أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-08-2015
![]()
التاريخ: 1-07-2015
![]()
التاريخ: 9-7-2019
![]()
التاريخ: 23-1-2019
![]() |
أقول
: الماهيّة إمّا أن يكون لها جزء تتقوّم منه ومن
غيره ، وإمّا أن لا تكون كذلك.
والقسم الأوّل هو المركّب ، كالإنسان المتقوّم من الحيوان
والنطق.
والثاني هو البسيط ، كالجوهر الذي لا جزء له.
وهذان القسمان موجودان بالضرورة ؛ فإنّا نعلم قطعا وجود
المركّبات ، كالجسم والإنسان والفرس وغيرها من الحقائق المركّبة ، ووجود المركّب
يستلزم وجود أجزائه ، والبسائط موجودة بالضرورة.
قال
: ( ووصفاهما اعتباريّان متنافيان ، وقد يتضايفان فيتعاكسان في العموم والخصوص مع
اعتبارهما بما مضى ).
أقول
: يعني أنّ وصف البساطة والتركيب اعتباريّان
عقليّان عارضان لغيرهما من الماهيّات ؛ إذ لا موجود هو بسيط أو مركّب محض ،
فالبساطة والتركيب لا يعقلان إلاّ عارضين ، فهما من ثواني المعقولات ، ولو كانا
موجودين لزم التسلسل.
وهما متنافيان ؛ إذ لا يصدق على شيء أنّه بسيط ومركّب ،
وإلاّ لزم اجتماع النقيضين فيه ، وهو محال.
وقد يتضايفان ـ أعني يؤخذ البسيط بسيطا بالنسبة إلى مركّب
مخصوص ـ فتكون بساطته باعتبار كونه جزءا من ذلك المركّب ، ويكون المركّب ـ بمعنى كون
الشيء كلاّ لشيء آخر ـ مركّبا بالقياس إليه ، فتتحقّق الإضافة بينهما ، وهذا
كالحيوان ؛ فإنّه بسيط بالنسبة إلى الإنسان على أنّه جزء ، فيكون أبسط منه ، فإذا
أخذا باعتبار التضايف تعاكسا ـ مع اعتبارهما الأوّل أعني الحقيقة ـ عموما وخصوصا ؛
وذلك لأنّهما بالمعنى الحقيقي متنافيان ؛ لأنّ البسيط لا يصدق عليه أنّه مركّب
بذلك المعنى.
وإذا أخذا بالمعنى الإضافي جوّزنا أن يكون البسيط مركّبا ؛
لأنّ بساطته ليست باعتبار نفسه ، بل باعتبار كونه جزءا من غيره. وإذا جاز كون
البسيط بهذا المعنى مركّبا كان أعمّ من البسيط بالمعنى الأوّل ، فيكون المركّب
بهذا المعنى أخصّ منه بالمعنى الأوّل ، فقد تعاكسا ـ أعني البسيط والمركّب ـ في
العموم والخصوص باختلاف الاعتبار ، بمعنى أنّ النسبة بين البسيطين على عكس النسبة
بين المركّبين ؛ فإنّ البسيط الإضافي أعمّ مطلقا من البسيط الحقيقي ، كما مرّ، والمركّب
الإضافي أخصّ مطلقا من المركّب الحقيقي ؛ لأنّ كلّ مركّب إضافيّ مركّب حقيقي من
غير عكس ؛ لجواز أن لا يعتبر إضافة المركّب الحقيقي إلى جزئه.
وأورد عليه : بأنّ البسيط الحقيقي قد لا يكون بسيطا إضافيّا
بأن لا يعتبر جزءا من شيء أصلا، وأنّ النسبة بين البسيطين عموم من وجه ؛ لتصادقهما
في بسيط حقيقيّ هو جزء من مركّب ، كالوحدة للعدد ، وصدق الحقيقي بدون الإضافي في
بسيط حقيقيّ لا يتركّب منه شيء ، كالواجب، وبالعكس في مركّب وقع جزءا لمركّب آخر ،
كالجسم للحيوان. وبين المركّبين مساواة إن لم يعتبر في الإضافي اعتبار الإضافة ؛
لأنّ كلّ مركّب حقيقيّ لا بدّ أن يكون له جزء، فيكون هو مركّبا إضافيّا بالقياس
إلى ذلك الجزء وبالعكس ، وعموم مطلق إن اشترط ذلك؛ لأنّ كلّ مركّب بالقياس إلى
جزئه فهو مركّب حقيقيّ ، ولا ينعكس ؛ لجواز أن لا يعتبر في الحقيقيّ الإضافة إلى
جزئه ، فيكون أعمّ مطلقا من الإضافي (1) وهو جيّد.
قال
: ( وكما تتحقّق الحاجة في المركّب فكذا في البسيط ).
أقول
: اختلفوا في أنّ الماهيّات الممكنة هل هي مجعولة
بجعل جاعل أم لا ؟ على أقوال ثلاثة ، واختار المصنّف ; أنّ كلّها مجعولة من البسيط والمركّب (2) ، فإنّ كلّ واحد منهما ممكن ، وكلّ ممكن على الإطلاق فإنّه
محتاج إلى السبب ، فالحاجة ثابتة في كلّ واحد منهما ، فيكون المجعول ذات الممكن
بإعطاء الوجود.
وعن بعض : أنّ الماهيّة غير مجعولة مطلقا ، مركّبة كانت أو
بسيطة ، وإلاّ يلزم سلب الإنسانيّة عن نفسها عند عدم جعل الجاعل ، وسلب الشيء عن
نفسه محال (3).
وردّ : بأنّ المحال هو الإيجاب المعدول ، وأمّا سلب جميع
الأشياء حتّى سلب نفسها عند عدم الجعل فلا (4).
وعن بعض الناس : احتياج المركّبة خاصّة إلى المؤثّر ؛ لأنّ
علّة الحاجة هي الإمكان ، وهو أمر نسبيّ يقتضي الاثنينيّة ، فما لم تتحقّق
الاثنينيّة لم تتحقّق الحاجة ، ولا اثنينيّة في البسيط فلا احتياج له (5).
والجواب
: أنّ الإمكان نسبة بين الماهيّة والوجود ، لا بين
أجزاء الماهيّة حتّى يقتضي الاثنينيّة(6).
وقد يقال : المجعوليّة بمعنى جعل الماهيّة تلك الماهيّة
منتفية عن المركّبة والبسيطة ، وبمعنى جعل الماهيّة موجودة ـ بكون الماهيّات في
كونها موجودة مجعولة ـ ثابتة لهما معا (7).
والتحقيق أنّ الماهيّة ـ التي تعلّق بها علم الجاعل ـ جعلها
الجاعل ماهيّة خارجيّة ، كما جعل الوجود ـ الذي تعلّق به علمه ـ وجودا خارجيّا ؛
لعدم صحّة السلب الخارجي ، ويكفي في صحّة توسّط الجعل التغاير الاعتباري ، فيتعلّق
الجعل بالماهيّة المركّبة والبسيطة وبوجودهما الخارجي من جهة الإمكان ، فتتحقّق
باعتباره الحاجة لكلّ واحد منهما إلى المؤثّر ، فيكون الجعل مركّبا بمعنى توسّطه
بين الماهيّة ونفسها باعتبار التغاير الاعتباري ، وكذا الوجود ، بل بمعنى تعلّقه
بمجموع الماهيّة والوجود أيضا ؛ لما ذكرنا ، فالقول بأنّ الجعل بسيط خطأ.
قال
: ( وهما قد يقومان بأنفسهما ، وقد يفتقران إلى المحلّ ).
أقول
: كلّ واحد من البسيط والمركّب قد يكون قائما
بنفسه ، كالجوهر ، أو الواجب تعالى ، والحيوان ؛ وقد يكون مفتقرا إلى المحلّ ،
كالنقطة والسواد ، وهما ظاهران.
إذا عرفت هذا ، فنقول : إنّ المركّب الأوّل لا بدّ أن يكون
أحد أجزائه قائما بنفسه والآخر قائما به كالهيولى والصورة ؛ لئلاّ يصير كالحجر
الموضوع بجنب الإنسان ، والمركّب الثاني لا بدّ وأن يكون جميع أجزائه محتاجا إلى
المحلّ إمّا إلى ما حلّ فيه المركّب ، أو البعض إليه والباقي إلى ذلك البعض.
قال
: ( والمركّب إنّما يتركّب عمّا يتقدّمه وجودا وعدما بالقياس إلى الذهن والخارج ،
وهو (8) علّة الغنى عن السبب ، فباعتبار الذهن بيّن ، وباعتبار الخارج
غنيّ ، فتحصل خواصّ ثلاث ، واحدة متعاكسة ، و اثنتان أعمّ ).
أقول
: المركّب هو الذي تلتئم ماهيّته عن عدّة أمور ،
فبالضرورة يكون تحقّقه متوقّفا على تحقّق تلك الأمور ، والتوقّف على الغير متأخّر عنه
، فالمركّب متأخّر عن تلك الأمور.
وكلّ واحد منها موصوف بالتقدّم في ظرف الوجود ، ثمّ إذا عدم
أحدها لم يلتئم بكلّ الأمور ، فلا تحصل الماهيّة ، فيكون عدم أيّ جزء كان من تلك
الأمور علّة لعدم المركّب ، والعلّة متقدّمة على المعلول ، فكلّ واحد من تلك
الأمور موصوف بالتقدّم في طرف العدم أيضا.
فقد ظهر أنّ جزء الحقيقة متقدّم عليها في الوجود.
ثمّ إنّ الذهن مطابق للخارج فيجب أن يحكم بالتقدّم في
الوجود الذهني فقد تحقّق أنّ المركّب إنّما يتركّب عمّا يتقدّمه وجودا وعدما
بالقياس إلى الذهن والخارج.
إذا عرفت هذا ، فنقول : هذا التقدّم ـ الذي هو من خواصّ
الجزء ـ يستلزم استغناء الجزء عن تحقّق الكلّ عن السبب الجديد ؛ لامتناع تحصيل
الحاصل ، فالتقدّم علّة الغنى عن السبب الجديد، لا عن مطلق السبب ؛ فإنّ فاعل
الجزء هو فاعل الكلّ ، فإذا اعتبر هذا التقدّم بالنسبة إلى الذهن، يسمّى الجزء
بيّن الثبوت ، وإذا اعتبر بالنسبة إلى الخارج فهو الغنيّ عن السبب ، وهذه الخاصّة
أعمّ من الخاصّة الأولى ؛ لأنّ الأولى هي الحصول المخصوص المعبّر عنه بالتقدّم ،
والثانية هي الحصول المطلق ؛ ولهذا قيل : لا يلزم من كون الوصف بيّن الثبوت للشيء
وكونه غنيّا عن السبب الجديد كونه جزءا ، فقد حصل لكلّ ذاتيّ على الإطلاق خواصّ
ثلاث :
الأولى
: وجوب تقدّمه في الوجودين والعدمين. وهذه خاصّة
مساوية للجزء ، متعاكسة عليه ؛ فإنّ كلّ جزء متقدّم على الكلّ ، وكلّ ما هو متقدّم
على كلّه فهو جزء ، فتأمّل.
الثانية
: استغناؤه عن الواسطة في التصديق الذي هو لازم
التقدّم في الوجود الذهني ، بمعنى أنّ جزم العقل بثبوت الجزء للماهيّة لا يتوقّف
على ملاحظة وسط واكتساب بالبرهان ، بل يجب إثباته لها ، ويمتنع سلبه عنها بمجرّد
تصوّرهما.
الثالثة
: الاستغناء عن السبب في الثبوت الخارجي وحصول
الجزء للمركّب الذي هو لازم للتقدّم في الوجود الخارجي من جهة امتناع رفعه عمّا هو
ذاتيّ له ، وهاتان الخاصّتان إضافيّتان أعمّ منه ؛ لمشاركته بعض اللوازم فيهما.
__________________
(1)
أورده القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : 80.
(2)
نسبه التفتازاني إلى المتكلّمين في « شرح المقاصد » 1 : 428.
(3)
نسب إلى جمهور الفلاسفة والمعتزلة ، كما في « شرح المقاصد » 1 : 428 ؛ « شوارق
الإلهام » المسألة الرابعة من الفصل الثاني.
(4)
راجع « شرح المواقف » 3 : 41 ؛ « شرح المقاصد » 1 : 431 ؛ « شرح تجريد العقائد » :
81.
(5)
« شرح المقاصد » 1 : 428 ، وقد نسبه أيضا إلى البعض.
(6)
راجع « شرح تجريد العقائد » : 81.
(7)
القائل هو الشريف الجرجاني في « شرح المواقف » 3 : 53.
(8)
أي التقدّم.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|