباد عائدة ، وأنّ التكليف على
قدر الطاقة ، واستحقاق الثواب على قدر الطاعة ، والعقاب على قدر المعصية ؛ لأنّه
منزّه عن الظلم والحاجة ، مع إمكان العفو بنحو الشفاعة ، وأنّه تعالى خلقهم مع
الاختيار ، فإن أطاعوا فباختيارهم بحيث لو شاءوا عصوا ، فلمّا اختاروا الطاعة ،
أجرى عليها لازمها وهو استحقاق الثواب ، وإن عصوا فباختيارهم بحيث لو شاءوا أطاعوا
، ولمّا اختاروا المعصية أجرى عليها لازمها ، وهو استحقاق العقاب مع جواز العفو ،
وليس الأمر على وجه التفويض بأن لم يكن له أمر في أفعالهم حتّى يكون معزولا عن
سلطانه ، ولا على وجه الإجبار بأن لم يكن للعبد دخل فيها ، وإلاّ لما كان لبعث
الرسل وإنزال الكتب معنى ، ولما استحق ثوابا ولا عقابا ، ولكان العقاب ظلما ، بل
الإقدار من الله بأن خلقهم قادرين على الفعل والترك ، فهو العلّة البعيدة ،
والمباشرة من العبد ، فهو العلّة القريبة ، فليس العلّيّة منحصرة فيه تعالى كما
يقوله أهل الإفراط وهم الأشاعرة (1) ،
ولا منحصرة في العبد كما يقوله أهل التفريط وهم المعتزلة (2) ، بل
الأمر بين الأمرين ، والعلّة مركّبة اعتباريّة حاصلة في البين كما هو المذهب
الجعفريّ (3) ، كما روي عن مولانا جعفر بن
محمّد عليه السلام : « لا جبر ولا تفويض بل الأمر
بين الأمرين » (4) بمعنى أنّ
المجموع المركّب من فعل الله تعالى التكوينيّ ـ بإيجاد العبد وإحيائه وإعطاء
الأسباب كالقدرة ونحوها وإبقائها ـ ومن فعل العبد ـ بالمباشرة ونحوها من باب الجعل
للمصلحة ـ علّة لحصول الفعل الاختياريّ للعبد وإن كانت الإرادة التكليفيّة على
خلاف الإرادة التكوينيّة ، فالتركيب اعتباريّ في مقام الفعل ، لا في مقام الذات
حتّى يلزم نحو الوحدة أو الاتّحاد ، ولا يلزم أيضا تعذيب أحد الشريكين للآخر ؛
لعدم التركيب في مقام المباشرة مع أنّ اعتباره بملاحظة مقام التكوين ، والتعذيب
باعتبار التكليف المستند إلى اختيار العبد ومباشرته له.
فإن قلت : قد حقّق أنّ
الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل أنّ صفات الذات ما لا يصحّ إثباته ونفيه عن ذاته
تعالى ولو بالاعتبار ، بخلاف صفات الفعل ، وعلى هذا فلا يصحّ جعل العدل من كمال
الأفعال ؛ لعدم صحّة نفيه ، لاستحالة وقوع الظلم.
قلت : يصحّ نفي
العدل بإثبات الفضل الذي هو موقوف على الاستعداد من غير استحقاق معتبر في العدل ،
فتوهّم أنّ التقابل بين العدل والظلم تقابل العدم والملكة فاسد ، مخالف للوجدان
والشرع.
فإن قلت : الجور لازم
للجبر ، فلا فائدة في الفرق.
قلت : الجور
الاعتقاديّ مستلزم للكفر في مقابل الإسلام ، بخلاف الجور الاستلزاميّ ؛ فإنّه
مستلزم للكفر في مقابل الإيمان ـ الموجب للخلود للنيران (5) ـ لا
الكفر المقابل للإسلام.
وبالجملة
، فأفعال الله تعالى على أقسام خمسة : منها الإنشاء والاختراع ، ومنها الإبداع ،
ومنها الصنع ، ومنها التركيب والتكوين ، ومنها التكليف ... فالكلام في هذا الأصل
أيضا يقع في مقامات خمسة نذكرها على وفق ما أشار إليه المصنّف :
الأوّل : أنّ الله تعالى
عادل بالعدل الذي هو مقابل الجور ، وأنّه تعالى منزّه عن الظلم والقبح والشرور ؛
وهو من أصول الدين ، ومنكره من الكافرين.
الثاني : أنّ جميع
أفعاله تعالى حتّى التكليف حسنة بالحسن العقليّ الأصليّ أو العارضيّ ـ ولو لم
يدركه العقل إلاّ بإرشاد النقل ـ كما يستفاد من العقل والنقل لا أنّ ما يفعله أو
يأمر به يصير حسنا ، وما لا يكون كذلك يصير قبيحا ؛ وهو من أصول المذهب ؛ ردّا على
الأشاعرة (6).
الثالث : أنّ أفعاله
تعالى معلّلة بالأغراض والفائدة العائدة إلى العباد ؛ وهو أيضا من أصول المذهب ؛
ردّا على الأشاعرة (7).
الرابع : أنّ الله
تعالى خلق العباد على وجه الاعتدال ، وأوجدهم قادرين ومختارين بالاختيار المستند
إلى اختيار الله ، فهو عادل في إيجادهم كما أنّه عادل في سائر أفعاله ، بمعنى أنّ
أمر العباد في أفعالهم الاختياريّة بين الأمرين لا على وجه الجبر والتفويض ؛ وهو
أيضا من أصول المذهب ؛ ردّا على الأشاعرة والمعتزلة (8) ؛
فالعدل الذي هو مقابل الجور من أصول الدين ، والعدل الذي هو مقابل الجبر ونحوه من
أصول المذهب.
الخامس : أنّ أفعاله
تعالى مترتّبة على اللطف الواجب عليه تعالى على وفق ما هو الأصلح بحال العباد ،
الذي لا يكون له مانع ؛ وهو أيضا من أصول المذهب ؛ ردّا على الأشاعرة (9).
__________________
(1) « المطالب العالية »
9 : 9 وما بعدها ؛ « الأربعين في أصول الدين » 1 : 319 ؛ «المحصّل » : 455 ـ 474 ؛
« شرح الأصول الخمسة » : 324 ؛ « شرح المواقف » 8 : 145 ـ 173 ؛ « شرح المقاصد » 4
: 219 وما بعدها.
(2) نفس المصادر
السابقة.
(3) « نقد المحصّل » :
333 ؛ « مناهج اليقين » : 235 ـ 243 ؛ « كشف المراد » : 308 ـ 313 ؛ « النافع ليوم
الحشر » : 155 ـ 160 ؛ « إرشاد الطالبين » : 263.
(4) « الكافي » 1 : 160
باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين ، ح 13.
(5) كذا في النسخ ، والأصحّ : « إلى
النيران ».
(6) حيث نفوا الحسن
العقلي. انظر « المحصّل » : 478 ـ 481 ؛ « الأربعين في أصول الدين » 1 : 346 ـ 349
؛ « شرح المواقف » 8 : 181 ـ 195 ؛ « شرح المقاصد » 4 : 282 ـ 294.
(7) « المحصّل » : 483 ـ 484 ؛ « الأربعين في
أصول الدين » 1 : 350 ـ 354 ؛ «شرح المقاصد » 4 : 301 ـ 306.
(8) راجع ص 366 ، المصادر المشار
إليها في الهامش 1.
(9) « المحصّل » : 481 ـ 483 ؛ «
شرح المواقف » 8 : 196 ؛ « شرح المقاصد » 4 : 321 ـ 323.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|