أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-07-2015
1024
التاريخ: 23-10-2014
1212
التاريخ: 4-08-2015
1562
التاريخ: 8-5-2020
1526
|
الكلام في ركن التوحيد هو في إثبات صانع العالم سبحانه ، وما يستحقه من الصفات نفيا وإثباتا، وذلك يترتب على حدوث العالم.
وبرهانه
: لو كان قديما لوجب وجوده فيما لم يزل ، وذلك يحيد صحة تنقل جواهره الآن ،
وهو محال ، ولو لم يكن محدثا لم تكن أجسامه مختصة بالحوادث التي هي ملازمة لها غير
منفكة عنها ، واختصاصها على الوجه الذي لا يصح حلوها في وجودها منها حاصل ، وكلما
لا يخلو من المحدث ولا يسبقه في وجوده ، فهو محدث.
ولو صح خلو جسم من
تعاقب الصفات الموجبة عن الأكوان اللازمة له في وجوده عليه ، لم يكن معقولا فضلا
عن أن يكون موجودا ، لأنه قلب لجنسه المقطوع على استحالته ، وإذا لم يعقل خلو
الأجسام من الحوادث الملازمة لها في وجودها فلا بد من كونها محدثة مثلها ، وتناهي
الحوادث مقطوع عليه بأنه إذا ثبتت لآحادها الأولية فلا بد من ثبوتها لمجموعها ،
وإلا فإثباتها حوادث مع نفي تناهيها متناقض ، وثبوت حدوثه دال على إثبات محدثه ،
لكونه ترجيحا لوجوده على عدمه ، وترجيح أحد الجائزين على الآخر لا بد له من مرجح.
وعلى كونه فاعلا
مختارا لأن الموجب يستحيل تخلف معلوله عنه ، فإن كان قديما أدى إلى التباس الأثر
بالمؤثر ، واحتياج كل واحد منهما إلى الآخر في نفس ما احتاج الآخر إليه فيه ، وإن
كان محدثا احتاج إلى محدث ، ويلزم على كليهما الدور والتسلسل.
وإذا ثبت كونه
تعالى فاعلا مختارا، وجب كونه قادرا ، لأنه قد صح منه الفعل المتعذر على غيره ،
وكل من صح منه ذلك ، لا بد أن يكون قادرا.
وعالما ، لأنه
أحكم أفعاله وأتقنها ، أحكاما يتعذر على غيره ، وذلك لا يتأتى إلا من عالم.
وحيا ، لأنه قد صح
كونه قادرا عالما ، لا بل قد وجب (1) ، وصحته فضلا عن وجوبه لا يثبت إلا لحي (2).
وموجودا ، لأنه
أثر ما لا يعقل كونه أثر المعدوم ، ولأن له تعلقا بمقدوراته ومعلوماته يرجع إلى
ذاته وثبوته مع انتفاء الوجود محال.
وقديما لما ثبت ،
من انتهاء الحوادث إليه ومن تأثيره ما يتعذر على كل مؤثر سواه.
وسميعا بصيرا ، بمعنى
أنه حي لا آفة به ، لما ثبت من كونه كذلك.
وهذه صفات ذاته
الثبوتية التي يستحقها أزلا وأبدا ، لأنها واجبة له لا لموجب لأنه لو صح إسنادها
إلى موجب زائد على ما هو عليه في ذاته ، لكان إما قديما ، فتلزم المماثلة ، وقد
ثبت أنه لا مثل له تعالى من حيث إنه لا ثاني له في القدم ، وإما محدثا فيتوقف
إحداثه على كونه محدثه أولا ، ويلزم الدور ، فكانت واجبة لما هو عليه في ذاته فيما
لم يزل ، واستحال بذلك خروجه عنها فيما لا يزال.
وهو تعالى مدرك
للمدركات إذا وجدت ، لاقتضاء كونه حيا لا آفة به ذلك ، وإدراك المعدوم لا بمعنى كونه
معلوما ، بل بمعنى كونه مسموعا مبصرا محال.
وهذه الصفات
المقتضاة عن صفة الذات فيه سبحانه وعن صفة المعنى في غيره ، واجبة له، لا على
الإطلاق بل بشرط منفصل.
ومريد وكاره ،
لجواز تقديمه من أفعاله أو تأخيره ما لا خفاء في جواز العكس فيه ، فلو لا المخصص
لم يكن لتقديم ما قدم وتأخير ما أخر وجه ، ولأن العالم بفعله وغرضه به يخصه مع
خلوة من السهو والغفلة ، وكونه مخلا بينه وبين الإرادة يجب كونه مريدا.
وهذه حاله سبحانه
، فهو مريد على الحقيقة ، ولأنه أمر بالطاعة ونهى عن المعصية ، فلو لا أنه مريد
لما أمر به كاره لما نهى عنه ، لم يتميز الأمر ولا النهي من غيرهما ، ولا كان
لكونه آمرا وناهيا وجه ، ويستحيل استحقاقهما لذاته وإلا لزم قدم المرادات واجتماع
المتضادات للذات ولمعنى قديم ، لأنه لا قديم سواه ، ولمعنى محدث حاله فيه ،
لاستحالة كونه محلا للحوادث وفي غيره ، لوجوب رجوع حكمه إليه إن كان حيا واستحالته
في الجماد ، فلا بد من وجود هما لا في محل.
وما لا يجوز عليه
تعالى مما يجب نفيه عنه ، فمنه ما لفظه ومعناه يفيد السلب ، وهو نفي المائية (3)
المحكية عن ضرار بن عمرو (4) لأنه لا حكم يدل على ثبوتها ولا طريق إلى صحتها ،
والأصح إثبات الكيفية والكمية ، وهو جهالة ، ونفي الجسمية والجوهرية والعرضية ،
لما ثبت من قدمه وحدوث ذلك أجمع ، فلو لا استحالة كونه بصفة شيء منها لوجب حدوثه
أو قدمها ، لثبوت المشاركة في الحقيقة ، ولأنه فاعل ما فعل من ذلك اختراعا ، فلو
كان مثلها تعذر عليه إنشاؤها واختراعها ، كما تعذر على غيره.
ونفي الرؤية
بالأبصار والإدراك بسائر الحواس ، لأنه لو صحت رؤيته آجلا لوجبت عاجلا ، لأن
الرؤية إذا صحت وجبت ، وإذا لم تجب استحالت وفي استحالتها الآن وجوب استحالتها
هناك ، ولأنه ليس بمقابل ولا حال فيه ولا في حكمه ، فلا يعقل كونه مرئيا ولا
محسوسا ، وقد تمدح بنفي الرؤية عنه تمدحا عاما ، فإثباتها نقص لتمدحه ، لا طراد
ذلك في كلما تمدح بنفسه ، كالسنة والنوم وغيرهما.
ونفي الاتحاد ،
لأنه إن أريد به الحلول ، فهو من خصائص الأعراض ، أو المجاورة ، فهو من لوازم
الأجسام ، وكلاهما مستحيل عليه ، وإن أريد به غيرهما لم يكن معقولا. ونفي الاختصاص
بالجهات والحلول في المحال بمثل ما ذكرناه.
ومنه ما لفظه
ثبوتي ومعناه سلبي ، وهو كونه غنيا ، لأنه حي يستحيل عليه الحاجة التي لا وجه
لثبوتها إلا اجتلاب المنافع ودفع المضار المترتبين على ثبوت الملاذ والآلام
المصححة للشهوة والنفار المختصين بالأجسام. فلما استحال ذلك عليه مع كونه حيا ،
استحال كونه محتاجا، وثبت أنه غني.
وكونه واحدا لا
ثاني له في القدم ، لأنه لو كان له ثان ، لجاز وجود أحدهما مع عدم الآخر ، أما في
الزمان أو المكان أو المحال ، لثبت لهما ما به تتميز الذاتان من الذات الواحدة ،
وتأتي ذلك في القديم غير معقول ، ولأنه لا طريق إلى إثبات الثاني من نفس الفعل ولا
من واسطته ، وإثبات ما لا طريق إلى إثباته جهالة ، ولأن إثباته مكاف لإثبات ما زاد
عليه ، وفيه ارتفاع الفرق وإمكانه بين الحق والباطل ، وهو محال ، فإذا انتفى عنه
الثاني ـ شريكا كان أو نظيرا ـ ثبتت وحدانيته ، والسمع كاف في الدلالة على ذلك.
__________________
(1) أي قد وجب كونه قادرا عالما.
(2) هذا ما أثبتناه وفهمناه
من سياق العبارة ، وأما النسخ التي بأيدينا فهنا مختلفة ففي « ج » : لا يثبت إلى الحي
، وفي : « أ » : لا بل قد وجب عن وجوبه لا يثبت لحي.
(3) ويحتمل أن يكون المقصود
« الماهية » والمآل واحد.
(4) هو صاحب مذهب الضرارية من فرق الجبرية ، كان في بدء أمره تلميذا لواصل بن
عطاء المعتزلي ثم خالفه في خلق الأعمال وإنكار عذاب القبر. وذهب إلى أن لله تعالى ماهية
لا يعرفها غيره يراها المؤمنون بحاسة سادسة. الفرق بين الفرق ص 214 تأليف عبد القاهر
البغدادي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|