أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2020
2533
التاريخ: 21-4-2016
3803
التاريخ: 9-1-2016
2782
التاريخ: 12-1-2016
2836
|
ماذا تفعل تجاه أبنائك لو كنت أحد الأشخاص التالين الثلاثة:
لو كنت: فقيراً؟
لو كنت: غنياً؟
ولو كنت: شخصاً مرموقاً أو عظيماً؟
أولاً: ماذا تفعل لو كنت فقيراً؟ أي لو كان دخلك محدوداً أو كنت تعيش في ضائقة مالية فماذا تفعل وكيف يجب أن تتصرف مع أبنائك؟
حينما يخرج إبنك الى المدرسة، وهو لا يرتدي غير الأقمصة والملابس العتيقة البالية، ويصادف زملاءه في الدراسة، وقد لبسوا أفضل الأقمصة والثياب الجديدة الأنيقة، إن هذا الموقف ـ لا شك ـ سيترك أثراً في نفس الطفل، ويجعله يشعر بنقص أو دناءة عن الأطفال الآخرين.
وكذا لو كان المسكن متواضعاً ولا تعتبر له قيمة بين القصـور والبيوت العاليات ـ وبالخصوص ـ لو كان البيت خرباً أو فيه عيوب يذهب بماء الوجه.
فالطفل ـ مثل الكبير ـ يدخله الخجل والحياء من رؤية منظر بيتهم المتداعي أمام الأصدقاء والأتراب.
وهكذا الأمر ـ أيضاً ـ بالنسبة للطعام، والشراب، فأطفال الجيران، أو تلاميذ المدرسة يتساءلون فيما بينهم عن وجبات الغذاء أو العشاء في اليـوم الفائت، ما هي، وماذا كانت؟ ويتفاخر بعضهم بأن وجبة غـذائهـم كـانت دسمة وشهية.
أمام هذه المواقف يظل طفلك يشعر بالحرج والنقص. ويفكر ترى أليس الآخرين أفضل منه ؟!
وتزداد المسألة سوءاً فيما لو كان الأب يعير اهتماماً للأغنياء، ويعتبرهم أصحاب القيمة العليا، ويشعر تجاهم بحقارة وتذلل.
والخطورة في الأمر، أن يخلق هذا الوضع (عقدة الحقارة) في نفسية الأبناء، ويجعلهم يشعرون بنقص في شخصيتهم أمام الآخرين، وبالتالي يؤدي بهم الأمر إلى التراجع وعدم الإقدام في الصراع مع مشاكل الحياة التي تتناولهم في كل الأوقات.
وللتخلص من هذه النتائج السيئة، عند الأطفال المحرومين، يرى خبراء التربية ضرورة إتباع الوصية التالية: (لا تجعـل قيمة للمال، في نفسك وفي ولدك، وحاول ـ دائماً ـ أن تعلم أبناءك بأن قيمة الإنسان في عقله وعمله، وخلته، وليست في ماله).
ولذلك فإن (أكرم الحسب حسن الخلق) كما قال الإمام علي (عليه السلام).
فالأخلاق الحسنة هي التي يجب أن تكون مقياساً للتفاضل والرفعة، لقد جاء في الحديث عن الإمام علي (عليه السلام) أيضاً: (كم من وضيع رفعه حسن خلقه).
وعلى هذا الأساس يجب أن نعلم أبناءنا بأن المال لربما يكون مصدراً لشقاء الإنسان وعـذابه إذا مـا بـخـل الإنسان به واستغنى، ومنع رفده عن الناس.
وفي هذا الصدد نجد أن الإسلام قد اعتبر أن العمل الشائن والمقيت أن يجعل الإنسان للمال قيمة، وللغني وزناً لا لصفة غير الغنى وقد قال الإمام الرضا (عليه السلام): (من لقي فقيراً مسلماً فسلم عليه خلاف سلامه على الغني لقي الله ـ عز وجل ـ يوم القيامة وهو عليه غضبان)(1).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): (لا تضعـوا من رفعته التقوى، ولا ترفعـوا من رفعته الدنيا)(2).
لماذا.. ذلك لأن القيمة الحقيقية يجب أن تكون للإنسان، لا لماله، لأن ماله زائل، بينما هو يبقى كانسان.
هذا بالإضافة الى اننا إذا ما أصبحنا نعير اهتماماً لصفات العلم والأخلاق أكثر من أي شيء آخر، فان هذا يعني التقدم بعينه.
بينما الأمة التي تعبد المال، وتجعل القيمة العليا للدينار والـدرهم. نجد أن هذه الأمة تسحق الإنسان بسهـولـة، لأنها سبق وأن سحقت القيم الإنسانية فيه.
بهذه النظرة المعتدلة للمال يستطيع الأبوان أن يجعلا المناعة في أبنائهما ضد عقدة الحقارة والنقص أمام الأغنياء والمترفين.
وبهذه الطريقة استطاع المسلمون الحفاة أن ينتصروا على حضـارة الفرس والروم وكل الأسياد الـوهميين الذين كانوا يحكمون الناس لا لصفة حسنة كانت عندهم أو لعلم غزير كان لديهم، وإنما للقـوة والمال الذي كان وراء ظهورهم.
ثانياً: لو كنت غنياً.
قبل أن نتطرق الى ما يجب أن تتصرف به حيال أبنائك، نود القول بأن الغنى والنعمة الوافرة، والحياة المرفهة السعيدة، ليست من الأمور المقيتة في الإسلام، بل هي من الأمور الحسنة والمطلوبة، فالقرآن يقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}[الأعراف: 32].
ونحن نقرأ في الدعاء المروي عن الإمام السجاد (عليه السلام) ونقول: (اللهم أرزقني من فضلك الواسع، الحلال الطيب رزقاً واسعاً، حلالاً طيباً، بلاغاً للدنيا والآخرة، صبا صبا هنيئاً مريئاً من غير كد ولا منٍ من أحد من خلقك إلا سعة من فضلك الواسع).
كما وهناك أحاديث كثيرة تذم الفقر مثل الحديث الذي يقول: (الفقر الموت الأكبر).
بناء على ذلك، فليس المطلوب أن لا تملك المال، وإنما المطلوب أن لا يملكك المال.
ومن هذا المنطلق عليـك ـ أيضاً ـ أن لا تعير أهمية للقيم المادية، وأعلم أن الإمام علي (عليه السلام) يقول: (ليس الخير أن يكثر مـالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك وأن يعظم حلمك).
إذن. فالقيمة التي يجب أن نعتز بها ليست قيمة المال، وإنما هي قيمة العلم والأخلاق. وهذا هو ـ بالضبط ـ ما يجب أن تقوله لأبنائك حتى لا ينامون على حرير المال، ويظنون أنهم فوق البشـر، وأفضـل من النـاس جميعـاً، وهم ـ في حقيقة الأمـر ـ لا يملكون من الكفاءات العلميـة، والمواصفات الإنسانية والتي بدونها يفقد الإنسان إنسانيته، ويصبح عبداً للمال والمتجر، ولا يهمه سوى نفسه.
فخير هديـة تقدمها لأبنك ـ إذا كنت غنياً ـ أن تجعله لا يؤمن بـالمـادة كأساس للرقي والتقدم، وتدفعه لأن يبحث عن الصفات الأصيلة والأخـلاق الحميدة، والعمل الصالح.
كما ولا تنسى أن تنمي فيه الكرم والعطاء وخدمة الناس، وفعل الخير، ومساعدة الفقراء والمحرومين، واحترامهم.
وذكرهم ـ دائماً ـ بأن لا يحقروا فقراء المسلمين، ولا يـرو لأنفسهم فضلاً أو علواً عليهم.
فإن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) يقول: (من استذل مؤمناً أو مؤمنة، أو حقره لفقره أو لقلة ذات يده شهـره الله (تعالى) يوم القيامة ثم يفضحه)(3).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (من حقر مؤمناً مسكيناً لم يزل الله له حاقراً ماقتاً - عن محقرته إياه)(4).
ثالثا: لو كنت شخصية مرموقة.. أو كنت عظيماً من العظماء. أو عالماً من العلماء!
هنالك مقولة مشهورة تقول: (ابن العظيم لا يصبح عظيما!)
لماذا؟
الجواب: ليس لأن هنالك أشكال أو خلل في تكوين أبناء العظماء وليس هناك قصور في عقولهم - مثلاً - حتى لا يكونوا مثل آبائهم.
وإنما هنالك شيء واحد، هو الذي يعيقهم ـ غالباً ـ من ارتقاء سلم العظمة والنبوغ، وهو: (العيش على أمجـاد آبائهم، ووراثة سمعتهم، وشرف عظمتهم بين الناس).
وهذا ما نجـده بالفعل، فإن كثيراً من الناس إنما ينطلقـون في درب العلم وارتقاء سلالم العظمة، إنما تكون ـ من جملة ـ دوافعهم القوية، هو حب أن يكونوا شيئاً مذكوراً في الحياة أو لفت أنظار الناس حولهم حتى يشار إليهم بالبنان.
بيد أن هذا الدافع قد لا يكون لدى أبناء العظماء. أو ليس النـاس يلتفـون حـولهم، ويتمنون الجلوس إليهم، والتحدث معهم. فلماذا إذن التعب، والنصب أو ليس يكفيهم ما ورثوه من آبائهم من الشرف والعظمة؟!
هذا من جانب، ومن جانب آخر نجد أن من العوامل الأخرى التي لا تحالف أبناء العظماء من بلوغ درجة آبائهم، هو عامل انشغال الآباء بأنفسهم والآخرين، دون أن تكون لهم فرصاً كافية للاهتمام بأبنائهم بشكل مطلوب.
وعلى أي حال، لا ينبغي إهمال هذه الملاحظة، لما لها من نتائج لا تحمد عقباهـا، ولربما قد تسيء إلى شخصية الأبناء، وتترك أثراً سلبياً قد يكون ـ على أقل الاحتمالات ـ باعثاً للشعور بالعظمة الجوفاء!
ولكي تنقذ إبنك وتنجيه من كل النتائج والاحتمالات الخطرة، التي يمكنها أن تحدث، يرى العلماء أن تتبع الوصايا التالية في هذا الصدد:
1ـ اخلق له دوافع أخروية.. أي اجعـل الدافع الوحيد فيه هو دافع العمل لليوم الآخر، يوم يقوم الناس ليوم الحساب، وليس دافع السمعة والسلطة، والعلو في الدنيا.
وتستطيع أن تحقق هذا العمل عبر تغيير المنطلق في إبنك منذ الصغر، فعلى سبيل المثال: لو كان إبنك يريد أن يصبح عالماً أو طبيباً فليكن المنطلق أجل الحصول على المادة أو السمعة والشهرة، وإنما ليكن منطلقه تحقيق رضا الله (عز وجل) عبر خدمة الناس والبلاد.
وهكذا في كل شيء.. ليكن سعيه وعمله من أجل الحصـول على الأجر الاخروي والفوز بالجنة.
ولتأكيد هذا المنطلق في الطفل، نرى من الضروري له التحدث عن الجنة وما أعد الله (تعالى) للمؤمنين من خير ونعيم.
2ـ دعه يعتمد على تكوين شخصيته بعيداً عنك.
وذكره دائماً، بالحكمة التالية: (ليس الفتى من قال كان أبي.. وإنما الفتى من قال ها أنا ذا)!
ومن هنا نجد ان الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله،) كان يقول لابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام): (بنية!)، (لا يخدعك الناس، يقولون ابنة محمد.. فاني لا أجزيك من الله شيئاً).
وهكذا يجب أن تقول ـ أنت ـ لأبنائك، حتى لا ينخدعوا بما ليس فيهم أو لديهم، ولا بد أن نعرفهم حقيقتهم، من أجل أن لا يناموا على أحلامهم الكاذبة، وينطلقوا في الحياة بجد واجتهاد.
وليكن الحديث التالي نصب أعينهم، حيث يقول الله (عز وجل) في الحديث القدسي: {خلقت الجنة لمن أطاعني، ولو كان عبداً حبشياً، وخلقت النار لمن عصاني، ولو كان سيداً قرشياً}.
وحذرهم أن يكونوا مثل تلك الامرأة الصلعاء، التي حينما سئلت عن شعرها أين هو؟ أشارت الى شعر زوجة أخيها وامتدحته كثيراً.
3ـ امنع الناس من التعامل الخاطئ معهم.
يحدث، أحياناً كثيرة أن الناس، ولأنهم يعظمـوك، ويودوك، فإنهم يحبون كل شيء يمت إليك بصلة، وأبناؤك أول من تنزل عليهم بركـاتك ويأتون في الدرجة الثانية بعـدك في التقديس والتعظيم والإكرام، والمحبة، ليس لأنهم عظماء وإنما لأنهم ينتمون إليك والى شخصك الكريم فقط.
ولا نرى بأساً في ذلك ضمن حدود المعقول.. فالحديث الشريف يقول: (جاهدوا تورثوا أبناءكم عزاً).
ولكن ... إذا ما كانت النتائج معكوسة، ووجدنا أن آثارها على الأبناء ستكون بشكل سلبي.. عندئذ يجب التدخل وتنبيه الناس بطريقة فنية الى تغيير تصرفهم حيال الأبناء، والمسألة مهمة حتى إذا ما تضطر الأب بأن يصرح بعـدم رضاه للطريقة الخاطئة التي تتم فيها معاملة أطفاله، مثل تدليلهم، وتقبيلهم - بصـورة كثيـرة ـ واجلاسهم في الأحضـان ـ بـالـرغم من تجاوزهم مرحلة الطفولة ـ والتغاضي عن أخطائهم، والضحك في وجههم عند اقترافهم بعض الأخطاء المتعمدة، والسكوت على كل شيء يفعلونه لا نرتضيه - نحن - من أطفال الآخرين، بل وحتى من أطفالنا.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى.. على الأب العزيز - في مثل هذه الحالات ـ أن يرشد أبناءه الى الاعلان عن رفضهم وعدم ارتياحهم لكل من يتصرف معهم خارج الحدود المتعارف عليها.
كما وعليه ـ أيضاً ـ أن يقول لهم ان ما يواجهونه من الاحترام والتقدير البالغ، ليس لأنهم على شيء، وإنما هو خلق كريم وتفضـل من الناس اعتادوا عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار ج69، ص38.
2ـ بحار الأنوار ج69، ص41.
3ـ بحار الأنوار 44.
4ـ بحار الأنوار ج69، ص44.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|