أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-1-2016
2684
التاريخ: 9-1-2016
2402
التاريخ: 21-3-2021
1722
التاريخ: 22-1-2018
2312
|
الأطفال أشبه ما يكونوا بنباتات صغيرة، وشتائل وليـدة، فالشتلة في أيامها الأولى تموت بمجرد أن يداعبها طفل حالم بيديه الرخوتين، ويتحطم جسمها بقدوم أول طليعة للرياح العاصفات.
والنبتة التي لم يقوى عودها بعد، لا تستطيع الصمود والمقاومة في وجه المؤثرات الجوية والعوامل الطبيعية الأخرى.
فلا يكفي ـ للمحافظة على النبـاتـات ـ أن تقـوم بسقيهـا وتغذيتهـا بالسمادات بشكل جيد، دون أن تمنع المراعي من الوصول إليها وإتلافها.
كذلك الأمر بالنسبة الى أطفالك، فلا يكفي أن تؤدبهم بأدبك، وتسقيهم من مناهل أفكارك، ما لم تحـول بينهم وبين العوامل المؤثرة التي تهجم عليهم من كل حدب وصوب.
فالطفل بمجرد أن يخرج الى المدرسة، وينزل الى المجتمع، ويجلس أمام شاشات التلفزيون ويتعرف على قراءة الكتب، ويطلع على الصحف والمجلات، ويصغي للمذياع، ويتحدث مع هذا وذاك، ويجلس هنـا وهناك فإنه إنما يكون قد دخـل في بحر لجي عميق الأغـوار، فيه مـوج كالجبال.
ومهمة الأب ـ هنا ـ ليست الوقوف أمام الأبناء وصدهم عن الدخول في هذا البحـر المواج، إذ لا يمكن أبـدأ، وإنما مهمته تتطلب أن يتقن لهم صناعة السفينة بشكل يطمئن به عليهم من عدم الهلاك.
وذلك يتحقق بالأمور التالية:
أولاً: القفز الى قلب الطفل قبل أن يحتله العدو.
تعد المبادرة الى تربية الأطفال - منذ وقت مبكر ـ من أحسن العوامـل المساعدة للتربية الحميدة، ذلك لأن الطفل في سنينه الأولى يشبه الورقة البيضاء التي لم تسود بحبر الأقلام بعد، أو أنه يشبه الأرض الخالية القابلة لزرع كل شيء فيها، مثلما يقول الإمام علي (عليه السلام): (قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته).
ولكي لا يسبقنا ـ أي أحد ـ الى زرع أعشابه الضارة على أرض أطفالنا، لا بد أن نبادر نحن الى زرع أشجارنا المثمرة، ونملا كل الفراغ.
وفي هذا الصدد نجد الإمام علي (عليه السلام) يقول: (بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة).
وبناء على ذلك فالمبادرة الى تربية الأطفال إنمـا تعني منـذ نعـومـة أظفارهم وقبل بلوغهم السنوات الخمس، وإلا لما سميت بمبادرة.
يقال: سَألت ذات مرة، إحدى السيدات، مربياً مشهوراً: (ما هو الوقت المبكر الذي أستطيع أن أبدأ فيه بتعليم طفلي؟).
فسألها المربي بدوره قائلاً: (متى سيولد هذا الطفل؟).
فأجابت السيدة وهي تلهث: (يولد! أنه الآن في الخامسة من عمره).
فصاح المربي: (ماذا تقولين أيتها السيدة؟ لا تقفي هنا تتحدثين أسرعي الى البيت، لقد ضاعت منك أحسن سنواته الخمس).
ثانيا: اختر البيت كما تختار الفاكهة.
إن اختيار المكان الصالح للبيت الذي تريد أن تقطنه وأطفالك، لا بد أن يكون اختياراً محسوباً وليس اختياراً عشوائياً، وذلك تلافياً للنتائج غير المحمودة التي تترك أثرها على أبنائك من قبل أبناء الجيران من جهة، وأجـواء البيئة الاجتماعية من جهة أخرى.
إن عليك أن تركن الى التفكير والتدبر قليلاً قبل شرائك أو استئجارك لأي بيت، أن تفكر في محيط البيئة الاجتماعية لتلك المنطقة، ثم انظر الى الأطفال الذين يلعبون في الأزقة أو الشوارع القريبة من البيت، وتصور ان ابنك سوف يصبح صديقاً لهؤلاء الأطفال، وانه ـ لا شك ـ سينضم إلى هذه الشلة أو إلى تلك المجموعة من الأولاد.
فانظر.. هل ترتضيك أخلاق الناس هناك؟ وهل تعجبك آداب الأطفال وسلوكياتهم؟ فإذا كان مما يرضيك فاستوطن، وإلا فلا ترمي بأطفالك في مستنقع الفساد، وتذكر ـ دائماً ـ أن على الأب أن يشتري الفاكهـة الـطـيبـة والصالحة لأبنائه، وليست كل فاكهة ـ ولو كانت فاسدة ـ هي المطلوبة.
وليكن في خلدك ـ أيضاً ـ ان شراء الجار قبل شراء الدار، فإن الإمام علي (عليه السلام) يقول: (سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار).
ثالثا: افعل مثلما تفعل النحلة.
هل حدث لك ـ مرة ـ وشاهدت مفتشة النحل، كيف تقف أمام بيوت النحل، وتفتش كل نحلة تريد الدخول الى مجمع النحل، هل رأيت انها كيف تطرد كل نحلة لم تستقي من رحيق الورد، واستعاضت عنه بشيء آخر.
سواء كنت قد شاهدت ذلك أو سمعت به، فالمقصود أن تلعب نفس دور مفتشة أو ملكة النحل بالنسبة الى أطفالك، حينما يكونوا قد خرجوا الى ساحة المجتمع، وخاضوا غماره، والتقوا بروافده المختلفة.
آنئذ لا بد لك أن تفتش عن الآثار الفكرية العالقة بأذهانهم، وتطرد الفاسد منها.
وتستطيع أن تكشف كل شيء - ببساطة ـ من خلال مفتاح السؤال والحديث معهم، ومراقبة سلوكياتهم بشكل عادي لا يلفت نظرهم أو يسبب في إحراجهم.
وبهذه الطريقة يستطيع الأب أن يبعد الآثار السيئة عن أولاده وبناته، ويخلق المناعة الدائمة لديهم.
رابعا: ارسم لهم معالم الصراط المستقيم.
إذا كان الأب قد رسم لأبنائه طريق الحياة الذي يجب أن يسلكـوه، وبين لهم حـدوده ومتطلبات المسير، وكشف لهم عن مـوارد الانحراف والضلالة في كل شيء.. آنئذ ليطمئن هذا الأب من ثباتهم، وصمودهم أمام عوامل التأثير الفاسدة في المجتمع.
ولكن.. لينتظر الخسـران كـل من نسي أن يرسم الصـراط المستقيم لأبنائه، ولم يبين لهم طريق النجاة من الهلكة في الدنيا والآخرة.
والصراط المستقيم ـ كما في القرآن الكريم ـ هو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصالحين، وهـو غيـر طـريق المغضوب عليهـم ولا الضالين.
وبكلمة: فالصراط المستقيم الذي يجب أن تبينه لأبنائك، وتدفعهم للسير عليه، إنما هو طريق الإيمان والمؤمنين.
خامساً: اطلع على قراءاتهم، ومشاهداتهم اليومية، وبين لهم كيف يجتنبون السيء منها، وينتفعون بنتائجها الحسنة.
فالتلفزيون والمذياع، والصحف، وكافة وسائل الإعلام - المقروءة منها والمسموعة ـ تعد اليوم من أكبر مصادر التأثير على الناس، وبالخصوص على الأحداث منهم.
فالطفل حينما يجلس وراء شاشة التلفاز ويشاهد الأفلام المتحركة، إنما تجده وقد فتح أذنيه بالإضافة الى عينيه، وغاص في المشاهدة بكل حواسه.
والخطورة التي تكمن هنا ان الحدث يحاول أن يطبق كل مـا شـاهـده على نفسه، ويقتدي برجال الفلم وحركاتهم وأقوالهم، وسلوكياتهم.
والمشكلة أننا قلما نجد أفلاماً صالحة، تعرض على شاشات التلفزيون، سواء للكبار أو للأطفال اليافعين.
بالإضافة الى بعض الجوانب السلبية الأخرى الناتجة من ولع الأطفال بجهاز التلفزيون، وأهمها مسألة ضياع الوقت الكثير من أفضل أوقات حياة الإنسان، ألا وهي سنوات الطفولة.
إن الآباء يستطيعون ـ بتوجيه أبنائهم الى هذه الملاحظة ـ أن يبلغوا بأبنائهم أفضل مدارج العلم والمعرفة، ويوفروا عليهم فرصاً كثيرة تـدر عليهم بالراحة والسعادة عند الكبر.
وكما بالنسبة الى أجهزة المشاهدة، كذلك يجب أن تكون المسائل المقروءة.
فالطفل الذي يقرأ الكتب المختارة والنافعة، ويلقى تشجيعاً على قراءتها.. إن هذا الطفل سيجني نتائج حسنة كثيرة، لم يحصل عليها أي طفل آخر لم يتم توجيهه من قبل والديه.
وبذلك يكون الأب قد أنقذ أبناءه من عـوامـل التـأثيـر السيء في المجتمع، بأحسن صورة وأفضل أسلوب.
إذن.. لا بد أن تعرف ماذا يقرأ إبنـك وماذا يشاهد؟، فلرب كتـاب منحرف قاده الى الضلال والجحيم.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|