أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-30
1190
التاريخ: 2024-02-03
898
التاريخ: 24/10/2022
1792
التاريخ: 2023-09-16
1804
|
لقد كانت فاطمة الزهراء نور عين النبي صلى الله عليه وآله وبضعته وثمرة فؤاده الطاهر الرحوم، فسلام الله وسلام جميع ملائكته وعباده الصالحين عليها. لقد تربّت فاطمة الزهراء ونشأت في حجر أبيها رسول الله الذي هو من تربية الله سبحانه وتعالى والنبي صلى الله عليه وآله نفسه قال: «أدّبني ربي فأحسن تأديبي»(1). وعلى هذا الأساس فإن رسول الله صلى الله عليه وآله علّم ابنته أفضل وأروع آداب الحياة الإلهية وأودع في قلب ابنته الطاهر المطهّر أغلى وأثمن العادات والأخلاق السماوية الحسنة لكي يستلهم منها الجميع - ولا سيما النساء العفيفات - ويسيروا على نهجها ويقتدوا بسيرتها ويأخذوا العبر والدروس من فضلها وتقواها ومكانتها الرفيعة ويشمّوا من بستان حياتها اليانعة المباركة، رائحة الجنة الزكية ويتعلموا بساطة العيش والقناعة ويقطفوا منه الزهور الجميلة.
انظروا إلى مراسم زواج فاطمة سلام الله عليها:
... بعد أن حصل رسول الله صلى الله عليه وآله على موافقة ابنته على الزواج من ابن عمه علي بن أبي طالب التفت إلى علي عليه السلام وقال له: «يا علي، اذهب إلى السوق وبع درعك».
يقول علي عليه السلام ما مضمونه: ((بعت الدرع بخمسمائة درهم وجئت إلى النبي وأعطيته الدراهم، فلا أنا أخبرته بعدد الدراهم ولا هو سألني كم عددها)).
وكان هذا المبلغ مهر فاطمة الزهراء عليها السلام، فمدّ النبي يده وأخذ حفنة من تلك الدراهم وأعطاها لبلال ليشتري بها عطراً لفاطمة ومد صلى الله عليه وآله يده مرة أخرى وأخذ عددا أكبر من الدراهم وأعطاها لأبي بكر ليشتري بها ملابس وأثاثاً لمنزل فاطمة. ورافق عمار بن ياسر واثنان آخران من الصحابة، أبا بكر لمساعدته في شراء تلك المستلزمات واحتفظ النبي صلى الله عليه وآله بما تبقى من تلك الدراهم لفاطمة(2).
وبهذه البساطة والصفاء - وبعيداً عن التكلف والبذخ - جرت المراسم التمهيدية لزواج فاطمة عليها السلام حيث قام الرسول صلى الله عليه وآله وبحضور عدد من الصحابة بعقد قران ابنته فاطمة الزهراء على ابن عمه علي عليه السلام.
... وبعد شهر أو شهرين جرت مراسم الزواج، وهنا قال رسول الله صلى الله عليه وآله لصهره ما مضمونه: ((يا علي هيئ طعاماً جيداً تكريماً لزوجتك وأنا أتكفل باللحم والخبز وأنت حضّر التمر والسّمن)). لقد خبزوا خبزاً كثيرا وأرسل النبي صلى الله عليه وآله شاةً سمينة وشمّر صلى الله عليه وآله عن ساعديه وأخذ يشارك في إعداد الطعام. وأقيمت مراسم العرس بفرح وسرور وجاء الضيوف الذين دعاهم علي بن أبي طالب لتناول الطعام فتناول الجميع طعاماً لذيذا، وكان عدد المدعوين كبيرا وكان يخشى أن لا يكفي الطعام لجميع المدعوين ولكن ببركة دعاء النبي أصبح الطعام كافياً حيث تناول الجميع طعامهم، وأخذ النبي وعاءً خاصاً ووضع فيه من ذلك الطعام لكي تأكل منه فاطمة وزوجها. وعندما حان وقت الغروب جاء النبي صلى الله عليه وآله إلى زوجته أم سلمة: وطلب منها أن تستدعي له فاطمة، تقول أم سلمة: ذهبت وناديت فاطمة وإذا بها تتصبب عرقا من شدة الحياء والخجل وهي تجرّ أذيال ثوبها، فتعثرت بثوبها فقال لها رسول الله: وقاك الله يا ابنتي من عثرات الدنيا والآخرة، ثم أمسك بيدها ووضعها في يد علي الذي كان يقف إلى جانبه وقال له، بارك الله لك فيها، مباركة عليك ابنة رسول الله. ثم توجه إلى ابنته وقال لها: يا فاطمة إنه خير بعل لك، يا ابتي، يا فاطمتي!
نعم الزوج زوجك، فلا تخالفي له أمراً أبداً. ثم التفت إلى علي وقال له : يا علي! عاشر زوجتك وعاملها بلطف وإحسان ومحبة، إن فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ويفرحني ما يفرحها، أستودعكما الله، وفي رعاية الله وحفظه.
... الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يشير إلى حياته الزوجية ومعاشرته لفاطمة وحسن تعامله معها فيقول، ((والله لم أغضب فاطمة أبداً ولم أجبرها على أي عمل كما أن فاطمة لم تعص لي أمراً ولم تغضبني أبداً))(3).
إن الزواج الذي يكون على غرار زواج فاطمة الزهراء وحياتها الزوجية قائماً على سنة رسول الله ويستند إلى التوجيهات والوصايا النورانية القيمة للنبي صلى الله عليه وآله والعمل بها، مثل هذا الزواج يكون ثابتاً وراسخاً ورائعاً ومستحكماً حيث يعيش الزوج والزوجة بكل ود ومحبة وطاعة وعيشة ممتعة مليئة بالنشاط والفرح والسرور حيث يقومان بتربية أطفال صالحين وسعداء في إطار من العفة والوفاء . يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].
إن العادات والتقاليد المرهقة والمضنية المتبعة في مراسم الزواج تشكل عبثاً يثقل كاهل الناس وقيوداً تكبل أيديهم وترهق أجسامهم وتجرح قلوبهم وتؤذي نفوسهم. إن سبيل الخلاص من هذا الوضع يتمثل في العمل بشكل واقعي وجدّي بتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وآله والسنن والتعاليم الربانية التي جاء بها وبهذه الطريقة نتخلص من العناء والأذى الذي تسببه هذه الأشواك وهذه القيود والأغلال ونصل إلى قمة الفلاح حيث إن اتباع التعاليم والسنن النبوية الربانية يؤدي إلى الخلاص من كل الظلمات والخبائث والقبائح والتحرر من العبودية والأسر ويمنح القلب صفاءً والحياة إشراقاً وجمالاً. لاحظوا هذه الرسالة التي بعثتها إحدى الأخوات بكل صدق وصراحة.
الرسالة:... تزوجنا بل خمس سنوات وفي يوم ولادة فاطمة الزهراء عليها السلام، واتفقنا على ان نعيش حياة سعيدة في ظل التعاليم الإلهية وبناءً على طلبي لم يتشدد والدي ولا والدتي في موضوع تعيين المهر وأقيمت مراسم حفل الزواج بكل بساطة وبفرح وسرور. وخلافاً لكل البدع والعادات والتقاليد التي كانت سائدة في مدينتنا والأعباء التي تثقل كاهل الشباب الحديثي العهد بالزواج هم وأسرهم، فإني رفضت أن آخذ إلا أثاثاً بسيطاً الى بيت زوجي. إني لا أعرف تلك العادات والتقاليد الموجودة في المدن الاخرى! ولكن جرت العادة في مدينتنا أن تأخذ العروس إلى بيت زوجها كافة المستلزمات والمتطلبات المعيشية صغيرها وكبيرها والويل كل الويل لتلك الفتاة - التي لا تملك جهازاً أو إذا كان جهازها قليلاً وبسيطاً فعند ذلك تتعرض الزوجة مدى العمر للانتقادات اللاذعة من قبل أهل زوجها...
ولكني أشكر الله لأن زوجي شاب مؤمن ومتديّن جداً يتمتع بأخلاق عالية ويحظى بتربية إسلامية وهو شاب طيّب ومحنك وصبور يتحلى بالصفح والتسامح ولم يحدث خلال هذه الأعوام التي عشت فيها معه ان احتدّ عليّ أو قال لي شيئاً يزعجني كما لم يحدث أن احتج أو اعترض على عمل قمت به او شيء اشتريته. وان والدته وشقيقته تتمتعان بالفهم والشعور والإدراك فهما لا تتدخلان أبداً في حياتنا الزوجية إلا نادراً ومن أجل تقديم النصح والإرشاد فقط وذلك بأسلوب متين جداً وبكل هدوء وطيبة خاطر بحيث إني أشعر حقاً بالفرح والسعادة وأعرب عن شكري لهما...
حبذا لو أن جميع الأسر كانت كأسرة زوجي وليتهم كانوا كزوجي مسامحين وطيبين يتمتعون بأخلاق طيبة هادئة وحبذا لو كان جميع الأزواج وجميع الزوجات مثلنا يتفقون على العيش كما عاشت فاطمة الزهراء وعلي عليهم السلام ويقومون بتربية أبنائهم بهدوء أعصاب وراحة فكر ويسلّمون هؤلاء الأبناء إلى المجتمع بكل فخر واعتزاز.
ولكنك تعرفين جيداً بأن اتباع نور الهداية الذي يشع من سيدة الإسلام العظيمة فاطمة الزهراء عليها السلام يحتاج إلى بصيرة ومعرفة ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يجعل في قلوبنا مثل هذه البصيرة لكي نتوصل إلى منبع النور وننفض عن أجسامنا وأنفسنا غبار التعب وننقذها من لهيب العطش والظمأ ونزيل عنا الهموم والأحزان ونحطّم القيود والأغلال التي تكبّل أيدينا وأرجلنا.
ونتمنى لك العزة والتوفيق.
______________________________
(١) وهج الفصاحة في أدب النبي صلى الله عليه وآله ص٣٠٥ برقم ١٢١ .
(2) هذه القصة نقلت بمضمونها. النص الأصلي موجود في كتب التاريخ وفي كتاب بيت الأحزان للشيخ عباس القمي وفاطمة من المهد إلى اللحد للقزويني.
(3) راجع النص الكامل في كتاب بيت الأحزان، للمحدث القمي.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
بالفيديو: لتعريفهم بالاجراءات الخاصة بتحقيق وترميم المخطوطات.. مركز الإمام الحسين (ع) يستقبل مجموعة من طلبة الدراسات العليا في جامعة بابل
|
|
|