المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
معنى الـمُبطئ
2024-05-04
{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}
2024-05-04
معنى الصد
2024-05-04
معنى الظليل
2024-05-04
معنى النقير
2024-05-04
معنى الطمس
2024-05-04

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الطبيعة القانونية للالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي  
  
1066   01:34 صباحاً   التاريخ: 6-6-2022
المؤلف : حمدية عبود كاظم الاسدي
الكتاب أو المصدر : التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان
الجزء والصفحة : ص 41-49
القسم : القانون / القانون العام / القانون المالي /

ترتبط دراسة طبيعة الالتزام بتقديم المعلومات الائتمانية بتحديد المصدر الذي يستند إليه هذا الالتزام سواء كان مصدراً قانونياً أم انهُ يتخذ صيغة تعاقدية , هذا من جهة , ومن جهة أخرى إذا ما اتضح لنا ذلك , وانهُ قد يكون التزاماً ذا طبيعة تعاقدية فلا بد ان نحدد هل هو التزام بتحقيق نتيجة أم انهُ التزام ببذل عناية ؟ وهذا ما سنبحثهُ في فقرتين متعاقبتين وكما يلي :-

أولاً :- الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي  التزام قانوني

لعل من المعلوم , كما سنرى , أن التطرق إلى مصدر الالتزام بتقديم المعلومات , قد يشير إلى أن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يكون مصدرهُ القانون وذلك في حالتين أساسيتين أولهما :-

حالة وجود نص صريح في القانون يلزم المصرف بتقديم تلك المعلومات مثل النصوص التي تلزم المصرف بتقديم معلومات معينة إلى البنك المركزي , ومنها نص المادة (35) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 والتي تتعلق بالمعاملات المريبة إذ تنص على " 1- إذا علم المصرف أو أي من إداريه أو مسؤوليه أو موظفيه أن تنفيذ معاملة مصرفية أو استلام أو دفع مبلغ لهُ علاقة أو قد تكون لهُ علاقة بأي جريمة أو عمل غير قانوني يقوم المصرف فوراً بإخطار البنك المركزي العراقي وعلى أساس شهري عن المعاملات المريبة المقدمة أن وجدت ........."(1).

وكذا تقتضي نصوص أخرى بالمعنى نفسهُ . إذ تفرض على المصرف تقديم معلومات إلى إدارة مكافحة غسيل الأموال ومنها نص المادة ( 8) من قانون غسيل الأموال العراقي رقم 93 لسنة 2004 حيث نصت على " يكون البنك المركزي العراقي مخولاً ان يفرض على المؤسسات المالية التي يراقبها وعلى هيئات تدقيق حسابات المؤسسات المالية ان تقدم كل المعلومات والوثائق الضرورية لا نجاز واجبات البنك المركزي(2).

أضف إلى ذلك النصوص القانونية التي تفرض على المصرف تقديم المعلومات إلى دائرة الضرائب , وفي هذه الحالة يحدد القانون نطاق هذا الالتزام وشروطهِ والجزاء الذي يترتب على مخالفتهِ.

إما الحالة الثانية :- فهي الحالة التي لا يوجد فيها نص صريح في القانون يلزم المصرف بتقديم المعلومات ,ولكن مقتضيات العدالة وحسن النية في المعاملات تلزم المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي, وهذا ما تضمنتهُ المادة (35) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 الفقرة (ثانياً ) والتي تنص على أنهُ " لا يعتبر إفشاء المصرف لأي معلومات بحسن نية بموجب هذهِ المادة خرق للسرية المصرفية , إضافة إلى ذلك لا يتحمل البنك المركزي ولا تتحمل المصارف أية مسؤولية تجاه ذلك ".

وفي هذا الصدد تلعب الأعراف التجارية دوراً هاماً في إرساء دعائم هذا الالتزام , وخاصة أنها لعبت دوراً هاماً في تكوين قواعد القانون التجاري بصفة عامة , والقانون المصرفي على نحو خاص , حيث يعد العرف أحد المصادر المهمة للقاعدة القانونية بصورة عامة , كما هو معروف ,  فالعرف هنا عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي درج الناس على إتباعها في معاملاتهم جيلاً بعد أخر والتي يشعرون بضرورة احترامها خشية الجزاء الذي وقع عند مخالفتها(3). ومنها ما يتعلق بالأعراف المصرفية وما درجت عليهِ المصارف .

وطبقاً لما تقدم , يقصد بالأعراف التجارية الحلول التي جرى عليها التعامل واستقر حتى ثبت في أذهان المتعاملين أنها ملزمة ما دام لم يستبعدونها, و تستمد قوتها الإلزامية من افتراض التراضي بين الإطراف على تطبيقها فيجوز لهم استبعادها بالنص الصريح فأن لم يفعلوا لزمهم حكمها؛ بحكم كونهِ داخلاً في تعاقدهم , والشرط لهذا الإلزام , أي لاعتبار حكم ما عرفاً هو ان يكون مستقراً ومتواتراً وعاماً بين ذوي الشأن في التعامل في مجموعهم , أي المصارف من جهة وطالب المعلومات من جهة أخرى (4).

وبناء على ما سبق ذكره , يمكن القول بأن المصرف قد يكون ملزماً بتقديم المعلومات بحكم الأعراف التجارية. من جانب آخر  فأن قواعد العدالة تلعب دوراً خطيراً في تحقيق ذلك الإلزام بطبيعة الحال

إذ تنص المادة (1) وفي الفقرة الثانية منها من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 المعدل على أنهُ " إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقهُ حكمت المحكمة بمقتضى العرف فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية فإذا لم يوجد فبمقتضى العدالة  (5).

لهذا يمكن القول بأن التعامل الذي يتم بين المصرف وطالب المعلومة يجب أن يتم بطريقة تتفق مع ما يوجبهُ مبدأ حسن النية , وان التزامات المصرف الناشئة عن العقد الذي يربطهُ بطالب المعلومة تتناول ما هو من مستلزمات هذا العقد وفقاً للقانون فضلاً عن العرف وقواعد العدالة  وبحسب طبيعة الالتزام .

ثانياً :- الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي التزام تعاقدي

إن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يمكن أن يتخذ صفة تعاقدية تظهر فيها إرادة إطراف العلاقة القانونية بصورة واضحة . وليس أبلغ في الدلالة على ذلك من حالتين رئيسيتين هما :-

أ‌- حالة ما قد ينشأ بصورة تبعية لأحد العقود المصرفية المبرمة ابتداء , مثل عقد القرض المصرفي أو عقد فتح الحساب أو عقد وكالة , حيث يلتزم المصرف بتنفيذ التزامه المقصود من العقد, أساساً, ومن ثم بصورة تبعية تقديم المعلومات المرتبطة بحسن تنفيذ التزامهِ الأصلي .

ب‌- أما الحالة الثانية فهي أن ينشأ الالتزام من عقد محلهُ تقديم معلومات حيث يتقدم طالب المعلومات إلى المصرف المقصود يلتمس أن يمدهُ بمعلومات معينة قبل أن يتخذ قراراً معيناً  (6) .

هذا ومن اجل تحديد الطبيعة التعاقدية لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي لا بد لنا ان نفرق بين تصورين :-

التصور الأول :- وهو فرض حصول المصرف على أجر أو مقابل لتقديم المعلومات وفي هذهِ الحالة يجمع الفقه والقضاء الفرنسي على الطبيعة التعاقدية لالتزام المصرف حتى لو كان هذا المقابل زهيداً , وذلك طبقاً للقواعد العامة التي تطبق على عقود الاستشارة التي تبرم مع المهنيين ؛ لان التزام المهني الذي يقدم المشورة يكون التزاماً تعاقدياً يرجع مصدرهُ للعقد المبرم بين المهني والعميل والذي بموجبهِ يلتزم بتقديم المشورة للعميل (7) .

والغالب أن يحصل المصرف على أجر خاص لقاء تقديم تلك المعلومات , إلا أن الحصول على الآجر ليس ركناً في العقد أو شرطاً لوجودهِ , فمتى قدم المصرف معلومات بناء على طلب من الراغب في الحصول عليها فقد تم العقد حتى لو لم يحصل المصرف على أجر محدد , لأنهُ ينظر إلى ما هو اكبر من هذا الآجر المحدد ويسعى إلى أن يكسب ثقة هذا الشخص فيصبح عميلاً لديهِ.

تجدر الإشارة أن أحكام القضاء الفرنسي لا تجعل من الاجر, وجوداً أو عدماً, معياراً للتفرقة بين الالتزام العقدي والالتزام القانوني. بل أنها تأخذ بوجود أتفاق أو عدم  وجودهِ, بعبارة أخرى هل قدمت المعلومات بناء على طلب مسبق ؟ أم قدمت طوعاً دون طلب ؟ فالمعلومات التي قدمت طواعية تعالج خارج النطاق العقدي .

والمسؤولية المحتملة للمصرف تكون على أساس المسؤولية التقصيرية . أما إذا قدمت المعلومات بناء على طلب فإنها تلقي على عاتق المصرف التزاماً تعاقدياً (8) .

هذا وقد أكدت محكمة استئناف باريس في 26 مارس 1982 هذا المعنى, حيث ذهبت إلى أنهُ في حالة اشتراط الآجر مقابلاً لتقديم المعلومات فأن التزام المصرف تكون لهُ الطبيعة التعاقديـــة , وبموجب هذا الالتزام التعاقدي يلتزم المصرف باستخدام كل الوسائل المتاحة التي يملكها لكي يقدم معلومات صحيحة وبأدق ما يمكنهُ (9).

أما التصور الثاني :- فهو يتحقق في الحالة التي لا يحصل فيها المصرف على أجر أو عمولة مقابل تقديم المعلومات . حيث يقدم المصرف المعلومات لطالب المعلومة بدون مقابل . فالمصرف يقدم هذهِ الخدمة مجاناً بقصد إرضاء أو جذب العملاء.

ويقرر جانب من الفقه العربي والفرنسي(10)إن المصرف حتى لو قدم المعلومات لطالبها بدون مقابل , فأن فكرة المقابل تكون موجودة في العلاقة بين المصرف وطالب المعلومة وهذا المعنى أيضاً أكدتهُ محكمة استئناف " اكس " في 12 نوفمبر 1976 حيث قررت المحكمة أن العلاقة بين المصرف وعملائهِ لا تتوقف على دفع المقابل ذلك أن هناك عدداً من الخدمات لا يحصل فيها المصرف على اجر مباشر , كما إن نشاط المصارف يسعى إلى الربح في تجارة النقود ويكون من غير المستطاع إغفال علاقات المصرف مع عملائهِ والتي تتم في إطار الخدمات العادية التي يقدمهــا المصرف بحكم مهنتهِ  (11).

وبناء على ما تقدم يمكن القول أن المصرف يلتزم بتقديمِ معلومات الائتمان المالي كأثر مباشر للاتفاق المبرم بين المصرف وطالب المعلومة , وأنهُ في حالة تقديم المعلومات بدونِ مقابل كخدمة مجانية لطالبِ المعلومة يفترض أن المصرف قد حصل على المقابل ضمن علاقة اشمل.

لذلك يتفق كل من الفقه والقضاء المصري والفرنسي على إعطاء التزام المصرف بتقديم المعلومات الطبيعة التعاقدية , ونحنُ نؤيد ما ذهب اليه الفقه والقضاء المصري والفرنسي بإعطاء هذا الالتزام الصفة التعاقدية في حالة وجود اتفاق بين المصرف وطالب المعلومة .

وبناء على ما سبق ذكره فأن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يكون التزاماً تعاقدياً , ولكن في أطار هذهِ العلاقة التعاقدية يفرق الفقه والقضاء الفرنسي والمصري بين الالتزام بتحقيق نتيجة والالتزام ببذل عناية طبقاً للقواعد العامة.

حيث يذهب الفقه الفرنسي إلى القول بأن بعض المهنيين الذين يقدمون خدماتهم للجمهور يلتزمون التزاماً بتحقيق نتيجة , ومثال ذلك طبيب التحاليل فهو لا يلتزم ببذل عناية للوصول إلى كشف الحقيقة بل يلتزم بتحقيق نتيجة هي كشف حقيقة العينة المقدمة للتحليل .

والسؤال الذي يثار هنا هو عن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي هل هو التزام ببذل عناية أم التزام بتحقيق نتيجة ؟

للإجابة عن هذا التساؤل يمكن القول بأن قسماً من الفقه الفرنسي(12) يذهب إلى أن المصرف الذي يمسك حساب الأوراق المالية للعميل ,وطبقاً لقواعد عمل البورصة, ملتزم بأن يقدم لهذا العميل المعلومات المتعلقة بالمخاطر المصاحبة للعمليات التي تتم بنظام الصفقات الآجلة.

وهذا الالتزام لا يتلاءم مع مجردِ الالتزام ببذلِ عناية خاصة في حالةِ العمليات التي تقوم على المخاطرةِ والاحتمالات , والتي تعود بالكثيرِ من الأرباح على المصرفِ الوسيط .

وينتهي هذا الرأي إلى القول بان تلك المعلومات لا بد أن يتم تقديمها على نحو إلزامي وحتمي.

إلا إن هناك رأياً أخر في الفقه الفرنسي يذهب إلى إن التزام المصرف بتقديم المعلومات هو التزام ببذل عناية , وليس بتحقيق نتيجة . ويبرر هذا الجانب من الفقه ذلك بان من يتلقى المعلومات تظل لهُ الحرية في إتباعها .

والمدين ( المصرف ) لا يضمن النتيجة .لذا تكون إرادة الدائن ( طالب المعلومة ) حرة في استبعادها .فمسؤولية المصرف تنتج عن عدم تنفيذ التزام ولكن ببذل عناية ليس إلا (13). أما بالنسبة لموقف القضاء الفرنسي لتحديد طبيعة التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي .فقد استخلص الفقه من أحكام القضاء أن المصرف ملتزم فقط ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة . لذلك يجب عليهِ أن يبذل عناية معينة ليتوصل إلى تقديم معلومات صحيحة وكاملة , ومادام قد بذل هذهِ العناية لا يكون مرتكباً لأي خطأ .

وهكذا فان ما أستقر عليهِ القضاء هو أن المصرف الذي يتصرف في ضوء ما لديهِ من معلومات لا يكون مرتكباً للخطأ .

فقد أيدت محكمة النقض الفرنسية محكمة استئناف باريس, والتي قضت بان المصرف لم يرتكب خطأ باستمرارهِ في تقديم الائتمان إلى شركة مزدهرة ظاهرياً وحسابها يشغل بصورة منتظمة دون مشاكل في الوفاء ,خاصة وان الشركة تقدم دائماً ميزانية مؤيدة بتزكية من مراقب الحسابات تكشف عن موقف مالي سليم واستغلال مربح بحيث لا يبدو ضرورياً لقيام بتحريات وتحقيقات خاصة(14).

من جانب أخر يذهب بعض من الفقه المصري إلى أن التزام المهني تجاه العميل يكون في الأصل التزاماً ببذل عناية ويأتي الالتزام بتحقيق نتيجة استثناء على هذا الأصل , وذلك من منطلقِ أن الالتزامات التي يتعهد بها لا يمكن أن يكون مضمونها تحقيق نتيجة للعميل أو ضمانها لان هذهِ النتيجة لا تعتمد فقط على مهارةِ وحماس المهني , وإنما هي نتيجة  احتمالية  لاعتمادها على ظروفِ خارجية وعلى عدة عوامل يعد فعل المدين واحد منها (15) .

لذلك فان المصرف لا يتعهد بتحقيق نتيجة لطالب المعلومة وإنما يلتزم ببذل عناية . وهذا الأمر يمكن استخلاصهُ من نص المادة (211) من القانون المدني المصري رقم ( 131) لسنة 1948 حيث نصت على " 1- في التزام بعمل أذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشيء  أو أن يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامهِ فان المدين يكون قد وفى بالالتزام أذا بذل في تنفيذهِ من العناية كل ما يبذلهُ الشخص العادي . ولو لم يتحقق الغرض المقصود هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك ".

وكذا في ضوء أحكام القانون التجاري المصري رقم (17) لسنة 1999 فأن المصرف الذي يحصل على اجر يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد , أي تلك التي يبذلها مصرف محترف (16).

فالتزام المصرف يتمثل بتقديمِ المعلومات التي يعرفها ولكنهُ لا يضمن نتيجة معينة فالتزامهِ يوصف بأنهُ التزام ببذل عناية ومتى بذل ما في وسعهِ طبقاً لما جرت بهِ الأعراف المصرفية , فقد نفذ ما عليهِ ولا يلزم بعمل تحريات للوصول إلى معلومات خاصة (17).

هذا وقد سلك المشرع العراقي نفس مسلك المشرع المصري في وصف الالتزام بتقديم المعلومات بأنهُ التزام ببذل عناية وهذا الأمر , كما يبدو لنا , يمكن أن يتضح من خلال نص المادة (251) حيث تنص " 1- في الالتزام بعمل أذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشى أو أن يقوم بإدارته أو كان مطلوباً منهُ أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامهِ فان المدين يكون وفى الالتزام إذا بذل في تنفيذهِ من العناية ما يبذلهُ الشخص المعتاد حتى ولو لم يتحقق من الغرض المقصود.

2- ومع ذلك يكون المدين قد وفى بالالتزام أذا هو بذل في تنفيذهِ من العناية ما اعتادهُ في شؤونهِ الخاصة متى تبين من الظروف ان المتعاقدين قصدا ذلك ".

ونستنتج من ذلك أن المصرف يلتزم ببذل عناية , الحرفي , عند تقديم المعلومات فيقدمها بجدية واهتمام , كما انهُ لا يقدم المعلومة إلا بعد القيام بالدراسات الضرورية من اجل إحاطة طالب المعلومة بكل جوانب التصرف الذي ينوي القيام بهِ , فيجب على المصرف ان يحيط عملائهِ الإحاطة المعقولة فيما يتعلق بالمخاطر المرتبطة بالتصرف وتقدير الاحتمالات وذلك من خلال خبرة المصرف وقدرتهِ على الإحاطة بالعديد من المسائل المتعلقة بالتصرفات المصرفية ومعالجة حساباتهم المصرفية .

فالالتزام ببذل عناية يفرض على المصرفِ أن يوضح لطالبِ المعلومة ما إذا كانت المعلومات التي قدمها لهُ المصرف تتطلب أن يقوم طالب المعلومة بفحص تلك المعلومات أو يراقب صحتها إذ لم يقم المصرف بفحصها , ولكن مع ملاحظة أن المصرف لا يضمن لطالب المعلومة مطابقة المعلومات للحقيقة طالما كان صادقاً في نقلها بعد أن بذل العناية المعتادة التي تتوقع من المصرف في ذات الظروف (18).

ألا إن السؤال الذي يطرح نفسهُ في هذا النطاق هو انهُ أذا كان المصرف ملتزم ببذل عناية فما هي درجة العناية ؟وبعبارة أخرى هل يقتصر دور المصرف على أن يقدم ما يعرف أي يذكر رأي التجار والمصرفيين ؟ أم يجب عليهِ قبل أن يرد القيام بأبحاث ويراجع ويتحقق , وبخلافهِ  يجب عليهِ أن يمتنع عن تقديم المعلومات ؟

وللإجابة عن هذا التساؤل , لابد أن نميز بين حالتين هما :-

الحالة الأولى :- هي حالة وجود اتفاق بين الطرفين على درجة العناية المطلوبة , حيث انهُ أذا اتفق الطرفان على أن المصرف يقدم المعلومات التي يتوصل إليها ظاهرياً عن إحدى الشركات أو على انهُ يتلقى المعلومات من مصرف أخر , ويوصلها فأن درجة العناية تكون قد حددت ولا يلام المصرف إذا قام بما هو مطلوب , كما هو الحال في القضية التالية والتي تتلخص وقائعها :- بأن المصرف قام بعملية وساطة مالية لأحد عملائهِ بأن قدم لهذا الأخير الفرص المتاحة حول إمكانية المشاركة في رأسِ مال إحدى دور النشر , وتحدد التزام المصرف بأن يبلغ عميلهِ بالتوقعاتِ المعروضة من هذهِ الشركات بناء على موقفها المالي الذي يمكن رصده من الخارجِ ونفذ المصرف هذا الالتزام بدقة وموضوعية كافية بأن اطلع هذا العميل على المذكرات والمستندات المحاسبية وبكل ما كان يمكن معرفتهِ بحسب الظاهر وبناء على هذهِ المعلومات شارك العميل في رأس مال الشركة بمبلغ كبير , هذه الشركة ما لبثت أن دخلت مرحلة التصفية القضائية , فرفع العميل دعوى على المصرفِ يطالبهُ بسدادِ مبلغ استثماراتهِ ,وقد ألغت محكمة استئناف باريس(19)حكم أول درجة وقررت أن المصرف لم يرتكب أي خطا لأن اكتشاف الموقف المالي الحقيقي للشركة كان يتطلب تحقيقاً مالياً متعمقاً وهو أمر كان يتطلب موافقة مسبقة من مديري الشركة التي تم الاشتراك في رأس مالها . وقد رفضت محكمة النقض الطعن المقدم على هذا الحكم وأيدتهُ وقررت أن المصرف بوصفهِ سمساراً لا يلتزم إلا ببذل عناية , وانهُ في ظروف القضية لم يرتكب أي خطأ إذا قام بكل ما في وسعهِ فالمصرف حسب الظاهر , وفيما يتعلق بأحوال الشركة لم يكن يعلم أكثر من المعلومات التي ابلغها لعميلهِ وان الوقوف على المركز الحقيقي للشركة كان يتطلب القيام بتحقيق مالي متعمق.

الحالة الثانية :- هي حالة عدم وجود اتفاق بين الطرفين على درجة العناية المطلوبة . حيث انهُ لا يتم تحديد درجة العناية من الطرفين أو نوع الإعمال المطلوبة . فلا يوجد في أحكام القضاء معيار عام في هذا الخصوص . بل أن هناك مؤشرات تشدد درجة العناية التي يلتزم بها المصرف بمدى أهمية المعلومات بالنسبة لطالبها . وإنها ذات اثر حاسم في اتخاذ القرار , وفي مثل هذهِ الحالات يجب على المصرفِ أن يبذلِ عناية اكبر , وان يعمل تحريات واستقصاءات أعمق للوصول إلى معلومات صحيحة , أي انهُ يلتزم باستخدام كل الوسائل المتاحة للوصول إلى تلك المعلومات الصحيحة .

فقد حدث أن إحدى الشركات طلبت , قبل أن تتعاقد على بيع طلبيه كبيرة, من المصرف الذي تتعامل معهُ معلومات حول ملاءة الشركتين المستثمرتين , واعتماداً على المعلومات المشجعة عن موقفها تم التسليم , ولان المعلومات كانت غير صحيحة ,فأن الشركتين المشتريان لم تسددا ثمن البضاعة .

الشركة البائعة ( عميلة المصرف ) رفعت دعوى مسؤولية على هذا الأخير . محكمة استئناف باريس(20) , قررت أن المصرف مسؤول عن الإضرار الناجمة عن تلك المعلومات المغلوطة التي قدمتها , محكمة النقض أيدت هذا الحكم ورفضت الطعن المقدم عليهِ .

ومن ذلك نلاحظ أن هناك مؤشرين دفعا المحكمة إلى التشديد في درجة العناية الواجبة .

الأول منهما هو حصول المصرف على أجر مقابل تقديم المعلومات , فمن المؤكد أن الحصول على اجر مقابل تقديم المعلومات يقوي درجة العناية الواجبة على المصرفِ .

وثانيهما :- معرفة المصرف بالتأثيرِ الحاسم للمعلوماتِ المقدمة في اتخاذِ القرار , فدرجة العناية يجب أن تكون اكبر عندما يتم لفت انتباه المصرف إلى هذا التأثير الحاسم .

وبعد أن وضحنا طبيعة الالتزام بأنها مزدوجة وبحسب الأحوال . فهو التزام ذو طبيعة تشريعية من جهة والتزام ذو طبيعة تعاقدية من جهة أخرى . وفي نطاق الطبيعة التعاقدية يوصف انهُ التزام ببذل عناية .

بيد أن الإشكال الذي ينقدح في الذهن هو :- ما هي الفائدة أو الحكمة من وصف التزام المصرف بتقديمِ معلومات الائتمان المالي بأنهُ التزام قانوني أو تعاقدي ؟يمكن الإجابة على هذا الإشكال بالقول بان هناك فائدة عملية تترتب على تكييفِ التزام المصرف بتقديمِ معلومات الائتمان المالي, هذهِ الفائدة تتعلق من ناحيةِ بمدى أهمية التعويض الذي يلتزم بهِ المصرف , ومن ناحية أخرى  بمدى صحة شرط الإعفاء من المسؤولية وتحديدها .

فإذا اخل المصرف بالتزامِ تعاقدي وانعقدت مسؤوليتهِ فانهُ لن يتحمل إلا التعويض عن الضررِ الذي يمكن توقعهِ وقت التعاقد الا في حالتي الغش والخطأ الجسيم فانهُ يلتزم بتعويض كامل الضرر متوقعاً كان أم غير متوقع (21) .

أما أذا ارتكب خطأ تقصيرياً لإخلاله بالتزامِ قانوني فانهُ يتحمل كل الإضرار المتوقعة كانت أو غير المتوقعة لان الأصل هو أن يعوض المضرور كل الضرر.

وفيما يتعلق بصحةِ شرط الإعفاء من المسؤوليةِ أو تحديدها . فان هذا الشرط يكون صحيحاً أذا كان مصدر الالتزام بتقديم المعلومات هو العقد .

ويقتصر اثر الإعفاء على الأخطاء اليسيرة دون الأخطاء الجسيمة ففي حالة الغش أو الخطأ الجسيم يكون شرط الإعفاء من المسؤولية آو تحديدها لا اثر لهُ .

أما في حالةِ ما أذا كان مصدر الالتزام هو القانون فأن مسؤولية المصرف تكون تقصيرية ولا مجال فيها لإعمال شرط الإعفاء من المسؤولية أو تحديدها . فان المسؤولية التقصيرية من النظامِ العام وهذا النوع من المسؤوليةِ لا يمكن استبعادهُ مطلقاً(22)

_____________

1- أنظر كذلك المادة (41) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 والمتعلقة بالإبلاغ الدوري .

2- أنظر كذلك ما يقابل هذهِ المادة من قانون غسيل الأموال المصري رقم (80) لسنة 2002 والمعدل بالقانون رقم ( 78) لسنة 2003  المادة ( 8) منهُ حيث نصت على " تلتزم المؤسسات المالية بأخطار الوحدة عن العمليات المالية التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال ".

ونلاحظ أن كل من القانون العراقي والمصري استعمل مصطلح المؤسسات المالية وهذا ما تضمنتهُ المادة (2) من قانون غسيل الأموال العراقي ويقابلها الفقرة (ج) من المادة ( 1) من قانون غسيل الأموال المصري حيث تشمل المؤسسات المالية المصارف أيضاً.

3- انظر د.  عباس العبودي , تاريخ القانون , الناشر العاتك بالقاهرة , توزيع المكتبة القانونية , الطبعة الثانية , بغداد , 2007 , ص 46.

4- انظر د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , دور البنك في خدمة تقديم المعلومات , دار النهضة العربية , القاهرة , 2008,  , ص 126.

5- أنظر كذلك الفقرة ( ثانياً ) من المادة (1) من القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948.

6- أنظر د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , دور البنك في خدمة تقديم المعلومات , دار النهضة العربية , القاهرة , 2008,  ص 128.

7- أنظر

Savatier,op.cit , p.137.

8- انظر

Vasseur ,op.cit ,p.947  .                                                                                                                                                                     

9- أنظر

C.A, paris, 26 mars 1982,R.T.D,1984,p.500 .

 

 

10- أنظر في الفقه  العربي د. السيد محمد محمد اليماني ,  ص 54.وأنظر كذلك في الفقه الفرنسي

Vasseur, op.cit , p. 947 .                                                                                                   

11- انظر

C.A, Paris , 12 November , 1976,D.1978, P. 218.

نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 35.                             12- انظر

Vassur , op.cit ,p949.                                                                       

13- انظر

Gavalda et Stouflet , op.cit ,p.837.                                                                                                                       

14-انظر

        ,D.1987,p.419  Cass .com , 9 mai , 1978

نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 140.                                        

15- أنظر  د. احمد سلامة , مصادر الالتزام , مؤسسة التعاون للنشر , 1975, ص 264.

16-  أنظر المادة ( 311) من قانون التجارة المصري والتي نصت على " 1- على البنك أن يبذل في المحافظة على الصكوك المودعة عناية المودع لديهِ باجر , ولا يجوز الاتفاق على غير ذلك ".

17- أنظر د. محي الدين إسماعيل علم الدين , موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعملية , ج 1, النسر الذهبي للطباعة , 2001,ص1168.

18- أنظر د. السيد محمد محمد اليماني , مصدر سابق , ص 56.

19- أنظر

C.A .Paris ,3 December 1986 ,D. 1987 ,P.302 .

 نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 142.                                                                                                                      

20- انظر

C.A. Paris ,26 mars 1982 , D.1983 ,P.276 .

 نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 145.                          21- انظر المادة (169) من القانون المدني العراقي رقم 40لسنة 1951 المعدل حيث نصت على " 1- إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون فالمحكمة هي التي تقدره.

2- ويكون التعويض عن كل التزام ينشأ عن العقد سواء كان التزاماً بنقل ملكية أو منفعة أو أي حق عيني أخر أو التزاماً بعمل أو بامتناع عن عمل ويشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بسبب ضياع الحق عليهِ أو بسبب التأخر في استيفائهِ بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم وفاء المدين بالالتزام أو لتأخره عن الوفاء بهِ.

3- فإذا كان المدين لم يرتكب غشاً أو خطأ جسيماً فلا يجاوز في التعويض ما يكون متوقعاً عادة وقت التعاقد من خسارة تحل أو كسب يفوت" .

ويقابل هذهِ المادة في القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948 المادة (221).

22- أنظر المادة (259) من القانون المدني العراقي  وتقابلها المادة ( 217) من القانون المدني المصري .

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






موكب أهالي كربلاء يستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
العتبة العباسية تستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) بإقامة مجلس عزاء
أهالي كربلاء يحيون ذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) في مدينة الكاظمية
شعبة مدارس الكفيل النسوية تعقد اجتماعًا تحضيريًّا لوضع الأسئلة الامتحانية