القرى المتكتلة: وتمتاز هذه المراكز العمرانية بكثرة عدد السكان في الواحدة منها، على عكس القرى المنعزلة، وتنتشر في بيئات الحضارات الزراعية القديمة في السهول الفيضية، حيث توجد في الريف العراقي والهندي والمصري والصيني. وغالباً ما تتركز المنطقة المبنية من القرية في كتلـة واحـدة. وهي تضم المساكن والحظائر للحيوانات، بينما تكون الأراضي الزراعية خالية المساكن تقريباً, ومن الفروقات الأساسية بين القرى المنعزلة والمتكلتـة، أن الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية تكون أكثر وجوداً في القرى المتجمعة التي تضم سكانا أكثر.

اما القرى الأمريكية في رأي الأستاذ ترويرثا Trewartha، فهي التي يوجد فيهـا - على الأقل – عشـرة دكاكين إلى جانب منشـآت الخدمات، بالإضافة إلى ورش لإصلاح الأدوات الزراعية والسيارات. كما اتضح من الدراسات التي قام بهـا بـراش Brash في ريف ويسكونس أن خريطة المحلات الريفية قد أصابها التغير، إذا ما قورنت الآن بما كانت عليه في عصر العربة والحصـان، أو حين أنشئت السكك الحديدية، فبعض القرى التي لم تمر بها السكك الحديدية اختفت.

وقد ظهرت القرى في كل من العراق ومصر، والهند والصين في البيئات النهرية، ونمت بأحجام سكانية كبيرة نسبياً، وذلك لمواجهة أخطـار الفيضان المتكـرر في تلك البيئات، كمـا يلاحـظ هـذا الوضع في قرى الواحات ذات التربة الخصبة، وسـط الصحراء، والتي يمارس سكانها الزراعة، الأمر الذي يضطرهم لإيجاد تنظيم اجتماعي قوي؛ لمواجهة المخاطر التي يتعرض لها سكان الواحات كحدة الجفاف، ونقص المياه الشديد.