أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-1-2022
1861
التاريخ: 29-11-2021
1492
التاريخ: 4-1-2022
1674
التاريخ: 11-10-2020
2053
|
عصبة الأمم:
شعر العالم بعد نهاية الحرب العالمية الأولى بحجم الكارثة التي أدت إلى الدمار والخسائر الفادحة التي حلت بالدول المشاركة في هذه الحرب، وبكثير من الدول بطريق غير مباشر. فقد بلغ عدد ضحايا هذه الحرب نحو ثمانية ملايين نسمة ونصف، وجرح وأسر نحو تسعة وعشرين مليونا. وأصبح من الضروري وضع نهاية لهذا الصراع والسعي لإقامة العلاقات الودية بين شعوب العالم، وتجنب تكرار مثل هذه الحروب، وذلك بإقامة هيئة دولية دائمة تعمل على حفظ السلام ونشر الأمن والطمأنينة بين الشعوب، والسعي في حل المشكلات وإنهاء المنازعات بين الدول بالطرق السلمية، وبما يحفظ لهذه الدول أمنها وسلامتها وسيادتها.
ولذلك دعا الرئيس ولسن (رئيس الولايات المتحدة الأمريكية) لإنشاء عصبة أمم يكون الغرض منها تحقيق التعاون العالمي، وضمان تنفيذ الالتزامات الدولية، ولتدعيم السلام في جميع أنحاء العالم.
وقد اهتم بهذه الفكرة كل من فرنسا وبريطانيا رغم اختلاف وجهة نظر كل منهما، ففرنسا كانت ترى أن تتكون هذه العصبة من الحلفاء ، يتفقون على توحيد مواردهم وإنشاء جيش موحد لهم، وهذا يعنى أن يكون هناك تحالف دائم لتأمين فرنسا وحلفائها، بينما كانت بريطانيا ترى تكوين مجلس دائم يجتمع في فترات محددة، حيث يتفق أعضاء هذا المجلس على استخدام جيوش الدول الممثلة في العصبة للقضاء على كل نشاط حربى تقوم به أية دولة يثبت لمجلس العصبة عدوانها.
وجاء قرار إنشاء عصبة الأمم أقرب إلى وجهة النظر الإنجليزية، وقد اتفق على أن يكون دستور العصبة وميثاقها جزءا لا يتجزأ من معاهدات الصلح التي انعقدت في باريس في يناير عام ١٩١٩، حيث كان القسم الأول من المعاهدة عبارة عن الست والعشرين مادة التي يتألف منها ميثاق عصبة الأمم، وفي القسم الأخير من المعاهدة جزء خاص. بشئون العمال.
وقد جاء في ميثاق عصبة الأمم «أن الغرض من إنشائها هو تأييد السلام العام، وأن هذا السلام لا يقوم إلا على أساس العدالة الاجتماعية".
وتقرر أن تضم هذه العصبة مندوبين يمثلون الدول المتحالفة المنتصرة، كما يسمح للدول المحايدة بأن تنضم إلى الجمعية، ولذلك انضم إليها خمس دول كأعضاء أصليين (الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان)، وأربعون دولة ذات سيادة، منها الدول التي وقعت المعاهدات (٣ دولة)، وثلاث عشرة دولة محايدة دعيت للانضمام للعصبة، واستبعدت ألمانيا من الانضمام إلى العصبة. ويدير شئون العصبة هيئتان تشريعيتان، وهما : الجمعية العمومية التي تجتمع مرة واحدة في العام في جنيف، والثانية مجلس العصبة (الهيئة التنفيذية) الذى يجتمع مرارا أثناء السنة بحسب ظروف المشكلات التي تعرض عليه. هذا بالإضافة إلى سكرتارية دائمة للعصبة. ولكل دولة مشتركة صوت واحد في الجمعية العمومية يتساوى في ذلك الدول الكبرى والصغرى، أما مجلس العصبة فيتكون من الأعضاء الدائمين الذين يمثلون الدول الخمس الكبرى وهم : الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان، ومن الأعضاء غير الدائمين وهم أربعة مندوبين عن الدول التي يختارها مجلس العصبة، وقد زاد عدد الأعضاء غير الدائمين بعد ذلك إلى تسعة أعضاء .
وقد كانت الوظائف الرئيسية للعصبة تتركز فيما يلي:
(١) تدعيم السلام العالمي وتحكيم العقل في حسم المنازعات الدولية بدلا من الالتجاء إلى الحرب.
(٢) النظر في المنازعات التي لا يمكن تسويتها بأحكام القانون.
(٣) على كل دولة من دول العصبة أن تحيل كل نزاع من هذا النوع إلى المجلس، وألا تقوم بأي إجراء حربى إلا بعد أن يصدر المجلس قراره في النزاع، وإذا خالفت ذلك تكون معرضة لجزاء تأديبي يفرضه جميع أعضاء العصبة.
(٤) إنشاء محكمة للعدل الدولية تنظر في المنازعات التي يمكن الفصل فيها بأحكام قانونية، ولذلك أنشئت «محكمة العدل الدولية فيعام ١٩٢١ ومقرها لاهاي.
(٥) العمل بالتدريج على نزع سلاح الدول المنضمة للعصبة.
(٦) على جميع الدول الأعضاء أن تودع في مقر العصبة كل ما تبرمه من معاهدات مع دول أخرى، لكى تضمن العصبة عدم تعارض شروط هذه المعاهدات مع ميثاقها، وذلك لضمان عدم عقد اتفاقيات سرية بين الدول.
(٧) حماية حقوق الأقليات لمنع اضطهادها من الدول التي عرفت بالتعصب ضد الأقليات الجنسية أو الدينية.
(٨) الاهتمام بشئون الشعوب التي خضعت للاحتلال أو الانتداب.
(٩) تضم العصبة منظمة دولية تسمى «مكتب العمل الدولي» تحقيقا لأغراض عصبة الأمم التي تدعو إلى السلام الذى يقوم على أساس العدالة الاجتماعية. وتمثل في هذا المكتب دول مختلفة لبحث ساعات العمل، والشروط التي يخضع لها أصحاب الأعمال والعمال، ومشكلة البطالة، وتعويض العمال، والتأمين الصحي، وتشغيل النساء والأطفال، والعمل الليلى، وعقد الاتفاقيات الدولية التي تضمن تنفيذ القرارات التي يتفق عليها وتجتمع هيئة المكتب الدائمة في مقرها بجنيف مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل.
ورغم أهمية عصبة الأمم في الظروف الى أنشئت فيها والدور الهام الذى يمكنها أن تقوم به، إلا أن طبيعة دستورها، والظروف التي أحاطت بالعالم بعد الحرب العالمية الأولى أضعفت من قيمتها وجعلتها تفشل في تحقيق أهم هدف قامت من أجله، وهو منع الحروب وتدعيم السلام، وذلك لأن ثلاث دول من أهم دول العالم (الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا) لم يكونوا أعضاء في العصبة، لأن ألمانيا استبعدت نظرا لأنها كانت الدولة المعتدية، وكانت سببا في ويلات هذه الحرب المدمرة، وروسيا لأنها انسحبت من الحرب واتفقت منفردة مع ألمانيا ولم تنضم للعصبة إلا في غام ١٩٣٥ ، والولايات المتحدة رغم أنها الداعية لإنشاء العصبة لأن مجلس الشيوخ الأمريكي لم يوافق على الانضمام إليها، وبالتالي لم توقع من قبل الولايات المتحدة.
ورغم ضعف عصبة الأمم، إلا أنها استطاعت القيام ببعض الخدمات المطلوبة منها، وازداد الإقبال للانضمام إلى عضويتها، ففي عام ١٩٢٠ كان عدد أعضائها الأصليين ٤٢ دولة، وارتفع إلى٤٥دولة في عام ١٩٢١ ، وانضمت إليها المجر في عام ١٩٢٢، وفي عام ١٩٢٣ انضمت إيرلندا والحبشة (إثيوبيا)، وفي عام ١٩٢٦ انضمت ألمانيا، وأخيرا انضمت روسيا في عام ١٩٣٥، وأصبح أعضاء العصبة ٦٢ دولة.
وقد تمكنت العصبة من حسم بعض المنازعات التي نشبت بين بعض الدول ولو أنها كانت بين الدول الصغرى مثل الخلاف بين فنلند والسويد عام ١٩٢٠ حول جزر «ألاند » ، والنزاع بين بولندا وألمانيا على حدود سيليزيا العليا في عام ١٩٢١، وبين اليونان وبلغاريا حول الحدود في عام ١٩٢٥، وبين بيرو وكولمبيا حول الحدود في عام ١٩٣٣.
لكن عصبة الأمم كانت ضعيفة عند تعرضها لحل النزاع بين دولة كبرى وإحدى الدول الصغرى، مثل النزاع بين بريطانيا والعراق حول زيت البترول في الموصل الذى كان حله على حساب العراق لصالح بريطانيا. ومثل النزاع الذى نشب بين بولندا ولتوانيا عام ١٩٢٣ حول مدينة (فيلنا) وكانت فرنسا تؤيد بولندا، ولذلك لم تستطع عصبة الأمم حسم هذا النزاع، بل ترك الأمر لاتفاق بين فرنسا وبريطانيا وإيطاليا الذى انتهى بتأييد استيلاء بولندا على (فيلنا) .
وفي نفس العام ثار نزاع بين إيطاليا واليونان عندما احتلت إيطاليا جزيرة «كورفو" اليونانية متجاهلة عصبة الأمم، ولم تكن عصبة الأمم تستطيع اتخاذ قرار عنيف ضد إيطاليا لضعفها في تنفيذ قرارها، فتوسطت فرنسا وبريطانيا لدى إيطاليا حتى تم الجلاء عن جزيرة «كورفو» .
كما ظهر فشلها عند قيام نزاع بين اليابان والصين حول «منشوريا» حيث كان اليابانيون يطمعون في منشوريا، ولكن الصين وقفت أمام هذه الأطماع، واعتقدت الصين أن عصبة الأمم يمكنها حل المشكلة، ولكن العصبة لم تستطع منع اليابان من احتلال منشوريا، ولما رفضت عصبة الأمم الاعتراف باحتلال منشوريا انسحبت اليابان منها.
كما عجزت عصبة الأمم عن منع إيطاليا من اعتدائها على الحبشة في عام ١٩٣٥، ثم زادها ضعفا عدم احترام ألمانيا لقراراتها ثم انسحابها منها في النهاية، وتلتها إيطاليا عندما رأت أن العصبة لا تخدم مصالحها, وبذلك لم تعد عصبة الأمم تشكل أداة تستطيع منع الحروب التي تعد من أهم وظائفها، وخاصة بعد انسحاب دول هامة منها مثل اليابان وإيطاليا وألمانيا ولعدم انضمام الولايات المتحدة إليها، ثم لعدم وجود قوة عسكرية تحت تصرفها تستطيع بها تنفيذ قراراتها، كما أن معظم قراراتها كانت تصدر لصالح الدول الكبرى التي اتخذتها أداة لتحقيق سياستها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|