أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-07
839
التاريخ: 2024-07-23
466
التاريخ: 2024-08-11
462
التاريخ: 2024-01-29
1201
|
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12].
وقال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (اطلب لأخيك عذراً فإن لم تجد له عذراً فالتمس له عذراً) (1).
وقال الامام علي (عليه السلام): (ظن ذوي النهى والألباب أقرب شيء من الصواب) (2).
وقال (عليه السلام) أيضاً: (من حسن ظنه بالناس حاز منهم المحبة) (3).
وقال (عليه السلام): (ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة
خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملا) (4).
وقال (عليه السلام): (لا تظنن بكلمة خرجت من أحد سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملا) (5).
وقال (عليه السلام): (أسوأ الناس حالا من لم يثق بأحد لسوء ظنه) (6).
وقال (عليه السلام): (من لم يحسن ظنه استوحش من كل أحد) (7).
وقال (عليه السلام): (من غلب عليه سوء الظن لم يترك بينه وبين خليل صلحاً) (8).
وقال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (احترسوا من الناس بسوء الظن) (9).
بالنظر الى الظن، كيف يجب التعامل مع الناس؟ هل المطلوب الظن الحسن بالناس بشكل مطلق؟ أم هل المطلوب الظن السيء بهم بشكل مطلق؟
لا ينبغي للمرء في معاملته الناس ان يحسن الظن بهم بشكل مطلق، ولا أن يسيء الظن بهم بشكل مطلق أيضاً.
بل ينبغي للمرء أن يكون حسن الظن بالناس مع الاحتراس منهم في الموارد التي تتطلب الاحتراس. ويؤكد القرآن الكريم على أن كثيراً من الظنون التي تعمل في ذهن وقلب الانسان عن الآخرين هي ظنون يجب أن تجتنب، إذ أن من الظنون ما هو ذنب ومعصية وجرم. كما أن الأحاديث الشريفة تعطي مساحة كبيرة لحسن الظن بالناس، وتوجه الى الاحتراس منهم بسوء الظن في موارد معينة.
ومن ناحية أخرى ان نوعية الناس، ونوعية الظرف الزمني يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في ظن المرء بالناس، لأن الناس أنواع منهم الإخوة، والأصدقاء، والأخيار، والصالحون، والشركاء في دين واحد وعقيدة واحدة، ومنهم الأعداء، والأشرار، والفجار، فالتعامل الحسن مع الاخوة يقتضي ان لا يساء بهم الظن، وان يحمل القول والفعل الذي يصدر منهم على محمل الخير، وأكثر من ذلك أن تطلب لهم الأعذار، وأكثر منه التماس وانتحال الأعذار لهم في الأقوال والأفعال التي تصدر منهم، ولا يمتلك المرء يقيناً عنها. ولكن مع ذلك حتى الثقة بالأخوة يجب أن لا تكون مطلقة، ويجب ان تكون هناك نسبة من الاحتراس، وخصوصاً في الموارد التي تتطلب احتراساً واحتياطاً.
يقول الامام الصادق (عليه السلام): (لا تثقن بأخيك كل الثقة، فإن صرعة الاسترسال لا تستقال)(10).
وليس بالنسبة للإخوان في الدين فحسب، بل حتى بالنسبة لعموم الناس لا ينبغي للمرء ان يسيء الظن بهم لكلمة خرجت من أفواههم، وهو يجد لها احتمالا في الخير، لأن الناس ليسوا مجموعة من المجرمين الذين لا يطمأن لهم، ولا يوثق بهم. وكم من إنسان أساء الظن بالآخرين، ثم تبين له بعد ذلك بطلان ظنه!
كذلك فإن الزمان يؤثر في إحسان الظن بالناس أو اساءته بهم فالزمان الذي ينتشر فيه العدل، وتستقيم فيه تصرفات الناس ـ بما فيهم الحكام ـ فالمعول على حسن الظن بهم، ما لم يكن هناك علم يقيني بسوء القول او الفعل الذي يقومون به. أما إذا كان الزمان زمان جور، وفيه ينحرف سلوك الناس وتصرفاتهم، فيجب أن يكون الاحتراس منهم هو الحاكم، ما لم يكن هناك علم بأن ما يقومون به خيرا (11).
يقول الامام الهادي (عليه السلام): (إذا كان زمان: العدل فيه أغلب من الجور، فحرام أن يظن بأحد سوءاً حتى يعلم ذلك منه، وإذا كان زمان: الجور أغلب فيه من العدل، فليس لأحد أن يظن بأحد خيراً ما لم يعلم ذلك منه).
ويقول الامام الصادق (عليه السلام): (إذا كان الزمان زمان جور، وأهله أهل غدر، فالطمأنينة الى كل أحد عجز).
ومع الأخذ بعين الاعتبار، الموارد التي يجدر بالمرء فيها ان يستعمل الحزم والاحتراس، يبقى حسن الظن هو الخلق المطلوب في معاملة الناس، إن حسن الظن بالناس من لوازم قوة النفس وثباتها، وفوائده أكثر من أن تحصی، وهو خلق محمود، وممدوح في القرآن الكريم والسنة الشريفة، وضروري في التعامل مع الناس.
جاء في موسوعة (جامع السعادات) الأخلاقية:
(وكذا لا يظن (المؤمن) السوء والشر بالمسلمين (12)، ولا يحملن ماله وجه صحيح من أعمالهم وأقوالهم على وجه فاسد، بل يجب أن يحمل كل ما يشاهده من أفعالهم وحركاتهم على أحسن الوجوه وأصحها، ما لم يجزم بفساده، ويكذب وهمه وسائر حواسه، وفيما يذهب اليه من المحامل الفاسدة والاحتمالات القبيحة المحرمة، ويكلف نفسه على ذلك، حتى يصير ذلك ملكة له، فترتفع عنه ملكة سوء الظن بالكلية. نعم، الحمل على الوجه الصحيح على تقدير عدم مطابقته للواقع، لو كان باعثاً لضرر مالي أو فساد ديني أو عرضي لزم فيه الحزم والاحتياط، وعدم تعليق أموره الدينية عليه، لئلا يترتب عليه الخسران والاضرار، وتلزمه الفضيحة والعار) (13).
وحسن الظن بالناس من أفضل الورع، وهو من أفضل السجايا والطباع التي ينبغي للمرء ان تكون ملكة فيه، في تعامله معهم، وبه يشعر الانسان بالسّعادة والوئام وراحة القلب، وخفة الهموم والغموم، وبه ينجو من الوقوع في الآثام، ويحرز السلامة في الدين، أما سوء الظن بالناس فما حصيلته الا الشقاء، وتعب القلب، وثقل الهم، والوقوع في الآثام، والإضرار بالدين.
كما أن حسن الظن بالناس موجب لإقبال الناس وحبهم، فمن طبيعة الناس أنهم يقبلون على من يحسن الظن بهم، ويحبونه، ويدبرون عمن يسيء الظن بهم، ويكرهونه، وحسن الظن بالناس من أهم الأمور في اتخاذ الأصدقاء، والمحافظة عليهم، فحسن الظن في الصداقة يشبه حاجة النبتة الى التربة الصالحة والماء والهواء.
إن من يغلب عليه سوء الظن بالناس الى مرحلة يجد نفسه فيها أنه لا يألف أحداً، ولا يؤلف من أحد، ولا يثق بـأحـد، ويكون مثله مثل الشاة الشاردة التي كلما أرجعها الراعي الى القطيع، انفردت بنفسها مستوحشة نافرة.
وعن سوء الظن يقول الشيخ النراقي:
ولا ريب في أن من حكم بظنه على غيره بشر، بعثه الشيطان على أن يغتابه أو يتوانى في تعظيمه وإكرامه، أو يقصر فيما يلزمه من القيام بحقوقه، أو ينظر اليه بعين الاحتقار، ويرى نفسه خيراً منه، وكل ذلك من المهلكات.
على أن سوء الظن بالناس من لوازم الباطن وقذارته، كما ان حسن الظن من علائم سلامة القلب وطهارته. فكل من يسيء الظن بالناس ويطلب عيوبهم وعثراتهم فهو خبيث النفس سقيم الفؤاد، فالمؤمن يظهر محاسن أخيه، والمنافق يطلب مساوئه، وكل إناء يترشّح بما فيه.
(والسر في خباثة سوء الظن وتحريمه وصدوره عن خبث الضمير وإغواء الشيطان: أن أسرار القلوب لا يعلمها الا علّام الغيوب، فليس لأحد أن يعتقد في حق غيره سوءاً الا إذا انكشف له بعيان لا يقبل التأويل، إذ حينئذ لا يمكنه إلا يعتقد ما شاهده وعلمه، وأما ما لم يشاهده ولم يعلمه ولم يسمعه وإنما وقع في قلبه، فالشيطان ألقاه اليه، فينبغي أن يكذبه لأنه أفسق الفسقة، وقد قال الله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6].
فلا يجوز تصديق اللعين في نبئه، وإن حف بقرائن الفساد، ما احتمل التأويل والخلاف، فلو رأيت عالماً في بيت أمير ظالم، لا تظنن أن الباعث طلب الحطام المحرمة، لاحتمال كون الباعث إغاثة مظلوم. ولو وجدت رائحة الخمر في فم مسلم، فلا تجزمن بشرب الخمر ووجوب الحد، إذ يمكن أنه تمضمض بالخمر ومجه وما شربه، أو شربه إكراها وقهراً. فلا يستباح سوء الظن إلا بما يستباح به المال، وهو صريح المشاهدة، أو قيام بينة فاضلة.
ولو أخبرك عدل واحد بسوء من مسلم، وجب عليك أن تتوقف في إخباره، من غير تصديق ولا تكذيب، إذ لو كذبته لكنت خائناً على هذا العدل، إذ ظننت به الكذب، وذلك ايضاً من سوء الظن، وكذا إن ظننت به العداوة أو الحسد أو المقت لتتطرق لأجله التهمة، فترد شهادته. ولو صدقته لكنت خائناً على المسلم المخبر عنه، إذ ظننت به السوء، مع احتمال كون العدل المخبر ساهياً، أو التبس الأمر عليه بحيث لا يكون في إخباره بخلاف الواقع آثماً فاسقاً، وبالجملة: لا ينبغي أن تحسن الظن بالواحد وتسيء بالآخر، فتذكر المذكور حاله على ما كان في الستر والحجاب، إذ لم ينكشف لك حاله بأحد القواطع، ولا بحجة شرعية يجب قبولها، وتحمل خبر العادل على إمكان تطرق شبهة مجوّزة للإخبار، وإن لم يكن مطابقاً للواقع.
ثم المراد بسوء الظن هو عقد القلب وميل النفس دون مجرد الخواطر وحديث النفس، بل الشك أيضاً، إذ المنهي عنه في الآيات والأخبار إنما هو أن يظن، والظن هو الطرف الراجح الموجب لميل النفس إليه. والإمارات التي يمتاز بها العقد عن مجرد الخواطر وحديث النفس، هو أن يتغير القلب منه عما كان من الألفة والمحبة إلى الكراهية والنفرة، والجوارح عمّا كانت عليه من الأفعال اللازمة في المعاشرات إلى خلافها. والدليل على ان المراد هو ما ذكر، قوله (صلى الله عليه وآله): (ثلاث في المؤمن لا تستحسن وله منهن مخرج، فمخرجه من سوء الظن ألا يحققه)، أي يـحقـق في نفسه بعقد ولا فعل، لا في القلب ولا في الجوارح (14).
يقول الإمام علي (عليه السلام): (شر الناس من لا يثق بأحد لسوء ظنه، ولا يثق به أحد لسوء ظنه)(15).
فالذي يغلب عليه سوء الظن بالناس، ولا يثق بهم، سيجد أن الناس في الطرف المقابل لن تثق به، لأن الثقة عملية متبادلة.
ومن أقبح الظلم والإثم إساءة الظن بالأمناء الذين لا يخونون، وبالمحسنين، والأخيار، والأبرار، والأتقياء، والصالحين. فالمرء السيء والشرير هو ذلك الذي لا يظن بالناس خيراً، لأنه لا يراهم إلا من خلال طبعه السيء والشرير.
وهكذا فلكي يحسن المرء معاملة الناس، ويكسب محبتهم، عليه بهذه الخلقية الفاضلة: (حسن الظن بالناس)، ان يحسن الظن بهم في كل المعاملات والأقوال والأفعال، ما لم يحصل له يقين بسوء أقوالهم وأفعالهم، مع الاخذ بعين الاعتبار، الإحتراس ممن يُخشى ضرره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار، ج75، ص197.
(2) الغرر والدرر.
(3) المصدر السابق.
(4) بحار الأنوار، ج75، ص196.
(5) المصدر السابق، ص198.
(6) المصدر السابق، ج78، ص93.
(7) الغرر والدرر.
(8) بحار الأنوار، ج77، ص227.
(9) المصدر السابق، ص158.
(10) تحف العقول، ص263.
(11) يجب أن لا يفهم من هذا أن ما كان أصله خيراً وحُسناً وفضيلة ينقلب شراً ورذيلة، فحسن الظن حسن وسيبقى كذلك الى الابد، وسوء الظن غير الموضوعي قبح وسيبقى كذلك. ووجود استثناء أو حالة خاصة بالنسبة للزمن لا يعني أن الفضيلة فقدت أصل الحسن وانقلبت رذيلة.
(12) کما واجب الانسان أن يحسن الظن بالمسلمين والناس الجديرين بحسن الظن، عليه قبل ذلك أن يحسن الظن بخالقه جل وعلا، ومن أكبر الآثام اساءة الظن به سبحانه وتعالى.
(13) محمد مهدي النراقي: ج1، ص321.
(14) المصدر السابق، ج1، ص316 - 318.
(15) نهج البلاغة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|