أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-5-2017
3463
التاريخ: 11-12-2014
3076
التاريخ: 11-12-2014
3853
التاريخ: 5-7-2017
3060
|
لكي تتكامل حركة الرسالة وتتحقق النبوّة أهدافها الربّانية المنشودة لا بد أن تسدد وتؤيد بقوى الخير وعناصر تملك اليقين المطلق بالعقيدة وتنذر نفسها لتلك العقيدة وتستعد للتضحية على الدوام مع مؤهلات تصونها من الانحراف .
لقد كان علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) ذلك العنصر الفذّ الذي قال له رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « يا علي إنّ قريشا اجتمعت على المكر بي وقتلي وإنه أوحي إليّ عن ربي أن أهجر دار قومي ، فنم على فراشي والتحف ببردي الحضرمي لتخفي بمبيتك عليهم أثري فما أنت قائل وصانع ؟ »
فقال علي ( عليه السّلام ) : أو تسلمنّ بمبيتي هناك يا نبي اللّه ؟
قال : نعم ، فتبسم علي ( عليه السّلام ) ضاحكا مسرورا وأهوى إلى الأرض ساجدا شاكرا للّه تعالى لما أنبأه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) من سلامته وقال ( عليه السّلام ) : إمض لما أمرت فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي[1].
وخرج رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بعد منتصف الليل من داره تحيط به العناية الإلهية مخترقا طوق قوات الشرك المحيطة بداره تاركا عليا في فراشه .
وكم كانت خيبة أعداء اللّه حين اقتحموا دار النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) صباحا شاهرين سيوفهم تفوح منها رائحة الموت ، ويفيض الحقد من وجوههم يتقدمهم خالد بن الوليد ، فوثب علي ( عليه السّلام ) من مضجعه في شجاعة فائقة فارتد القوم على أدبارهم وتملّكتهم دهشة وذهول وهم يرون كيف خيّب اللّه سعيهم وأنقذ نبيّه ( صلّى اللّه عليه واله ) .
وتوسّلت قريش بطغيانها بكل حيلة لتردّ هيبتها الضائعة لعلّها تدرك محمدا ( صلّى اللّه عليه واله ) فأرسلت العيون ، وركبت في طلبه الصعب والذلول حتّى وضعت مئة ناقة جائزة لمن يأتي بمحمد حيا أو ميتا . وقادهم الدليل الحاذق مقتفيا أثر قدم الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) إلى باب غار ثور - حيث كان قد اختبأ فيه النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) ومعه أبو بكر - فانقطع عنه الأثر فقال : ما جاوز محمد ومن معه هذا المكان ، إما أن يكونا صعدا إلى السماء أو دخلا في الأرض .
وفي داخل الغار كان أبو بكر قد غلبه خوف كبير وهو يسمع صوت قريش تنادي : اخرج يا محمد ، ويرى أقدامهم تقترب من باب الغار ورسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يقول : « لا تحزن إن اللّه معنا » .
وعادت قريش بخفيّ حنين فهي لم تدرك أن النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) في الغار إذ رأت العنكبوت قد نسج بيته على باب الغار وعندها بنت الحمامة عشها وباضت فيه .
وفي المساء التقى علي وهند بن أبي هالة بالنبي ( صلّى اللّه عليه واله ) بعد أن علما بمكانه وقد أدلى النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) بوصاياه لعلي ( عليه السّلام ) بحفظ ذمته وأداء أمانته - إذ كان محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) مستودع أمانات العرب - وأمره أن يبتاع رواحل له وللفواطم ويلحق به ( صلّى اللّه عليه واله ) فقال له مطمئنا : « إنهم لن يصلوا من الآن إليك يا علي بأمر تكرهه حتى تقدم عليّ ، فأدّ أمانتي على أعين الناس ظاهرا ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي ومستخلف ربي عليكما ومستحفظه فيكما »[2].
وبعد ثلاثة أيام حين عرف النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) أنّه قد سكن الناس عن طلبه ، تحرّك نحو يثرب مسرعا ، لا يعبأ بمشقة مستعينا باللّه واثقا من نصره .
وحينما وصل منطقة ( قباء ) تريّث فيها أياما ينتظر قدوم ابن عمّه علي ابن أبي طالب والفواطم عليه ليدخلوا جميعا يثرب التي كانت تموج بالفرح والبهجة لقدوم النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) في حين دخل صاحب النبي ورفيق سفره إلى يثرب تاركا الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) في قباء !
وما إن وصل علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) منهكا من تعب الطريق ومخاطره - حيث كانت قريش قد تعقّبتهم حين علمت بخروجه بالفواطم - اعتنقه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وبكى رحمة لما به[3] .
وأقام رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ب ( قباء ) عدة أيام وكان أوّل عمل قام به هو كسر الأصنام [4] ثم أسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة فأدركته صلاة الظهر في بطن وادي ( رانوناء ) فكانت أول صلاة جمعة في الإسلام وخرج مسلمو يثرب بزينتهم وسلاحهم يستقبلون رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ويحيطون بركبه وكل يريد أن يتطلع إليه ويملأ عينيه من هذا الرجل الذي آمن به وأحبه[5].
وما كان يمر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بمنزل أحد من المسلمين إلّا ويأخذ بزمام ناقته ويعرض عليه المقام عنده وهو يقابلهم بطلاقة الوجه والبشر وتجنبا من إحراج أحد منهم كان ( صلّى اللّه عليه واله ) يقول : خلّوا الناقة إنّها مأمورة.
وأخيرا بركت الناقة عند مربد يعود لغلامين يتيمين من بني النجار أمام دار أبي أيوب الأنصاري فأسرعت زوجته فأدخلت رحل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في دارها فنزل عندهم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) إلى أن تمّ بناء المسجد النبوي وبيته ( صلّى اللّه عليه واله )[6].
وقد غيّر النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) اسم يثرب إلى ( طيبة )[7] واعتبر هجرته إليها مبدءا للتأريخ الاسلامي[8] .
[1] راجع إحقاق الحق : 3 / 23 - 45 مع تعليقات المرعشي النجفي لتقف على مصادر هذا الحدث التاريخي وموقف علي الرساليّ عند علماء أهل السنة . وراجع أيضا : مسند الإمام أحمد : 1 / 331 الطبعة الأولى بمصر ، وتفسير الطبري : 9 / 140 الطبعة الميمنية بمصر ومستدرك الحاكم : 3 / 4 طبعة حيدرآباد الدكن .
[2] أعيان الشيعة : 1 / 237 .
[3] راجع الكامل في التأريخ : 2 / 106 .
[4] البدء والتأريخ : 4 / 176 - 177 .
[5] وصل النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) مدينة يثرب في 12 ربيع الأول .
[6] راجع السيرة النبوية : 1 / 494 .
[7] ابن خلدون : المقدمة / 283 ، وتاج العروس : 2 / 85 .
[8] تأريخ الطبري ( الأمم والملوك ) : 2 / 110 - 114 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|